للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَحْرِيمِيَّةً لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ وَلِأَنَّهَا مِنْ أَفْرَادِ الْعَبَثِ بِخِلَافِ الْفَرْقَعَةِ خَارِجَ الصَّلَاةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَوْ لِإِرَاحَةِ الْمَفَاصِلِ فَإِنَّهَا تَنْزِيهِيَّةٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى أَنَّهُ كَرِهَهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ لِأَنَّهَا مِنْ الشَّيْطَانِ بِالْحَدِيثِ اهـ.

لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهَا خَارِجَهَا نَهْيٌ لَمْ تَكُنْ تَحْرِيمِيَّةً كَمَا أَسْلَفْنَاهُ قَرِيبًا وَأَلْحَقَ فِي الْمُجْتَبَى الْمُنْتَظِرَ لِلصَّلَاةِ وَالْمَاشِيَ إلَيْهَا بِمَنْ فِي الصَّلَاةِ فِي كَرَاهَتِهَا وَرَوَى فِي ذَلِكَ حَدِيثًا أَنَّهُ «نَهَى أَنْ يُفَرْقِعَ الرَّجُلُ أَصَابِعَهُ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ وَفِي رِوَايَةٍ وَهُوَ يَمْشِي إلَيْهَا» وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى كَرَاهَةِ تَشْبِيكِ الْأَصَابِعِ وَهُوَ أَنْ يُدْخِلَ إحْدَى أَصَابِعِ يَدَيْهِ بَيْنَ أَصَابِعِ الْأُخْرَى فِي الصَّلَاةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا مَرْفُوعًا «إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يُشَبِّكْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِنَّهُ فِي الصَّلَاةِ» وَنُقِلَ فِي الدِّرَايَةِ إجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى كَرَاهَتِهِ فِيهَا ثُمَّ يَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّهَا تَحْرِيمِيَّةٌ لِلنَّهْيِ الْمَذْكُورِ وَظَاهِرُهُ الْكَرَاهَةُ أَيْضًا حَالَةَ السَّعْيِ إلَى الصَّلَاةِ فَإِذَا كَانَ مُنْتَظِرًا لَهَا بِالْأَوْلَى وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى حُكْمِهِ خَارِجَ الصَّلَاةِ لِمَشَايِخِنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي غَيْرِ هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ لَا لِلْعَبَثِ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ وَلَوْ لِإِرَاحَةِ الْأَصَابِعِ وَإِنْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْعَبَثِ يُكْرَهُ تَنْزِيهًا. اهـ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ الْهِدَايَةِ أَنَّ الْعَبَثَ خَارِجَ الصَّلَاةِ حَرَامٌ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْعَبَثُ خَارِجَهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ كَذَلِكَ

(قَوْلُهُ وَالتَّخَصُّرُ) وَهُوَ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَةِ وَهِيَ مَا فَوْقَ الطَّفْطَفَةِ وَالشَّرَاسِيفِ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ كَمَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَهَذَا التَّفْسِيرُ هُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَرَدَ مُفَسَّرًا هَكَذَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ كَمَا فِي السُّنَنِ وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ يَعْنِي فِعْلَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي صَلَاتِهِمْ وَهُمْ أَهْلُ النَّارِ لَا أَنَّ لَهُمْ رَاحَةً فِي النَّارِ أَوْ أَنَّهُ فِعْلُ الْمُتَكَبِّرِينَ وَلَا يَلِيقُ بِالصَّلَاةِ أَوْ أَنَّهُ فِعْلُ الشَّيْطَانِ حَتَّى قِيلَ إنَّ إبْلِيسَ أُهْبِطَ مِنْ الْجَنَّةِ لِذَلِكَ فَلِهَذَا قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْمُجْتَبَى وَيُكْرَهُ التَّخَصُّرُ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَيْضًا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا تَحْرِيمِيَّةٌ فِيهَا لِلنَّهْيِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ فُسِّرَ التَّخَصُّرُ بِغَيْرِ هَذَا أَيْضًا مِنْهَا أَنْ يَتَوَكَّأَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى عَصًا وَمِنْهَا أَنْ يَخْتَصِرَ السُّورَةَ فَيَقْرَأَ مِنْ أَوَّلِهَا آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ وَمِنْهَا أَنْ يَخْتَصِرَهَا فَيَقْرَأَ آخِرَهَا وَمِنْهَا أَنْ يَحْذِفَ آيَةَ السَّجْدَةِ وَمِنْهَا أَنْ يَخْتَصِرَ صَلَاتَهُ فَلَا يُتِمَّ حُدُودَهَا وَلَا شَكَّ فِي كَرَاهَةِ الْإِتْكَاءِ فِي الْفَرْضِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ لَا فِي النَّفْلِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى وَأَمَّا الِاخْتِصَارُ فِي الْقِرَاءَةِ فَإِنْ أَخَلَّ بِوَاجِبٍ بِأَنْ نَقَصَ عَنْ ثَلَاثِ آيَاتٍ مَعَ الْفَاتِحَةِ كَانَ مَكْرُوهًا كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ لِتَرْكِ بَعْضِ الْوَاجِبِ وَإِلَّا فَلَا وَقَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُ الْفَتَاوَى بِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ مِنْ آخِرِ السُّورَةِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِكَرَاهَةِ قِرَاءَتِهِ السُّورَةَ وَتَرْكِ آيَةِ السَّجْدَةِ فِي بَابِهَا وَأَمَّا اخْتِصَارُ الصَّلَاةِ بِحَيْثُ لَا يُتِمُّ حُدُودَهَا فَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ تَرْكُ وَاجِبٍ كُرِهَ تَحْرِيمًا وَإِنْ أَخَلَّ بِسُنَّةٍ كُرِهَ تَنْزِيهًا هَذَا مَا تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

(قَوْلُهُ وَالِالْتِفَاتُ) لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ» .

وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إيَّاكَ وَالِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ الِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ هَلَكَةٌ فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَفِي التَّطَوُّعِ لَا فِي الْفَرِيضَةِ» ثُمَّ الْمَذْكُورُ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّ الِالْتِفَاتَ الْمَكْرُوهَ هُوَ تَحْوِيلُ وَجْهِهِ عَنْ الْقِبْلَةِ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ وَالنِّهَايَةِ وَالْغَايَةِ وَالتَّبْيِينِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْمُجْتَبَى وَالْكَافِي وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ وَقَيَّدَهُ فِي الْغَايَةِ بِأَنْ يَكُونَ لِغَيْرِ عُذْرٍ أَمَّا تَحْوِيلُ الْوَجْهِ لِعُذْرٍ فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ تَحْرِيمِيَّةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ قَالُوا وَإِنَّمَا كُرِهَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لِأَنَّهُ انْحِرَافٌ عَنْ الْقِبْلَةِ بِبَعْضِ بَدَنِهِ وَلَوْ انْحَرَفَ عَنْهَا

ــ

[منحة الخالق]

[فَرْقَعَةُ الْأَصَابِعِ فِي الصَّلَاةِ]

(قَوْلُهُ لِإِرَاحَةِ الْمَفَاصِلِ) الْمُتَبَادِرُ أَنَّهُ تَعْمِيمٌ لِلْحَاجَةِ وَأَصْرَحُ مِمَّا هُنَا مَا فِي شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ حَيْثُ قَالَ إلَّا لِغَرَضٍ كَإِرَاحَةِ الْمَفَاصِلِ وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَا يَأْتِي قَرِيبًا عَنْ الْحَلَبِيِّ (قَوْلُهُ وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ الْهِدَايَةِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَأَنْتَ قَدْ عَلِمْت أَنَّ مَا فِي الْهِدَايَةِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ اهـ أَيْ بِمَا مَرَّ عَنْ غَايَةِ السُّرُوجِيِّ

[التَّخَصُّرُ فِي الصَّلَاةِ]

(قَوْلُهُ وَهِيَ مَا فَوْقَ الطَّفْطَفَةِ وَالشَّرَاسِيفِ) الطَّفْطَفَةُ أَطْرَافُ الْخَاصِرَةِ وَالشَّرَاسِيفُ أَطْرَافُ الضِّلْعِ الَّذِي يُشْرِفُ عَلَى الْبَطْنِ نِهَايَةً عَنْ الْمُغْرِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>