للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ غَرَسَ فِيهَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِ أَرْضٍ وَزَرْعٍ فَيَبِيعُ الْوَكِيلُ الْأَرْضَ دُونَ الزَّرْعِ لِأَنَّ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ يُقْصَدُ بِهِمَا الْقَرَارُ لَا الزَّرْعُ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ دَارٍ وَهِيَ أَرْضٌ بَيْضَاءُ فَبَنَى فِيهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بَعْدَهُ وَلَوْ كَانَتْ مَبْنِيَّةً فَزَادَ فِيهَا حَائِطًا أَوْ جَصَّصَهَا لَهُ الْبَيْعُ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ وَصِيفَةٍ وَهِيَ شَابَّةٌ فَصَارَتْ عَجُوزًا فَالْوَكَالَةُ عَلَى حَالِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَمَرَهُ بِشِرَاءِ سَوِيقٍ فَلَتَّهُ أَوْ سِمْسِمٍ فَعَصَرَهُ فَصَارَ دُهْنًا حَيْثُ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ وَفِي الْبَيْعِ لَا اهـ.

وَفِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ بِهَذَا الْكُفُرَّى الَّذِي فِي نَخْلَتِي فَصَارَ بُسْرًا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَلَوْ قَالَ أَوْصَيْتُ بِهَذَا الرُّطَبِ الَّذِي فِي نَخْلَتِي فَصَارَ تَمْرًا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فِي الْقِيَاسِ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ وَلَا تَبْطُلُ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ بِعِنَبِي هَذَا لِفُلَانٍ فَصَارَ زَبِيبًا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ بِزَرْعِي هَذَا لِفُلَانٍ وَهُوَ بَقْلٌ فَصَارَ حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَفِي الْوَكَالَةِ إذَا تَغَيَّرَ فِي هَذَا كُلِّهِ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ وَفِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ إذَا تَغَيَّرَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَلَا الْخِيَارُ اهـ.

وَفِي الْبَدَائِعِ إذَا بَاعَ الْمُوَكِّلُ مَا وُكِّلَ بِبَيْعِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ فَبَاعَهُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ وَمَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَكِيلِ رَجَعَ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَكَذَا لَوْ دَبَّرَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ اُسْتُحِقَّ أَوْ كَانَ حُرَّ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ صَارَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَةٍ وَلَوْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ أَوْ جُنَّ لَا يَرْجِعُ لِعَدَمِ الْغُرُورِ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَوْ قَبَضَهُ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ بَعْدَ مَا وَهَبَهُ الْمُوَكِّلُ لِلْمَدْيُونِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ لَمْ يَضْمَنْ وَتَمَامُهُ فِيهِ اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(كِتَابُ الدَّعْوَى)

مُنَاسَبَتُهَا ظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْخُصُومَةِ وَغَيْرِهَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَالْكَلَامُ فِيهَا فِي مَوَاضِعَ. الْأَوَّلُ فِي مَعْنَاهَا لُغَةً فَفِي الْمِصْبَاحِ ادَّعَيْته طَلَبْته لِنَفْسِي وَالِاسْمُ الدَّعْوَى وَدَعْوَى فُلَانٍ كَذَا أَيْ قَوْلُهُ وَالدَّعْوَةُ الْمَرَّةُ وَبَعْضُ الْعَرَبِ يُؤَنِّثُهَا بِالْأَلِفِ فَيَقُولُ الدَّعْوَى، وَقَدْ يَتَضَمَّنُ الِادِّعَاءُ مَعْنَى الْإِخْبَارِ فَتَدْخُلُ الْبَاءُ جَوَازًا فَيُقَالُ فُلَانٌ يُدْعَى بِكَرَمِ فِعَالِهِ أَيْ يُخْبِرُ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ، وَجَمْعُ الدَّعْوَى الدَّعَاوَى بِكَسْرِ الْوَاوِ، وَفَتْحِهَا وَبَعْضُهُمْ قَالَ الْفَتْحُ أَوْلَى وَبَعْضُهُمْ الْكَسْرُ أَوْلَى، وَمِنْهُمْ مَنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا، وَمِثْلُهُ الْفَتْوَى وَالْفَتَاوَى وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَفِي الْقَامُوسِ ادَّعَى بِكَذَا زَعَمَ لَهُ حَقًّا أَوْ بَاطِلًا وَالِاسْمُ الدَّعْوَةُ وَالدَّعَاوَى وَيُكْسَرَانِ وَالدَّعْوَةُ الْحَلِفُ وَالدُّعَاءُ إلَى الطَّعَامِ وَيُضَمُّ كَالْمُدَّعَاةِ وَبِالْكَسْرِ الِادِّعَاءُ فِي النَّسَبِ. اهـ.

وَفِي الْكَافِي يُقَالُ ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو مَالًا فَزَيْدٌ الْمُدَّعِي وَعَمْرٌو الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمَالُ الْمُدَّعَى وَالْمُدَّعَى بِهِ خَطَأٌ وَالْمَصْدَرُ الِادِّعَاءُ افْتِعَالٌ مِنْ دَعَا وَالدَّعْوَى عَلَى فَعْلَى اسْمٌ مِنْهُ، وَأَلِفُهَا لِلتَّأْنِيثِ فَلَا تُنَوَّنُ يُقَالُ دَعْوَى بَاطِلَةٌ وَصَحِيحَةٌ وَجَمْعُهَا دَعَاوَى بِفَتْحِ الْوَاوِ وَلَا غَيْرُ كَفَتْوَى، وَفَتَاوَى وَالدَّعْوَى فِي الْحَرْبِ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ يَا فُلَانُ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} [يونس: ١٠] فَمَعْنَاهَا الدُّعَاءُ وَحَقِيقَتُهَا فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ أَنْ تَدْعُوَ إلَى نَفْسِك أَوْ لِنَفْسِك وَالدَّعْوَةُ بِالْفَتْحِ الْمُدَّعَاةُ، وَهِيَ الْمَأْدُبَةُ وَبِالْكَسْرِ فِي النَّسَبِ وَالْمُدَّعِي مَنْ يَقْصِدُ إيجَابَ الْحَقِّ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ. اهـ.

الثَّانِي: فِي مَعْنَاهَا شَرْعًا، وَهُوَ مَا أَفَادَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (هِيَ إضَافَةُ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ حَالَةَ الْمُنَازَعَةِ) فَخَرَجَ الْإِضَافَةُ حَالَةَ الْمُسَالَمَةِ فَإِنَّهَا دَعْوَى لُغَةً لَا شَرْعًا.

وَنَظِيرُهُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَيْنٌ فِي يَدِ رَجُلٍ يَقُولُ هُوَ لَيْسَ لِي وَلَيْسَ هُنَاكَ مُنَازِعٌ لَا يَصِحُّ نَفْيُهُ فَلَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ صَحَّ، وَإِنْ كَانَ ثَمَّةَ مُنَازِعٌ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لِلْمُنَازِعِ فَلَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَهُ لِنَفْسِهِ لَا يَصِحُّ وَعَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْمِلْكِ لَهُ. اهـ.

وَالتَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ خَاصٌّ بِدَعْوَى الْأَعْيَانِ وَالدُّيُونِ فَخَرَجَ عَنْهُ دَعْوَى إيفَاءِ الدَّيْنِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ.

الثَّالِثُ فِي رُكْنِهَا فَفِي الْبَدَائِعِ قَوْلُهُ لِي عَلَيْهِ كَذَا أَوْ قَضِيَّته أَوْ أَبْرَأْتُهُ وَنَحْوُهُ، وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ رُكْنُهَا مَعْنَاهَا اللُّغَوِيُّ إضَافَةُ الشَّيْءِ مُطْلَقًا، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَفِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي عَاجِزًا عَنْ الدَّعْوَى عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ يَكْتُبُ دَعْوَاهُ فِي صَحِيفَةٍ وَيَدَّعِي مِنْهَا فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ. اهـ.

الرَّابِعُ فِي شُرُوطِهَا الْمُصَحِّحَةِ لَهَا فَمِنْهَا عَقْلُ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَمِنْهَا مَعْلُومِيَّةُ الْمُدَّعَى

ــ

[منحة الخالق]

[كِتَابُ الدَّعْوَى]

(قَوْلُهُ فَخَرَجَ عَنْهُ دَعْوَى إيفَاءِ الدَّيْنِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ رَدَّهُ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ مِنْ جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِدَفْعِ الدَّعْوَى أَيْ فَلَيْسَ دَعْوَى، وَأَيْضًا إذَا عُلِمَ أَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا فَالْإِيفَاءُ دَعْوَى دَيْنٍ وَالْإِبْرَاءُ دَعْوَى تَمْلِيكٍ مَعْنًى اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>