فِي الْمَنْزِلِ بِشِرْكَةٍ فِي بَيْتٍ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ وَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إلَيْهِ. اهـ.
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَنْزِلِ وَالْبَيْتِ اصْطِلَاحُ طَائِفَةٍ وَعِنْدَ طَائِفَةٍ أُخْرَى لَا فَرْقَ فَهَذَا عَلَى عَدَمِ الْفَرْقِ فَلَا قُصُورَ وَفِي الْمُحِيطِ دَارٌ بِيعَتْ وَلَهَا بَابَانِ وَفِي زُقَاقَيْنِ يَنْظُرُ إنْ كَانَتْ فِي الْأَصْلِ دَارَيْنِ بَابُ كُلِّ مِنْهُمَا فِي زُقَاقٍ اشْتَرَاهُمَا رَجُلٌ وَاحِدٌ فِي رَفْعِ الْحَائِطِ مِنْ بَيْنِهِمَا وَصَارَتْ دَارًا وَاحِدَةً وَلَهَا بَابٌ فَالشُّفْعَةُ لِأَهْلِ الزُّقَاقَيْنِ فِي الدَّارِ جَمِيعًا عَلَى السَّوَاءِ فَكَانَ الْعِبْرَةُ لِلْأَصْلِ دُونَ الْعَارِضِ وَنَظِيرُ هَذَيْنِ الزُّقَاقَيْنِ إذَا كَانَ أَسْفَلُهُ زُقَاقَ إلَى جَانِبٍ آخَرَ فَرُفِعَ الْحَائِطُ مِنْ بَيْنِهِمَا فَصَارَ الْكُلُّ سِكَّةً وَاحِدَةً كَانَ لِأَهْلِ كُلِّ زُقَاقٍ الشُّفْعَةُ فِي الَّذِي يَلِيهِمْ خَاصَّةً وَلَا شُفْعَةَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ قَوْمٌ اقْتَسَمُوا دَارًا وَرَفَعُوا طَرِيقًا بَيْنَهُمْ فَجَعَلُوهَا نَافِذَةً ثُمَّ بَنَوْا دُورًا وَجَعَلُوا أَبْوَابَ الدُّورِ مُشَارَعَةً إلَى سِكَّةٍ فَبَاعَ بَعْضُهُمْ دَارِهِ فَالشُّفْعَةُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوَاءِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ السِّكَّةَ، وَإِنْ كَانَتْ نَافِذَةً فَكَأَنَّهَا غَيْرُ نَافِذَةٍ وَإِذَا بِيعَ السُّفْلُ فَلِصَاحِبِ الْعُلُوِّ الشُّفْعَةُ، فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ حَتَّى انْهَدَمَ أَوْ كَانَ مَهْدُومًا حِينَ الْبَيْعِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ عِنْدَ الثَّانِي وَقَالَ الثَّالِثُ لَهُ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ تَسْتَحِقُّ بِسَبَبِ إقْرَارِ الْبِنَاءِ وَهُوَ حَقُّ التَّعَلِّي وَهُوَ قَائِمٌ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِمَا هُوَ مَمْلُوكٌ لَهُ وَهُوَ الْبِنَاءُ وَالْهَوَاءُ وَحَقُّ التَّعَلِّي لَيْسَا بِمَمْلُوكَيْنِ
[الشُّفْعَةُ بِالْبَيْعِ]
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ بِالْبَيْعِ) يَعْنِي تَجِبُ الشُّفْعَةُ بِالْبَيْعِ وَتُقْسَمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ إذَا كَانُوا كَثِيرِينَ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِالْبَيْعِ تَتَعَلَّقُ بِتَجِبُ فِي قَوْلِهِ تَجِبُ لِلْخَلِيطِ مَعْنَاهُ تَجِبُ الشُّفْعَةُ بِعَقْدِ الْبَيْعِ أَيْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لَهُ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الِاتِّصَالُ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ مَجِيءَ الْبَاءِ بِمَعْنَى بَعْدَ لَمْ يُذْكَرْ فِي مَشَاهِيرِ كُتُبِ الْعَرَبِيَّةِ فَالْأَظْهَرُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ وَالْمُقَارَنَةِ، فَإِنَّهُ كَثِيرٌ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ الْعَرَبِيَّةِ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ لَوْ كَانَ السَّبَبُ هُوَ الِاتِّصَالُ لَجَازَ تَسْلِيمُهَا قَبْلَ الْبَيْعِ لِوُجُودِهِ بَعْدَ السَّبَبِ كَالْإِبْرَاءِ بَعْدَ وُجُودِ الدَّيْنِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْبَيْعَ شَرْطٌ وَلَا وُجُودَ لِلْمَشْرُوطِ بَعْدَهُ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ لِوُجُودِ الشَّرْطِ بَعْدَ تَحَقُّقِ السَّبَبِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَلَى مِقْدَارِ الْأَنْصِبَاءِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ مِنْ مَرَافِقِ الْمِلْكِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لِتَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ فَأَشْبَهَتْ الْعِلَّةَ وَالرِّبْحَ وَالْوَلَدَ وَالثَّمَرَةَ، وَلَنَا أَنَّهُمْ اسْتَوَوْا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ عِلَّةُ اسْتِحْقَاقِ الْكُلِّ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلِهَذَا لَوْ انْفَرَدَ وَاحِدٌ أَخَذَ الْكُلَّ وَالِاسْتِوَاءُ فِي الْعِلَّةِ يُوجِبُ الِاسْتِوَاءَ فِي الْحُكْمِ وَلَا تَرْجِيحَ بِكَثْرَةِ الْعِلَلِ بَلْ بِقُوَّتِهَا وَمَا اسْتَشْهَدَ بِهِ مِنْ الْوَلَدِ وَغَيْرِهِ مُتَوَلِّدٌ مِنْ الْمِلْكِ فَيُسْتَحَقُّ بِقَدْرِ الْمِلْكِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَلَوْ أَسْقَطَ أَحَدُهُمْ حَقَّهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ، فَإِنَّ لِمَنْ بَقِيَ أَنْ يَأْخُذَ الْكُلَّ؛ لِأَنَّ التَّشْقِيصَ لِلْمُزَاحَمَةِ وَقَدْ زَالَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَضَاءِ قَطَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ نَصِيبِ الْآخَرِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ غَائِبًا يَقْضِي بِالشُّفْعَةِ بَيْنَ الْحَاضِرِينَ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَطْلُبَ فَلَا يُؤَخَّرُ بِالشَّكِّ وَكَذَا لَوْ كَانَ الشَّرِيكُ غَائِبًا فَطَلَبَ الْحَاضِرُ يَقْضِي بِالشُّفْعَةِ لِمَا ذَكَرْنَا ثُمَّ إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ فَطَلَبَ قَضَى لَهُ لِتَحَقُّقِ طَلَبِهِ غَيْرَ أَنَّ الْغَائِبَ إذَا كَانَ يُقَاسِمُ الْحَاضِرَ لَا يَقْضِي لَهُ بِالْكُلِّ إذَا أَسْقَطَ الْحَاضِرُ حَقَّهُ لِتَحَقُّقِ انْقِطَاعِ حَقِّهِ عَنْ الْبَاقِي بِالْقَضَاءِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا إذَا قَضَى لَلشَّرِيكِ ثُمَّ تَرَكَ لَيْسَ لِلْجَارِ أَنْ يَأْخُذَهُ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَضَاءِ لَلشَّرِيكِ انْقَطَعَ حَقُّهُ وَلَوْ أَرَادَ أَخْذَ الْبَعْضِ وَتَرْكَ الْبَعْضِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا الْمُشْتَرِي وَلَوْ جَعَلَ بَعْضُ الشُّفَعَاءِ نَصِيبَهُ لِبَعْضٍ لَا يَصِحُّ وَيَسْقُطُ حَقُّهُ لِإِعْرَاضِهِ وَيُقْسَمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الشُّفَعَاءِ حَاضِرًا وَالْآخَرُ غَائِبًا وَطَلَبَ الْحَاضِرُ الشُّفْعَةَ فِي النِّصْفِ عَلَى حِسَابِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ فِي النِّصْفِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْكُلَّ وَالْقِسْمَةُ لِلْمُزَاحَمَةِ وَلَوْ كَانَا حَاضِرَيْنِ وَطَلَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُمَا وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا النِّصْفَ وَالْآخَرُ الْكُلَّ بَطَلَ حَقُّ مَنْ طَلَبَ النِّصْفَ وَلِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ الْكُلَّ قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ لِأَحَدِهِمْ النِّصْفُ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ وَلِلْآخَرِ السُّدُسُ فَبَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ نَصِيبَهُ، فَإِنَّهُ يُقْسَمُ مَا بَاعَ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي عِلَّةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ الِاتِّصَالُ وَالضَّرَرُ وَلِهَذَا لَوْ كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ اثْنَيْنِ لِأَحَدِهِمَا الْأَكْثَرُ وَلِلْآخَرِ الْأَقَلُّ، فَإِذَا بَاعَ صَاحِبُ الْكَثِيرِ أَخَذَ صَاحِبُ الْقَلِيلِ كُلَّهُ وَلَوْ كَانَ بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ لَأَخَذَ بِقَدْرِ مِلْكِهِ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَتَسْتَقِرُّ بِالْإِشْهَادِ) ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ ضَعِيفٌ يَبْطُلُ بِالْإِعْرَاضِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشْهَادِ بَعْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ لِلِاسْتِقْرَارِ وَلِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ طَلَبِهِ عِنْدَ الْقَاضِي وَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إلَّا بِالْإِشْهَادِ نَظَرًا إلَى إثْبَاتِهِ وَهُوَ أَنَّ الِاحْتِيَاجَ إلَى إثْبَاتِهِ إذَا أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي طَلَبَهُ، وَأَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute