للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْطُوفًا عَلَى مَنْ وَجَبَ لَهُ الْحُكْمُ وَتَمَامُهُ فِي التَّبْيِينِ.

وَقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ لِلثَّانِي وَالثَّالِثِ خَبَرًا فَإِنْ ذَكَرَ لَهُ خَبَرًا بِأَنْ قَالَ هَذِهِ طَالِقٌ أَوْ هَذِهِ، وَهَذِهِ طَالِقَانِ أَوْ قَالَ هَذَا حُرٌّ أَوْ هَذَا، وَهَذَا حُرَّانِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ وَلَا تَطْلُقُ بَلْ يُخَيَّرُ إنْ اخْتَارَ الْإِيجَابَ الْأَوَّلَ عَتَقَ الْأَوَّلُ وَحْدَهُ وَطَلُقَتْ الْأُولَى وَحْدَهَا، وَإِنْ اخْتَارَ الْإِيجَابَ الثَّانِي عَتَقَ الْأَخِيرَانِ وَطَلُقَتْ الْأَخِيرَتَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزْوِيجِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا) .

لَمَّا كَانَتْ الْأَيْمَانُ عَلَى هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ أَكْثَرَ مِنْهَا عَلَى الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ، وَمَا بَعْدَهَا قَدَّمَهَا عَلَيْهَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ بَابٍ فَوُقُوعُهُ أَقَلُّ مِمَّا قَبْلَهُ وَأَكْثَرُ مِمَّا بَعْدَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْعُقُودَ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ حُقُوقُهُ بِمَنْ، وَقَعَ لَهُ الْعَقْدُ لَا بِالْعَاقِدِ كَالنِّكَاحِ وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ حُقُوقُهُ بِالْعَاقِدِ إذَا كَانَ الْعَاقِدُ أَهْلًا لِتَعَلُّقِ الْحُقُوقِ بِهِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَمِنْ الْعُقُودِ مَا لَا حُقُوقَ لَهُ أَصْلًا كَالْإِعَارَةِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْقَضَاءِ وَالِاقْتِضَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فِي التَّبْيِينِ، وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ تَقْسِيمِهَا إلَى نَوْعَيْنِ نَوْعٌ تَتَعَلَّقُ حُقُوقُهُ بِالْعَاقِدِ وَنَوْعٌ لَا تَتَعَلَّقُ حُقُوقُهُ بِالْآمِرِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ عَنْهَا مَا لَيْسَ لَهُ حُقُوقٌ أَصْلًا فَمَا تَتَعَلَّقُ حُقُوقُهُ بِالْعَاقِدِ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يَحْنَثُ بِمُبَاشَرَةِ وَكِيلِهِ لِوُجُودِ الْفِعْلِ مِنْ الْوَكِيلِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا، وَمَا تَتَعَلَّقُ حُقُوقُهُ بِالْآمِرِ، وَمَا لَا حُقُوقَ لَهُ أَصْلًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ الْحَالِفُ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ كَمَا يَحْنَثُ بِمُبَاشَرَتِهِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِيهِ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ، وَقَدْ جَعَلَ فِي الْمُحِيطِ الْعَارِيَّةَ وَنَحْوَهَا مِمَّا تَتَعَلَّقُ حُقُوقُهَا بِالْآمِرِ.

قَوْلُهُ (مَا يَحْنَثُ بِالْمُبَاشَرَةِ لَا بِالْآمِرِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالْإِجَارَةُ وَالِاسْتِئْجَارُ وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ وَالْقِسْمَةُ وَالْخُصُومَةُ وَضَرْبُ الْوَلَدِ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وُجِدَ مِنْ الْعَاقِدِ حَتَّى كَانَتْ الْحُقُوقُ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ هُوَ الْحَالِفَ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ فَلَمْ يُوجَدْ مَا هُوَ الشَّرْطُ، وَهُوَ الْعَقْدُ مِنْ الْآمِرِ، وَإِنَّمَا الثَّابِتُ لَهُ حُكْمُ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَ ذَلِكَ أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْحَالِفُ يَتَوَلَّى الْعُقُودَ بِنَفْسِهِ أَمَّا إذَا كَانَ الْحَالِفُ ذَا سُلْطَانٍ كَالْأَمِيرِ وَالْقَاضِي وَنَحْوِهِمَا لَا يَتَوَلَّى الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْأَمْرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ نَفْسَهُ عَمَّا يَعْتَادُهُ فَإِنْ كَانَ الْآمِرُ يُبَاشِرُهُ مَرَّةً وَيُفَوِّضُ أُخْرَى يُعْتَبَرُ الْأَغْلَبُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَأَطْلَقَ فِي الصُّلْحِ عَنْ مَالٍ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَكُونَ عَنْ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بَيْعٌ أَمَّا الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ فَهُوَ فِدَاءٌ لِلْيَمِينِ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَكُونُ الْوَكِيلُ مِنْ جَانِبِهِ سَفِيرًا مَحْضًا فَكَانَ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي كَمَا سَنُبَيِّنُهُ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ فَعَلَى هَذَا إذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي أَنْ لَا يُصَالِحَ فُلَانًا عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى أَوْ عَنْ هَذَا الْمَالِ فَوَكَّلَ فِيهِ لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا، وَإِذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ وَكَّلَ بِهِ فَإِنْ كَانَ عَنْ إقْرَارٍ حَنِثَ، وَإِنْ كَانَ عَنْ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَتَمَامُهُ فِي التَّبْيِينِ) حَيْثُ قَالَ؛ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ طَالِقٌ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لِلْمُثَنَّى، وَفِي ضَمِّ الثَّالِثِ إلَى الثَّانِي جَعْلُهُ لِلْمَثْنَى؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ هَذِهِ طَالِقٍ أَوْ هَاتَانِ طَالِقٌ فَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا قَالَ طَالِقَانِ؛ لِأَنَّ الْمُفْرَدَ لَا يَصْلُحُ خَبَرًا لِلْمَثْنَى بِخِلَافِ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا أُكَلِّمُ يَصْلُحُ لِلْمَثْنَى، وَلِأَقَلَّ وَلِأَكْثَرَ. اهـ.

وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ بِهَذَا عَمَّا أَوْرَدَهُ فِي الْفَتْحِ بِقَوْلِهِ وَقَدْ يُقَالُ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ كَمَا يَصِحُّ عَلَى الْأَحَدِ الْمَفْهُومِ مِنْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ يَصِحُّ عَلَى هَذِهِ وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ فِي الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّ التَّرْدِيدَ حِينَئِذٍ بَيْنَ الْأُولَى فَقَطْ وَالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مَعًا فَيَلْزَمُهُ الْبَيَانُ لِذَلِكَ. اهـ.

وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ ذَكَرَهُ فِي التَّلْوِيحِ بِقَوْلِهِ: وَقِيلَ إنَّهُ لَا يَعْتِقُ أَحَدُهُمْ فِي الْحَالِ وَيَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرَيْنِ؛ لِأَنَّ الثَّالِثَ عَطْفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَالْجَمْعُ بِالْوَاوِ بِمَنْزِلَةِ الْجَمْعِ بِأَلْفٍ التَّثْنِيَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ هَذَا حُرٌّ أَوْ هَذَانِ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا أَوْ هَذَا، وَهَذَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالْأَخِيرَيْنِ جَمِيعًا لَا بِالثَّانِي وَحْدَهُ وَالثَّالِثِ وَحْدَهُ. اهـ.

ثُمَّ ذَكَرَ الْجَوَابَ الْمَارَّ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُقَدَّرَ قَدْ يُغَايِرُ الْمَذْكُورَ لَفْظًا كَمَا فِي قَوْلِك هِنْدُ جَالِسَةٌ وَزَيْدٌ، وَقَوْلُ الشَّاعِرِ

نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وَأَنْتَ بِمَا ... عِنْدَك رَاضٍ وَالرَّأْيُ مُخْتَلِفٌ

قَالَ: وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَجْرِي فِي مِثْلِ أَعْتَقْت هَذَا أَوْ هَذَا، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّقْدِيرَ هَذَا حُرٌّ أَوْ هَذَانِ حُرَّانِ بَلْ هَذَا حُرٌّ أَوْ هَذَا حُرٌّ، وَهَذَا حُرٌّ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمُقَدَّرُ مِثْلَ الْمَلْفُوظِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ مَا ذَكَرَهُ لَوْ كَانَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَفِيهِ كَلَامٌ يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ حَوَاشِيهِ لِحَسَنٍ جَبَلِيٍّ.

[بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزْوِيجِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ]

(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزْوِيجِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا) .

(قَوْلُهُ:، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فِي التَّبْيِينِ) قَرَّرَ فِي النَّهْرِ الضَّابِطَ عَلَى وَجْهٍ دَفَعَ بِهِ الْأَوْلَوِيَّةَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَنَوْعٌ لَا تَتَعَلَّقُ حُقُوقُهُ بِالْآمِرِ) كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَالصَّوَابُ مَا فِي بَعْضِهَا تَتَعَلَّقُ بِدُونِ لَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ عَنْ إقْرَارٍ حَنِثَ، وَإِنْ كَانَ عَنْ إنْكَارٍ أَوْ سُكُوتٍ لَا يَحْنَثُ) كَذَا فِي عِدَّةٍ مِنْ النُّسَخِ الَّتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>