للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكْمَ الْمَعْتُوهِ فِي الْعِبَادَاتِ وَالِاخْتِلَافَ فِيهِ وَخَرَجَ الْكَافِرُ لِعَدَمِ خِطَابِهِ بِالْفُرُوعِ سَوَاءٌ كَانَ أَصْلِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا فَلَوْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ لَا يُخَاطَبُ بِشَيْءٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ أَيَّامَ رِدَّتِهِ ثُمَّ كَمَا هُوَ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ شَرْطٌ لِبَقَاءِ الزَّكَاةِ عِنْدَنَا حَتَّى لَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ وُجُوبِهَا سَقَطَتْ كَمَا فِي الْمَوْتِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ

وَقَيَّدَ بِالْحُرِّيَّةِ احْتِرَازًا عَنْ الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُسْتَسْعَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِعَدَمِ الْمِلْكِ أَصْلًا فِيمَا عَدَا الْمُكَاتَبَ وَالْمُسْتَسْعَى، وَلِعَدَمِ تَمَامِهِ فِيهِمَا، وَلَوْ حَذَفَ الْحُرِّيَّةَ وَاسْتَغْنَى عَنْهَا بِالْمِلْكِ؛ إذْ الْعَبْدُ لَا مِلْكَ لَهُ وَزَادَ فِي الْمِلْكِ قَيْدَ التَّمَامِ، وَهُوَ الْمَمْلُوكُ رَقَبَةً وَيَدًا لِيُخْرِجَ الْمُكَاتَبَ وَالْمُشْتَرِيَ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا سَيَأْتِي لَكَانَ أَوْجَزَ وَأَتَمَّ وَعِنْدَهُمَا الْمُسْتَسْعَى حُرٌّ مَدْيُونٌ فَإِنْ مَلَكَ بَعْدَ قَضَاءِ سِعَايَتِهِ مَا يَبْلُغُ نِصَابًا كَامِلًا تَجِبُ الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَلَا، وَفِي الْبَدَائِعِ وَالْجُنُونِ نَوْعَانِ أَصْلِيٌّ وَعَارِضٌ أَمَّا الْأَصْلِيُّ، وَهُوَ أَنْ يَبْلُغَ مَجْنُونًا فَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْحَوْلِ عَلَى النِّصَابِ حَتَّى لَا يَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ مَا مَضَى مِنْ الْأَحْوَالِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءَ الْحَوْلِ مِنْ وَقْتِ الْإِفَاقَةِ كَالصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ وَقْتِ الْبُلُوغِ، وَأَمَّا الطَّارِئُ، فَإِنْ دَامَ سَنَةً كَامِلَةً فَهُوَ فِي حُكْمِ الْأَصْلِيِّ، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ السَّنَةِ ثُمَّ أَفَاقَ فَعَنْ مُحَمَّدٍ وُجُوبُهَا وَإِنْ أَفَاقَ سَاعَةً، وَعَنْهُ إنْ أَفَاقَ أَكْثَرَ السَّنَةِ وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا. اهـ.

وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَالصَّحِيحِ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى

(قَوْلُهُ وَمِلْكُ نِصَابٍ حَوْلِيٍّ فَارِغٍ عَنْ الدَّيْنِ وَحَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ نَامٍ، وَلَوْ تَقْدِيرًا) لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَدَّرَ السَّبَبَ بِهِ، وَقَدْ جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ شَرْطًا لِلْوُجُوبِ مَعَ قَوْلِهِمْ: إنَّ سَبَبَهَا مِلْكُ مَالٍ مُعَدٍّ مُرْصَدٍ لِلنَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ فَاضِلٍ عَنْ الْحَاجَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ لِمَا أَنَّ السَّبَبَ وَالشَّرْطَ قَدْ اشْتَرَكَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُضَافُ إلَيْهِ الْوُجُودُ لَا عَلَى وَجْهِ التَّأْثِيرِ فَخَرَجَ الْعِلَّةُ وَيَتَمَيَّزُ السَّبَبُ عَنْ الشَّرْطِ بِإِضَافَةِ الْوُجُوبِ إلَيْهِ أَيْضًا دُونَ الشَّرْطِ كَمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ وَأَطْلَقَ الْمِلْكَ فَانْصَرَفَ إلَى الْكَامِلِ، وَهُوَ الْمَمْلُوكُ رَقَبَةً وَيَدًا فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيمَا اشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَا عَلَى الْمَوْلَى فِي عَبْدِهِ الْمُعَدِّ لِلتِّجَارَةِ إذَا أَبَقَ لِعَدَمِ الْيَدِ، وَلَا الْمَغْصُوبِ، وَلَا الْمَجْحُودِ إذَا عَادَ إلَى صَاحِبِهِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ ابْنُ السَّبِيلِ؛ لِأَنَّ يَدَ نَائِبِهِ كَيَدِهِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ، وَمِنْ مَوَانِعِ الْوُجُوبِ الرَّهْنُ إذَا كَانَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لِعَدَمِ مِلْكِ الْيَدِ بِخِلَافِ الْعُشْرِ حَيْثُ يَجِبُ فِيهِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَأَمَّا كَسْبُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ عَلَى أَحَدٍ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِلَّا فَكَسْبُهُ لِمَوْلَاهُ، وَعَلَى الْمَوْلَى زَكَاتُهُ إذَا تَمَّ الْحَوْلُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْبَدَائِعِ وَالْمِعْرَاجِ، وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ يَتَنَاوَلُ مَا إذَا تَمَّ الْحَوْلُ، وَهُوَ فِي يَدِ الْعَبْدِ لَكِنْ قَالَ فِي الْمُحِيطِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَفِيهِ الزَّكَاةُ وَيُزَكِّي الْمَوْلَى مَتَى أَخَذَهُ مِنْ الْعَبْدِ ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي نَوَادِرِ الزَّكَاةِ

وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ الْأَدَاءُ قَبْلَ الْأَخْذِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مَمْلُوكٌ لِلْمَوْلَى كَالْوَدِيعَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ قَبْلَ الْأَخْذِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ تَجَرَّدَ عَنْ يَدِ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ يَدَ الْعَبْدِ يَدُ أَصَالَةٍ عَنْ نَفْسِهِ لَا يَدُ نِيَابَةٍ عَنْ الْمَوْلَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ إثْبَاتًا وَإِزَالَةً فَلَمْ تَكُنْ يَدُ الْمَوْلَى ثَابِتَةً عَلَيْهِ حَقِيقَةً، وَلَا حُكْمًا فَلَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ كَالدُّيُونِ، وَلَا كَذَلِكَ الْوَدِيعَةُ اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ

ــ

[منحة الخالق]

[شُرُوط وُجُوب الزَّكَاة]

(قَوْلُهُ: فَإِنْ مَلَكَ بَعْدَ قَضَاءِ سِعَايَتِهِ) الْأَظْهَرُ عِبَارَةُ الْبَدَائِعِ حَيْثُ قَالَ: إنْ فَضَلَ عَنْ سِعَايَتِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَعَنْ مُحَمَّدٍ وُجُوبُهَا إلَخْ) الَّذِي فِي الْبَدَائِعِ هَكَذَا، وَإِنْ كَانَ سَاعَةً مِنْ الْحَوْلِ مِنْ أَوَّلِهِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ يَجِبُ زَكَاةُ ذَلِكَ الْحَوْلِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَرِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْهُ إنْ أَفَاقَ أَكْثَرَ السَّنَةِ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا اهـ.

وَفِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ أَفَاقَ فِي بَعْضِ السَّنَةِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ إفَاقَتِهِ فِي بَعْضِ الشَّهْرِ فِي الصَّوْمِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ أَكْثَرَ الْحَوْلِ اهـ.

وَبِهِ يَظْهَرُ مَا فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مِنْ الْإِيجَازِ الْمُخِلِّ حَيْثُ أَرْجَعَ ضَمِيرَ، وَعَنْهُ إلَى مُحَمَّدٍ مَعَ أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى أَبِي يُوسُفَ

(قَوْلُهُ: وَقَدْ جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ شَرْطًا لِلْوُجُوبِ إلَخْ) أَقُولُ: حَاصِلُ جَوَابِهِ عَنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ أَطْلَقَ الشَّرْطَ عَلَى السَّبَبِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إضَافَةِ الْوُجُودِ إلَيْهِمَا، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَقَوْلُهُ مِلْكُ نِصَابٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ فَالشَّرْطُ كَوْنُهُ مَالِكًا لِلنِّصَابِ الْحَوْلِيِّ، وَأَمَّا النِّصَابُ نَفْسُهُ فَهُوَ السَّبَبُ، وَقَوْلُ الْمُحِيطِ: إنَّ سَبَبَهَا مِلْكُ مَالٍ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ أَيْ مَالٍ مَمْلُوكٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْبَدَائِعِ، وَأَمَّا سَبَبُ فَرَضِيَتْهَا فَهُوَ الْمَالُ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ شُكْرًا لِنِعْمَةِ الْمَالِ وَلِذَا تُضَافُ إلَيْهِ يُقَالُ: زَكَاةُ الْمَالِ، وَالْإِضَافَةُ فِي مِثْلِهِ لِلسَّبَبِيَّةِ كَصَلَاةِ الظُّهْرِ وَصَوْمِ الشَّهْرِ وَحَجِّ الْبَيْتِ اهـ.

فَعُلِمَ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي هُوَ النِّصَابُ الْحَوْلِيُّ سَبَبٌ وَمِلْكُهُ شَرْطٌ؛ وَلِذَا عَدَّ فِي الْبَدَائِعِ مِنْ الشُّرُوطِ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ، وَهُوَ الْمَمْلُوكُ رَقَبَةً وَيَدًا، وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ النَّهْرِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَانْصَرَفَ إلَى الْكَامِلِ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا مُنَافٍ لِمَا مَرَّ قَرِيبًا مِنْ احْتِيَاجِهِ إلَى قَيْدِ التَّمَامِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَخْ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِهِ أَمَّا بَعْدَهُ فَيَجِبُ لِمَا مَضَى كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>