نِصْفُ الدَّيْنِ إلَيْهِ وَذَهَبَ نِصْفُهُ بِذَهَابِ الْأُمِّ، فَإِذَا مَاتَتْ الْأُمُّ بَعْدَمَا تَحَوَّلَ نِصْفُ الدَّيْنِ إلَى الْوَلَدِ ظَهَرَ أَنَّ الدَّيْنَ كَانَ فِي نِصْفِ الْجَارِيَةِ عِنْدَ قَضَاءٍ وَاقْتِضَاءٍ وَإِيفَاءٍ وَاسْتِيفَاءٍ، وَفِي نِصْفِهَا عَقْدُ وَدِيعَةٍ وَأَمَانَةٍ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ نِصْفَهَا كَانَ مَضْمُونًا وَنِصْفَهَا أَمَانَةٌ وَعَقْدُ الرَّهْنِ يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْ ضَمَانِ السِّرَايَةِ وَعَقْدُ الْأَمَانَةِ يُوجِبُ عَلَى الْقَاطِعِ ضَمَانَ نِصْفِ السِّرَايَةِ وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ وَضَمَانُ نِصْفِ الْجِنَايَةِ وَهِيَ الْقَطْعُ وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ فَيَكُونُ جُمْلَتُهُ سَبْعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ.
وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ خَمْسَمِائَةٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي مُؤَجَّلًا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ تَجِبُ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّ خَمْسَمِائَةٍ ضَمَانُ نِصْفِ النِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُهْدَرْ نِصْفُ السِّرَايَةِ وَضَمَانُ النَّفْسِ تَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُؤَجَّلًا وَمِائَتَانِ وَخَمْسُونَ ضَمَانُ الْمَالِ وَضَمَانُ الْمَالِ يَجِبُ فِي مَالِهِ حَالًّا وَيُدْفَعُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ إلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ هَذَا بَدَلُ نِصْفِ نَفْسِ الْجَارِيَةِ وَنِصْفُهَا كَانَ مَحْبُوسًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ كَانَ أَمَانَةً فَكَذَلِكَ بَدَلُهَا يُدْفَعُ إلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ مَحْبُوسًا عِنْدَهُ مَعَ الْوَلَدِ، فَإِنْ هَلَكَ الْمِائَتَانِ وَالْخَمْسُونَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ هَلَكَتْ بِغَيْرِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ بَدَلًا كَمَا كَانَتْ أَمَانَةً فِي يَدِهِ وَلِلْبَدَلِ حُكْمُ الْمُبْدَلِ فَيَهْلِكُ أَمَانَةً، فَإِنْ هَلَكَ الْوَلَدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَرُدَّ الْمُرْتَهِنُ الْمِائَتَيْنِ وَالْخَمْسِينَ عَلَى الرَّاهِنِ وَالرَّاهِنُ عَلَى الْقَاطِعِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَمَّا هَلَكَ قَبْلَ الْفِكَاكِ تَبَيَّنَ أَنَّا أَخْطَأْنَا فِي الْقِسْمَةِ حَتَّى قَسَمْنَا الدَّيْنَ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ الدَّيْنَ كُلَّهُ كَانَ بِإِزَاءِ لَازِمٍ حِينَ لَمْ يَبْقَ وَقْتَ الْفِكَاكِ فَقَدْ هَلَكَتْ الْأُمُّ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَظَهَرَ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَبَضَ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ مِنْ الرَّهْنِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَظَهَرَ أَنَّ الْقَاطِعَ كَانَ بَرِيئًا عَنْ السِّرَايَةِ كُلِّهَا وَإِنَّمَا كَانَ عَلَيْهِ أَرْشُ الْيَدِ خَمْسُمِائَةٍ لَا غَيْرُ، وَقَدْ أَخَذَ مِنْهُ الرَّاهِنُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ بِغَيْرِ حَقٍّ فَيَرُدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَصْلًا إنَّ الدَّيْنَ مَتَى قُسِمَ عَلَى الْأُمِّ وَالْوَلَدِ لِلْحَالِ يُنْظَرُ إنْ بَقِيَتْ قِيمَتُهُ غَيْرَ مُنْتَقِصَةٍ إلَى وَقْتِ الْفِكَاكِ لَا تُعَادُ الْقِسْمَةُ يَوْمَ الْفِكَاكِ.
وَإِنْ اُنْتُقِصْت قِيمَتُهُ تُعَادُ الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ الْخَطَأُ فِي الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ تَقْسِيمُ الدَّيْن عَلَى قِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ الْفِكَاكِ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الرَّهْنِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْفِكَاكِ لِمَا بَيَّنَّا.
[الْمَسَائِلُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ]
ثُمَّ الْمَسَائِلُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ رَهَنَ جَارِيَةً بِأَلْفٍ تُسَاوِي أَلْفًا فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ فَقَتَلَهَا عَبْدٌ يُسَاوِي أَلْفًا، ثُمَّ ذَهَبَ عَيْنُهُ يَفْتَكُّهُ الرَّاهِنُ بِأَرْبَعَةِ أَتْسَاعِ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ دُفِعَ بِإِزَاءِ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ جَمِيعًا فَيُقْسَمُ الْعَبْدُ الْمَدْفُوعُ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْأُمِّ ضِعْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ، فَإِذَا ذَهَبَ عَيْنُ الْعَبْدِ فَقَدْ ذَهَبَ نِصْفُ بَدَلِ الْوَلَدِ وَلَا يَذْهَبُ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ.
الثَّانِيَةُ رَهَنَ جَارِيَةً بِأَلْفٍ تُسَاوِي أَلْفًا فَوَلَدَتْ وَلَدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَقَتَلَتْ الْأُمُّ جَارِيَةً قِيمَتُهَا مِائَةٌ فَدُفِعَتْ فَوَلَدَتْ الْمَدْفُوعَةُ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا ثُمَّ اعْوَرَّتْ الْأُمُّ ذَهَبَ مِنْ الدَّيْنِ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَذْهَبُ سُدُسُ الدَّيْنِ وَيَفْتَكُّهُ بِخَمْسَةِ أَسْدَاسٍ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ قِيمَةَ الْمَدْفُوعَةِ إنَّمَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الدَّفْعِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ بِالدَّفْعِ وَقِيمَتُهَا يَوْمَ الدَّفْعِ مِائَةٌ، وَقَدْ انْدَفَعَ الدَّيْنُ إلَى الْمَقْتُولَةِ وَوَلَدِهَا لِاسْتِوَاءِ قِيمَتِهَا فَتَحَوَّلَ نِصْفُ مَا فِي الْمَقْتُولَةِ مِنْ الدَّيْنِ إلَى وَلَدِهَا وَبَقِيَ نِصْفُ الدَّيْنِ فِيهَا، ثُمَّ الْمَدْفُوعَةُ لَمَّا قَامَتْ مَقَامَ الْمَرْهُونَةِ تَحَوَّلَ مَا فِي الْمَرْهُونَةِ مِنْ الدَّيْنِ وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْمَدْفُوعَةِ مِائَةٌ يَوْمَ الدَّفْعِ وَقِيمَةَ وَلَدِهَا أَلْفٌ يَوْمَ الْفِكَاكِ فَصَارَ كُلُّ مِائَةٍ سَهْمًا فَصَارَ الدَّيْنُ مَقْسُومًا عَلَى أَحَدَ عَشَرَ فَصَارَ بِإِزَاءِ الْمَدْفُوعَةِ سَهْمٌ، فَإِذَا اعْوَرَّتْ ذَهَبَ نِصْفُهَا فَذَهَبَ نِصْفُ مَا بِإِزَائِهَا مِنْ الدَّيْنِ وَذَلِكَ نِصْفُ سَهْمٍ فَانْكَسَرَ الْحِسَابُ فَاضْرِبْ اثْنَيْنِ فِي أَصْلِ نِصْفِ الْفَرِيضَةِ وَذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ فَصَارَ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ بِإِزَاءِ الْوَلَدِ عِشْرُونَ جُزْءًا وَبِإِزَاءِ الْأُمِّ جُزْءَانِ، فَإِذَا صَارَ نِصْفُ الدَّيْنِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ صَارَ النِّصْفُ الْآخَرُ كَذَلِكَ فَصَارَ الْكُلُّ أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا اثْنَانِ وَعِشْرُونَ بِإِزَاءِ وَلَدِ الْمَرْهُونَةِ وَعِشْرُونَ بِإِزَاءِ وَلَدِ الْمَدْفُوعَةِ وَسَهْمَانِ بِإِزَاءِ الْمَدْفُوعَةِ وَسَقَطَ سَهْمٌ بِذَهَابِ نِصْفِهَا بِالْعَوَرِ فَيَبْقَى ثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ جُزْءًا فَيَفْتَكُّهُ بِذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ تَعْوَرَّ الْأُمُّ الْقَاتِلَةُ حَتَّى قَتَلَهُمْ جَمِيعًا عَبْدٌ قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَدَفَعَ بِهِمْ، ثُمَّ اعْوَرَّ الْعَبْدُ فَالرَّاهِنُ يَفْتَكُّهُ بِخَمْسَةِ أَسْهُمٍ مِنْ سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ مَا يَخُصُّ الْقَاتِلَةَ سَهْمٌ وَنِصْفُ عُشْرٍ.
وَمَا يَخُصُّ وَلَدَهَا خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَدْفُوعَ قَامَ مَقَامَهُمْ وَصَارُوا كَأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ مَعْنًى، وَلَمْ يُنْتَقَصْ مِنْ قِيمَتِهِمْ شَيْءٌ، وَإِنْ اُنْتُقِصَ سِعْرُهُمْ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ صَارَ مَدْفُوعًا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ دُفِعَ بِهِمْ وَقِيمَتُهُمْ أَلْفَانِ وَمِائَةٌ فَانْقَسَمَ الْعَبْدُ عَلَى الْأَلْفَيْنِ وَمِائَةٌ عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا كُلُّ مِائَةِ سَهْمٍ مِنْ ذَلِكَ بِإِزَاءِ الْقَاتِلَةِ وَعَشَرَةٌ بِإِزَاءِ وَلَدِهَا وَعَشَرَةٌ بِإِزَاءِ وَلَدِ الْمَقْتُولَةِ فَلَمَّا ذَهَبَ عَيْنُ الْعَبْدِ فَقَدْ ذَهَبَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute