للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى. وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَهِيَ صَحِيحَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ غَيْرَ مُوجِبَةٍ لِلرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا، وَكَذَا الْعَبْدُ عَلَى مَوْلَاهُ فَلَا تَنْقَلِبُ مُوجِبَةً أَبَدًا كَمَنْ كَفَلَ عَنْ عَبْدِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَأَجَازَهُ، ثُمَّ فَائِدَةُ كَفَالَةِ الْمَوْلَى عَنْ عَبْدِهِ وُجُوبُ مُطَالَبَتِهِ بِإِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ، وَفَائِدَةُ كَفَالَةِ الْعَبْدِ عَنْ مَوْلَاهُ تَعَلُّقُهُ بِرَقَبَتِهِ قُيِّدَ بِكَفَالَةِ السَّيِّدِ عَنْ عَبْدِهِ؛ لِأَنَّ كَفَالَةَ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ عَنْ مَدْيُونِهِ صَحِيحَةٌ إنْ كَانَ الْعَبْدُ مَدْيُونًا فَلَوْ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ قَضَى وَلِيُّهُ دَيْنَهُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ بَطَلَتْ كَفَالَةُ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي هَذَا التَّفْرِيعِ أَعْنِي قَوْلَهُ فَلَوْ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ إلَى آخِرِهِ نَظَرٌ اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(كِتَابُ الْحَوَالَةِ)

ذَكَرَهَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدُ الْتِزَامِ مَا عَلَى الْأَصِيلِ لِلتَّوَثُّقِ، إلَّا أَنَّ الْحَوَالَةَ تَتَضَمَّنُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ بَرَاءَةً مُقَيَّدَةً بِخِلَافِ الْكَفَالَةِ، فَكَانَتْ كَالْمُرَكَّبِ مَعَ الْمُفْرَدِ وَالْمُفْرَدُ مُقَدَّمٌ فَأَخَّرَ الْحَوَالَةَ عَنْهَا، وَالْكَلَامُ فِيهَا فِي مَوَاضِعَ: الْأَوَّلُ فِي مَعْنَاهَا لُغَةً فَفِي الْمِصْبَاحِ حَوَّلْته تَحْوِيلًا نَقَلْته مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ وَحَوَّلَ هُوَ تَحْوِيلًا يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا مُتَعَدِّيًا، وَحَوَّلْت الرِّدَاءَ نَقَلْت كُلَّ طَرَفٍ إلَى مَوْضِعِ الْآخَرِ وَالْحَوَالَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ هَذَا فَأَحَلْته بِدَيْنِهِ نَقَلْته مِنْ ذِمَّةٍ إلَى غَيْرِ ذِمَّتِك، وَأَحَلْت الشَّيْءَ إحَالَةً نَقَلْته أَيْضًا اهـ.

وَفِي الصِّحَاحِ أَحَالَ عَلَيْهِ بِدَيْنِهِ وَالِاسْمُ الْحَوَالَةُ اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ يُقَالُ أَحَلْت زَيْدًا بِمَالِهِ عَلَى عَمْرٍو فَاحْتَالَ أَيْ قَبِلَ فَأَنَا مُحِيلٌ وَزَيْدٌ مُحَالٌ يُقَالُ مُحْتَالٌ وَالْمَالُ مُحَالٌ بِهِ وَالرَّجُلُ مُحَالٌ عَلَيْهِ، وَيُقَالُ مُحْتَالٌ عَلَيْهِ فَتَقْدِيرُ الْأَصْلِ فِي مُحْتَالٍ الْوَاقِعِ فَاعِلًا مُحْتَوِلٌ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفِي الْوَاقِعِ مَفْعُولًا مُحْتَوَلٌ بِالْفَتْحِ كَمَا يُقَدَّرُ فِي مُخْتَارٍ الْفَاعِلُ مُخْتِيرٌ بِكَسْرِ الْيَاءِ وَفَتْحِهَا فِي مُخْتَارٍ الْمَفْعُولُ، وَأَمَّا صِلَةً لَهُ مَعَ الْمُحْتَالِ الْفَاعِلِ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهَا بَلْ الصِّلَةُ مَعَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَفْظَةُ عَلَيْهِ فَهُمَا مُحْتَالٌ وَمُحْتَالٌ عَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِعَدَمِ الصِّلَةِ وَبِصِلَةِ عَلَيْهِ، وَيُقَالُ لِلْمُحْتَالِ حَوِيلٌ أَيْضًا فَالْمُحِيلُ هُوَ الْمَدْيُونُ وَالْمُحَالُ وَالْمُحْتَالُ رَبُّ الدَّيْنِ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ وَالْمُحْتَالُ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي الْتَزَمَ ذَلِكَ الدَّيْنَ لِلْمُحْتَالِ وَالْمُحَالُ بِهِ نَفْسُ الدَّيْنِ اهـ.

الثَّانِي فِي مَعْنَاهَا شَرِيعَةً فَأَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (هِيَ نَقْلُ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ) أَيْ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ الْبَعْضِ فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَصْلِ النَّقْلِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّتِهِ فَقِيلَ إنَّهَا نَقْلُ الْمُطَالَبَةِ وَالدَّيْنِ، وَقِيلَ نَقْلُ الْمُطَالَبَةِ فَقَطْ وَجُعِلَ الِاخْتِلَافُ فِي الْبَدَائِعِ بَيْنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَنَسَبَ الشَّارِحُ الْأَوَّلَ إلَى أَبِي يُوسُفَ وَالثَّانِيَ إلَى مُحَمَّدٍ. وَجْهُ الْأَوَّلِ دَلَالَةُ الْإِجْمَاعِ مِنْ أَنَّ الْمُحْتَالَ لَوْ أَبْرَأَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ صَحَّ، وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُحِيلَ أَوْ وَهَبَهُ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْلَا انْتِقَالُهُ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَمَا صَحَّ الْأَوَّلُ، وَلَصَحَّ الثَّانِي وَحُكِيَ فِي الْمَجْمَعِ خِلَافُ مُحَمَّدٍ فِي الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْهُ فَنَقَلَ الْإِجْمَاعَ، وَوَجْهُ الثَّانِي دَلَالَةُ الْإِجْمَاعِ أَيْضًا مِنْ أَنَّ الْمُحِيلَ إذَا قَضَى دَيْنَ الطَّالِبِ بَعْدَ الْحَوَالَةِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا، وَيُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَكَانَ مُتَطَوِّعًا، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُجْبَرَ عَلَى الْقَبُولِ كَمَا إذَا تَطَوَّعْ أَجْنَبِيٌّ بِقَضَاءِ دَيْنِ إنْسَانٍ عَلَى غَيْرِهِ، وَكَذَا الْمُحْتَالُ لَوْ أَبْرَأ الْمُحَالَ عَلَيْهِ دَيْنَ الْحَوَالَةِ لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ، وَلَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ ارْتَدَّ كَمَا لَوْ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ، وَلَوْ انْتَقَلَ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَمَا اخْتَلَفَ حُكْمُ الْإِبْرَاءِ وَالْهِبَةِ، وَكَذَا الْمُحَالُ لَوْ أَبْرَأَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ عَنْ دَيْنِ الْحَوَالَةِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُحِيلِ، وَإِنْ كَاتَبَ بِأَمْرِهِ كَالْكَفَالَةِ وَلَوْ وَهَبَ الدَّيْنَ مِنْهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُحِيلِ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا كَمَا فِي الْكَفَالَةِ فَدَلَّتْ هَذِهِ الْأَحْكَامُ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْحَوَالَةِ وَالْكَفَالَةِ، ثُمَّ الدَّيْنُ فِي بَابِ الْكَفَالَةِ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ فَكَذَا

ــ

[منحة الخالق]

[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

(قَوْلُهُ وَالِاسْمُ الْحَوَالَةُ) أَيْ اسْمُ مَصْدَرٍ (قَوْلُهُ فَاعِلًا) أَيْ اسْمُ فَاعِلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>