مُسْتَهْلَكًا لَا يَجُوزُ نَسِيئَةً مُطْلَقًا إلَّا عَلَى طَعَامٍ مِثْلِهِ فَيَجُوزُ وَلَوْ مُؤَجَّلًا مُطْلَقًا إلَّا عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ فَلَا وَلَوْ حَالًّا.
وَلَوْ غَصَبَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا وَلَوْ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ فَصَالَحَهُ مِنْهُ عَلَى نِصْفِهِ أَوْ نِصْفِ مِثْلِهِ وَالْمَغْصُوبُ قَائِمٌ جَازَ إنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ غَائِبًا كَهَلَاكِهِ وَيَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ رَدُّ الْبَاقِي عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا وَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ فَصَالَحَهُ عَلَى نِصْفِهِ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْبَاقِي لَا يَجُوزُ وَيَلْزَمُهُ دَفْعُ الْكُلِّ لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ الْقَائِمَ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ يَكُونُ أَمَانَةً وَلَا يَكُونُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ وَإِنْ كَانَ عَرْضًا كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ فَصَالَحَهُ عَلَى نِصْفِهِ وَهُوَ غَائِبٌ لَا يَجُوزُ مُقِرًّا كَانَ الْغَاصِبُ أَوْ مُنْكِرًا وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْعَرْضِ إذَا صَالَحَ الْغَاصِبَ لَهُ مِنْ نَصِيبِهِ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ بَعْدَ اسْتِهْلَاكِهِ شَرِكَهُ فِيهِ الْآخَرُ كَالدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَعَلَى عَرْضٍ خُيِّرَ الْقَابِضُ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ نِصْفَهُ أَوْ رُبْعَ قِيمَةِ الْعَرْضِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى بِنَصِيبِهِ ثَوْبًا فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ دَفْعِ نَصِيبِهِ أَوْ دَفْعِ نِصْفِ الْقِيمَةِ لِكَوْنِهِ مَبْنِيًّا عَلَى الِاسْتِقْصَاءِ وَالصُّلْحِ عَلَى الْمُمَاكَسَةِ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا لَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ كَمَا لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ وَلَا يَكُونُ الْغَاصِبُ مُقِرًّا بِهَذَا الصُّلْحِ لِلْمُصَالَحِ مَعَهُ فَلَا يَكُونُ مُقِرًّا لِلشَّرِيكِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَصَالَحَهُ أَحَدُهُمَا عَلَى غَيْرِ جِنْسِهِ وَهُوَ غَائِبٌ شَارَكَهُ الْآخَرُ كَالْمُسْتَهْلَكِ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا مُقِرًّا بِهِ لَا أَوْ مُنْكِرًا لَا وَلَوْ ادَّعَيَا أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مِيرَاثُ أَبِيهِمَا فَصَالَحَ رَبُّ الدَّارِ أَحَدَهُمَا لَمْ يُشَارِكْهُ الْآخَرُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَالَحُ مُنْكِرًا أَوْ مُقِرًّا.
(وَمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا بِالصُّلْحِ عَنْهُ فَصَالَحَ لَمْ يَلْزَمْ الْوَكِيلَ مَا صَالَحَ عَلَيْهِ) وَالْمَالُ لَازِمٌ لِلْمُوَكِّلِ إذَا كَانَ عَنْ دَمٍ عَمْدًا وَعَلَى بَعْضِ مَا يَدَّعِيهِ مِنْ الدَّيْنِ وَلَوْ بَعْدَ الْإِقْرَارِ إلَّا أَنْ يُضِيفَهُ الْوَكِيلُ أَوْ كَانَ عَنْ مَالٍ بِمَالٍ عَلَى إقْرَارٍ وَعَلَى إنْكَارٍ لَا يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا وَالْأَمْرُ بِالصُّلْحِ أَمْرٌ بِالضَّمَانِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ إنْ أَدَّى بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَالْخُلْعِ بِخِلَافِ الْأَمْرِ بِالنِّكَاحِ لِصِحَّتِهِمَا مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِلَا أَمْرٍ بِخِلَافِهِ وَهُوَ عَلَى أَوْجُهٍ إنْ صَالَحَ بِمَالٍ وَضَمِنَهُ تَمَّ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْمُصَالَحِ عَنْهُ بَلْ هُوَ لِلَّذِي فِي يَدِهِ مُقِرًّا كَانَ أَوْ مُنْكِرًا إلَّا إذَا كَانَ عَنْ عَيْنٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرٌّ فَهِيَ لِلْمُصَالَحِ وَكَذَا إنْ صَالَحَهُ عَلَى مَالِ نَفْسِهِ كَأَلْفِي هَذَا وَعَبْدِي صَحَّ وَلَزِمَهُ التَّسْلِيمُ وَكَذَا لَوْ قَالَ صَالِحْ فُلَانًا عَلَى أَلْفٍ وَسَلِّمْهَا وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهَا فَهُوَ مَوْقُوفٌ إنْ أَجَازَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَازَ وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ وَإِلَّا بَطَلَ إلَّا إذَا قَالَ صَالَحَنِي فَفَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَالِحْ فُلَانًا وَالْخَامِسُ أَنْ يَقُولَ صَالِحْ فُلَانًا عَلَى هَذِهِ الْأَلْفِ أَوْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ مِنْ غَيْرِ نِسْبَةٍ لَهُ فَهُوَ كَالْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ وَفِي صَالَحْتُك عَلَى أَلْفٍ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ مِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مَوْقُوفًا وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ نَافِذًا وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَلَوْ اسْتَحَقَّ الْعِوَضَ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا أَوْ وَجَدَ زُيُوفًا أَوْ سَتُّوقَةً لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُصَالِحِ وَيَرْجِعُ بِالدَّعْوَى إلَّا إذَا ضَمِنَ الْمُصَالِحُ اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ]
وَكُلُّ شَيْءٍ وَقَعَ عَلَيْهِ (الصُّلْحُ) وَهُوَ مِنْ جِنْسِ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِعَقْدِ الْمُدَايَنَةِ) أَيْ الْبَيْعِ بِالدَّيْنِ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ وَإِنَّمَا هُوَ (أَخْذٌ لِبَعْضِ حَقِّهِ وَإِسْقَاطٌ لِلْبَاقِي فَلَوْ صَالَحَ عَنْ أَلْفٍ عَلَى نِصْفِهِ أَوْ عَلَى أَلْفٍ مُؤَجَّلٍ) أَوْ خَمْسِمِائَةٍ مُؤَجَّلَةٍ أَوْ عَنْ أَلْفٍ جِيَادٍ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ زُيُوفٍ حَالَّةٍ أَوْ مُؤَجَّلَةٍ أَوْ عَنْ أَلْفٍ مُؤَجَّلَةٍ عَلَى أَلْفٍ حَالَّةٍ مَقْبُوضَةٍ أَوْ عَنْ أَلْفٍ سُودٍ عَلَى أَلْفٍ بِيضٍ مَقْبُوضَةٍ أَوْ عَنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَةِ دِينَارٍ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ حَالَّةٍ أَوْ مُؤَجَّلَةٍ أَوْ عَنْ أَلْفٍ مُؤَجَّلَةٍ بَدَلَ الْكِتَابَةِ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ حَالَّةٍ (جَازَ) وَعَنْ أَلْفٍ مُؤَجَّلَةٍ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ حَالَّةٍ فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ أَوْ عَنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى دَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ أَوْ عَنْ أَلْفٍ سُودٍ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ بِيضٍ أَوْ عَنْ أَلْفٍ عَلَى طَعَامٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ مُؤَجَّلٍ أَوْ غَيْرِ مُؤَجَّلٍ غَيْرِ مَقْبُوضٍ لَمْ يَجُزْ وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ أَدْوَنَ مِنْ حَقِّهِ قَدْرًا أَوْ وَصْفًا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا فَهُوَ إسْقَاطٌ لِلْبَعْضِ وَاسْتِيفَاءٌ لِلْبَاقِي وَإِنْ كَانَ أَزْيَدَ مِنْهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ دَخَلَ فِيهِ مَا لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ وَصْفٍ أَوْ مَا هُوَ بِمَعْنَى الْوَصْفِ كَتَعْجِيلِ الْمُؤَجَّلِ وَعَنْ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ وَيَجُوزُ الصُّلْحُ بِدَرَاهِمَ عَنْ دَرَاهِمَ مَجْهُولَةٍ فِي الذِّمَّةِ
ــ
[منحة الخالق]
بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute