للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُرَادُ مِنْ الْغَيْرِ هُنَا غَيْرُ الْعَاقِدَيْنِ لِيَتَأَتَّى فِيهِ خِلَافُ زُفَرَ قَيَّدَ بِخِيَارِ الشَّرْطِ لِأَنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ لَا يَثْبُتُ لِغَيْرِ الْعَاقِدَيْنِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ أَجَازَ فَقَالَ الْآخَرُ لَا أَرْضَى فَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَلَوْ أَمَرَ وَكِيلَهُ بِالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَبَاعَهُ بِلَا شَرْطٍ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ بَاعَ وَاشْتَرَطَ كَمَا أَمَرَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجِيزَ عَلَى الْآمِرِ وَلِلْآمِرِ الْإِجَازَةُ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءٍ بِشَرْطٍ لِلْآمِرِ فَاشْتَرَى وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ نَفَذَ عَلَيْهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا وَنَقَضَ الْآخَرُ فَالْأَسْبَقُ أَحَقُّ) لِوُجُودِهِ فِي زَمَانٍ لَا يُزَاحِمُهُ فِيهِ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَا مَعًا فَالْفَسْخُ) أَيْ لَوْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا وَأَجَازَ الْآخَرُ وَخَرَجَا مِنْهُمَا مَعًا تَرَجَّحَ الْفَسْخُ عَلَى الْإِجَازَةِ لِأَنَّ الْفَسْخَ أَقْوَى لِأَنَّ الْمُجَازَ يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ وَالْمَفْسُوخُ لَا تَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ وَلَمَّا مَلَكَ كُلٌّ مِنْهُمَا التَّصَرُّفَ رَجَّحْنَا بِحَالِ التَّصَرُّفِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمَفْسُوخَ لَا تَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ الْفَسْخَ بِحُكْمِ الْخِيَارِ مُحْتَمَلٌ لِلْفَسْخِ فِي نَفْسِهِ حَتَّى لَوْ تَفَاسَخَا ثُمَّ تَرَاضَيَا عَلَى فَسْخِ الْفَسْخِ وَعَلَى إعَادَةِ الْعَقْدِ بَيْنَهُمَا جَازَ وَفَسْخُ الْفَسْخِ لَيْسَ هُوَ إلَّا إجَازَةَ الْبَيْعِ فِي الْمَفْسُوخِ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْمِعْرَاجِ بِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ لِأَنَّا نَقُولُ الْإِجَازَةُ لَا تَرِدُ عَلَى الْمُنْتَقِضِ وَلَا إجَازَةَ فِيمَا ذَكَرْتُمْ بَلْ هُوَ بَيْعٌ ابْتِدَاءً كَذَا فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَرْجِيحِ الْفَسْخِ دُونَ تَصَرُّفِ الْعَاقِدِ صَحَّحَهُ قَاضِي خَانْ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ وَفِي رِوَايَةٍ الرَّاجِحُ تَصَرُّفُ الْعَاقِدِ لِقُوَّتِهِ لِأَنَّ النَّائِبَ يَسْتَفِيدُ الْوِلَايَةَ مِنْهُ وَقِيلَ هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَمَا فِي الْكِتَابِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَاسْتَخْرَجَ ذَلِكَ بِمَا إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ مِنْ رَجُلٍ وَالْمُوَكِّلُ مِنْ غَيْرِهِ مَعًا فَمُحَمَّدٌ يَعْتَبِرُ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُوَكِّلِ وَأَبُو يُوسُفَ يَعْتَبِرُهُمَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَيَّدَ بِالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِطَلَاقِهَا لِلسُّنَّةِ إذَا طَلَّقَهَا الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ مَعًا فَالْوَاقِعُ طَلَاقُ أَحَدِهِمَا لَا عَلَى التَّعْيِينِ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ فِيهِ سَفِيرٌ كَالْوَكِيلِ بِالنِّكَاحِ فَكَانَ الصَّادِرُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَادِرًا عَنْ أَصَالَةٍ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْمُنْتَقَى وَصِيَّانِ يَشْتَرِيَانِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَأَجَازَ أَحَدُهُمَا وَنَقَضَ الْآخَرُ فَإِنَّ الْإِجَازَةَ أَوْلَى اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ وَكِيلٌ اشْتَرَى بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِمُوَكِّلِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ رِضَا الْآمِرِ وَأَنْكَرَ الرَّجُلُ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ بِلَا يَمِينٍ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي سُقُوطَ الْخِيَارِ وَوُجُوبَ الثَّمَنِ وَهُوَ يُنْكِرُ وَلَا يَمِينَ لِأَنَّهُ دَعْوَى عَلَى الْآمِرِ دُونَ الْعَاقِدِ وَالْآمِرُ لَوْ أَنْكَرَ لَا يُسْتَحْلَفُ وَكِيلُهُ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْعَاقِدِ فِي الْحُقُوقِ وَلَيْسَ بِأَصِيلٍ وَإِنْ ادَّعَى الرِّضَا عَلَى الْوَكِيلِ يَحْلِفُ لِأَنَّ الدَّعْوَى تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى رِضَا الْآمِرِ قُبِلَتْ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْآمِرِ لِأَنَّهُ ادَّعَى حَقًّا عَلَى الْحَاضِرِ وَهُوَ سُقُوطُ الْخِيَارِ بِسَبَبِ ادِّعَائِهِ عَلَى الْغَائِبِ اهـ.

وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِكَوْنِ الِاشْتِرَاطِ لِلْغَيْرِ اشْتِرَاطًا لِنَفْسِهِ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ مَالِهِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ فَبَاعَ وَشَرَطَهُ لِلْآمِرِ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا وَعَلَى عَكْسِهِ يَكُونُ مُخَالِفًا لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِبَيْعٍ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ بِدُونِ رِضَاهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ لِلْمَأْمُورِ فِيهِ رَأْيٌ وَتَدْبِيرٌ، وَيَكُونُ الرَّأْيُ وَالتَّدْبِيرُ فِيهِ لِلْآمِرِ أَصْلًا وَلَهُ تَبَعًا وَمَا فَعَلَهُ بِعَكْسِهِ فَإِنْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِلْآمِرِ ثُمَّ أَجَازَ هُوَ الْبَيْعَ جَازَ عَلَيْهِ دُونَ الْآمِرِ وَخِيَارُ الْآمِرِ بَاقٍ حَتَّى لَوْ أَجَازَ كَانَ لَهُ وَإِنَّهُ فَسْخٌ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ لِأَنَّ الْخِيَارَ ثَبَتَ لِلْآمِرِ بِالشَّرْطِ فَصَارَ كَخِيَارِ الْعَيْبِ إذَا ثَبَتَ بِالْعَقْدِ.

وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا وَجَدَ عَيْبًا بِالْمَبِيعِ وَرَضِيَ بِهِ نَفَذَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ وَخِيَارُ الْبَائِعِ عَلَى حَالِهِ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ لَزِمَهُ وَإِنْ رَدَّ لَزِمَ الْوَكِيلَ فَكَذَا هَذَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ التَّصَرُّفَيْنِ إذَا صَدَرَا مَعًا فَقَدْ عُلِمَ الْحُكْمُ فِي بَابِ الْخِيَارِ وَأَمَّا تَصَرُّفُ الْمُوَكِّلِ مَعَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ فَظَاهِرُ مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْوَكِيلُ أَصِيلًا فِي الْحُقُوقِ نَفَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي النِّصْفِ وَإِنْ كَانَ نَائِبًا فِيهَا نَفَذَ وَاحِدٌ لَا عَلَى التَّعْيِينِ وَأَمَّا إذَا صَدَرَا مِنْ فُضُولِيَّيْنِ فَلَا كَلَامَ فِي التَّوَقُّفِ عَلَى إجَازَةِ مَنْ لَهُ الْإِجَازَةُ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ أُجِيزَا قَالُوا يَثْبُتُ الْأَقْوَى

ــ

[منحة الخالق]

[شَرَطَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ]

(قَوْلُهُ وَخِيَارُ الْبَائِعِ عَلَى حَالِهِ) لَعَلَّهُ الْمُشْتَرِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>