الْعَقْدُ كَمَا فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ أَطْلَقَ فِي الْمَذْرُوعِ فَشَمِلَ الثَّوْبَ وَالْأَرْضَ وَالْحَطَبَ وَالدَّارَ، فَلَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ عَلَى أَنَّهَا أَلْفُ ذِرَاعٍ بِأَلْفٍ فَوَجَدَهَا زَائِدَةً أَوْ نَاقِصَةً فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَهُ الزِّيَادَةُ بِلَا خِيَارٍ وَلَهُ الْخِيَارُ مَعَ النُّقْصَانِ، وَإِنْ أَفْرَدَ لِكُلِّ ذِرَاعٍ ثَمَنًا خُيِّرَ فِي صُورَةِ الزِّيَادَةِ وَسَقَطَتْ حِصَّةُ النُّقْصَانِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ قَالَ وَعَلَى هَذَا الْمَوْزُونَاتِ الَّتِي فِي تَبْعِيضِهَا ضَرَرٌ بِأَنْ قَالَ بِعْت مِنْك هَذِهِ السَّبِيكَةَ مِنْ الذَّهَبِ عَلَى أَنَّهَا مِثْقَالَانِ بِكَذَا جَازَ الْبَيْعُ، فَإِنْ وَجَدَهَا أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ فَهُوَ كَالْمَذْرُوعَاتِ.
وَكَذَا إذَا بَاعَ مَصُوغًا مِنْ نُحَاسٍ أَوْ صُفْرٍ فَهُوَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ فِي مِثْلِهِ يَكُونُ مُلْحَقًا بِالصِّفَةِ؛ لِأَنَّ تَبْعِيضَهُ يُوجِبُ تَعْيِيبَ الْبَاقِي، وَهَذَا حَدُّ الصِّفَةِ، وَلَوْ بَاعَ مَصُوغًا مِنْ الْفِضَّةِ وَزْنُهُ مِائَةٌ بِدَنَانِيرَ، وَلَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ عَشَرَةٍ ثَمَنًا عَلَى حِدَةٍ وَتَقَابَضَا جَازَ، فَإِنْ وَجَدَهُ أَزْيَدَ فَالْكُلُّ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ وَجَدَهُ أَقَلَّ خُيِّرَ، وَإِنْ سَمَّى لِكُلِّ عَشْرٍ ثَمَنًا عَلَى حِدَةٍ بِأَنْ قَالَ وَكُلُّ وَزْنِ عَشَرَةٍ بِدِينَارٍ، فَإِنْ وَجَدَهُ أَزْيَدَ، فَإِنْ عَلِمَ قَبْلَ التَّفْرِيقِ خُيِّرَ إنْ شَاءَ زَادَ فِي الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَهُ بَطَلَ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ وَلَهُ الْخِيَارُ فِيمَا بَقِيَ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِيهِ عَيْبٌ إنْ وَجَدَهُ نَاقِصًا خُيِّرَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَبَعْدَهُ إنْ شَاءَ رَدَّهُ، وَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ مَصُوغًا مِنْ ذَهَبٍ بِدَرَاهِمَ فَهُوَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ، وَلَوْ بَاعَ مَصُوغًا بِجِنْسِهِ مِثْلُ وَزْنِهِ فَوَجَدَهُ أَزْيَدَ، فَإِنْ عَلِمَ بِهَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ زَادَ فِي الثَّمَنِ قَدْرَهَا، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَإِنْ عَلِمَ بِهَا بَعْدَ التَّفَرُّقِ بَطَلَ لِفَقْدِ الْقَبْضِ فِي قَدْرِهَا، وَإِنْ وَجَدَهُ أَقَلَّ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِ وَاسْتَرَدَّ الْفَضْلَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْكُلَّ سَوَاءٌ سَمَّى لِكُلِّ وَزْنِ دِرْهَمٍ دِرْهَمًا أَوْ لَا؛ لِأَنَّ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ لَا بُدَّ مِنْ الْمُسَاوَاةِ اهـ.
وَفِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ ادَّعَى زَنْدَبِيجًا طُولُهُ بِذُرْعَانِ خُوَارِزْمَ كَذَا وَشَهِدَا بِذَلِكَ كَذَلِكَ بِحَضْرَةِ الزَّنْدَبِيجِيِّ فَذُرِعَ فَإِذَا هُوَ أَزْيَدُ أَوْ أَنْقَصُ بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ وَالدَّعْوَى كَمَا إذَا خَالَفَ سِنُّ الدَّابَّةِ الدَّعْوَى أَوْ الشَّهَادَةَ وَقَوْلُهُمْ الذَّرْعُ وَصْفٌ فَيَلْغُو فِي الْحَاضِرِ ذَلِكَ فِي الْأَثْمَانِ وَالْبَيْعِ لَا فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ، فَإِنَّهُمَا إذَا شَهِدَا بِوَصْفٍ فَظَهَرَ بِخِلَافِهِ لَمْ يُقْبَلْ، وَذَكَرَ أَيْضًا ادَّعَى حَدِيدًا مُشَارًا إلَيْهِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ فَإِذَا هُوَ عِشْرُونَ أَوْ ثَمَانِيَةٌ تُقْبَلُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ لَغْوٌ اهـ.
[بَيْعُ الشَّائِعِ]
(قَوْلُهُ وَفَسَدَ بَيْعُ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ دَارٍ لَا أَسْهُمٍ) ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا هُوَ جَائِزٌ كَمَا لَوْ بَاعَ عَشَرَةَ أَسْهُمٍ مِنْ دَارٍ وَمَبْنَى الْخِلَافِ فِي مُؤَدَّى التَّرْكِيبِ فَعِنْدَهُمَا شَائِعٌ كَأَنَّهُ بَاعَ عُشْرَ مِائَةٍ وَبَيْعُ الشَّائِعِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَعِنْدَهُ مُؤَدَّاهُ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ وَالْجَوَانِبُ مُخْتَلِفَةُ الْجَوْدَةِ فَتَقَعُ الْمُنَازَعَةُ فِي تَعْيِينِ مَكَانِ الْعَشَرَةِ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ فَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَى مُؤَدَّاهُ لَمْ يَخْتَلِفُوا فَهُوَ نَظِيرُ اخْتِلَافِهِمْ فِي نِكَاحِ الصَّابِئَةِ.
فَالشَّأْنُ فِي تَرْجِيحِ الْمَبْنَى هُوَ يَقُولُ الذِّرَاعُ اسْمٌ لِمَا يُذْرَعُ بِهِ فَاسْتُعِيرَ لِمَا يَحِلُّهُ وَمُعَيَّنٌ بِخِلَافِ عَشَرَةِ أَسْهُمٍ؛ لِأَنَّ السَّهْمَ اسْمٌ لِلْجُزْءِ الشَّائِعِ فَكَانَ الْمَبِيعُ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ شَائِعَةٍ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا بَيَّنَ جُمْلَةَ الذُّرْعَانِ كَأَنْ يَقُولَ مِنْ مِائَةِ ذِرَاعٍ أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ وَبِهِ انْدَفَعَ قَوْلُ الْخَصَّافِ إنَّ مَحَلَّ الْفَسَادِ عِنْدَهُ فِيمَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ جُمْلَتَهَا وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَلِهَذَا صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْهِدَايَةِ فِيمَا إذَا سَمَّى جُمْلَتَهَا لَكِنْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِهِمَا فِيمَا إذَا لَمْ يُسَمِّ جُمْلَتَهَا وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهَا جَهَالَةٌ بِأَيْدِيهِمَا إزَالَتُهَا وَقَوْلُهُ لَا أَسْهُمٍ مَعْنَاهُ لَا يَفْسُدُ بَيْع عَشَرَةِ أَسْهُمٍ مِنْ دَارٍ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا سَمَّى جُمْلَتَهَا؛ لِأَنَّ عِنْدَ عَدَمِهَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ لِلْجَهَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ نِسْبَتَهُ إلَى جَمِيعِ الدَّارِ فَلَوْ قَالَ وَفَسَدَ بَيْعُ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ مِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ دَارٍ لَا أَسْهُمٍ لَكَانَ أَوْلَى وَلِفَهْمِ الْفَسَادِ فِي الذُّرْعَانِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ لِلْكُلِّ بِالْأَوْلَى وَلَكِنَّ اخْتِصَارَهُ أَدَّاهُ إلَى الْإِجْحَافِ وَالْحَمَّامُ وَالْأَرْضُ كَالدَّارِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِي الْمِعْرَاجِ قَالَ بِعْتُك ذِرَاعًا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ إنْ عَيَّنَ مَوْضِعَهُ بِأَنْ قَالَ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُمَيَّزُ بَعْدُ وَالْعَقْدُ غَيْرُ نَافِذٍ حَتَّى لَا يُجْبَرَ الْبَائِعُ عَلَى التَّسْلِيمِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute