للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ قُلْت إنَّمَا أَقْرَرْت بِهِ حَقٌّ حِينَ أَقْرَرْت بِذَلِكَ فَلَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبِمِثْلِهِ لَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بَعْدَ النِّكَاحِ وَقَالَ كُنْت أَقْرَرْت قَبْلَ النِّكَاحِ أَنَّهَا أُخْتِي مِنْ الرَّضَاعِ وَمَا قُلْته حَقٌّ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا اهـ.

وَكَذَا هَذَا الْبَابُ فِي النَّسَبِ عِنْدَنَا لِأَنَّ الْغَلَطَ، وَالِاشْتِبَاهَ فِيهِ أَظْهَرُ فَإِنَّ سَبَبَ النَّسَبِ أَخْفَى مِنْ الرَّضَاعِ وَهَذَا فِيمَنْ لَيْسَ لَهُمَا نَسَبٌ مَعْرُوفٌ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَظَاهِرُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ مَعْنَى الْإِصْرَارِ هُنَا أَنْ يَقُولَ إنَّ مَا قُلْته حَقٌّ، وَفِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ أَنَّ هَذَا هُوَ تَفْسِيرُ الْإِصْرَارِ، وَالثَّبَاتِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَكْرَارُ الْإِقْرَارِ وَلَا يُكْتَفَى فِيهِ فِي تَفْسِيرِ الْإِصْرَارِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ إذَا قَالَتْ هَذَا ابْنِي رَضَاعًا وَأَصَرَّتْ عَلَيْهِ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَيْسَتْ إلَيْهَا قَالُوا وَبِهِ يُفْتَى فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ اهـ.

وَأَطْلَقْنَا الْمَرْأَتَيْنِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا هِيَ الْمُرْضِعَةُ وَلَا يَضُرُّ فِي شَهَادَتِهِمَا كَوْنُهَا عَلَى فِعْلِ نَفْسِهَا لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِي ذَلِكَ كَشَهَادَةِ الْقَاسِمِ وَشَهَادَةِ الْوَزَّانِ، وَالْكَيَّالِ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ حَيْثُ كَانَ حَاضِرًا كَمَا عُرِفَ فِي الْفَتَاوَى ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الرَّضَاعَ إذَا شَهِدَ بِهِ رَجُلَانِ عَدْلَانِ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ إلَّا بِتَفْرِيقِ الْقَاضِي لِمَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَالتَّفْرِيقُ لِلْقَاضِي لِأَنَّ هَذِهِ فُرْقَةٌ وَحُرْمَةٌ تَتَضَمَّنُ إبْطَالَ حَقِّ الْعَبْدِ فَلَا يَتَعَلَّقُ هَذَا الْحُكْمُ بِالشَّهَادَةِ إلَّا بِانْضِمَامِ الْقَضَاءِ إلَيْهَا اهـ.

وَهَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى دَعْوَى الْمَرْأَةِ الظَّاهِرُ عَدَمُهُ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ بِطَلَاقِهَا فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ حُرْمَةَ الْفَرْجِ وَهِيَ مِنْ حُقُوقِهِ تَعَالَى وَلَوْ شَهِدَ عِنْدَهَا عَدْلَانِ عَلَى إرْضَاعٍ بَيْنَهُمَا وَهُوَ يَجْحَدُ ثُمَّ مَاتَا أَوْ غَابَا قَبْلَ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي لَا يَسَعُهَا الْمَقَامُ مَعَهُ كَمَا لَوْ شَهِدَا بِطَلَاقِهَا الثَّلَاثِ كَذَلِكَ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(كِتَابُ الطَّلَاقِ)

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا) تَمَامُ عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ: لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَقَرَّتْ بَعْدَ النِّكَاحِ أَنَّ الزَّوْجَ أَخُوهَا مِنْ الرَّضَاعِ وَأَصَرَّتْ عَلَى ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا عَلَى الزَّوْجِ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فَكَذَا إذَا أَسْنَدَتْ ذَلِكَ إلَى مَا قَبْلَ النِّكَاحِ أَمَّا الزَّوْجُ لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ النِّكَاحِ وَأَصَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَكَذَا إذَا أَسْنَدَ إقْرَارَهُ إلَى مَا قَبْلَ النِّكَاحِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَكْتَفِي بِهِ فِي تَفْسِيرِ الْإِصْرَارِ) الضَّمِيرُ فِي بِهِ يَعُودُ عَلَى تَكْرَارِ الْإِقْرَارِ، وَفِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ مِنَحِ الْغَفَّارِ وَهَلْ يَكُونُ تَكْرَارُ إقْرَارِهِ بِذَلِكَ ثَبَاتًا كَانَتْ وَاقِعَةً الْفَتْوَى وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِيُّونَ فَمِنْ مُقْتَصِرٍ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَنْقُولِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ ثَبَاتًا لَفْظِيًّا فَلَا يَدُلُّ عَلَى الثَّبَاتِ النَّفْسِيِّ وَمِنْ قَائِلٍ بِأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ ثَبَاتًا لَفْظِيًّا فَيَدُلُّ عَلَى الثَّبَاتِ النَّفْسِيِّ وَاتَّفَقَتْ فِي ذَلِكَ مَبَاحِثُ طَوِيلَةُ الذُّيُولِ وَآلَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ إلَى كِتَابَةِ عِبَارَاتِ النُّقُولِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَعَرْضِهَا عَلَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ قَاضِي الْقُضَاةِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا الشَّافِعِيِّ إذْ ذَاكَ فَأَجَابَ عَنْهُ بِمَا فِيهِ الْكِفَايَةُ مَذْكُورٌ فِي فَتَاوَاهُ اهـ.

قُلْت وَاَلَّذِي فِي فَتَاوَاهُ مَا نَصُّهُ صَرِيحُ هَذِهِ النُّقُولِ وَمَنْطُوقُهَا مَعَ الْعِلْمِ بِوُقُوعِ الْعَطْفِ التَّفْسِيرِيِّ فِي الْكَلَامِ الْفَصِيحِ وَمَعَ النَّظَرِ إلَى مَا هُوَ وَاجِبٌ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ الْمَذْكُورِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ النَّظَرِ إلَى الْمَعْنَى الْمَفْهُومِ مِنْ كَلَامِهِمْ شَاهِدٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّبَاتِ، وَالدَّوَامِ، وَالْإِصْرَارِ وَاحِدٌ وَبِأَنَّ الْمُقِرَّ بِأُخُوَّةِ الرَّضَاعِ وَنَحْوِهَا إنْ ثَبَتَ عَلَى إقْرَارِهِ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ وَإِلَّا قُبِلَ وَبِأَنَّ الثَّبَاتَ عَلَيْهِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْقَوْلِ بِأَنْ يَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ أَوْ يَقُولَ حَقٌّ حَقٌّ أَوْ كَمَا قُلْت أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَقَوْلِهِ هُوَ صِدْقٌ أَوْ صَوَابٌ أَوْ صَحِيحٌ أَوْ لَا شَكَّ فِيهِ عِنْدِي إذْ لَا رَيْبَ أَنَّ قَوْلَهُ هُوَ صِدْقٌ آكَدُ مِنْ قَوْلِهِ هُوَ كَمَا

قُلْت فَكَلَامُ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ هُوَ حَقٌّ وَكَمَا قُلْت كَمَا فَعَلَ السِّرَاجُ الْهِنْدِيُّ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْكِيدِ وَكَلَامُ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِهَا وَلَوْ بِطَرِيقِ الْحَصْرِ مُؤَوَّلٌ بِتَقْدِيرِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ لِمَا قُلْنَا كَمَا أَوَّلَ قَوْله تَعَالَى {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [الأنبياء: ١٠٨] .

وَقَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الرَّبَّا فِي النَّسِيئَةِ» وَلَيْسَ فِي مَنْطُوقِ النُّصُوصِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ التَّكْرَارَ يَقُومُ مَقَامَ قَوْلِهِ هُوَ حَقٌّ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ حَتَّى يَمْتَنِعَ الرُّجُوعُ بَعْدَهُ نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ صَاحِبِ الْمَبْسُوطِ وَلَكِنَّ الثَّابِتَ عَلَى الْإِقْرَارِ كَالْمُجَدِّدِ لَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ قَبْلَ الْعَقْدِ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ بَعْدَهُ يَقُومُ مَقَامَ ذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ: قَالُوا بِهِ يُفْتَى فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ) أَيْ سَوَاءٌ قَالَتْ ذَلِكَ قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ وَسَوَاءٌ أَصَرَّتْ عَلَيْهِ أَوْ أَكَذَبَتْ نَفْسَهَا وَهَذَا خِلَافُ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْخَانِيَّةِ السَّابِقِ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ إنَّهَا لَوْ قَالَتْ ذَلِكَ قَبْلَ النِّكَاحِ وَأَصَرَّتْ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهَا التَّزَوُّجُ بِهِ وَنَصُّ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ آخِرَ كِتَابِ الطَّلَاقِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْأَيْمَانِ قَالَتْ: طَلِّقْنِي ثَلَاثًا ثُمَّ أَرَادَتْ تَزْوِيجَ نَفْسِهَا مِنْهُ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ أَصَرَّتْ عَلَيْهِ أَوْ أَكَذَبَتْ نَفْسَهَا وَنَصَّ فِي الرَّضَاعِ عَلَى أَنَّهَا إذَا قَالَتْ هَذَا ابْنِي رَضَاعًا وَأَصَرَّتْ عَلَيْهِ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَيْسَتْ إلَيْهَا قَالُوا وَبِهِ يُفْتِي فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ اهـ.

كَلَامُ الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَا أَوْ غَابَا) أَيْ الْعَدْلَانِ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي الْخَانِيَّةِ وَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا يَسَعُهَا الْمَقَامُ عِنْدَهُ لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ لَوْ قَامَتْ عِنْدَ الْقَاضِي يَثْبُتُ الرَّضَاعُ فَكَذَا إذَا قَامَتْ عِنْدَهَا

[كِتَابُ الطَّلَاقِ]

<<  <  ج: ص:  >  >>