للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْأُجْرَةِ قُيِّدَ بِانْقِطَاعِ الرَّحَى لِيَحْتَرِزَ عَنْ النُّقْصَانِ فِي الرَّحَا فَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ فَاحِشًا فَلَهُ حَقُّ الْفَسْخِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ فَاحِشٍ، فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ قَالَ الْقُدُورِيُّ إذَا صَارَ الطَّحْنُ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الْحِنْطَةِ أَوَّلًا فَهُوَ فَاحِشٌ.

[تُفْسَخُ الْإِجَارَة بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إنْ عَقَدَ لِنَفْسِهِ]

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَتُفْسَخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إنْ عَقَدَهَا لِنَفْسِهِ) قَالَ الشَّارِحُ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ. اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ إشَارَةً إلَيْهِ قَالَ فِي الْمُفِيدِ وَالْمَزِيدِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا لَكِنْ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي وَيَقْضِي بِالْفَسْخِ وَلَا يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إلَى دَعْوَى وَلِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُرْفَعَ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي بِالْفَسْخِ، الثَّانِيَةُ أَنْ يَبِيعَ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ وَيَحْكُمَ الْقَاضِي فِيهَا بِالصِّحَّةِ وَانْفِسَاخِ الْأُولَى وَهِيَ طَرِيقَةُ مَا وَرَاءِ النَّهْرِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَنَا أَنَّ الْعَقْدَ يَنْعَقِدُ سَاعَةً فَسَاعَةً حَسَبَ حُدُوثِ الْمَنْفَعَةِ فَإِذَا مَاتَ الْمُؤَجِّرُ انْتَقَلَ الْمِلْكُ إلَى الْوَارِثِ وَمَنْفَعَتُهُ إلَيْهِ وَالْمَنَافِعُ الْمُسْتَحَقَّةُ بِالْعَقْدِ هِيَ الْمَمْلُوكَةُ لِلْمُؤَجِّرِ، وَقَدْ فَاتَ بِمَوْتِهِ فَتَنْفَسِخُ قَالَ فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَنُوقِضَ بِمَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مَكَان مُعَيَّنٍ فَمَاتَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ وَسَطَ الطَّرِيقِ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَرْكَبَهَا إلَى الْمَكَانِ الْمُسَمَّى، وَقَدْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ عَقَدَهَا لِنَفْسِهِ وَأَجَبْت بِأَنَّ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ وَأَنَّهُ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ حَيْثُ لَا يَجِدُ دَابَّةً أُخْرَى فِي وَسَطِ الْمَفَازَةِ وَلَا يَكُونُ ثَمَّةَ قَاضٍ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَيْهِ حَتَّى قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إنْ وَجَدَ ثَمَّةَ دَابَّةً أُخْرَى يَحْمِلُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ يُنْتَقَضُ أَوْ وُجِدَ قَاضٍ يُنْتَقَضُ. اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ إذَا مَاتَ رَبُّ الدَّابَّةِ نَظَرَ الْقَاضِي مَا هُوَ الْأَصْلَحُ لِلْوَرَثَةِ إنْ رَأَى بَيْعَ الْجَمَلِ وَحِفْظَ الثَّمَنِ أَنْفَعَ لِلْوَرَثَةِ فَعَلَ وَإِنْ رَأَى إبْقَاءَ الْإِجَارَةِ فَإِنْ كَانَ بَقِيَّةً فَالْأَفْضَلُ الْإِبْقَاءُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ بَقِيَّةٍ فَالْأَفْضَلُ فَسْخُهَا فَإِنْ فَسَخَهَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَوْفَاهُ الْكِرَاءَ رُدَّ عَلَيْهِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ، وَلَوْ أَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الدَّابَّةِ شَيْئًا لَمْ يُحْسَبْ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْقَاضِي. اهـ.

وَفِيهِ أَيْضًا، وَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا وَفِي الْأَرْضِ زَرْعٌ يُتْرَكُ إلَى الْحَصَادِ وَيَكُونُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ عَلَى وَرَثَتِهِ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّهَا كَمَا تُفْسَخُ بِالْأَعْذَارِ تَبْقَى بِالْأَعْذَارِ. اهـ.

وَأَطْلَقَ فِي الْمَوْتِ فَشَمِلَ الْمَوْتَ الْحُكْمِيَّ كَالِارْتِدَادِ، وَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الذَّخِيرَةِ، وَإِذَا سَكَنَ بَعْدَ الِانْفِسَاخِ بِغَيْرِ عَقْدٍ فَالْأَصَحُّ إنْ كَانَتْ مُعَدَّةً لِلِاشْتِغَالِ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ عَقَدَهَا لِغَيْرِهِ لَا كَالْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي فِي الْوَقْفِ) يَعْنِي لَا تُفْسَخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا إذَا كَانَ عَقَدَهَا لِغَيْرِهِ كَمَا ذَكَرْنَا لِبَقَاءِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ وَالْمُسْتَحِقُّ لَوْ مَاتَ الْمَعْقُودُ لَهُ بَطَلَتْ لِمَا ذَكَرْنَا، وَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُسْتَأْجَرِينَ أَوْ الْمُؤَجِّرَيْنِ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ فِي نَصِيبِهِ وَبَقِيَتْ فِي نَصِيبِ الْحَيِّ، وَقَالَ زُفَرُ بَطَلَتْ فِي نَصِيبِ الْحَيِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الشُّيُوعَ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ قُلْنَا ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ لَا فِي الْبَقَاءِ؛ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِي الْبَقَاءِ مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي الِابْتِدَاءِ وَأَطْلَقَ فِي الْوَكِيلِ فَشَمِلَ الْوَكِيلَ بِالْإِيجَارِ وَالْوَكِيلَ بِالِاسْتِئْجَارِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ، وَأَمَّا الْوَكِيلُ بِالِاسْتِئْجَارِ إذَا مَاتَ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالِاسْتِئْجَارِ تَوْكِيلُ شِرَاءِ الْمَنَافِعِ فَيَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، ثُمَّ يَصِيرُ مُؤَجِّرًا مِنْ الْمُوَكِّلِ اهـ.

أَقُولُ: لَعَلَّ هَذَا إذَا لَمْ يُسْلِمْ إلَى الْمُوَكِّلِ أَمَّا لَوْ سَلَّمَ لَا تَبْطُلُ فَتَدَبَّرْهُ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَسْتَأْجِرَ دَارًا بِعَيْنِهَا سَنَةً لِلْمُوَكِّلِ فَاسْتَأْجَرَهَا الْمَأْمُورُ وَتَسَلَّمَهَا وَأَبَى أَنْ يَدْفَعَهَا لِلْآمِرِ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا أَجْرَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْآمِرِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجِبُ الْأَجْرُ عَلَى الْآمِرِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا إذَا قَبَضَ النَّاظِرُ الْأُجْرَةَ مُعَجَّلَةً أَوْ غَيْرُهُ، ثُمَّ مَاتَ فَنَقُولُ إذَا كَانَ الْوَقْفُ أَهْلِيًّا وَالْغَلَّةُ لِلْقَابِضِ فَآجَرَ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ مُعَجَّلَةً، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ فَفِي الْفَتَاوَى وَغَيْرِهَا لِلَّذِي انْتَقَلَ لَهُ الْحَقُّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةَ مَا آلَ إلَيْهِ بِالْمَوْتِ فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ تَرَكَ مَالًا رَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا لَا يَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِشَيْءٍ وَضَاعَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ النَّاظِرُ فِي وَقْفٍ غَيْرِ أَهْلِيٍّ فَمَاتَ بَعْدَ الْقَبْضِ قَبْلَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ لَا يَضَعُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ وَفِي مَالِ الْمَيِّتِ الْمَتْرُوكِ.

[تُفْسَخُ الْإِجَارَة بِخِيَارِ الشَّرْطِ]

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَتُفْسَخُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ) يَعْنِي إذَا شَرَطَ الْمُؤَجِّرُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ خِيَارَ الشَّرْطِ أَوْ شَرَطَ كُلٌّ مِنْهُمَا خِيَارَ الشَّرْطِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ بِهِ عِنْدَنَا، وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ لَا يَصِحُّ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يُمْكِنُهُ رَدُّ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِكَمَالِهِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ لَهُ الْخِيَارُ الْمُؤَجِّرَ لَا يُمْكِنُهُ التَّسْلِيمُ أَيْضًا عَلَى الْكَمَالِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَحْدُثُ سَاعَةً فَسَاعَةً وَلَنَا أَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَلَا يَجِبُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَيَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بِالْإِقَالَةِ فَيَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِ كَالْبَيْعِ؛ وَلِأَنَّ الْخِيَارَ شَرْطٌ فِي الْبَيْعِ لِلتَّرَوِّي فَكَذَا فِي الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا تَقَعُ بَغْتَةً مِنْ غَيْرِ سَابِقَةٍ تَأَمَّلْ فَيُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ غَيْرَ مُوَافِقٍ فَيَحْتَاجُ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>