سَوَاءٌ لَا تَتِمُّ الصَّفْقَةُ مَعَهُ نَعَمْ يَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَبْضِ وَعَدَمِهِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى شَيْئَيْنِ وَلَمْ يَقْبِضْهُمَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِأَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ الْمَعِيبَ وَحْدَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَعْدَ قَبْضِهِمَا فَلَوْ عَادَ إلَيْهِ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ فَهُوَ عَلَى خِيَارِ الرُّؤْيَةِ كَذَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَعُودُ بَعْدَ سُقُوطِهِ لِخِيَارِ الشَّرْطِ وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الْقُدُورِيُّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَهَبَ عَبْدَهُ الْمَدِينَ مِمَّنْ لَهُ الدَّيْنُ أَوْ عَبْدَهُ الْجَانِيَ مِنْ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ ثُمَّ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ حَيْثُ يَعُودَانِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَالْعُذْرُ لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ حَقَّ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَضْعَفُ مِنْهَا كَذَا فِي الشَّرْحِ وَالْعَدْلُ الْمِثْلُ وَالْمُرَادُ هُنَا الْغِرَارَةُ الَّتِي هِيَ عَدْلُ غِرَارَةٍ أُخْرَى عَلَى الْجَمَلِ أَوْ نَحْوِهِ أَيْ يُعَادِلُهَا وَفِيهَا أَثْوَابٌ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مَا اعْتَمَدَهُ الْقُدُورِيُّ صَحَّحَهُ قَاضِي خَانْ وَحَقِيقَةُ الْمَلْحَظِ تَخْتَلِفُ فَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ لَحَظَ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ مَانِعًا زَالَ فَيَعْمَلُ الْمُقْتَضِي وَهُوَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ عَمَلَهُ وَلَحَظَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ مُسْقِطًا وَإِذَا سَقَطَ لَا يَعُودُ بِلَا سَبَبٍ وَهَذَا أَوْجَهُ لِأَنَّ نَفْسَ هَذَا التَّصَرُّفِ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَيَبْطُلُ الْخِيَارُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ وَبَعْدَهَا. اهـ.
. وَالْأَوْجَهُ عِنْدِي مَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ نَفْسَ هَذَا التَّصَرُّفَ إلَى آخِرِهِ مَمْنُوعٌ وَإِنَّمَا يَدُلُّ لَوْ تَصَرَّفَ فِي جَمِيعِ الْمَبِيعِ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ هُنَا فِيمَا إذَا تَصَرَّفَ فِي الْبَعْضِ فَحِينَئِذٍ لَوْ رَدَّ الْبَاقِيَ فَقَطْ لَزِمَ تَفَرُّقُ الصَّفْقَةِ فَكَانَ لُزُومُ تَفَرُّقِهَا مَانِعًا مِنْ رَدِّ الْبَاقِي فَإِذَا زَالَ عَمِلَ الْمُقْتَضِي عَمَلَهُ وَكَأَنَّهُ اخْتَلَطَ عَلَيْهَا بِمَا إذَا بَاعَ الْمَبِيعَ كُلَّهُ وَسَقَطَ خِيَارُهُ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ فَسْخٌ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ خِيَارُهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ لَكِنْ لَمْ يَذْكُرُوا فِيهَا خِلَافًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ) .
تَقَدَّمَ وَجْهُ تَرْتِيبِ الْخِيَارَاتِ، وَالْإِضَافَةُ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ إضَافَةُ الشَّيْءِ إلَى سَبَبِهِ وَأَمَّا الْعَيْبُ فَهُوَ فِي اللُّغَةِ يُقَالُ عَابَ الْمَتَاعُ عَيْبًا مِنْ بَابِ سَارَ فَهُوَ عَائِبٌ وَعَابَهُ صَاحِبُهُ فَهُوَ مَعِيبٌ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى وَالْفَاعِلُ مِنْ هَذَا عَائِبٌ وَعَيَّابٌ مُبَالَغَةٌ وَالِاسْمُ الْعَابُّ وَالْمُعَابُ وَعَيَّبَهُ بِالتَّشْدِيدِ نَسَبَهُ إلَى الْعَيْبِ وَاسْتُعْمِلَ الْعَيْبُ اسْمًا وَجُمِعَ عَلَى عُيُوبٍ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ وَفَسَّرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِمَا تَخْلُو عَنْهُ أَصْلُ الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ وَأَمَّا فِي الشَّرِيعَةِ فَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ مَا أَوْجَبَ نُقْصَانَ الثَّمَنِ عِنْدَ التُّجَّارِ.
(تَنْبِيهٌ)
كِتْمَانُ عَيْبِ السِّلْعَةِ حَرَامٌ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْفَتَاوَى إذَا بَاعَ سِلْعَةً مَعِيبَةً عَلَيْهِ الْبَيَانُ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يَفْسُقُ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ قَالَ الصَّدْرُ لَا نَأْخُذُ بِهِ. اهـ. وَقَيَّدَهُ فِي الْخُلَاصَةِ بِأَنْ يَعْلَمَ بِهِ.
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ نَعَمْ يَقَعُ الْفَرْقُ إلَخْ) لَمْ يَظْهَرْ فَرْقٌ فِيمَا ذَكَرَهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ إظْهَارُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا رَدَّ لَهُ فِيهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ اخْتَلَطَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى صَاحِبِ الْفَتْحِ قَالَ فِي النَّهْرِ وَأَقُولُ: هَذَا تَهَجُّمٌ عَلَى مَقَامِ هَذَا الْإِمَامِ مَعَ عَدَمِ التَّدَبُّرِ فِي الْكَلَامِ وَذَلِكَ أَنَّ جَزْمَهُمْ بِعَدَمِ عَوْدِ الْخِيَارِ فِيمَا إذَا بَاعَ كُلَّهُ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ بِمَا هُوَ فَسْخٌ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ دَلِيلٌ بَيِّنٌ لِمَا اخْتَارَهُ الْقُدُورِيُّ إذْ لَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ الْمُؤَثِّرَةُ وُجُودَ الْمَانِعِ لَلَزِمَ إذَا زَالَ أَنْ يَعُودَ لَكِنَّهُ لَا يَعُودُ لِأَنَّهُ سَقَطَ وَشَأْنُ السَّاقِطِ أَنْ لَا يَعُودَ وَدَعْوَى أَنَّ بَيْعَ الْكُلِّ مُسْقِطٌ وَبَيْعَ الْبَعْضِ مَانِعٌ تَحَكُّمٌ ظَاهِرٌ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ لِأَنَّ نَفْسَ هَذَا التَّصَرُّفِ إلَخْ فَإِنْ قُلْتُ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا اُحْتِيجَ إلَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّ فِي الرَّدِّ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ قُلْتُ: لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يُعَلِّلَ الْحُكْمَ بِعِلَّتَيْنِ الرِّضَا بِالْبَيْعِ وَلُزُومِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ غَيْرَ أَنَّهُ مَا دَامَ خَارِجًا عَنْ مِلْكِهِ فَالتَّعْلِيلُ بِهِ أَظْهَرُ فَلِهَذَا الْمَعْنَى فَتَدَبَّرْ.
[بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ]
(قَوْلُهُ وَفَسَّرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: فَسَّرَهُ بِذَلِكَ كَثِيرٌ (فَائِدَةٌ)
سُئِلَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَقُولُ: وَهُوَ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ وَهِيَ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ رَجُلٍ عَجَّانٍ خَبَّازٍ يَعْجِنُ الْخُبْزَ لِلْبَيْعِ وَيَبِيعُهُ عَلَى النَّاسِ وَهُوَ أَبْرَصُ أَجْذَمُ ذُو حَكَّةٍ وَسَوْدَاءُ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُبَاشِرَ الْخُبْزَ الْمَذْكُورَ وَهُوَ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ أَمْ لَا فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا بَاشَرَ نَحْوَ عَجْنِهِ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ لِلْمُشْتَرِي حَقِيقَةَ الْحَالِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي لَوْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَشْتَرِهِ مِنْهُ فِي الْغَالِبِ وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ يَكُونُ كَتْمُهُ مِنْ الْغِشِّ الْمُحَرَّمِ وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ غَشَّ أُمَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» .
وَقَدْ نَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ أَنْ يُخْرِجَ مَنْ بِهِ نَحْوُ جُذَامٍ أَوْ بَرَصٍ مِنْ بَيْنِ أَظْهَرِ النَّاسِ وَيُفْرِدُ لَهُمْ مَحَلًّا خَارِجَ الْبَلَدِ وَيُنْفِقُ عَلَى فُقَرَائِهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ اهـ.
وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهُ وَضَابِطُ الْغِشِّ الْمُحَرَّمِ أَنْ يَشْتَمِلَ الْمَبِيعُ عَلَى وَصْفِ نَقْصٍ لَوْ عَلِمَ بِهِ الْمُشْتَرِي امْتَنَعَ عَنْ شِرَائِهِ فَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ يَكُونُ غِشًّا وَكُلُّ مَا لَا يَكُونُ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ غِشًّا مُحَرَّمًا ذَكَرَهُ فِي الْفَتَاوَى الْمَذْكُورَةِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ عِنْدَنَا تَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ قَالَ الصَّدْرُ لَا نَأْخُذُ بِهِ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَيْ لَا نَأْخُذُ بِكَوْنِهِ يَفْسُقُ بِمُجَرَّدِ هَذَا لِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى الْمُسْلِمُ فِي دَارِ