حُكْمَهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ، وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اقْتَسَمُوا دَارًا فَإِذَا لَا طَرِيقَ لِأَحَدِهِمْ وَقَدَرَ عَلَى أَنْ يَفْتَحَ فِي نَصِيبِهِ طَرِيقًا يَمُرُّ فِيهِ الرَّجُلُ دُونَ الْحَمُولَةِ جَازَتْ الْقِسْمَةُ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَضَمَّنْ تَفْوِيتَ مَنْفَعَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ يُنْظَرْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَهُ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَهُ جَازَتْ الْقِسْمَةُ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ.
دَارٌ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ اقْتَسَمُوهَا عَلَى أَنْ يَفْتَحَ كُلُّ وَاحِدٍ بَابًا إلَى السِّكَّةِ جَازَ وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْهُ لِأَنَّهُمْ تَصَرَّفُوا فِي خَالِصِ حَقِّهِمْ وَهُوَ الْجِدَارُ وَلَا ضَرَرَ عَلَى غَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ.
مَقْصُورَةٌ بَيْنَ قَوْمٍ طَرِيقُهَا فِي دَارِ الْآخَرِ فَاقْتَسَمُوهَا فَلَيْسَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا مِنْ الْمَقْصُورَةِ إلَى الدَّارِ، وَإِنَّمَا لَهُمْ طَرِيقٌ عَلَى مِقْدَارِ الْبَابِ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ حَقُّ الْمُرُورِ فِيمَا سِوَى الطَّرِيقِ، وَإِنْ كَانَ بِجَنْبِ الْمَقْصُورَةِ دَارٌ لَهُمْ وَقَعَتْ فِي قِسْمَةِ رَجُلٍ فَأَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَجْعَلَ الطَّرِيقَ إلَى دَارِهِ فِي هَذِهِ الْمَقْصُورَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ.
طَرِيقٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا لِدَارٍ أُخْرَى لَا حَقَّ لَهَا فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ وَلَوْ اقْتَسَمُوا قَرْيَةً فَأَصَابَ أَحَدَهُمْ قَرَاحٌ وَالْآخَرَ كَرْمٌ وَالْآخَرَ بُيُوتٌ جَازَ بِتَرَاضِيهِمْ، وَإِذَا اقْتَسَمَا كَرْمًا وَفِيهِ عِنَبٌ وَثَمَرٌ يُنْظَرُ إنْ قَالَا عَلَى أَنَّ النِّصْفَ لِفُلَانٍ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَمَا فِيهِ مِنْ الْأَعْشَابِ وَالثِّمَارِ فَهِيَ مَقْسُومَةٌ، وَإِلَّا فَهِيَ عَلَى الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا.
دَارٌ وَفِيهَا طَرِيقٌ لِآخَرَ لَا يَمْنَعُهَا عَنْ قِسْمَتِهَا وَيَتْرُكُ طَرِيقَهُ عَلَى عَرْضِ الْبَابِ الْعُظْمَى فَإِنْ بَاعُوا الدَّارَ وَالطَّرِيقَ بِرِضَاهُمْ ضَرَبَ صَاحِبُ الدَّارِ عَلَى مِثْلَيْ ثَمَنِ الطَّرِيقِ وَصَاحِبُ الْمَمَرِّ بِثُلُثِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الطَّرِيقَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا إذَا لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَ الْأَنْصِبَاءِ فَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَكَذَا إذَا كَانَ رَقَبَةُ الطَّرِيقِ لِاثْنَيْنِ وَلِلْآخَرِ حَقُّ الْمُرُورِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَتَعَدَّدَتْ وَرَثَتُهُ اعْتَبَرَ حَقَّهُ كَحَقِّ وَاحِدٍ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّ الدَّارَ مِيرَاثٌ بَيْنَهُمْ فَالطَّرِيقُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَقِسْمَةُ الطَّرِيقِ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَلَوْ كَانَ فِيهَا طَرِيقٌ مِنْ نَاحِيَةٍ وَطَرِيقٌ لِآخَرِ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى يُعْزَلُ لَهُمَا طَرِيقٌ وَاحِدَةٌ وَالطَّرِيقُ الْوَاحِدُ يَكْفِي لِلْمُرُورِ، وَلَوْ اقْتَسَمُوا دَارًا وَفِيهَا كَنِيفُ شَارِعٍ إلَى الطَّرِيقِ أَوْ ظُلَّةٌ لَمْ يُحْسَبْ فِي ذَرْعِ الدَّارِ لِأَنَّ الظُّلَّةَ وَالْكَنِيفَ لَيْسَ لَهُمَا حَقُّ الْقَرَارِ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ بَلْ مُسْتَحَقُّ النَّقْضِ وَمُسْتَحَقُّ النَّقْضِ كَالْمَنْقُوضِ وَلَكِنَّهُمَا يُقَوَّمَانِ عَلَى مَنْ وَقَعَ فِي حَيِّزِهِ وَلَا يُحْسَبَانِ فِي ذُرْعَانِ الدَّارِ بَعْدَ قِسْمَةِ الْوَالِي وَتَرَكَ طَرِيقًا لِلْعَامَّةِ فَرَأَى الْوَالِي بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَعْطِيَ الطَّرِيقَ لِوَاحِدٍ فَيَنْتَفِعَ بِهَا وَلَا يَضُرَّ بِأَهْلِ الطَّرِيقِ جَازَ إنْ كَانَتْ الْمَدِينَةُ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ لَمْ يَجُزْ اهـ.
[كَيْفَ يُقَسَّم سُفْلٌ لَهُ عُلُوٌّ وَسُفْلٌ مُجَرَّدٌ وَعُلُوٌّ مُجَرَّدٌ]
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (سُفْلٌ لَهُ عُلُوٌّ وَسُفْلٌ مُجَرَّدٌ وَعُلُوٌّ مُجَرَّدٌ قُوِّمَ كُلٌّ عَلَى حِدَةٍ وَقُسِمَ بِالْقِيمَةِ) وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَقَالَ الْإِمَامُ: وَالثَّانِي يُقْسَمُ بِالذَّرْعِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بِالذَّرْعِ هِيَ الْأَصْلُ فِي الْمَذْرُوعِ وَالْكَلَامُ فِيهِ وَالْعِبْرَةُ لِلتَّسْوِيَةِ فِي أَصْلِ السُّكْنَى كَمَا فِي الْمَرَافِقِ، قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَصُورَتُهَا عُلُوٌّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَسُفْلُهُ لِآخَرَ وَسُفْلٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَعُلُوٌّ لِآخَرَ وَبَيْتٌ كَامِلٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَالْكُلُّ فِي دَارٍ وَاحِدٍ، أَوْ فِي دَارَيْنِ قَيَّدْنَا بِهَذَا لِئَلَّا يُقَالَ: قِسْمَةُ الْعُلُوِّ مَعَ السُّفْلِ قِسْمَةٌ وَاحِدَةٌ إذَا كَانَتْ الْبُيُوتُ مُتَفَرِّقَةً لَا يَصِحُّ عِنْدَ الْإِمَامِ لِمُحَمَّدٍ أَنَّ السُّفْلَ يَصْلُحُ لِمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ الْعُلُوُّ كَالْبِئْرِ وَالْإِصْطَبْلِ وَالسِّرْدَابِ وَغَيْرِهِ فَصَارَ كَالْجِنْسَيْنِ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّعْدِيلُ إلَّا بِالْقِسْمَةِ وَكَيْفِيَّةُ الْقِسْمَةِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ ذِرَاعُ سُفْلٍ بِذِرَاعَيْنِ مِنْ الْعُلُوِّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: ذِرَاعٌ بِذِرَاعٍ قِيلَ: أَجَابَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى عَادَةِ أَهْلِ عَصْرِهِ وَقِيلَ هُوَ اخْتِلَافُ حُجَّةٍ بَيْنَهُمْ؛ قَالَ الْإِمَامُ: لِصَاحِبِ السُّفْلِ مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَلِصَاحِبِ الْعُلُوِّ مَنْفَعَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ مَنْفَعَةُ السُّكْنَى وَأَبُو يُوسُفَ قَالَ: هُمَا سَوَاءٌ فِي الِانْتِفَاعِ.
وَتَفْسِيرُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَنْ يُجْعَلَ بِمُقَابَلَةِ مِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ الْعُلُوِّ الْمُجَرَّدِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثُ ذِرَاعٍ مِنْ الْبَيْتِ الْكَامِلِ، فَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ مِنْ الْعُلُوِّ الْكَامِلِ فِي مُقَابَلَةِ مِثْلِهِ مِنْ الْعُلُوِّ الْمُجَرَّدِ، وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ مِنْ السُّفْلِ الْكَامِلِ فِي مُقَابَلَةِ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ مِنْ الْعُلُوِّ الْمُجَرَّدِ فَذَلِكَ تَمَامُ مِائَةٍ وَيُجْعَلُ بِمُقَابَلَةِ مِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ السُّفْلِ الْمُجَرَّدِ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَا ذِرَاعٍ مِنْ الْبَيْتِ الْكَامِلِ لِأَنَّ عُلُوَّهُ مِثْلُ نِصْفِ سُفْلِهِ فَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ مِنْ سُفْلِ الْكَامِلِ بِمُقَابَلَةِ مِثْلِهِ مِنْ السُّفْلِ الْمُجَرَّدِ، وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ مِنْ الْعُلُوِّ الْكَامِلِ فِي مُقَابَلَةِ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثِ ذِرَاعٍ مِنْ السُّفْلِ الْمُجَرَّدِ فَذَلِكَ تَمَامُ مِائَةٍ، وَتَفْسِيرُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ أَنْ يُجْعَلَ بِمُقَابَلَةِ شَيْءٍ مِنْ السُّفْلِ الْمُجَرَّدِ، أَوْ مِنْ الْعُلُوِّ الْمُجَرَّدِ قَدْرُ نِصْفِهِ مِنْ الْبَيْتِ الْكَامِلِ وَيُقَابَلَ نِصْفُ الْعُلُوِّ بِنِصْفِ السُّفْلِ لِاسْتِوَاءِ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ عِنْدَهُ وَيُجْعَلَ بِمُقَابَلَةِ شَيْءٍ مِنْ السُّفْلِ الْمُجَرَّدِ قَدْرُهُ مِنْ الْعُلُوِّ الْمُجَرَّدِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُقْسَمُ عَلَى قِيمَةِ السُّفْلِ وَالْعُلُوِّ فَإِنْ كَانَ قِيمَتُهَا عَلَى السَّوَاءِ يُحْسَبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute