للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا لِكَوْنِهَا تَابِعَةً لِمَا يَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ اهـ.

وَظَاهِرُ الْمُخْتَصَرِ يَدُلُّ عَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ فَإِنَّهُ أَوْجَبَ الْخَرَاجَ مُطْلَقًا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ وَالْعُشْرِيَّةِ فَالْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ أَرْضُ الْعَرَبِ كُلِّهَا قَالَ مُحَمَّدٌ هِيَ مِنْ الْعُذَيْبِ إلَى مَكَّةَ وَعَدَنَ أَبْيَنَ إلَى أَقْصَى حَجْرٍ بِالْيَمَنِ بِمُهْرَةٍ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهَا أَرْضُ الْحِجَازِ وَتِهَامَةَ وَالْيَمَنِ وَمَكَّةَ وَالطَّائِفِ وَالْبَرِّيَّةِ، وَمِنْهَا الْأَرْضُ الَّتِي أَسْلَمَ أَهْلُهَا طَوْعًا أَوْ فُتِحَتْ قَهْرًا وَقُسِمَتْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، وَأَمَّا الْأَرْضُ الْخَرَاجِيَّةُ فَمَا فُتِحَتْ قَهْرًا وَتُرِكَتْ فِي أَيْدِي أَرْبَابِهَا وَأَرْضُ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ، وَالْمَوَاتُ الَّتِي أَحْيَاهَا ذِمِّيٌّ مُطْلَقًا أَوْ مُسْلِمٌ وَسَقَاهَا بِمَاءِ الْخَرَاجِ وَمَاءُ الْخَرَاجِ هُوَ مَاءُ الْأَنْهَارِ الصِّغَارِ الَّتِي حَفَرَهَا الْأَعَاجِمُ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْأَيْدِي وَمَاءُ الْعُيُونِ وَالْقَنَوَاتِ الْمُسْتَنْبَطَةِ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ وَمَاءُ الْعُشْرِ هُوَ مَاءُ السَّمَاءِ وَالْآبَارِ وَالْعُيُونِ وَالْأَنْهَارِ الْعِظَامِ الَّتِي لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْأَيْدِي كَسَيْحُونَ وَجَيْحُونَ وَدِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ وَالنِّيلِ لِعَدَمِ إثْبَاتِ يَدٍ عَلَيْهَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا خَرَاجِيَّةٌ لِإِمْكَانِ إثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهَا بِشَدِّ السُّفُنِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ حَتَّى تَصِيرَ شِبْهَ الْقَنْطَرَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(بَابُ الْمَصْرِفِ) .

هُوَ فِي اللُّغَةِ الْمَعْدِلُ قَالَ - تَعَالَى - {وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا} [الكهف: ٥٣] كَذَا فِي ضِيَاءِ الْحُلُومِ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ فِي الْكِتَابِ بِمَصْرِفِ الزَّكَاةِ لِيَتَنَاوَلَ الزَّكَاةَ وَالْعُشْرَ وَخُمُسَ الْمَعَادِنِ مِمَّا قَدَّمَهُ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي النِّهَايَةِ وَيَنْبَغِي إخْرَاجُ خُمُسِ الْمَعَادِنِ؛ لِأَنَّ مَصْرِفَهُ الْغَنَائِمُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْنَافَ السَّبْعَةَ وَسَكَتَ عَنْ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ لِلْإِشَارَةِ إلَى السُّقُوطِ لِلْإِجْمَاعِ الصَّحَابِيِّ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ انْتِهَاءِ الْحُكْمِ لِانْتِهَاءِ عِلَّتِهِ الْغَائِبَةِ الَّتِي كَانَ لِأَجْلِهَا الدَّفْعُ فَإِنَّ الدَّفْعَ كَانَ لِلْإِعْزَازِ وَقَدْ أَعَزَّ اللَّهُ الْإِسْلَامَ وَأَغْنَى عَنْهُمْ وَاخْتَارَ فِي الْعِنَايَةِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ النَّسْخِ؛ لِأَنَّ الْإِعْزَازَ الْآنَ فِي عَدَمِ الدَّفْعِ فَهُوَ تَقْرِيرٌ لِمَا كَانَ لَا نَسْخٌ وَتَعَقَّبَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ هَذَا لَا يَنْفِي النَّسْخَ؛ لِأَنَّ إبَاحَةَ الدَّفْعِ إلَيْهِمْ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ كَانَ ثَابِتًا وَقَدْ ارْتَفَعَ وَهُمْ كَانُوا ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ قِسْمٌ كَانَ الْإِعْطَاءُ لِيَتَأَلَّفَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَقِسْمٌ كَانَ يُعْطِيهِمْ لِدَفْعِ شَرِّهِمْ وَقِسْمٌ أَسْلَمُوا، وَفِيهِمْ ضَعْفٌ فَكَانَ يَتَأَلَّفُهُمْ لِيَثْبُتُوا، وَلَا يُقَالُ إنَّ نَسْخَ الْكِتَابِ بِالْإِجْمَاعِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ النَّاسِخَ دَلِيلُ الْإِجْمَاعِ لَا هُوَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا إجْمَاعَ إلَّا عَنْ مُسْتَنِدٍ فَإِنْ ظَهَرَ وَإِلَّا وَجَبَ الْحُكْمُ بِأَنَّهُ ثَابِتٌ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَصْلُحُ لِذَلِكَ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: ٢٩] (قَوْلُهُ هُوَ الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ، وَهُوَ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْفَقِيرِ) أَيْ الْمَصْرِفُ الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ وَالْمِسْكِينُ أَدْنَى حَالًا وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ الْفَقِيرَ مَنْ لَهُ أَدْنَى شَيْءٍ وَالْمِسْكِينُ مَنْ لَا شَيْءَ لَهُ وَقِيلَ عَلَى الْعَكْسِ وَلِكُلٍّ وَجْهٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصَحُّ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَذَا فِي الْكَافِي وَالْأَوْلَى أَنْ يُفَسَّرَ الْفَقِيرُ بِمَنْ لَهُ مَا دُونَ النِّصَابِ كَمَا فِي النُّقَايَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى مَنْ يَمْلِكُ مَا دُونَ النِّصَابِ أَوْ قَدْرَ نِصَابٍ غَيْرِ تَامٍّ، وَهُوَ مُسْتَغْرِقٌ فِي الْحَاجَةِ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُمَا صِنْفَانِ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ فِي الْآيَةِ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّهُمَا صِنْفَانِ أَوْ صِنْفٌ وَاحِدٌ فِي غَيْرِ الزَّكَاةِ كَالْوَصِيَّةِ وَالْوَقْفِ وَالنَّذْرِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِالْأَوَّلِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَأَبُو يُوسُفَ بِالثَّانِي فَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِفُلَانٍ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَعَلَى الصَّحِيحِ لِفُلَانٍ ثُلُثُ الثُّلُثِ وَعَلَى غَيْرِهِ نِصْفُ الثُّلُثِ وَإِنَّمَا جَازَ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ لِمَعْنًى لَا يُوجَدُ فِي الْوَصِيَّةِ، وَهُوَ دَفْعُ الْحَاجَةِ وَذَا يَحْصُلُ بِالصَّرْفِ إلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ وَالْوَصِيَّةُ مَا شُرِعَتْ لِدَفْعِ حَاجَةِ الْمُوصَى لَهُ فَإِنَّهَا تَجُوزُ لِلْغَنِيِّ أَيْضًا وَقَدْ يَكُونُ لِلْمُوصِي أَغْرَاضٌ كَثِيرَةٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهَا فَلَا يُمْكِنُ تَعْلِيلُ نَصِّ كَلَامِهِ فَيَجْرِي عَلَى ظَاهِرِ لَفْظِهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْمَعْنَى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلِهَذَا لَوْ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَعَدَنُ أَبْيَنَ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَعَدَنُ أَبْيَنَ مُحَرَّكَةٌ جَزِيرَةٌ بِالْيَمَنِ أَقَامَ بِهَا أَبْيَنُ.

[بَابُ مَصْرِفِ الزَّكَاة]

(بَابُ الْمَصْرِفِ) .

(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إخْرَاجُ خُمُسِ الْمَعَادِنِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: خُمُسُ الرِّكَازِ الشَّامِلِ لِلْكَنْزِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ كَالْمَعْدِنِ فِي الْمَصْرِفِ قَالَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>