أَوْلَى اهـ.
وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ لِأَنَّ الِاسْتِرَاحَةَ لَمْ تُوجَدْ أَصْلًا فِي مَسْأَلَةِ الْكَافِي إلَّا عَلَى خَمْسِ تَسْلِيمَاتٍ مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَحَلَّ الِاسْتِرَاحَةِ وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ حُسَامُ الدَّيْنِ فِي تَأْلِيفٍ لَهُ خَاصٌّ بِالتَّرَاوِيحِ لِاسْتِرَاحَةٍ عَلَى خَمْسِ تَسْلِيمَاتٍ لَا تُسْتَحَبُّ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ إلَّا عِنْدَ تَمَامِ كُلِّ تَرْوِيحَةٍ وَهِيَ خَمْسُ تَرْوِيحَاتٍ اهـ.
بِخِلَافِ فِعْلِ الْأَئِمَّةِ فَإِنَّ الِاسْتِرَاحَةَ قَدْ وُجِدَتْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَامَّةً فَكَيْفَ تَكُونُ مَكْرُوهَةً بِالْأَوْلَى وَقَدْ قَالُوا أَنَّهُمْ مُخَيَّرُونَ فِي حَالَةِ الْجُلُوسِ إنْ شَاءُوا سَبَّحُوا وَإِنْ شَاءُوا قَرَءُوا الْقُرْآنَ وَإِنْ شَاءُوا صَلُّوا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فُرَادَى وَإِنْ شَاءُوا قَعَدُوا سَاكِتِينَ وَأَهْلُ مَكَّةَ يَطُوفُونَ أُسْبُوعًا وَيُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يُصَلُّونَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فُرَادَى وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِانْتِظَارٍ بَعْدَ كُلِّ تَرْوِيحَةٍ بَدَلَ قَوْلِهِ بِجِلْسَةٍ لَكَانَ أَوْلَى وَفِي الْخَانِيَّةِ يُكْرَهُ لِلْمُقْتَدِي أَنْ يَقْعُدَ فِي التَّرَاوِيحِ فَإِذَا أَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يَرْكَعَ يَقُومُ لِأَنَّ فِيهِ إظْهَارَ التَّكَاسُلِ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّشَبُّهَ بِالْمُنَافِقِينَ قَالَ تَعَالَى {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى} [النساء: ١٤٢] اهـ.
(قَوْلُهُ وَيُوتِرُ بِجَمَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ فَقَطْ) أَيْ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ وَعَلَيْهِ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ فَفِي الْخَانِيَّةِ الصَّحِيحُ أَنَّ أَدَاءَ الْوِتْرِ بِجَمَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ أَفْضَلُ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَؤُمُّهُمْ فِي الْوِتْرِ وَفِي النِّهَايَةِ اخْتَارَ عُلَمَاؤُنَا أَنْ يُوتِرَ فِي مَنْزِلِهِ لَا بِجَمَاعَةٍ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى الْوِتْرِ بِجَمَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ كَمَا اجْتَمَعُوا عَلَى التَّرَاوِيحِ لِأَنَّ عُمَرَ كَانَ يَؤُمُّهُمْ فِيهِ فِي رَمَضَانَ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ كَانَ لَا يَؤُمُّهُمْ اهـ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَوْتَرَ بِهِمْ ثُمَّ بَيَّنَ الْعُذْرَ فِي تَأَخُّرِهِ عَنْ مِثْلِ مَا صَنَعَ فِيمَا مَضَى فَالْوِتْرُ كَالتَّرَاوِيحِ فَكَمَا أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا سُنَّةٌ فَكَذَلِكَ فِي الْوِتْرِ وَلَوْ صَلَّوْا الْوِتْرَ بِجَمَاعَةٍ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ فَهُوَ صَحِيحٌ مَكْرُوهٌ كَالتَّطَوُّعِ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ بِجَمَاعَةٍ وَقَيَّدَهُ فِي الْكَافِي بِأَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ التَّدَاعِي أَمَّا لَوْ اقْتَدَى وَاحِدٌ بِوَاحِدٍ أَوْ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ لَا يُكْرَهُ وَإِذَا اقْتَدَى ثَلَاثَةٌ بِوَاحِدٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنْ اقْتَدَى أَرْبَعَةٌ بِوَاحِدٍ كُرِهَ اتِّفَاقًا اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ صَلَّى الْعِشَاءَ وَحْدَهُ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ التَّرَاوِيحَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَوْ تَرَكُوا الْجَمَاعَةَ فِي الْفَرْضِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا التَّرَاوِيحَ جَمَاعَةً لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْجَمَاعَةِ وَلَوْ لَمْ يُصَلِّ التَّرَاوِيحَ جَمَاعَةً مَعَ الْإِمَامِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ مَعَهُ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى التَّرَاوِيحَ مَعَ غَيْرِهِ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ مَعَهُ هُوَ الصَّحِيحُ اهـ.
وَمَنْ رَامَ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَحْكَامِ التَّرَاوِيحِ فَعَلَيْهِ بِمُؤَلَّفِ خَاصٍّ بِهَا لِلْإِمَامِ الْأَجَلِّ حُسَامِ الدِّينِ قَدْ اطَّلَعْت عَلَيْهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
(بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ)
حَقِيقَةُ هَذَا الْبَابِ مَسَائِلُ شَتَّى تَتَعَلَّقُ بِالْفَرَائِضِ فِي الْأَدَاءِ الْكَامِلِ وَكُلُّهُ مَسَائِلُ الْجَامِعِ (قَوْلُهُ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الظُّهْرِ فَأُقِيمَ يُتِمُّ شَفْعًا وَيَقْتَدِي) لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ نَقْضَ الْعِبَادَةِ قَصْدًا بِلَا عُذْرٍ حَرَامٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] وَلِإِفْضَائِهِ إلَى السَّفَهِ خُصُوصًا إذَا كَانَتْ فَرْضًا وَأَنَّ النَّقْضَ لِلْإِكْمَالِ إكْمَالٌ مَعْنًى فَيَجُوزُ كَنَقْضِ الْمَسْجِدِ لِلْإِصْلَاحِ وَكَنَقْضِ الظُّهْرِ لِلْجُمُعَةِ وَكَمَنْ أَصَابَ جَبْهَتَهُ شَوْكٌ فِي سُجُودِهِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ إلَخْ) أَقُولُ: أَظُنُّ أَنَّ لَفْظَةَ تَرَكَ فِي عِبَارَةِ الْحَلَبِيِّ زَائِدَةٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَّاخِ أَلْحَقَهَا اسْتِبْعَادًا لَأَنْ يَكُونَ شَأْنُ الْأَئِمَّةِ ذَلِكَ إذْ شَأْنُهُمْ الْمُسَاهَلَةُ وَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ فِي زَمَانِهِ وَإِنْ ثَبَتَ مَا قُلْنَا يَنْدَفِعُ الْإِيرَادُ عَنْ كَلَامِ هَذَا الْعَلَّامَةِ وَإِلَّا فَهُوَ كَلَامٌ مُتَهَافِتٌ يَبْعُدُ صُدُورُهُ مِنْ أَمْثَالِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ قَالُوا إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ الْحَلَبِيُّ وَمِنْ الْمَكْرُوهِ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْجُهَّالِ مِنْ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ مُنْفَرِدًا بَعْدَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّهَا بِدْعَةٌ مَعَ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ وَالصَّفِّ اهـ.
قُلْت: لَكِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ غَيْرُ الْمَذْكُورَةِ هُنَا لِأَنَّ هَذِهِ بَعْدَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَالْمَذْكُورَةُ هُنَا بَعْدَ كُلِّ أَرْبَعٍ.
(قَوْلُهُ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْحَلَبِيِّ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا أَفْضَلُ إلَّا أَنَّ سُنِّيَّتَهَا لَيْسَتْ كَسُنِّيَّةِ جَمَاعَةِ التَّرَاوِيحِ اهـ.
وَهَذَا الَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ النَّاسِ الْيَوْمَ (قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّوْا الْوِتْرَ بِجَمَاعَةٍ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ عَلَّلَ لَهُ فِي الضِّيَاءِ الْمَعْنَوِيِّ بِأَنَّهَا نَفْلٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى وَجَبَتْ الْقِرَاءَةُ فِي جَمِيعِهَا وَتُؤَدَّى بِغَيْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَالنَّفَلُ بِالْجَمَاعَةِ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ وَلِأَنَّهُ لَمْ تَفْعَلْهُ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِجَمَاعَةٍ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ اهـ.
وَفِي النِّهَايَةِ مِثْلُهُ وَهَذَا كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ تَأَمَّلْ.
[بَابُ إدْرَاكِ فَرِيضَةِ الصَّلَاة]
(بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ) (قَوْلُهُ حَقِيقَةُ هَذَا الْبَابِ) كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَجَعَلَهُ فِي الْعِنَايَةِ شُرُوعًا فِي الْأَدَاءِ الْكَامِلِ وَهُوَ الْأَدَاءُ بِالْجَمَاعَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ بَيَانِ إدْرَاكِ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالنَّوَافِلِ قَالَ فِي النَّهْرِ وَهَذَا أَوْلَى إذْ عَادَتُهُمْ أَنَّهُمْ لَا يُبَوِّبُونَ لِمَسَائِلَ شَتَّى بَابًا بَلْ يُتَرْجِمُونَ عَنْهَا بِشَتَّى أَوْ مُتَفَرِّقَةً أَوْ مَنْثُورَةً فَكَانَ هَذَا الدَّاعِي لِعُدُولِهِ فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِ إلَى مَا مَرَّ