للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَمِنْهَا الْجُمُعَةُ، وَكَذَا الْعِيدُ، وَفِي الْمُجْتَبَى وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَيُتَابِعُهُ مَنْ خَلْفَهُ وَيَسْجُدُ اللَّاحِقُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ.

(قَوْلُهُ وَصَلَّى فِي الْمَغْرِبِ بِالْأُولَى رَكْعَتَيْنِ وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً) ؛ لِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ شَطْرٌ فِي الْمَغْرِبِ؛ وَلِهَذَا شُرِعَ الْقُعُودُ عَقِيبَهُمَا وَلِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَتَجَزَّأُ فَكَانَتْ الطَّائِفَةُ الْأُولَى أَوْلَى بِهَا لِلسَّبْقِ فَإِذَا تَرَجَّحَتْ عِنْدَ التَّعَارُضِ لَزِمَ اعْتِبَارُهُ وَمَسَائِلُ خَطَأِ الْإِمَامِ وَتَفَارِيعِهِمْ تَرَكْنَاهَا عَمْدًا لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا.

(قَوْلُهُ، وَمَنْ قَاتَلَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ مُفْسِدٌ لِلصَّلَاةِ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْمُقَاتَلَةِ وَإِلَّا فَلَوْ قَاتَلَ بِعَمَلٍ قَلِيلٍ كَالرَّمْيَةِ لَا تَفْسُدُ كَمَا عُلِمَ فِي مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ، وَاسْتَدَلَّ فِي الْمُجْتَبَى بِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شُغِلَ عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَصَلَّاهُنَّ مِنْ بَعْدِ مَا مَضَى مِنْ اللَّيْلِ» ، وَلَوْ جَازَ مَعَ الْقِتَالِ لَمَا أَخَّرَهُنَّ عَنْ وَقْتِهِنَّ اهـ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ السَّابِحَ فِي الْبَحْرِ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يُرْسِلَ أَعْضَاءَهُ سَاعَةً فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّي، فَإِنْ صَلَّى لَا تَصِحُّ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى.

(قَوْلُهُ فَإِذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ صَلَّوْا رُكْبَانًا فُرَادَى بِالْإِيمَاءِ إلَى أَيِّ جِهَةٍ قَدَرُوا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩] وَالتَّوَجُّهُ إلَى الْقِبْلَةِ يَسْقُطُ لِلضَّرُورَةِ، أَرَادَ بِالِاشْتِدَادِ أَنْ لَا يَتَهَيَّأَ لَهُمْ النُّزُولُ عَنْ الدَّابَّةِ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ قُيِّدَ بِقَوْلِهِ فُرَادَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِجَمَاعَةٍ لِعَدَمِ الِاتِّحَادِ فِي الْمَكَانِ إلَّا إذَا كَانَ رَاكِبًا مَعَ الْإِمَامِ عَلَى دَابَّةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا بِالْمُتَقَدِّمِ اتِّفَاقًا وَيُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ مَا إذَا صَلَّى رَاكِبًا فِي الْمِصْرِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مَعْلُومٌ مِمَّا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ التَّطَوُّعَ لَا يَجُوزُ فِي الْمِصْرِ رَاكِبًا فَكَذَا الْفَرْضُ لِلضَّرُورَةِ وَقُيِّدَ بِالرُّكُوبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَاشِيًا فِي غَيْرِ الْمِصْرِ؛ لِأَنَّ الْمَشْيَ عَمَلٌ كَثِيرٌ مُفْسِدٌ لِلصَّلَاةِ كَالْغَرِيقِ السَّابِحِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَفِي الْمُحِيطِ وَالرَّاكِبُ إنْ كَانَ طَالِبًا لَا يَجُوزُ صَلَاتُهُ عَلَى الدَّابَّةِ لِعَدَمِ ضَرُورَةِ الْخَوْفِ فِي حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ مَطْلُوبًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ وَهُوَ سَائِرٌ؛ لِأَنَّ السَّيْرَ فِعْلُ الدَّابَّةِ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا أُضِيفَتْ إلَيْهِ مَعْنًى بِتَسْيِيرِهِ فَإِذَا جَاءَ الْعُذْرُ انْقَطَعَتْ الْإِضَافَةُ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَلَّى، وَهُوَ يَمْشِي حَيْثُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَشْيَ فِعْلُهُ حَقِيقَةً، وَهُوَ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ تَجُزْ بِلَا حُضُورِ عَدُوٍّ) لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ حَتَّى لَوْ رَأَوْا سَوَادًا فَظَنُّوا أَنَّهُ عَدُوٌّ فَصَلَّوْا صَلَاةَ الْخَوْفِ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَدُوٍّ أَعَادُوهَا لِمَا قُلْنَا إلَّا إذَا بَانَ لَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَتَجَاوَزَ الصُّفُوفَ، فَإِنَّ لَهُمْ أَنْ يَبْنُوا اسْتِحْسَانًا وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الْقَوْمِ وَأَمَّا الْإِمَامُ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ بِكُلِّ حَالٍ لِعَدَمِ الْمُفْسِدِ فِي حَقِّهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[كِتَابُ الْجَنَائِز]

[أَرْكَانُ وسنن صَلَاة الْجِنَازَة]

(كِتَابُ الْجَنَائِزِ)

جَمْعُ جِنَازَةٍ، وَهِيَ بِالْكَسْرِ السَّرِيرُ وَبِالْفَتْحِ الْمَيِّتُ وَقِيلَ هُمَا لُغَتَانِ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَمُنَاسَبَتُهُ لِمَا قَبْلَهُ أَنَّ الْخَوْفَ وَالْقِتَالَ يُفْضِي إلَى الْمَوْتِ أَوْ لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الصَّلَاةِ حَالَ الْحَيَاةِ شَرَعَ فِي بَيَانِهَا حَالَ الْمَوْتِ وَأَخَّرَ الصَّلَاةَ فِي الْكَعْبَةِ لِيَكُونَ خَتْمُ كِتَابِ الصَّلَاةِ بِمَا يَتَبَرَّكُ بِهَا حَالًا وَمَكَانًا وَصِفَتُهَا أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى لَا يَسَعُ لِلْكُلِّ تَرْكُهَا كَالْجِهَادِ وَسَبَبُ وُجُوبِهَا الْمَيِّتُ الْمُسْلِمُ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ قَضَاءً لِحَقِّهِ؛ وَلِهَذَا تُضَافُ إلَيْهِ فَيُقَالُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ بِالْفَتْحِ بِمَعْنَى الْمَيِّتِ وَرُكْنُهَا التَّكْبِيرَاتُ وَالْقِيَامُ؛ لِأَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ مِنْهَا قَائِمَةٌ مَقَامَ رَكْعَةٍ وَشَرْطُهَا عَلَى الْخُصُوصِ اثْنَانِ كَوْنُهُ مُسْلِمًا وَكَوْنُهُ مَغْسُولًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُزَادُ عَلَى الشَّرْطَيْنِ كَوْنُهُ أَمَامَ الْمُصَلِّي كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَسُنَنُهَا التَّحْمِيدُ وَالثَّنَاءُ وَالدُّعَاءُ وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْهَا مِنْ كَوْنِهِ مُكَفَّنًا بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ أَوْ بِثِيَابِهِ فِي الشَّهِيدِ فَهُوَ تَسَاهُلٌ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إذْ لَيْسَ الْكَفَنُ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ.

(قَوْلُهُ وُلِّيَ الْمُحْتَضَرُ الْقِبْلَةَ عَلَى يَمِينِهِ) أَيْ وُجِّهَ وَجْهُ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ فَالْمُحْتَضَرُ مَنْ قَرُبَ مِنْ الْمَوْتِ وَعَلَامَتُهُ أَنْ يَسْتَرْخِيَ قَدَمَاهُ فَلَا يَنْتَصِبَانِ وَيَنْعَوِجُ أَنْفُهُ

ــ

[منحة الخالق]

[بَابُ صَلَاة الْخَوْفِ]

(بَابُ الْخَوْفِ) (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَال: إنَّهُ مَعْلُومٌ مِمَّا قَدَّمَهُ إلَخْ) هَذَا بَعِيدٌ جِدًّا

(كِتَابُ الْجَنَائِزِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>