للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لُزُومُ سَبْعَةٍ اعْتِبَارًا لِلْقِيمَةِ أَخْذًا مِنْ دَلِيلِهِ مِنْ أَنَّ الضَّمَّ لَيْسَ إلَّا لِلْمُجَانَسَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى، وَهُوَ الْقِيمَةُ لَا بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ

وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ فَقَالَ لَوْ كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا مِائَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَجِبُ سِتَّةُ دَرَاهِمَ، وَعِنْدَهُمَا هُوَ نِصَابٌ تَامٌّ نِصْفُهُ ذَهَبٌ وَنِصْفُهُ فِضَّةٌ فَيَجِبُ فِي كُلِّ نِصْفٍ رُبْعُ عُشْرِهِ، وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ كَانَ لَهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا خَمْسُونَ تَجِبُ الزَّكَاةُ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ إبْرِيقُ فِضَّةٍ وَزْنُهُ مِائَةٌ، وَقِيمَتُهُ لِصِنَاعَتِهِ مِائَتَانِ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ وَالصَّنْعَةَ فِي أَمْوَالِ الرِّبَا لَا قِيمَةَ لَهَا عِنْدَ انْفِرَادِهَا، وَلَا عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِجِنْسِهَا اهـ.

وَفِي الْمِعْرَاجِ لَوْ كَانَ لَهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةُ دَنَانِيرَ، وَقِيمَةُ الدَّنَانِيرِ لَا تُسَاوِي خَمْسِينَ دِرْهَمًا تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَجِبُ؛ لِأَنَّ الضَّمَّ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ عِنْدَهُ، وَيُضَمُّ الْأَقَلُّ إلَى الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَابِعٌ لِلْأَكْثَرِ فَلَا يَكْمُلُ النِّصَابُ بِهِ،

وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: تَجِبُ عَلَى قَوْلِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَيُضَمُّ الْأَكْثَرُ إلَى الْأَقَلِّ اهـ.

وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِتَكَامُلِ الْأَجْزَاءِ عِنْدَهُ، وَإِنَّمَا يُضَمُّ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ إلَى الْآخَرِ قِيمَةً، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ضَمِّ الْأَقَلِّ إلَى الْأَكْثَرِ أَوْ عَكْسِهِ

(بَابُ الْعَاشِرِ)

أَخَّرَهُ عَمَّا قَبْلَهُ لِتَمَحُّضِ مَا قَبْلَهُ زَكَاةً بِخِلَافِ مَا يَأْخُذُهُ الْعَاشِرُ كَمَا سَيَأْتِي، وَهُوَ فَاعِلٌ مِنْ عَشَرْتُهُ أَعْشُرُهُ عُشْرًا بِالضَّمِّ، وَالْمُرَادُ هُنَا مَا يَدُورُ اسْمُ الْعُشْرِ فِي مُتَعَلَّقِ أَخْذِهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ الْعُشْرَ مِنْ الْحَرْبِيِّ لَا الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ أَوْ تَسْمِيَةً لِلشَّيْءِ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ أَحْوَالِهِ، وَهُوَ أَخْذُهُ الْعُشْرَ مِنْ الْحَرْبِيِّ لَا مِنْ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ، وَالْإِدْوَارُ مُرَكَّبٌ فَيَتَعَسَّرُ التَّلَفُّظُ بِهِ وَالْعُشْرُ مُنْفَرِدٌ فَلَا يَتَعَسَّرُ (قَوْلُهُ هُوَ مَنْ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ لِيَأْخُذَ الصَّدَقَاتِ مِنْ التُّجَّارِ) أَيْ مَنْ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ عَلَى الطَّرِيقِ لِيَأْخُذَ الصَّدَقَاتِ مِنْ التُّجَّارِ الْمَارِّينَ بِأَمْوَالِهِمْ عَلَيْهِ قَالُوا: وَإِنَّمَا يُنَصَّبُ لِيَأْمَنَ التُّجَّارُ مِنْ اللُّصُوصِ وَيَحْمِيَهُمْ مِنْهُمْ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى الْحِمَايَةِ؛ لِأَنَّ الْجِبَايَةَ بِالْحِمَايَةِ؛ وَلِذَا قَالَ فِي الْغَايَةِ: وَيُشْتَرَطُ فِي الْعَامِلِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا مُسْلِمًا غَيْرَ هَاشِمِيٍّ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِي عَلَى الْمُسْلِمِ بِالْآيَةِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا هَاشِمِيًّا لِأَنَّ فِيهَا شُبْهَةَ الزَّكَاةِ اهـ.

بِلَفْظِهِ وَبِهِ يُعْلَمُ حُكْمُ تَوْلِيَةِ الْيَهُودِ فِي زَمَانِنَا عَلَى بَعْضِ الْأَعْمَالِ، وَلَا شَكَّ فِي حُرْمَةِ ذَلِكَ أَيْضًا قَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ نُصِّبَ عَلَى الطَّرِيقِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ السَّاعِي، وَهُوَ الَّذِي يَسْعَى فِي الْقَبَائِلِ لِيَأْخُذَ صَدَقَةَ الْمَوَاشِي فِي أَمَاكِنِهَا وَالْمُصَدِّقُ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ اسْمُ جِنْسٍ لَهُمَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَالً الزَّكَاةِ نَوْعَانِ ظَاهِرٌ، وَهُوَ الْمَوَاشِي، وَالْمَالُ الَّذِي يَمُرُّ بِهِ التَّاجِرُ عَلَى الْعَاشِرِ، وَبَاطِنٌ، وَهُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَأَمْوَالُ التِّجَارَةِ فِي مَوَاضِعِهَا أَمَّا الظَّاهِرُ فَلِلْإِمَامِ وَنُوَّابِهِ، وَهُمْ الْمُصَدِّقُونَ مِنْ السُّعَاةِ وَالْعُشَّارِ وِلَايَةُ الْأَخْذِ لِلْآيَةِ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: ١٠٣] وَلِجَعْلِهِ لِلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا حَقًّا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ مُطَالَبَتُهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَجْهٌ، وَلَمَا اُشْتُهِرَ مِنْ بَعْثِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلْقَبَائِلِ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ، وَكَذَا الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ حَتَّى قَاتَلَ الصِّدِّيقُ مَانِعِي الزَّكَاةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ السَّوَائِمَ تَحْتَاجُ إلَى الْحِمَايَةِ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ فِي الْبَرَارِي بِحِمَايَةِ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَمْوَالِ إذَا أَخْرَجَهُ فِي السَّفَرِ احْتَاجَ إلَى الْحِمَايَةِ بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ إذَا لَمْ يُخْرِجْهَا مَالِكُهَا مِنْ الْمِصْرِ لِفَقْدِ هَذَا الْمَعْنَى

وَفِي الْبَدَائِعِ: وَشَرْطُ وِلَايَةِ الْأَخْذِ وُجُودُ الْحِمَايَةِ مِنْ الْإِمَامِ فَلَا شَيْءَ لَوْ غَلَبَ الْخَوَارِجُ عَلَى مِصْرٍ أَوْ قَرْيَةٍ وَأَخَذُوا مِنْهُمْ الصَّدَقَاتِ، وَمِنْهَا وُجُوبُ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ زَكَاةٌ فَيُرَاعَى شَرَائِطُهَا كُلُّهَا، وَمِنْهَا ظُهُورُ الْمَالِ وَحُضُورُ الْمَالِكِ فَلَوْ حَضَرَ وَأَخْبَرَ بِمَا فِي بَيْتِهِ أَوْ حَضَرَ مَالُهُ مَعَ

ــ

[منحة الخالق]

[بَابُ الْعَاشِرِ]

(قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ هُنَا مَا يَدُورُ اسْمُ الْعُشْرِ إلَخْ) بَيَانُهُ مَا فِي النِّهَايَةِ الْعَاشِرُ لُغَةً مِنْ عَشَرْت الْقَوْمَ أَعْشُرُهُمْ بِالضَّمِّ عُشْرًا مَضْمُومَةً إذَا أَخَذْت مِنْهُمْ عُشْرَ أَمْوَالِهِمْ فَعَلَى هَذَا تَسْمِيَةُ الْعَاشِرِ الَّذِي يَأْخُذُ الْعُشْرَ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ الْحَرْبِيِّ لَا مِنْ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْمُسْلِمِ رُبْعَ الْعُشْرِ، وَمِنْ الذِّمِّيِّ نِصْفَ الْعَشْرِ، وَمِنْ الْحَرْبِيِّ الْعُشْرَ عَلَى مَا يَجِيءُ وَلَكِنْ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَدُورُ اسْمُ الْعُشْرِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ فَجَازَ إطْلَاقُ اسْمِ الْعَاشِرِ عَلَيْهِ اهـ.

وَقَوْلُهُ: وَتَسْمِيَةُ الشَّيْءِ إلَخْ جَوَابٌ آخَرُ لِصَاحِبِ الْعِنَايَةِ، وَفِي النَّهْرِ عَنْ السَّعْدِيَّةِ، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ الْعُشْرُ عَلَمٌ عَلَى مَا يَأْخُذُهُ الْعَاشِرُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْخُوذُ عُشْرًا لُغَوِيًّا أَوْ رُبْعَهُ أَوْ نِصْفَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>