للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بَابُ التَّعْلِيقِ فِي الطَّلَاق]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (بَابُ التَّعْلِيقِ)

لِمَا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الْمُنَجَّزِ شَرَعَ فِي الْمُعَلَّقِ، وَالتَّعْلِيقُ مِنْ عَلَّقَهُ تَعْلِيقًا جَعَلَهُ مُعَلَّقًا كَذَا فِي الْقَامُوسِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ عَلَّقْت الشَّيْءَ بِغَيْرِهِ وَأَعْلَقْتهُ؛ بِالتَّشْدِيدِ وَالْأَلِفِ فَتَعَلَّقَ اهـ.

وَفِي الِاصْطِلَاحِ رَبْطُ حُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ بِحُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ أُخْرَى، وَتَعْبِيرُهُ بِالتَّعْلِيقِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْهِدَايَةِ بِالْيَمِينِ لِشُمُولِ التَّعْلِيقِ الصُّورِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا كَالتَّعْلِيقِ بِحَيْضِهَا وَطُهْرِهَا أَوْ بِحَيْضِهَا حَيْضَةً أَوْ بِمَا لَا يُمْكِنُهُ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَمَجِيءِ الْغَدِ أَوْ بِفِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِ قَلْبِهَا كَالْمَحَبَّةِ وَالْمَشِيئَةِ أَوْ بِفِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِ قَلْبِهِ فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَيْسَ بِيَمِينٍ كَمَا فِي الْمُحِيطِ فَلَا يَحْنَثُ لَوْ كَانَ حَلَفَ أَنْ لَا يَحْلِفَ بِهَا مَعَ أَنَّ بَعْضَهَا مَذْكُورٌ فِي هَذَا الْبَابِ كَالْمَحَبَّةِ وَالْحَيْضِ حَيْضَةً بِخِلَافِ إنْ دَخَلْت أَوْ إنْ حِضْت، وَفِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لَوْ حَلَفَ لَا يَحْلِفُ يَحْنَثُ بِالتَّعْلِيقِ لِوُجُودِ الرُّكْنِ دُونَ الْإِضَافَةِ لِعَدَمِهِ إلَّا أَنْ يُعَلِّقَ بِأَعْمَالِ الْقَلْبِ أَوْ بِمَجِيءِ الشَّهْرِ فِي ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي التَّمْلِيكِ أَوْ بَيَانِ وَقْتِ السُّنَّةِ فَلَا يَتَمَحَّضُ لِلتَّعْلِيقِ، وَلِهَذَا لَمْ يَحْنَثْ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالتَّطْلِيقِ لِاحْتِمَالِ حِكَايَةِ الْوَاقِعِ، وَلَا بِأَنْ أَدَّيْت فَأَنْتَ حُرٌّ، وَإِنْ عَجَزْت فَأَنْتَ رَقِيقٌ لِأَنَّهُ تَفْسِيرُ الْكِتَابَةِ، وَلَا بِأَنْ حِضْت حَيْضَةً أَوْ عِشْرِينَ حَيْضَةً لِاحْتِمَالِ تَفْسِيرِ السُّنَّةِ اهـ. .

وَشَرْطُ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ كَوْنُ الشَّرْطِ مَعْدُومًا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ فَخَرَجَ مَا كَانَ مُحَقَّقًا كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ

ــ

[منحة الخالق]

بَابُ التَّعْلِيقِ) .

(قَوْلُهُ وَتَعْبِيرُهُ بِالتَّعْلِيقِ أَوْلَى إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ يَمِينًا عُرْفًا، وَهَذَا لَا يُنَافِي كَوْنَهَا يَمِينًا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ: اسْمُ الْيَمِينِ يَقَعُ عَلَى الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَعَلَى التَّعْلِيقِ، وَوَجَّهَهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ الْيَمِينَ فِي الْأَصْلِ الْقُوَّةُ، وَسُمِّيَ الْحَلِفُ يَمِينًا لِإِفَادَتِهِ الْقُوَّةَ عَلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَلَا شَكَّ فِي إفَادَةِ تَعْلِيقِ الْمَكْرُوهِ لِلنَّفْسِ عَلَى أَمْرٍ بِحَيْثُ يَنْزِلُ شَرْعًا عِنْدَ نُزُولِهِ قُوَّةَ الِامْتِنَاعِ عَنْ ذَلِكَ الْأَمْرِ، وَتَعْلِيقُ الْمَحْبُوبِ لَهَا عَلَى ذَلِكَ الْحَمْلِ عَلَيْهِ فَكَانَ يَمِينًا، نَعَمْ التَّعْلِيقُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ وَجَزَاءٌ فَإِطْلَاقُ الْيَمِينِ عَلَيْهِ مَجَازٌ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى السَّبَبِيَّةِ فَكَانَ التَّعْبِيرُ بِالتَّعْلِيقِ أَوْلَى. اهـ.

قُلْت لَكِنْ مُفَادُ هَذَا أَنَّ التَّعْلِيقَ يُسَمَّى يَمِينًا إذَا كَانَ عَلَى أَمْرٍ مَكْرُوهٍ أَوْ مَحْبُوبٍ فَقَطْ لِيُفِيدَ تَأْكِيدَ الِامْتِنَاعِ أَوْ الْحَمْلِ بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ عَلَى الْحَيْضِ أَوْ مَجِيءِ الْغَدِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، تَأَمَّلْ. وَقَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ، وَظَاهِرُ مَا فِي الْبَدَائِعِ أَنَّ التَّعْلِيقَ يَمِينٌ فِي اللُّغَةِ أَيْضًا قَالَ لِأَنَّ مُحَمَّدًا أَطْلَقَ عَلَيْهِ يَمِينًا، وَقَوْلُهُ حُجَّةٌ فِي اللُّغَةِ، وَذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّ فَائِدَةَ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَحْلِفُ ثُمَّ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ فَعِنْدَ الْعَامَّةِ يَحْنَثُ، وَعِنْدَ أَصْحَابِ الظَّوَاهِرِ لَا يَحْنَثُ. اهـ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ إنْ دَخَلْت أَوْ إنْ حِضْت) الْأَوَّلُ ظَاهِرٌ دُونَ الثَّانِي فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَفِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لَوْ حَلَفَ إلَخْ) تَقَدَّمَ شَرْحُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>