الْفَسَادَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أُجِّرَتْ الدَّابَّةُ فَسَقَطَ الْمَتَاعُ فَهَلَكَ وَصَاحِبُ الْمَتَاعِ مَعَهُ فَإِنَّ الْأَجِيرَ يَضْمَنُ اهـ.
وَالْمُرَادُ بِالْمَدِّ حَبْلُ السَّفِينَةِ الَّتِي تُمَدُّ بِهِ وَفِي التَّتِمَّةِ اسْتَأْجَرَ سَفِينَةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا الْأَمْتِعَةَ هَذِهِ فَأَدْخَلَ الْمَلَّاحُ عَلَيْهَا أَمْتِعَةً أُخْرَى بِغَيْرِ رِضَاهُ وَغَرِقَتْ وَهِيَ كَانَتْ تُطِيقُ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ الْمَلَّاحُ. اهـ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا يَضْمَنُ بِهِ بَنِي آدَمَ) مِمَّنْ غَرِقَ فِي السَّفِينَةِ أَوْ سَقَطَ مِنْ الدَّابَّةِ، وَلَوْ كَانَ بِسَوْقِهِ وَقَوْدِهِ؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ لَا يَضْمَنُ بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ بِالْجِنَايَةِ قِيلَ هَذَا إذَا كَانَ كَبِيرًا مِمَّنْ يَسْتَمْسِكُ بِنَفْسِهِ وَيَرْكَبُ وَحْدَهُ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْمَتَاعِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ انْكَسَرَ دَنٌّ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ الْحَمَّالُ قِيمَتَهُ فِي مَحَلِّ حَمْلِهِ وَلَا أَجْرَ أَوْ فِي مَوْضِعِ الِانْكِسَارِ وَأَجْرُهُ بِحِسَابِهِ) أَمَّا الضَّمَانُ؛ فَلِأَنَّهُ تَلِفَ بِفِعْلِهِ؛ لِأَنَّ الدَّاخِلَ تَحْتَ الْعَقْدِ عَمَلٌ غَيْرُ مُفْسِدٍ وَالْمُفْسِدُ غَيْرُ دَاخِلٍ فَيَضْمَنُ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَأَمَّا الْخِيَارُ؛ فَلِأَنَّهُ إذَا انْكَسَرَ فِي الطَّرِيقِ شَيْءٌ وَاحِدٌ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَقَعَ تَعَدِّيًا مِنْ الِابْتِدَاءِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَهُ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْحَمْلِ حَصَلَ بِأَمْرِهِ فَلَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا وَإِنَّمَا صَارَ تَعَدِّيًا عِنْدَ الْكَسْرِ فَيَمِيلُ إلَى أَيِّ الْجِهَتَيْنِ شَاءَ فَإِنْ مَالَ إلَى كَوْنِهِ مُتَعَدِّيًا مِنْ الِابْتِدَاءِ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ مَالَ إلَى كَوْنِهِ مَأْذُونًا فِيهِ فِي الِابْتِدَاءِ وَإِنَّمَا حَصَلَ التَّعَدِّي عِنْدَ الْكَسْرِ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ فِي مَوْضِعِ الْكَسْرِ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ بِحِسَابِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ مَعْنَاهُ أَسْقَطَ قَدْرَ الْأُجْرَةِ هَذَا إذَا انْكَسَرَ بِصُنْعِهِ بِأَنْ زَلَقَ وَعَثَرَ فَإِنْ عَثَرَ بِغَيْرِ صُنْعِهِ بِأَنْ زَحَمَهُ النَّاسُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَلَا أَجْرَ لَهُ، وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ فِي مَوْضِعِ مَا انْكَسَرَ وَلَا يُخَيَّرُ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ مَضْمُونَةٌ عِنْدَهُمَا عَلَى مَا بَيَّنَّا قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة هَذَا إذَا انْكَسَرَ الدَّنُّ بِجِنَايَةِ يَدِهِ أَمَّا إذَا حَصَلَ لَا بِجِنَايَةِ يَدِهِ فَإِنْ كَانَ بِأَمْرٍ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ هَلَكَ بِأَمْرٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ الضَّمَانُ وَلِلْمَالِكِ الْخِيَارُ وَقَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ فَإِذَا انْكَسَرَ الدَّنُّ بَعْدَمَا انْتَهَى بِهِ إلَى بَيْتِهِ فَلَهُ الْأَجْرُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ آخِرًا أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَوَّلًا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا. اهـ.، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
[وَلَا يَضْمَنُ الْأَجِير حَجَّامٌ أَوْ فَصَّادٌ أَوْ بَزَّاغٌ لَمْ يَتَعَدَّ الْمَوْضِعَ الْمُعْتَادَ]
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا يَضْمَنُ حَجَّامٌ أَوْ فَصَّادٌ أَوْ بَزَّاغٌ لَمْ يَتَعَدَّ الْمَوْضِعَ الْمُعْتَادَ) ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالْعَقْدِ فَصَارَ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَالْفِعْلُ الْوَاجِبُ لَا يُجَامِعُهُ الضَّمَانُ كَمَا إذَا حَدَّ الْقَاضِي أَوْ عَزَّرَ وَمَاتَ الْمَضْرُوبُ بِذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْ ذَلِكَ كَدَقِّ الثَّوْبِ فَأَمْكَنَ تَقْيِيدُهُ بِالسَّلِيمِ بِخِلَافِ الْفَصْدِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَنْبَنِي عَلَى قُوَّةِ الطَّبْعِ وَضَعْفِهِ وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَلَا مَا يَحْتَمِلُهُ الْجُرْحُ فَلَا يُمْكِنُ تَقْيِيدُهُ بِالسَّلِيمِ وَهُوَ غَيْرُ السَّارِي فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ إلَّا إذَا جَاوَزَ الْمُعْتَادَ فَيَضْمَنُ الزَّائِدَ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَهْلَكْ وَإِنْ هَلَكَ يَضْمَنُ نِصْفَ دِيَةِ النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ هَلَكَ بِمَأْذُونٍ وَغَيْرِ مَأْذُونٍ فَيَضْمَنُ بِحِسَابِهِ حَتَّى لَوْ أَنَّ الْخَتَّانُ قَطَعَ الْحَشَفَةَ وَهُوَ عُضْوٌ كَامِلٌ يَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً وَإِنْ مَاتَ وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ وَهِيَ مِنْ أَنْدَرِ الْمَسَائِلِ وَأَغْرَبِهَا حَيْثُ يَجِبُ الْأَكْثَرُ بِالْبُرْءِ وَبِالْهَلَاكِ الْأَقَلُّ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لَوْ قَطَعَ الْحَشَفَةَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَلَوْ قَطَعَ بَعْضَ الْحَشَفَةِ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَفِي الصُّغْرَى تَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَفِي الْخُلَاصَةِ الْكَحَّالُ إذَا صَبَّ الدَّوَاءَ فِي عَيْنِ رَجُلٍ فَذَهَبَ ضَوْءُهُ لَمْ يَضْمَنْ كَالْخَتَّانِ إلَّا إذَا غَلِطَ فَإِنْ قَالَ رَجُلَانِ إنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ، وَقَالَ رَجُلَانِ هُوَ أَهْلٌ لَمْ يَضْمَنْ فَإِنْ كَانَ فِي جَانِبِ الْكَحَّالِ وَاحِدٌ وَفِي جَانِبِ الْآخَرِ اثْنَانِ ضَمِنَ، وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِلْكَحَّالِ دَاوِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَذْهَبَ بَصَرُهُ فَذَهَبَ لَمْ يَضْمَنْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُقْلِعَ سِنَّهُ فَقَلَعَهُ، ثُمَّ اخْتَلَفَا قَالَ أَمَرْتُك أَنْ تُقْلِعَ غَيْرَهُ، وَقَالَ الْحَجَّامُ أَمَرْتنِي بِقَلْعِ هَذَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْآمِرِ. اهـ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ بَزَغَ وَاخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ وَيَضْمَنُ الْقَالِعُ أَرْشَ السِّنِّ وَفِي الْخُلَاصَةِ، وَلَوْ قَلَعَ مَا أَمَرَهُ، وَلَكِنْ سِنٌّ آخَرُ مُتَّصِلٌ بِهَذَا السِّنِّ سَقَطَ ضَمِنَهُ وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الضَّمَانَ يَنْتَفِي بِعَدَمِ الْمُجَاوَرَةِ وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَحِجَامَةُ الْعَبْدِ بِأَمْرِ الْمَوْلَى حَتَّى إذَا لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِ الْمَوْلَى يَجِبُ الضَّمَانُ قَالَ فِي الْكَافِي عِبَارَةُ الْمُخْتَصَرِ نَاطِقَةٌ بِعَدَمِ التَّجَاوُزِ وَسَاكِتَةٌ عَنْ الْإِذْنِ، وَعِبَارَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ نَاطِقَةٌ بِالْإِذْنِ سَاكِتَةٌ عَنْ التَّجَاوُزِ فَصَارَ مَا نَطَقَ بِهِ هَذَا بَيَانًا لِمَا سَكَتَ عَنْهُ الْآخَرُ وَيُسْتَفَادُ بِمَجْمُوعِ الرِّوَايَتَيْنِ اشْتِرَاطُ عَدَمِ التَّجَاوُزِ وَالْإِذْنِ لِعَدَمِ وُجُوبِ الضَّمَانِ حَتَّى إذَا عُدِمَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا يَجِبُ الضَّمَانُ اهـ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْخَاصُّ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ فِي الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ كَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ شَهْرًا لِلْخِدْمَةِ أَوْ لِرَعْيِ الْغَنَمِ) يَعْنِي الْأَجِيرَ الْخَاصَّ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ فِي الْمُدَّةِ عَمِلَ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ قَالَ الْأَكْمَلُ وَمَا يَرِدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute