للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ الْعَبْدُ وَإِنْ كَانَ فِي مَفَازَةٍ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ فِي أَقْرَبِ الْأَمْصَارِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا فِي التَّبْيِينِ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْمَفَازَةِ يُقَوَّمُ فِي الْمِصْرِ الَّذِي يَصِيرُ إلَيْهِ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْوُجُوبِ، وَعِنْدَهُمَا يَوْمَ الْأَدَاءِ، وَتَمَامُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ

(قَوْلُهُ وَنُقْصَانُ النِّصَابِ فِي الْحَوْلِ لَا يَضُرُّ إنْ كَمُلَ فِي طَرَفَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَشُقُّ اعْتِبَارُ الْكَمَالِ فِي أَثْنَائِهِ إمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي ابْتِدَائِهِ لِلِانْعِقَادِ وَتَحْقِيقِ الْغِنَاءِ، وَفِي انْتِهَائِهِ لِلْوُجُوبِ، وَلَا كَذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حَالَةَ الْبَقَاءِ قُيِّدَ بِنُقْصَانِ النِّصَابِ أَيْ قَدْرِهِ؛ لِأَنَّ زَوَالَ وَصْفِهِ كَهَلَاكِ الْكُلِّ كَمَا إذَا جَعَلَ السَّائِمَةَ عَلُوفَةً؛ لِأَنَّ الْعَلُوفَةَ لَيْسَتْ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ أَمَّا بَعْدَ فَوَاتِ بَعْضِ النِّصَابِ بَقِيَ بَعْضُ الْمَحَلِّ صَالِحًا لِبَقَاءِ الْحَوْلِ وَشُرِطَ الْكَمَالُ فِي الطَّرَفَيْنِ لِنُقْصَانِهِ فِي الْحَوْلِ؛ لِأَنَّ نُقْصَانَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ لَا يُسْقِطُ شَيْئًا مِنْ الزَّكَاةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ زَكَاةٌ مَا بَقِيَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَذَكَرَ فِي الْمُجْتَبَى الدَّيْنُ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ لَا يَقْطَعُ حُكْمَ الْحَوْلِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا، وَقَالَ زُفَرُ: يَقْطَعُ اهـ.

وَمِنْ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَ لَهُ غَنَمٌ لِلتِّجَارَةِ تُسَاوِي نِصَابًا فَمَاتَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ فَسَلَخَهَا وَدَبَغَ جِلْدَهَا فَتَمَّ الْحَوْلُ كَانَ عَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاةُ إنْ بَلَغَتْ نِصَابًا وَلَوْ كَانَ لَهُ عَصِيرٌ لِلتِّجَارَةِ فَتَخَمَّرَ قَبْلَ الْحَوْلِ ثُمَّ صَارَ خَلًّا فَتَمَّ الْحَوْلُ لَا زَكَاةَ فِيهَا قَالُوا: لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ الصُّوفَ الَّذِي عَلَى الْجِلْدِ مُتَقَوِّمٌ فَيَبْقَى الْحَوْلُ بِبَقَائِهِ، وَفِي الثَّانِي بَطَلَ تَقَوُّمَ الْكُلِّ بِالْخَمْرِيَّةِ فَهَلَكَ كُلُّ الْمَالِ إلَّا أَنَّهُ يُخَالِفُ مَا رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ اشْتَرَى عَصِيرًا قِيمَتُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَتَخَمَّرَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَمَّا مَضَى سَبْعَةُ أَشْهُرٍ أَوْ ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ إلَّا يَوْمًا صَارَ خَلًّا يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَتَمَّتْ السَّنَةُ كَانَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُ عَادَ لِلتِّجَارَةِ كَمَا كَانَ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ

(قَوْلُهُ: وَتُضَمُّ قِيمَةُ الْعُرُوضِ إلَى الثَّمَنَيْنِ وَالذَّهَبِ إلَى الْفِضَّةِ قِيمَةً) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْوُجُوبَ فِي الْكُلِّ بِاعْتِبَارِ التِّجَارَةِ، وَإِنْ افْتَرَقَتْ جِهَةُ الْإِعْدَادِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِلْمُجَانَسَةِ مِنْ حَيْثُ الثَّمَنِيَّةُ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ صَارَ سَبَبًا، وَضَمُّ إحْدَى النَّقْدَيْنِ إلَى الْآخَرِ قِيمَةً مَذْهَبُ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا الضَّمُّ بِالْأَجْزَاءِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ حَتَّى إنَّ مَنْ كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةُ مَثَاقِيلَ ذَهَبٍ تَبْلُغُ قِيمَتُهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا هُمَا يَقُولَانِ الْمُعْتَبَرُ فِيهِمَا الْقَدْرُ دُونَ الْقِيمَةِ حَتَّى لَا تَجِبَ الزَّكَاةُ فِي مَصُوغٍ وَزْنُهُ أَقَلُّ مِنْ مِائَتَيْنِ، وَقِيمَتُهُ فَوْقَهُمَا، وَهُوَ يَقُولُ الضَّمُّ لِلْمُجَانَسَةِ، وَهِيَ تَتَحَقَّقُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ دُونَ الصُّورَةِ فَيُضَمُّ بِهَا،

وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا أَقَلُّ مِنْ مِائَةٍ تَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَهُمَا وَاخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِهِ وَالصَّحِيحُ الْوُجُوبُ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَكْمِيلُ نِصَابِ الدَّرَاهِمِ بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ الدَّنَانِيرِ أَمْكَنَ تَكْمِيلُ نِصَابِ الدَّنَانِيرِ بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهَا تَبْلُغُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَتَكْمُلُ احْتِيَاطًا لِإِيجَابِ الزَّكَاةِ اهـ.

وَبِهَذَا ظَهَرَ بَحْثُ الزَّيْلَعِيِّ مَنْقُولًا، وَضَعَّفَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْكَافِي حَيْثُ قَالَ: إنَّ الْقِيمَةَ لَا تُعْتَبَرُ عِنْدَ تَكَامُلِ الْأَجْزَاءِ عِنْدَهُ كَمِائَةٍ وَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ إيجَابَ الزَّكَاةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الصَّحِيحِ لِتَكَامُلِ الْأَجْزَاءِ لَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ بَلْ الْإِيجَابُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ كَمَا أَفَادَهُ تَعْلِيلُ الْمُحِيطِ فَإِنَّ حَاصِلَهُ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ مِنْ جِهَةِ كُلٍّ مِنْ النَّقْدَيْنِ لَا مِنْ جِهَةِ أَحَدِهِمَا عَيْنًا فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ يَتِمُّ بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ الْفِضَّةِ بِالذَّهَبِ فَكَيْفَ يَكُونُ تَعْلِيلًا لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا عِنْدَ تَكَامُلِ الْأَجْزَاءِ مَعَ أَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ لَوْ زَادَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا، وَلَمْ تَنْقُصْ قِيمَةُ الْآخَرِ كَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ تُسَاوِي مِائَةً وَثَمَانِينَ فَإِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ عِنْدَ تَكَامُلِ الْأَجْزَاءِ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ إلَّا خَمْسَةٌ وَالظَّاهِرُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي الْمُجْتَبَى الدَّيْنُ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ لَا يَقْطَعُ إلَخْ) تَقَدَّمَ خِلَافُهُ أَوَّلَ كِتَابِ الزَّكَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ مِلْكُ نِصَابٍ حَوْلِيٍّ فَارِغٌ عَنْ الدَّيْنِ

(قَوْلُهُ حَتَّى إنَّ مَنْ كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ وُجُوبَ الضَّمِّ إذَا لَمْ يَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابًا بِأَنْ كَانَ أَقَلَّ فَأَمَّا إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابًا تَامًّا وَلَمْ يَكُنْ زَائِدًا عَلَيْهِ لَا يَجِبُ الضَّمُّ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ زَكَاتَهُ وَلَوْ ضَمَّ أَحَدَهُمَا إلَى الْآخَرِ حَتَّى يُؤَدِّيَ كُلَّهُ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَنَا، وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ التَّقْوِيمُ بِمَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ رَوَاجًا، وَإِلَّا فَيُؤَدِّي مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُبْعَ عُشْرِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ النِّصَابَيْنِ زِيَادَةٌ فَعِنْدَهُمَا لَا يَجِبُ ضَمُّ إحْدَى الزِّيَادَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُمَا يُوجِبَانِ الزَّكَاةَ فِي الْكُسُورِ بِحِسَابِهَا، وَأَمَّا عِنْدَهُ فَيَنْظُرُ إنْ بَلَغَتْ الزِّيَادَةُ مِنْهُمَا أَرْبَعَةَ مَثَاقِيلَ وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا يَجِبُ ضَمُّ إحْدَى الزِّيَادَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى لِتُتِمَّ أَرْبَعَةَ مَثَاقِيلَ وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ عِنْدَهُ فِي الْكُسُورِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ الْوُجُوبُ) عَزَاهُ فِي الْبَدَائِعِ إلَى الْإِمَامِ حَيْثُ قَالَ: ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُعْتَبَرُ فِي التَّقْوِيمِ مَنْفَعَةُ الْفُقَرَاءِ كَمَا هُوَ أَصْلُهُ حَتَّى رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إذَا كَانَ لِرَجُلٍ خَمْسَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا وَدِينَارٌ يُسَاوِي خَمْسَةَ دَرَاهِمَ أَنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ، وَذَلِكَ بِأَنْ تُقَوَّمَ الْفِضَّةُ بِالذَّهَبِ كُلُّ خَمْسَةٍ مِنْهَا بِدِينَارٍ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>