للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَنَفِّلًا إلَّا بِرَكْعَتَيْنِ فَلَزِمَ الْمَأْمُومَ رَكْعَتَانِ وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ إذَا قَعَدَ فِي الرَّابِعَةِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَقَامَ إلَى الْخَامِسَةِ سَاهِيًا وَاقْتَدَى بِهِ رَجُلٌ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ وَلَوْ عَادَ إلَى الْقَعْدَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ فَقَدْ شَرَعَ فِي النَّفْلِ فَكَانَ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ وَلَوْ لَمْ يَقْعُدْ التَّشَهُّدَ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْفَرْضِ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَهَا بِسَجْدَةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ إلَى كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا عَادَ وَسَلَّمَ فَظَاهِرٌ لِأَنَّهُ أَخَّرَ الْوَاجِبَ وَهُوَ السَّلَامُ وَكَذَا إذَا شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثْلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا فَاشْتَغَلَ بِفِكْرِهِ حَتَّى أَخَّرَ السَّلَامَ لَزِمَهُ السَّهْوُ وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةَ وَهِيَ مَا إذَا لَمْ يَعُدْ حَتَّى سَجَدَ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ سَبَبُ سُجُودِهِ النُّقْصَانُ الْمُتَمَكِّنُ فِي النَّفْلِ بِالدُّخُولِ فِيهِ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَسْنُونِ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لَأَنْ يَجِبَ لِجَبْرِ نُقْصَانٍ فِي الْفَرْضِ لِأَنَّهُ قَدْ انْتَقَلَ مِنْهُ إلَى النَّفْلِ وَمَنْ سَهَا فِي صَلَاةٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ فِي أُخْرَى وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ هُوَ لِجَبْرِ نُقْصَانٍ تَمَكَّنَ بِالدُّخُولِ فِيهِ فِي الْفَرْضِ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَهُوَ السَّلَامُ وَصَحَّحَ الْمَاتُرِيدِيُّ أَنَّهُ جَابِرٌ لِلنَّقْصِ الْمُتَمَكِّنِ فِي الْإِحْرَامِ فَيَنْجَبِرُ النَّقْصُ الْمُتَمَكِّنُ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ جَمِيعًا وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ فِي شَفْعِ التَّطَوُّعِ لَمْ يَبْنِ شَفْعًا آخَرَ عَلَيْهِ) لِأَنَّ السُّجُودَ يَبْطُلُ لِوُقُوعِهِ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ وَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ إلَّا عَلَى سَبِيلِ الْمُتَابَعَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْبِنَاءُ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْحَاصِلُ أَنَّ نَقْضَ الْوَاجِبِ وَإِبْطَالَهُ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا اسْتَلْزَمَ تَصْحِيحَهُ نَقْضُ مَا هُوَ فَوْقَهُ اهـ.

وَإِنَّمَا قَالَ لَمْ يَبْنِ وَلَمْ يَقُلْ لَمْ يَصِحَّ الْبِنَاءُ لِأَنَّ الْبِنَاءَ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا لِبَقَاءِ التَّحْرِيمَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي إعَادَةِ سُجُودِ السَّهْوِ وَالْمُخْتَارُ إعَادَتُهُ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ مِنْ السُّجُودِ وَقَعَ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ فَلَا يَعْتَدُّ بِهِ كَالْمُسَافِرِ إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَمَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَيَلْزَمُ الْأَرْبَعَ وَيُعِيدُ السُّجُودَ قَيَّدَ بِشَفْعِ التَّطَوُّعِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُسَافِرًا فَسَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبْنِ وَقَدْ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَفِي الْبِنَاءِ نَقْضُ الْوَاجِبِ وَنَقْضُ الْوَاجِبِ أَدْنَى فَيُحْتَمَلُ دَفْعًا لِلْأَعْلَى لَكِنْ يُرَدُّ عَلَى التَّقْيِيدِ بِشَفْعِ التَّطَوُّعِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى فَرْضًا تَامًّا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ نَفْلًا عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ فَلَوْ قَالَ فَلَوْ سَجَدَ فِي صَلَاةٍ لَمْ يَبْنِ صَلَاةً عَلَيْهَا إلَّا فِي الْمُسَافِرِ لَكَانَ أَوْلَى وَلِذَا لَمْ يُقَيِّدْ فِي الْخُلَاصَةِ بِالتَّطَوُّعِ وَإِنَّمَا قَالَ وَإِذَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَسَهَا فِيهَا فَسَجَدَ لِسَهْوِهِ بَعْدَ السَّلَامِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهَا رَكْعَتَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْحُكْمَ فِي الْفَرْضِ يَكُونُ بِالْأُولَى لِأَنَّهُ يُكْرَهُ الْبِنَاءُ عَلَى تَحْرِيمَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ أَوْ لَا بِخِلَافِ شَفْعِ التَّطَوُّعِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ سَلَّمَ السَّاهِي فَاقْتَدَى بِهِ غَيْرُهُ فَإِنْ سَجَدَ صَحَّ وَإِلَّا لَا) قَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ صَحِيحٌ سَجَدَ الْإِمَامُ أَوْ لَمْ يَسْجُدْ لِأَنَّ عِنْدَهُ سَلَامَ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الصَّلَاةِ أَصْلًا لِأَنَّهَا وَجَبَتْ جَبْرًا لِلنُّقْصَانِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي إحْرَامِ الصَّلَاةِ وَعِنْدَهُمَا يُخْرِجُهُ عَلَى سَبِيلِ التَّوَقُّفِ لِأَنَّهُ مُحَلَّلٌ فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا لَا يَعْمَلُ لِحَاجَتِهِ إلَى أَدَاءِ السَّجْدَةِ فَلَا تَظْهَرُ دُونَهَا وَلَا حَاجَةَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ هُوَ لِجَبْرِ نُقْصَانٍ إلَخْ) قَالَ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُنْيَةِ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ لِلْفَتْوَى وَصَاحِبُ الْمُحِيطِ هُوَ الْأَصَحُّ اهـ.

(قَوْلُهُ تَمَكَّنَ بِالدُّخُولِ فِيهِ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَضَمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلنَّفْلِ وَقَوْلُهُ فِي الْفَرْضِ مُتَعَلِّقٌ بِنُقْصَانٍ أَوْ بِتَمَكُّنٍ وَقَوْلُهُ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بِالدُّخُولِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ) قَالَ فِي النَّهْرِ لَكِنَّ كَلَامَ الشَّارِحِينَ لَهَا يَأْبَاهُ وَلَوْلَا خَوْفُ الْإِطَالَةِ لَبَيَّنَّاهُ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ السُّجُودَ يَبْطُلُ لِوُقُوعِهِ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ) أَقُولُ: مُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْجُدْ فِي آخِرِ الشَّفْعِ لَهُ الْبِنَاءُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَيَأْتِي بِهِ فِي آخِرِ الشَّفْعِ الثَّانِي لِأَنَّهَا صَارَتْ وَاحِدَةً وَفِي الْقُنْيَةِ بِرَمْزِ نَجْمِ الْأَئِمَّةِ الْحَكِيمَيْ نح تَطَوَّعَ رَكْعَتَيْنِ وَسَهَا ثُمَّ بَنَى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَلَوْ بَنَى عَلَى الْفَرْضِ تَطَوُّعًا وَقَدْ سَهَا فِي الْفَرْضِ لَا يَسْجُدُ. اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَجْهَ الثَّانِي كَوْنُ النَّفْلِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْفَرْضِ صَارَ صَلَاةً أُخْرَى وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ سُجُودُ السَّهْوِ لِصَلَاةٍ وَاقِعًا فِي صَلَاةٍ أُخْرَى وَإِنْ كَانَتْ تَحْرِيمَةُ الْفَرْضِ بَاقِيَةً لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ الْمَارَّةَ آنِفًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ فِي الشَّفْعِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْفَرْضِ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ النَّفْلِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْفَرْضِ قَصْدًا وَالْمَبْنِيِّ بِلَا قَصْدٍ لِأَنَّهُ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا قَالَ لَمْ يَبْنِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ وَأَقُولُ: يَجِبُ أَنَّ تَقَيُّدَ صِحَّةِ الْبِنَاءِ بِمَا إذَا لَمْ يُسَلِّمْ مِنْهُ لِلْقَطْعِ أَمَّا إذَا سَلَّمَ لِقَطْعِ الصَّلَاةِ يَمْتَنِعُ الْبِنَاءَ لِأَنَّ سَلَامَهُ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ سُجُودُ سَهْوٍ وَهُوَ مُخْرِجٌ مِنْ الصَّلَاةِ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى الْبِنَاءُ عَلَى الشَّفْعِ السَّابِقِ مَعَهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ. اهـ.

(قَوْلُهُ لَكِنْ يُرَدُّ إلَخْ) أَقُولُ: ظَاهِرُهُ أَنَّ الْبِنَاءَ عَلَى الْفَرْضِ كَالْبِنَاءِ عَلَى النَّفْلِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُعِيدُ سُجُودَ السَّهْوِ وَيُخَالِفُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْقُنْيَةِ آنِفًا وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ بِالتَّطَوُّعِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَسَجَدَ لِسَهْوِهِ بَعْدَ السَّلَامِ) تَقْيِيدُهُ بِمَا بَعْدَ السَّلَامِ لَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ قَبْلَهُ لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ كَمَا تَوَهَّمَهُ الرَّمْلِيُّ بَلْ تَقْيِيدُهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ عِنْدَنَا تَأَمَّلْ.

[سَلَّمَ السَّاهِي فَاقْتَدَى بِهِ غَيْرُهُ]

(قَوْلُهُ فَلَا تَظْهَرُ دُونَهَا) أَيْ فَلَا تَظْهَرُ الْحَاجَةُ دُونَ السَّجْدَةِ يَعْنِي إذَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ

<<  <  ج: ص:  >  >>