للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُ إنَّ الرَّدَّ سَقَطَ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُمْ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ لَوْ بَاعَهُ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِقَضَاءٍ فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ سَقَطَ فَلَا يَعُودُ وَمِنْ الْعَيْبِ الْحَادِثِ الْمَانِعِ مِنْ الرَّدِّ مَا إذَا اشْتَرَى حَدِيدًا لِيَتَّخِذَ مِنْهُ آلَاتِ النَّجَّارِينَ وَجَعَلَهُ فِي الْكُورِ لِيُجَرِّبَهُ بِالنَّارِ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا وَلَا يَصْلُحُ لِتِلْكَ الْآلَاتِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَلَا يَرُدُّهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَمِنْهُ أَيْضًا بَلْ الْجُلُودُ عَيْبٌ حَادِثٌ يَمْنَعُ الرَّدَّ بِقَدِيمِ وَكَذَا بَلُّ الْإِبْرَيْسَمِ مِنْهُ أَيْضًا وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بَلَّ إبْرَيْسَمًا فَرَأَى عَيْبَهُ يَرْجِعُ بِنَقْصِهِ وَكَذَا الْأَدِيمُ لَوْ أُنْقِعَ فِي الْمَاءِ فَرَأَى عَيْبَهُ لَمْ يَرُدَّهُ وَإِنْ رَضِيَ بَائِعُهُ وَهَذَا مُشْكِلٌ وَلَوْ أَدْخَلَ فِي النَّارِ قَدُومًا فَرَأَى عَيْبَهُ لَمْ يَرُدَّهُ إذْ الْحَدِيدُ يَنْقُصُ بِالنَّارِ بِخِلَافِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَحَدِيدٍ أَقُولُ: الذَّهَبُ يُنْتَقَصُ فِي النَّارِ إذَا ذَابَ أَيْضًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الذَّوْبِ وَلَوْ حَدَّدَ سِكِّينًا فَرَأَى عَيْبَهُ وَإِنْ حَدَّدَهُ بِحَجَرٍ فَلَهُ الرَّدُّ لَا لَوْ حَدَّدَهُ بِمِبْرَدٍ لِأَنَّهُ يُنْتَقَصُ مِنْهُ اهـ.

وَذَكَرَ قَبْلَهُ شَرَى شَجَرَةً لِيَتَّخِذَ مِنْهَا بَابًا أَوْ نَحْوَهُ فَقَطَعَهَا فَوَجَدَهَا لَا تَصْلُحُ لِذَلِكَ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِنَقْصِ الْعَيْبِ لَا الرَّدِّ إلَّا بِرِضَا بَائِعِهِ. اهـ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِاشْتِرَاطِ رِضَا الْبَائِعِ إلَى فَرْعٍ فِي الْقُنْيَةِ لَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوْ تَقَايُلًا ثُمَّ ظَفِرَ الْبَائِعُ بِعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَهُ الرَّدُّ اهـ.

يَعْنِي: لِعَدَمِ رِضَاهُ بِهِ أَوْ لَا وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ رَدَّهُ لِيَشْتَرِيَ بِعَيْبٍ وَعَلِمَ الْبَائِعُ بِحُدُوثِ عَيْبٍ آخَرَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي رُدَّ عَلَى الْمُشْتَرِي مَعَ أَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ أَوْ رَضِيَ بِالْمَرْدُودِ وَلَا شَيْءَ بِهِ وَإِنْ حَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ آخَرُ عِنْدَ الْبَائِعِ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ الْعَيْبِ الثَّانِي إلَّا أَنْ يَرْضَى أَنْ يُقْبَلَ بِعَيْبِ الثَّالِثِ أَيْضًا اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّا كَتَبْنَا فِي الْفَوَائِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّهُ يَسْتَثْنِي مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ وَبِهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ رَجَعَ بِنَقْصِهِ أَوْ رُدَّ بِرِضَا بَائِعِهِ مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا بَيْعُ التَّوْلِيَةِ لَوْ بَاعَ شَيْئًا تَوْلِيَةً ثُمَّ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَبِهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ لَا رُجُوعَ وَلَا رَدَّ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ صَارَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَنْقَصَ مِنْ الْأَوَّلِ وَقَضِيَّةُ التَّوْلِيَةِ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْأَوَّلِ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِهَا الثَّانِيَةُ فِي السَّلَمِ لَوْ قَبَضَ الْمُسْلَمَ فِيهِ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا كَانَ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَحَدَثَ بِهِ عَيْبٌ عِنْدَ رَبِّ السَّلَمِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ خُيِّرَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ إنْ شَاءَ قَبِلَهُ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا مِنْ نُقْصَانِ الْعَيْبِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ بَابِ السَّلَمِ وَذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ هُنَا وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَوْ غَرِمَ نُقْصَانَ الْعَيْبِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ كَانَ اعْتِيَاضًا عَنْ الْجَوْدَةِ وَهُوَ رِبًا اهـ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا رَجَعَ بِالْعَيْبِ) أَيْ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ لِأَنَّ الْقَطْعَ عَيْبٌ حَادِثٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَبِلَهُ الْبَائِعُ كَذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ) لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ لَحِقَهُ وَقَدْ رَضِيَ بِهِ وَهُوَ تَكْرَارٌ لِأَنَّ رُجُوعَهُ وَجَوَازَ رَدِّهِ بِرِضَا بَائِعِهِ فِي الثَّوْبِ مِنْ إفْرَادِ مَا قَدَّمَهُ وَلَمْ تَظْهَرْ فَائِدَةٌ لِإِفْرَادِ الثَّوْبِ إلَّا لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ مَا إذَا خَاطَهُ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَلَوْ بِرِضَاهُ وَكَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ أَوْ لَا أَوْ رُدَّ بِرِضَا بَائِعِهِ إلَّا عِنْدَ حُدُوثِ زِيَادَةٍ وَوَطْءُ الْجَارِيَةِ كَقَطْعِ الثَّوْبِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَوَطْؤُهَا يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ أَنَا أَقْبَلُهَا كَذَلِكَ وَوَطْءُ غَيْرِ الْمُشْتَرِي كَذَلِكَ يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ سَوَاءٌ كَانَ عَنْ شُبْهَةٍ أَوْ لَا عَنْ شُبْهَةِ غَيْرِ أَنَّ

ــ

[منحة الخالق]

[اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا]

قَوْلُهُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَوَطْؤُهَا يَمْنَعُ الرَّدَّ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ حَيْثُ قَالَ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا فَوَطِئَهَا أَوْ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَا يَرُدُّهَا وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ إلَّا إذَا رَضِيَ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَلَا يَدْفَعُ النُّقْصَانَ اهـ.

وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الْأَصْلِ رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ عُيُوبِهَا فَوَطِئَهَا ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَا يَمْلِكُ رَدَّهَا سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا نَقَصَهَا الْوَطْءُ أَوْ لَا بِخِلَافِ الِاسْتِخْدَامِ وَكَذَا لَوْ قَبَّلَهَا أَوْ لَمَسَهَا بِشَهْوَةٍ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ أَنَا أَقْبَلُهَا اهـ.

لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ فِي أَوَّلِ فَصْلِ الْعُيُوبِ وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ ثُمَّ قَالَ هِيَ ثَيِّبٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُرِيهَا النِّسَاءَ إنْ قُلْنَ هِيَ بِكْرٌ كَانَ الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَإِنْ قُلْنَ هِيَ ثَيِّبٌ كَانَ الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي فَعَلِمَ بِالْوَطْءِ فَإِنْ زَايَلَهَا كَمَا عَلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِكْرًا بِلَا لُبْثٍ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ الْجَارِيَةُ هَكَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَرُدُّهَا بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ. اهـ.

وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا إذَا وَجَدَ بِهَا عَيْبًا بَعْدَ الْوَطْءِ وَبَيْنَ مَا إذَا عَلِمَ الْعَيْبَ بِالْوَطْءِ فَلْيُتَأَمَّلْ مَا وَجْهُهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْقُنْيَةِ ذَكَرَ قَوْلَ أَبِي الْقَاسِمِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ رَمْزٍ وَقَالَ وَالْوَطْءُ يَمْنَعُ الرَّدَّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ اهـ.

وَمُفَادُهُ أَنَّ مَا قَالَهُ أَبُو الْقَاسِمِ خِلَافُ الْمَذْهَبِ لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا مَرَّ عَنْ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ مِنْ كُتُبِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَتَعْبِيرِ الْخَانِيَّةِ بِقَوْلِهِ هَكَذَا ذَكَرَ إلَخْ يُشْعِرُ بِضَعْفِهِ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْوَطْءَ وَدَوَاعِيَهُ يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَبِهِ ظَهَرَ جَوَابَ حَادِثَةِ الْفَتْوَى اشْتَرَى جَارِيَةً رُومِيَّةً لِلتَّسَرِّي فَوَطِئَهَا فَوَجَدَهَا رَتْقَاءَ وَأَخْبَرَتْ امْرَأَتَانِ بِذَلِكَ أَيْضًا فَإِذَا حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى الْبَتَاتِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَمَا سَيَأْتِي وَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي

<<  <  ج: ص:  >  >>