للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَيْتِ فَيَحْسَبُهُ مَنْ فِي الْمُقَدَّمِ فِي الْمُقَدَّمِ وَمَنْ فِي الْمُؤَخَّرِ فِي الْمُؤَخَّرِ فَيَشْهَدُ بِحَسَبِ مَا عِنْدَهُ أَطْلَقَ فِي الْبَيْتِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ الْكَبِيرَ كَالدَّارِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي دَارَيْنِ لَا حَدَّ كَالْبَلَدَيْنِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْمَكَانِ مَانِعٌ لِقَبُولِهَا إلَّا إذَا أَمْكَنَ التَّوْفِيقُ بِأَنْ يَكُونَ صَغِيرًا وَقَيَّدَ الِاخْتِلَافَ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ اخْتَلَفُوا فِي طُولِهَا وَقِصَرِهَا أَوْ سِمَنِهَا أَوْ هُزَالِهَا أَوْ فِي لَوْنِهَا أَوْ فِي ثِيَابِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ وَقَدْ اسْتَشْكَلَ عَلَى هَذَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفُوا فِي الْإِكْرَاهِ، وَالطَّوَاعِيَةِ، فَإِنَّ التَّوْفِيقَ فِيهِ مُمْكِنٌ بِأَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ كُرْهًا وَانْتِهَاؤُهُ طَوَاعِيَةً قَالَ فِي الْكَافِي يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْفِعْلِ إذَا كَانَ عَنْ إكْرَاهٍ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ فَبِالنَّظَرِ إلَى الِابْتِدَاءِ لَا يَجِبُ وَبِالنَّظَرِ إلَى الِانْتِهَاءِ يَجِبُ فَلَا يَجِبُ بِالشَّكِّ وَهُنَا بِالنَّظَرِ إلَى الزَّاوِيَتَيْنِ يَجِبُ فَافْتَرَقَا.

[شَهِدُوا عَلَى زِنَا امْرَأَة وَهِيَ بِكْرٌ أَوْ الشُّهُودُ فَسَقَةٌ]

(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى زِنَا امْرَأَةٍ وَهِيَ بِكْرٌ أَوْ الشُّهُودُ فَسَقَةٌ أَوْ شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ، وَإِنْ شَهِدَ الْأُصُولُ لَمْ يُحَدَّ أَحَدٌ) بَيَانُ الثَّلَاثِ مَسَائِلَ لَا حَدَّ فِيهَا الْأُولَى: لَوْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ زَنَى بِفُلَانَةَ فَوُجِدَتْ فُلَانَةُ بِكْرًا بِقَوْلِ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ الزِّنَا لَا يَتَحَقَّقُ مَعَ بَقَاءِ الْبَكَارَةِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا لِظُهُورِ الْكَذِبِ وَلَا عَلَى الشُّهُودِ؛ لِأَنَّ سُقُوطَهُ بِقَوْلِ النِّسَاءِ وَشَهَادَتِهِنَّ حُجَّةٌ فِي إسْقَاطِ الْحَدِّ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي إيجَابِهِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُمْ لَوْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَوُجِدَ مَجْبُوبًا أَوْ شَهِدُوا عَلَيْهَا بِالزِّنَا فَوُجِدَتْ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى أَحَدٍ لِمَا ذَكَرْنَا وَأَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ وَهِيَ بِكْرٌ فَشَمِلَ مَا إذَا ثَبَتَتْ بَكَارَتُهَا بِقَوْلِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَا فِي الرَّتْقِ، وَالْقَرْنِ وَكُلِّ مَا يُعْمَلُ فِيهِ بِقَوْلِ النِّسَاءِ كَذَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ الثَّانِيَةُ لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ فَسَقَةٌ بِالزِّنَا لِاشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فَلَمْ يَثْبُتْ الزِّنَا فَلَا حَدَّ وَلَا حَدَّ عَلَى الشُّهُودِ؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ، وَالتَّحَمُّلِ، وَإِنْ كَانَ فِي أَدَائِهِ نَوْعُ قُصُورٍ لِتُهْمَةِ الْفِسْقِ وَلِهَذَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِ يَنْفُذُ عِنْدَنَا فَيَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمْ شُبْهَةُ الزِّنَا فَسَقَطَ الْحَدُّ عَنْهُمْ وَأَطْلَقَ فِي الْفَسَقَةِ فَشَمِلَ مَا إذَا عُلِمَ فِسْقُهُمْ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ ظَهَرَ فِسْقُهُمْ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِسُقُوطِ الْحَدِّ عَنْ الشُّهُودِ الْفَسَقَةِ إلَى أَنَّ الْقَاذِفَ لَوْ أَقَامَ أَرْبَعَةً مِنْ الْفُسَّاقِ عَلَى أَنَّ الْمَقْذُوفَ قَدْ زَنَى يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ قَالُوا بِخِلَافِ الْقَاتِلِ حَيْثُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْقَتْلُ بِإِقَامَةِ الشُّهُودِ الْفَسَقَةِ عَلَى أَنَّ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ قَدْ عَفَوْا؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْقَوَدِ بِالْقَتْلِ مُتَيَقَّنٌ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِالشَّكِّ، وَالِاحْتِمَالِ وَحْدُ الْقَذْفِ لَمْ يَجِبْ بِالْقَذْفِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ بِالْعَجْزِ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَتَمَامُهُ فِي التَّبْيِينِ الثَّالِثَةُ لَوْ شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ فَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ لَا تَجُوزُ فِي الْحُدُودِ لِمَا فِيهَا مِنْ زِيَادَةِ الشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ الْكَذِبِ فِيهَا مِنْ مَوْضِعَيْنِ فِي شَهَادَةِ الْأُصُولِ وَفِي شَهَادَةِ الْفُرُوعِ وَلَا حَدَّ عَلَى الْفُرُوعِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِيَ لِلْقَذْفِ لَا يَكُونُ قَاذِفًا وَكَذَا لَا حَدَّ عَلَى الْأُصُولِ بِالْأَوْلَى، فَإِذَا شَهِدَ الْفُرُوعُ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ ثُمَّ جَاءَ الْأُصُولُ بَعْدَ ذَلِكَ وَشَهِدُوا عَلَى مُعَايَنَةِ ذَلِكَ الزِّنَا بِعَيْنِهِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ وَلَمْ يُحَدُّوا أَيْضًا وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ شَهِدَ الْأُصُولُ لَمْ يُحَدَّ أَحَدٌ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأُصُولِ قَدْ رُدَّتْ مِنْ وَجْهٍ بِرَدِّ شَهَادَةِ الْفُرُوعِ قُيِّدَ بِالْحَدِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رُدَّتْ شَهَادَةُ الْفُرُوعِ فِي الْأَمْوَالِ، فَإِنَّ شَهَادَةَ الْأُصُولِ بَعْدَهُ مَقْبُولَةٌ لِثُبُوتِ الْمَالِ مَعَ الشُّبْهَةِ دُونَ الْحَدِّ وَلَوْ رُدَّتْ شَهَادَةُ الْأُصُولِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ الْأُصُولِ وَلَا الْفُرُوعِ بَعْدَهُ أَبَدًا فِي كُلِّ شَيْءٍ إنْ رُدَّتْ لِتُهْمَةٍ مَعَ بَقَاءِ الْأَهْلِيَّةِ، وَإِنْ رُدَّتْ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ كَالْعَبِيدِ، وَالْكَفَّارِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَالْإِسْلَامِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانُوا عُمْيَانًا أَوْ مَحْدُودِينَ أَوْ ثَلَاثَةً حُدَّ الشُّهُودُ لَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمَا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْأَعْمَى، وَالْمَحْدُودِ الْمَالُ فَكَيْفَ يَثْبُتُ الْحَدُّ وَهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَلَمْ تَثْبُتْ شُبْهَةُ الزِّنَا فَكَانُوا قَذَفَةً فَيُحَدُّونَ وَمُرَادُهُ مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِلْأَدَاءِ فَدَخَلَ الْعَبْدُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلتَّحَمُّلِ أَيْضًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ كَذَلِكَ أَوْ بَعْضُهُمْ كَذَلِكَ، وَأَمَّا

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>