وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ: الْأَدَبُ فِي غَسْلِ الْأَيْدِي قَبْلَ الطَّعَامِ أَنْ يَبْدَأَ بِالشُّبَّانِ، ثُمَّ بِالشُّيُوخِ، وَإِذَا غَسَلَ لَا يَمْسَحُ بِالْمِنْدِيلِ لَكِنْ يَتْرُكُ لِيَجِفَّ لِيَكُونَ أَثَرُ الْغَسْلِ بَاقِيًا وَقْتَ الْأَكْلِ، وَالْأَدَبُ فِي الْغَسْلِ بَعْدَ الطَّعَامِ أَنْ يَبْدَأَ بِالشُّيُوخِ وَيَمْسَحَ بِالْمِنْدِيلِ لِيَكُونَ أَثَرُ الطَّعَامِ زَائِلًا بِالْكُلِّيَّةِ وَفِي التَّتِمَّةِ سُئِلَ وَالِدِي عَنْ غَسْلِ الْفَمِ لِلْأَكْلِ؛ هَلْ هُوَ سُنَّةٌ كَغَسْلِ الْيَدِ؟ فَقَالَ لَا، وَإِذَا غَسَلَ يَدَهُ لِلْأَكْلِ بِنُخَالَةٍ، أَوْ غَسَلَ رَأْسَهُ بِذَلِكَ وَأَحْرَقَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الدَّقِيقِ وَهِيَ نُخَالَةٌ تُعْلَفُ بِهَا الدَّوَابُّ فَلَا بَأْسَ، وَفِي الذَّخِيرَةِ، وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْ غَسْلِ الْيَدَيْنِ بِالدَّقِيقِ بَعْدَ الطَّعَامِ هَلْ هُوَ مِثْلُ الْغَسْلِ بِالْأُشْنَانِ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَبَا يُوسُفَ لَمْ يَرَيَا بَأْسًا لِتَوَارُثِ النَّاسِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَيُكْرَهُ لِلْجُنُبِ رَجُلًا كَانَ، أَوْ امْرَأَةً أَنْ يَأْكُلَ طَعَامًا، أَوْ شَرَابًا قَبْلَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ وَالْفَمِ وَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ لِلْحَائِضِ وَيُسْتَحَبُّ تَطْهِيرُ الْفَمِ مِنْ جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَصُبَّ مِنْ الْآنِيَةِ عَلَى يَدِهِ بِنَفْسِهِ وَلَا يَسْتَعِينَ بِغَيْرِهِ فِي وُضُوءٍ حَكَى ذَلِكَ عَنْ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَنَّهُ قَالَ: هَذَا كَالْوُضُوءِ وَلَا يَسْتَعِينُ بِغَيْرِهِ فِي وُضُوءٍ وَلَا يَأْكُلُ طَعَامًا حَارًّا بِهِ وَرَدَ الْأَثَرُ وَلَا يَشُمُّ الطَّعَامَ فَإِنَّ ذَلِكَ عَمَلُ الْبَهَائِمِ، وَلَا يَنْفُخُ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَمِنْ السُّنَّةِ أَنْ لَا يَأْكُلَ الطَّعَامَ مِنْ وَسَطِهِ، وَيَأْكُلُ مِنْ ابْتِدَاءِ الْأَكْلِ وَمِنْ السُّنَّةِ لَحْسُ الْقَصْعَةِ وَأَنْ يَلْعَقَ أَصَابِعَهُ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَهَا بِالْمِنْدِيلِ، وَتَرْكُهُ مِنْ أَثَرِ الْعَجَمِ وَالْجَبَابِرَةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَمِنْ السُّنَّةِ لَعْقُ الْقَصْعَةِ.
وَفِي الْبُرْهَانِيَّةِ رَجُلٌ أَكَلَ الْخُبْزَ مَعَ أَهْلِهِ وَاجْتَمَعَ كُسَيْرَاتُ الْخُبْزِ وَلَا يَشْتَهِي أَكْلَهَا فَلَهُ أَنْ يُطْعِمَهُ الدَّجَاجَةَ وَالشَّاةَ وَالْهِرَّةَ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُلْقِيَهُ فِي النَّهْرِ وَالطَّرِيقِ إلَّا إذَا وَضَعَ لِأَجْلِ النَّمْلِ لِيَأْكُلَ النَّمْلُ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ هَكَذَا فَعَلَ بَعْضُ السَّلَفِ وَمِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَأْكُلَ مَا سَقَطَ مِنْ الْمَائِدَةِ وَمِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْمِلْحِ وَيَخْتِمَ بِالْمِلْحِ، وَفِي السِّرَاجِيَّةِ: الْأَكْلُ عَلَى الطَّرِيقِ مَكْرُوهٌ وَأَكْلُ الْمَيْتَةِ حَالَةَ الْمَخْمَصَةِ قَدْرَ مَا يَدْفَعُ بِهِ الْهَلَاكَ عَنْ نَفْسِهِ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا بَأْسَ بِطَعَامِ الْمَجُوسِيِّ إلَّا الذَّبِيحَةَ. رَجُلٌ قَالَ: مَنْ تَنَاوَلَ مِنْ مَالِي فَهُوَ مُبَاحٌ فَتَنَاوَلَ رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ إبَاحَتَهُ جَازَ.
[الْأَكْلُ مِنْ طَعَامِ الظَّلَمَةِ]
وَلَا يَنْبَغِي لِلنَّاسِ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْ طَعَامِ الظَّلَمَةِ وَلِيَقْبُحَ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ وَزَجْرِهِمْ عَمَّا يَرْتَكِبُونَهُ، وَإِنْ كَانَ يَحِلُّ طَعَامُهُمْ.
أَكْلُ دُودِ الْقَزِّ قَبْلَ أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ: الْجَدْيُ إذَا رُبِّيَ بِلَبَنِ الْأَتَانِ؛ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: يُكْرَهُ أَكْلُهُ وَأَخْبَرَنِي رَجُلٌ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: إذَا رُبِّيَ الْجَدْيُ بِلَبَنِ الْخِنْزِيرِ لَا بَأْسَ بِهِ فَقَالَ مَعْنَاهُ إذَا اعْتَلَفَ أَيَّامًا فَهُوَ بَعْدَ ذَلِكَ كَالْجَلَّالَةِ وَبَوْلُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ التَّدَاوِي وَغَيْرُهُ.
وَذَكَرَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: إذَا مَرَّ الرَّجُلُ بِالثِّمَارِ فِي أَيَّامِ الصَّيْفِ وَأَرَادَ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْهَا الثِّمَارَ السَّاقِطَةَ تَحْتَ الْأَشْجَارِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْمِصْرِ لَا يَسَعُهُ التَّنَاوُلُ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهَا قَدْ أَبَاحَ إمَّا نَصًّا، أَوْ دَلَالَةً أَوْ عَادَةً، وَإِذَا كَانَ فِي الْقَيْظِ فَإِنْ كَانَ الثِّمَارُ الَّتِي تَبْقَى مِثْلَ الْجَوْزِ وَغَيْرِهِ لَا يَسَعُهُ الْأَخْذُ إلَّا إذَا عَلِمَ الْإِذْنَ، وَفِي الْغِيَاثِيَّةِ هُوَ الْمُخْتَارُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الثِّمَارِ الَّتِي لَا تَبْقَى اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالتَّنَاوُلِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ النَّهْيُ إمَّا صَرِيحًا أَوْ عَادَةً، وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْهُمَا مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَهَا رَضِيَ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْوَسْوَاسِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ هراسية فَإِنْ كَانَ مِنْ الثِّمَارِ الَّتِي لَا تَبْقَى فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْأَكْلِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ النَّهْيُ، وَفِي جَامِعِ الْجَوَامِعِ: وَلَا يَحِلُّ حَمْلُ شَيْءٍ مِنْهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الثِّمَارُ عَلَى الْأَشْجَارِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُؤْخَذَ فِي مَوْضِعٍ مَا إلَّا أَنْ يَأْذَنَ، أَوْ يَكُونَ مَوْضِعٌ كَثِيرُ الثِّمَارِ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ أَكْلُ ذَلِكَ فَيَسَعُهُ الْأَكْلُ وَلَا يَسَعُهُ الْحَمْلُ، وَأَمَّا أَوْرَاقُ الْأَشْجَارِ إذَا سَقَطَ عَلَى الطَّرِيقِ فِي أَيَّامِ الْعَلِيقِ وَأَخَذَ إنْسَانٌ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ، إذْنِ صَاحِبِ الشَّجَرِ فَإِنْ كَانَ هَذَا وَرَقَ شَجَرٍ يُنْتَفَعُ بِوَرَقِهِ نَحْوُ التُّوتِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ، وَإِنْ أَخَذَ يَضْمَنُ، وَإِذَا كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ، وَإِنْ أَخَذَ لَا يَضْمَنُ، وَفِي الْفَتَاوَى الْخُلَاصِيَّةِ وَلَوْ مَرَّ بِسُوقِ الْعَامِدِينَ فَوَجَدَ فِيهِ سُكَّرًا لَا يَسَعُهُ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْهُ وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا اشْتَرَوْا فَلَاةً مِنْ أَرُزٍّ فَقَالُوا: مَنْ أَطْهَرَ الْفَلَاةَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ فَيَأْكُلَهُ فَأَطْهَرَ وَاحِدٌ وَاشْتَرَى مَا أَوْجَبُوهُ عَلَيْهِ يُكْرَهُ لِلْكُلِّ لِأَنَّ فِيهِ تَعْلِيقًا بِالشَّرْطِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ: شَجَرَةٌ فِي مَقْبَرَةٍ قَالُوا: إنْ كَانَتْ نَابِتَةً فِي الْأَرْضِ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَهَا مَقْبَرَةً فَمَالِكُ الْأَرْضِ أَحَقُّ بِهَا يَصْنَعُ بِهَا مَا شَاءَ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مَوَاتًا وَلَا مَالِكَ لَهَا فَجَعَلَهَا أَهْلُ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ، أَوْ الْقَرْيَةِ مَقْبَرَةً فَإِنَّ الشَّجَرَةَ وَمَوْضِعَهَا مِنْ الْأَرْضِ عَلَى مَا كَانَ حُكْمُهَا فِي الْقَدِيمِ وَإِنْ نَبَتَتْ الشَّجَرَةُ بَعْدَمَا جُعِلَتْ مَقْبَرَةً فَإِنْ كَانَ الْغَارِسُ مَعْلُومًا كَانَتْ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute