يَخْرُجُ يَخْرُجُ عَلَى الْحَقَّيْنِ.
عَبْدٌ مَرْهُونٌ بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَقَتَلَهُ عَبْدَانِ فَدُفِعَا بِهِ فَهُمَا جَمِيعًا رَهْنٌ بِأَلْفٍ؛ لِأَنَّهُمَا قَامَا مَقَامَ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ حُكْمُهُمَا كَالْأَوَّلِ فَتَكُونُ جِنَايَةُ أَحَدِهِمَا إلَى صَاحِبِهِ كَجِنَايَةِ الْأَوَّلِ عَلَى نَفْسِهِ وَذَلِكَ هَدَرٌ وَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَيُجْعَلُ التَّالِفُ كَالتَّالِفِ بِلَا جِنَايَةٍ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ.
عَبْدَانِ رُهِنَا بِأَلْفٍ يُسَاوِي كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسَمِائَةٍ فَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ يُسَاوِي أَلْفًا، ثُمَّ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ كَانَ الْبَاقِي رَهْنًا وَبِسَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ فَارِغٌ وَنِصْفُهُ مَشْغُولٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفًا يَوْمَ الِارْتِهَانِ يَصِيرُ الْقَاتِلُ رَهْنًا بِسَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَكَذَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفًا يَوْمَ الْجِنَايَةِ إذْ الْمَعْنَى يَجْمَعُهُمَا لِمَا بَيَّنَّا، وَلَوْ قَتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدًا فَدُفِعَ بِهِ وَقِيمَةُ الْمَدْفُوعِ قَلِيلَةٌ أَوْ كَثِيرَةٌ، ثُمَّ قَتَلَ أَحَدُ الْمَدْفُوعَيْنِ صَاحِبَهُ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا قَامَا مَقَامَ الْأَصْلَيْنِ فَكَأَنَّ الْأَصْلَيْنِ قَائِمَيْنِ فَازْدَادَتْ قِيمَتُهُمَا، ثُمَّ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْبَدَلِ لَا يُخَالِفُ حُكْمَ الْأَصْلِ، وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ قَطَعَ يَدَ أَمَةِ إنْسَانٍ قِيمَتُهَا أَلْفٌ، ثُمَّ رَهَنَهَا الْمَوْلَى بِخَمْسِمِائَةٍ وَهِيَ قِيمَتُهَا فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ، وَلَمْ تَنْقُصْهَا الْوِلَادَةُ شَيْئًا، ثُمَّ مَاتَتْ مِنْ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ شَاءَ الْمَوْلَى حَاسَبَ الْمُرْتَهِنَ فَيَذْهَبُ مِنْ الدَّيْنِ بِحِسَابِ ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْجَانِي، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْجَانِي قِيمَتَهَا يَوْمَ قَطْعِ يَدِهَا وَهِيَ أَلْفٌ وَيَرْجِعُ الْجَانِي عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِقِيمَتِهَا مَقْطُوعَةً وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ؛ لِأَنَّهَا مَاتَتْ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ فَتَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ رَهْنَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ يَقْطَعُ حُكْمَ السِّرَايَةِ وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِمَا ضَمِنَ وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ اُنْتُقِضَ فِي الْأُمِّ بِالْهَلَاكِ وَيَرْجِعُ أَيْضًا عَلَيْهِ بِحِصَّةِ الْأُمِّ مِنْ الدَّيْنِ وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ وَيَبْقَى لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى الرَّاهِنِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ حِصَّةَ الْوَلَدِ، فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ بَطَلَ الرَّهْنُ فِيهِ وَرَجَعَ الْمُرْتَهِنُ بِهَذِهِ الْمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ كُلَّهُ عَادَ إلَى الْأُمِّ ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَجُلٌ رَهَنَ رَجُلًا كُرًّا مِنْ شَعِيرٍ وَغُلَامًا وَبِرْذَوْنًا كُلُّ وَاحِدٍ يُسَاوِي مِائَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَ الْمُرْتَهِنُ فَأَقْضَمَ الْغُلَامُ الْبِرْذَوْنَ الشَّعِيرَ، فَإِنَّ ثُلُثَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رَهْنٌ بِثُلُثِ الْمِائَةِ؛ لِأَنَّ الْمِائَةَ مَقْسُومَةٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَقِيمَتُهَا مُسْتَوِيَةٌ فَيُصِيبُ كُلَّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ وَالثُّلُثَانِ لِلرَّاهِنِ فَجِنَايَةُ ثُلُثِ الْعَبْدِ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ الرَّهْنِ هَدَرٌ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ الرَّهْنِ عَلَى الرَّهْنِ مُهْدَرَةٌ وَجِنَايَةُ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ مُعْتَبَرَةٌ فَتَكُونُ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ عَبْدِ الرَّاهِنِ عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَتَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ فَبَقِيَ الْبِرْذَوْنُ ثَلَاثَةَ أَتْسَاعِ الْمِائَةِ وَسَقَطَ تُسْعُهُ وَهِيَ ثُلُثُهَا وَفِي الْعَبْدِ ثَلَاثَةُ أَتْسَاعِ الْمِائَةِ وَهِيَ ثُلُثُهَا، وَفِي الشَّعِيرِ ثَلَاثَةُ أَتْسَاعِ الْمِائَةِ وَهِيَ ثُلُثُهَا فَجِنَايَةُ الْعَبْدِ عَلَى تُسْعٍ وَاحِدٍ هَدَرٌ؛ لِأَنَّهُ جِنَايَةُ الرَّهْنِ فَيَلْزَمُ التُّسْعَانِ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ ثُلُثَيْهِ جِنَايَةُ غَيْرِ الرَّهْنِ عَلَى الرَّهْنِ فَيَكُونُ مَا بَقِيَ ثَلَاثَةُ أَتْسَاعِ الْمِائَةِ وَسَقَطَ تُسْعُهُ، وَلَوْ كَانَ الْبِرْذَوْنُ ضَرَبَ الْغُلَامَ فَفَقَأَ عَيْنَهُ يَذْهَبُ نِصْفُ ثُلُثِ الدَّيْنِ وَهُوَ تُسْعٌ وَنِصْفٌ، ثُمَّ أَقْضَمَ الْغُلَامُ الْبِرْذَوْنَ الشَّعِيرَ فَيَلْزَمُهُ أَيْضًا مِنْ جِنَايَةٍ فِي الشَّعِيرِ تُسْعَانِ فَيَكُونُ فِي الْعَبْدِ ثَلَاثَةُ أَتْسَاعٍ وَنِصْفُ، وَفِي الْبِرْذَوْنِ ثَلَاثَةُ أَتْسَاعٍ فَيَكُونُ جُمْلَتُهُ سِتَّةَ أَتْسَاعٍ.
وَفِي الْجَامِعِ مَسَائِلُهُ عَلَى فُصُولٍ مُخْتَلِفَةٍ: أَحَدُهَا فِي هَلَاكِ الْمَرْهُونِ بِسِرَايَةِ الْجِنَايَةِ الْوَاقِعَةِ فِي يَدِ الرَّاهِنِ. وَالثَّانِي فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَرْهُونَةِ وَوَلَدِهَا. وَالثَّالِثُ فِي إعْوَارِ الْمَرْهُونَةِ، وَفِي رَهْنِ الْعَوَارِ ثُمَّ انْجِلَاءِ الْبَيَاضِ أَصْلُهُ إنْ رَهَنَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ يَقْطَعُ حُكْمَ السِّرَايَةِ وَيُبْرِئُ الْجَانِيَ عَنْ ضَمَانِهَا كَالْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ إيجَابُ ضَمَانِ السِّرَايَةِ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ حَصَلَتْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَتَعَذَّرَ إيجَابُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الِانْتِهَاءِ فَتَصِيرُ الْجِنَايَةُ مُخَالِفَةً لِلْجِنَايَةِ وَالنِّهَايَةُ مُبَايِنَةٌ عَنْ الْبِدَايَةِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَالرَّهْنُ كَالْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ مَلَكَ الْمَرْهُونَ عِنْدَ الْهَلَاكِ بِالدَّيْنِ فَيَتَبَدَّلُ الْمِلْكُ عِنْدَ الْهَلَاكِ فَالْبَرَاءَةُ عَنْ ضَمَانِ السِّرَايَةِ إنَّمَا تَحْصُلُ عِنْدَ الْهَلَاكِ لَا قَبْلَهُ حَتَّى إنَّ الرَّاهِنَ لَوْ افْتَكَّ الرَّهْنَ قَبْلَ السِّرَايَةِ، ثُمَّ سَرَى ضَمِنَ الْجَانِي جَمِيعَ بَدَلِ الرَّهْنِ لَا بَدَلَ الطَّرَفِ قَطَعَ يَدَ جَارِيَةٍ قِيمَتُهَا خَمْسُمِائَةٍ وَغَرِمَ الْقَاطِعُ لِنَفْسِهِ خَمْسَمِائَةٍ لِلرَّاهِنِ حَالًّا وَلَا يَغْرَمُ بِالسِّرَايَةِ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ بِالرَّهْنِ بَرِئَ عَنْ ضَمَانِ السِّرَايَةِ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ فِي مِلْكِ الْمُرْتَهِنِ فَبَقِيَ عَلَيْهِ أَرْشُ الْيَدِ وَتَجِبُ فِي مَالِهِ حَالَّةً كَضَمَانِ إتْلَافِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ أَطْرَافَ الْعَبْدِ مُلْحَقَةٌ بِالْأَمْوَالِ فَإِتْلَافُهَا يُوجِبُ ضَمَانَ الْمَالِ وَالْمُرْتَهِنُ بِالْهَلَاكِ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا لِدَيْنِهِ بِقَدْرِ خَمْسِمِائَةٍ فَسَقَطَ ذَلِكَ، وَلَوْ مَاتَتْ بَعْدَمَا وَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ فَوَلَدُهَا رَهْنٌ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ فَيُدْفَعُ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَيَكُونُ رَهْنًا فِي يَدِهِ مَعَ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ انْقَسَمَ عَلَى الْأُمِّ وَالْوَلَدِ نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَاءِ قِيمَتِهِمَا لِلْحَالِّ، وَبَقِيَّةُ قِيمَةِ الْوَلَدِ خَمْسُمِائَةٍ وَإِلَى وَقْتِ الْفِكَاكِ فَتَحَوَّلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute