هُوَ الْأُمُّ.
[أَكُلّ الْأَرْنَب]
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَحَلَّ الْأَرْنَبُ) «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَأْكُلُوهُ حِينَ أُهْدِيَ إلَيْهِ مَشْوِيًّا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ السِّبَاعِ وَلَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ فَأَشْبَهَ الظَّبْيَ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَذَبْحُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ يُطَهِّرُ لَحْمَهُ وَجِلْدَهُ إلَّا الْآدَمِيَّ وَالْخِنْزِيرَ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الذَّكَاةُ لَا تُؤَثِّرُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِأَنَّ أَثَرَ الذَّكَاةِ فِي إبَاحَةِ اللَّحْمِ أَصْلٌ، وَفِي طَهَارَتِهِ وَطَهَارَةِ الْجِلْدِ تَبَعٌ وَلَا تَبَعَ دُونَ الْأَصْلِ فَصَارَ نَظِيرَ ذَبْحِ الْمَجُوسِ وَلَنَا أَنَّ الذَّكَاةَ مُؤَثِّرَةٌ فِي إزَالَةِ الرُّطُوبَاتِ النَّجِسَةِ فَإِذَا زَالَتْ طَهُرَتْ كَمَا فِي الدِّبَاغِ وَهَذَا الْحُكْمُ مَقْصُودٌ فِي الْجِلْدِ كَالتَّنَاوُلِ فِي اللَّحْمِ، وَفِعْلُ الْمَجُوسِيِّ غَيْرُ مُعْتَدٍ بِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الدِّبَاغِ وَكَمَا يَطْهُرُ لَحْمُهُ يَطْهُرُ شَحْمُهُ أَيْضًا حَتَّى لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ لَا يُفْسِدُهُ وَهَلْ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِغَيْرِ الْأَكْلِ قِيلَ لَا يَجُوزُ اعْتِبَارًا بِالْأَكْلِ وَقِيلَ يَجُوزُ كَالزَّيْتِ إذَا خَالَطَهُ شَحْمُ الْمَيْتَةِ وَالزَّيْتُ غَالِبٌ فَإِنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي غَيْرِ الْأَكْلِ، وَالْخِنْزِيرُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الدِّبَاغُ لِنَجَاسَتِهِ، وَالْآدَمِيُّ لِكَرَامَتِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ لَحْمُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَالْجِلْدُ يَطْهُرُ هُوَ الصَّحِيحُ وَقَدْ مَرَّ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ اهـ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَلَا يُؤْكَلُ مَائِيُّ السَّمَكِ غَيْرَ طَافٍ) وَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُؤْكَلُ جَمِيعُ حَيَوَانِ الْمَاءِ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ الْخِنْزِيرَ وَالسِّبَاعَ وَالْكَلْبَ وَالْآدَمِيَّ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَبَاحَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْخِلَافُ فِي الْأَكْلِ وَالْبَيْعِ وَاحِدٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ بَيْعُهُ بِالْإِجْمَاعِ لِطَهَارَتِهِ، لَهُمْ قَوْله تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: ٩٦] مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَلِأَنَّهُ لَا دَمَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِأَنَّ الدَّمَوِيَّ لَا يَسْكُنُ الْمَاءَ وَالْمُحَرَّمُ هُوَ الدَّمُ فَأَشْبَهَ السَّمَكَ وَرَوَى جَابِرٌ «أَنَّهُمْ أَصَابَهُمْ جُوعٌ شَدِيدٌ فِي الْغَزْوِ فَأَلْقَى الْبَحْرُ حُوتًا مَيِّتًا يُقَالُ لَهُ الْعَنْبَرُ فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ كُلُوا رِزْقًا أَخْرَجَهُ اللَّهُ لَكُمْ أَطْعِمُونَا إنْ كَانَ مَعَكُمْ» الْحَدِيثَ وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧] وَهَذَا مِنْهَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ إنَّ كَرَاهَةَ الْخَبَائِثِ تَحْرِيمِيَّةٌ وَمَا سِوَى السَّمَكِ خَبِيثٌ وَنَهَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ دَوَاءٍ اُتُّخِذَ فِيهِ الضُّفْدَعُ وَنَهَى عَنْ بَيْعِ السَّرَطَانِ، وَالْمَيْتَةُ الْمَذْكُورَةُ فِيمَا تُلِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى حَالَةِ الِاضْطِرَارِ وَهُوَ مُبَاحٌ فِيمَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَالْمَيْتَةُ وَالْمُذَكَّاةُ فِيهِمَا سَوَاءٌ وَقَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أُحِلَّ لَنَا مَيْتَتَانِ؛ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ، وَدَمَانِ؛ الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ» لَا دَلِيلَ لَهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَيْتَةِ مَا أَلْقَاهُ الْبَحْرُ حَتَّى يَكُونَ مَوْتُهُ مُضَافًا إلَى الْبَحْرِ وَلَا يَتَنَاوَلُ مَا مَاتَ فِيهِ بِمَرَضٍ، أَوْ نَحْوِهِ، وَأَمَّا الطَّافِي فَيُكْرَهُ أَكْلُهُ لِقَوْلِ جَابِرٍ إنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «مَا نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ فَكُلُوا وَمَا طَفَا فَلَا تَأْكُلُوهُ» وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى مَالِكٍ فِي إبَاحَةِ الطَّافِي فَالْأَصْلُ فِي هَذَا مَا عُرِفَ سَبَبُ مَوْتِهِ كَلَفْظِ الْبَحْرِ، أَوْ يَحْبِسُهُ فِي مَكَان كَالْحَظِيرَةِ الصَّغِيرَةِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِ حِيلَةٍ، أَوْ ابْتِلَاعِ سَمَكَةٍ، أَوْ بِقَتْلِ طَيْرِ الْمَاءِ إيَّاهَا، أَوْ إجْمَادِ الْمَاءِ عَلَيْهَا حَلَّ أَكْلُهَا لِأَنَّ سَبَبَ مَوْتِهَا مَعْلُومٌ وَلَوْ مَاتَتْ مِنْ شِدَّةِ حَرِّ الْمَاءِ، أَوْ بَرْدِهِ أَوْ انْحَسَرَ الْمَاءُ عَنْ بَعْضِهِ وَمَاتَ رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ رَأْسُهُ عَلَى الْمَاءِ لَا يُؤْكَلْ، وَإِنْ كَانَ ذَنْبُهُ فِي الْمَاءِ وَرَأْسُهُ انْحَسَرَ عَنْهُ الْمَاءُ أُكِلَ لِأَنَّ خُرُوجَ رَأْسِهِ مِنْ الْمَاءِ سَبَبٌ لِمَوْتِهِ فَكَانَ مَعْلُومًا بِخِلَافِ خُرُوجِ ذَنْبِهِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الشَّرْطَ فِيهِ أَنْ يُعْلَمَ سَبَبُ مَوْتِهِ حَتَّى لَوْ أَبَانَ عُضْوًا يَضُرُّهُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ وَيُؤْكَلُ الْعُضْوُ أَيْضًا.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَحَلَّ بِلَا ذَكَاةٍ كَالْجَرَادِ) يَعْنِي يَحِلُّ السَّمَكُ بِلَا ذَكَاةٍ كَالْجَرَادِ لِمَا رَوَيْنَا.
[ذَبَحَ شَاةً فَتَحَرَّكَتْ أَوْ خَرَجَ الدَّمُ]
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَلَوْ ذَبَحَ شَاةً فَتَحَرَّكَتْ، أَوْ خَرَجَ الدَّمُ حَلَّتْ، وَإِلَّا لَمْ يُدْرَ حَيَاتُهُ) لِأَنَّ الْحَيَاةَ، أَوْ خُرُوجَ الدَّمِ لَا يَكُونَانِ إلَّا مِنْ الْحَيِّ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَتَحَرَّكُ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ الدَّمُ فَيَكُونُ وُجُودُهُمَا أَوْ وُجُودُ أَحَدِهِمَا دَلِيلَ الْحَيَاةِ فَيَحِلُّ، وَعَدَمُهُمَا عَلَامَةَ الْمَوْتِ فَلَا يَحِلُّ وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ إنْ خَرَجَ الدَّمُ وَلَمْ تَتَحَرَّكْ لَا تَحِلُّ؛ لِأَنَّ الدَّمَ لَا يَجْمُدُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَيَجُوزُ بِخُرُوجِ الدَّمِ وَهَذَا سَيَأْتِي فِي الْمُنْخَنِقَةِ وَالْمُتَرَدِّيَةِ وَالنَّطِيحَةِ وَاَلَّتِي بَقَرَ الذِّئْبُ بَطْنَهَا لِأَنَّ ذَكَاةَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ تُحَلِّلُ وَإِنْ كَانَتْ حَيَاتُهُ خَفِيَّةً فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا تَحِلُّ إذَا كَانَتْ بِحَالٍ تَعِيشُ يَوْمًا لَوْلَا الذَّكَاةُ، وَعَنْ الثَّانِي إنْ كَانَ لَا يَعِيشُ مِثْلُهَا لَا تَحِلُّ وَعَنْ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَتْ بِحَالٍ يَعِيشُ فَوْقَ مَا يَعِيشُ الْمَذْبُوحُ حَلَّ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ ذَبَحَ شَاةً مَرِيضَةً وَلَمْ يَتَحَرَّكْ مِنْهَا إلَّا فُرَّهُهَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: إنْ فَتَحْتَ فَاهَا لَا تُؤْكَلْ، وَإِنْ ضَمَّتْهُ تُؤْكَلُ، وَإِنْ فَتَحَتْ عَيْنَهَا لَا تُؤْكَلُ، وَإِنْ ضَمَّتْ عَيْنَهَا أُكِلَتْ، وَإِنْ مَدَّتْ رِجْلَهَا لَا تُؤْكَلُ، وَإِنْ ضَمَّتْهَا تُؤْكَلُ، وَإِنْ قَامَ شَعْرُهَا تُؤْكَلُ، وَإِنْ نَامَ لَا تُؤْكَلُ وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ يَسْتَرْخِي بِالْمَوْتِ فَفَتْحُ الْفَمِ وَالْعَيْنِ وَمَدُّ الرِّجْلِ وَنَوْمُ الشَّعْرِ عَلَامَةُ الْمَوْتِ لِأَنَّهَا اسْتِرْخَاءٌ، وَضَمُّ الْفَمِ وَتَغْمِيضُ الْعَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute