للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ} [المائدة: ٦٧] وقَوْله تَعَالَى {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} [الأنعام: ١٠٧] {قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} [الأنعام: ٦٦] نَفَى الْوَكَالَةَ وَأَثْبَتَ الرِّسَالَةَ.

وَفِي الْفَوَائِدِ صُورَةُ التَّوْكِيلِ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِغَيْرِهِ كُنْ وَكِيلًا فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ أَوْ وَكَّلْتُك بِقَبْضِهِ وَصُورَةُ الرَّسُولِ أَنْ يَقُولَ كُنْ رَسُولًا عَنِّي فِي قَبْضِهِ أَوْ أَمَرْتُك بِقَبْضِهِ أَوْ أَرْسَلْتُك لِتَقْبِضَهُ أَوْ قَالَ قُلْ لِفُلَانٍ أَنْ يَدْفَعَ الْمَبِيعَ إلَيْك وَقِيلَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّسُولِ وَالْوَكِيلِ فِي فَصْلِ الْأَمْرِ بِأَنْ قَالَ اقْبِضْ الْمَبِيعَ فَلَا يَسْقُطُ الْخِيَارُ اهـ.

وَنَقَضَ قَوْلَ الْإِمَامِ إنَّ الْوَكِيلَ كَالْمُوَكِّلِ بِمَسْأَلَتَيْنِ لَمْ يَقُمْ الْوَكِيلُ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ فِيهِمَا أَحَدُهُمَا أَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ رَأَى قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَسْقُطْ بِرُؤْيَتِهِ الْخِيَارُ وَالْمُوَكِّلُ لَوْ رَأَى وَلَمْ يَقْبِضْ سَقَطَ خِيَارُهُ وَالثَّانِيَةُ لَوْ قَبَضَهُ الْمُوَكِّلُ مَسْتُورًا ثُمَّ رَآهُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَأَبْطَلَ الْخِيَارَ بَطَلَ وَالْوَكِيلُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَبْطُلْ وَأُجِيبَ بِأَنَّ سُقُوطَ الْخِيَارِ بِقَبْضِ الْوَكِيلِ إنَّمَا يَثْبُتُ ضِمْنًا لِتَمَامِ قَبْضِهِ بِسَبَبِ وِلَايَتِهِ بِالْوَكَالَةِ وَلَيْسَ هَذَا ثَابِتًا فِي مُجَرَّدِ رُؤْيَتِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَنَقُولُ بَلْ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ لِلْمُوَكِّلِ وَهُوَ سُقُوطُ خِيَارِهِ إذَا رَآهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مُجَرَّدَ مُضِيِّ مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ الْفَسْخِ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ يُسْقِطُ الْخِيَارَ وَلَيْسَ هُوَ بِالصَّحِيحِ وَبِعَيْنِ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ يَقَعُ الْفَرْقُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ.

كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِإِسْقَاطِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ. اهـ.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالتَّوْكِيلُ بِالرُّؤْيَةِ مَقْصُودًا لَا يَصِحُّ وَلَا تَصِيرُ رُؤْيَتُهُ كَرُؤْيَةِ مُوَكِّلِهِ حَتَّى لَوْ شَرَى شَيْئًا لَمْ يَرَهُ فَوَكَّلَ رَجُلًا بِرُؤْيَتِهِ وَقَالَ إنْ رَضِيتَهُ فَخُذْهُ لَمْ يَجُزْ وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ لَوْ شَرَى مَا رَآهُ مُوَكِّلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْوَكِيلُ فَلَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَلَوْ لَمْ يَرَهُ وَهَذَا فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ لَا بِعَيْنِهِ فَفِي الْمُعَيَّنِ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ قِنٍّ بِلَا عِينَةٍ فَشَرَى قِنًّا رَآهُ الْوَكِيلُ فَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِمُوَكِّلِهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَكَذَا خِيَارُ الْعَيْبِ. اهـ.

وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ التَّوْكِيلُ بِالرُّؤْيَةِ لِأَنَّهَا مِنْ الْمُبَاحَاتِ يَمْلِكُهَا كُلُّ وَاحِدٍ فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى تَوْكِيلِهِ وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِالنَّظَرِ إلَى مَا اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَرَهُ إنْ رَضِيَ يَلْزَمُ الْعَقْدُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ يَفْسَخُهُ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فَيَقُومُ نَظَرُهُ مَقَامَ نَظَرِ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الرَّأْيَ وَالنَّظَرَ إلَيْهِ فَيَصِحُّ كَمَا لَوْ فَوَّضَ الْفَسْخَ وَالْإِجَازَةَ إلَيْهِ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ اهـ.

وَهُوَ مُخَصِّصٌ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِمْ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِالرُّؤْيَةِ مَقْصُودًا فَيُقَالُ إلَّا إذَا فَوَّضَ إلَيْهِ الْفَسْخَ وَالْإِجَازَةَ.

(قَوْلُهُ وَصَحَّ عَقْدُ الْأَعْمَى) أَيْ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَسَائِرُ عُقُودِهِ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا فَصَارَ كَالْبَصِيرِ وَلِتَعَامُلِ النَّاسِ لَهُ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْإِجْمَاعِ وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَقَدْ كَتَبْت فِي الْفَوَائِدِ أَنَّ الْأَعْمَى كَالْبَصِيرِ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَا جِهَادَ عَلَيْهِ وَلَا جُمُعَةَ وَلَا جَمَاعَةَ وَلَا حَجَّ وَإِنْ وَجَدَ قَائِدًا فِي الْكُلِّ وَلَا يَصْلُحُ كَوْنُهُ شَاهِدًا وَلَوْ فِيمَا تُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى الْمَذَاهِبِ وَلَا دِيَةَ فِي عَيْنَيْهِ وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَكُرِهَ أَذَانُهُ وَحْدَهُ وَإِمَامَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَعْلَمَ الْقَوْمِ وَلَا يَجُوزُ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَاتِ وَلَا كَوْنُهُ إمَامًا أَعْظَمَ وَلَا قَاضِيًا وَيُكْرَهُ ذَبْحُهُ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ صَيْدِهِ وَرَمْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ فِي الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ وَسَقَطَ خِيَارُهُ إذَا اشْتَرَى بِحَبْسِ الْمَبِيعِ وَشَمِّهِ وَذَوْقِهِ وَفِي الْعَقَارِ بِوَصْفِهِ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تُفِيدُ الْعِلْمَ لِمَنْ اسْتَعْمَلَهَا عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي الْبَصِيرِ وَالْمُرَادُ بِسُقُوطِهِ سُقُوطُهُ إذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ قَبْلَ الشِّرَاءِ ثُمَّ اشْتَرَى وَأَمَّا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَفِي الْفَوَائِدِ إلَخْ) هَذَا لَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الرَّسُولِ وَالْوَكِيلِ وَهَذَا فَرْقٌ بَيْنَ التَّوْكِيلِ وَالْإِرْسَالِ أَيْ مَا يَصِيرُ بِهِ الْوَكِيلُ وَكِيلًا وَمَا يَصِيرُ بِهِ الرَّسُولُ رَسُولًا مِنْ الْأَلْفَاظِ وَحَاصِلُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ أَنَّ الْوَكِيلَ مُبَاشِرٌ، وَالرَّسُولَ مُبَلِّغٌ وَهَذَا مَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ عَنْ تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ الْوَكِيلُ مَنْ يُبَاشِرُ الْعَقْدَ وَالرَّسُولُ مَنْ يُبَلِّغُ الْمُبَاشَرَةَ وَحَاصِلُ الْفَرْقِ بَيْنَ الثَّانِيَيْنِ أَنَّ الْوَكِيلَ يَصِيرُ وَكِيلًا بِأَلْفَاظِ الْوَكَالَةِ وَالرَّسُولُ يَصِيرُ رَسُولًا بِأَلْفَاظِ الرِّسَالَةِ وَبِمُطْلَقِ الْأَمْرِ فَالْأَمْرُ رِسَالَةٌ لَا وَكَالَةٌ وَيُخَالِفُ هَذَا مَا سَيَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ عَنْ الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّ الْإِيجَابَ مِنْ الْمُوَكِّلِ أَنْ يَقُولَ وَكَّلْتُك بِكَذَا أَوْ افْعَلْ كَذَا أَوْ أَذِنْت لَك أَنْ تَفْعَلَ كَذَا وَنَحْوُهُ وَقَالَ الْمُؤَلِّفُ هُنَاكَ فَإِنْ قُلْتُ: فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ التَّوْكِيلِ وَالْإِرْسَالِ فَإِنَّ الْإِذْنَ وَالْأَمْرَ تَوْكِيلٌ كَمَا عَلِمْت قُلْتُ: الرَّسُولُ أَنْ يَقُولَ لَهُ أَرْسَلْتُك أَوْ كُنْ رَسُولًا عَنِّي فِي كَذَا وَقَدْ جَعَلَ مِنْهَا الزَّيْلَعِيُّ فِي بَابِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَمَرْتُكَ بِقَبْضِهِ وَصَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ فِيهِ مَعْزِيًّا إلَى الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّهُ مِنْ التَّوْكِيلِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْبَدَائِعِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ افْعَلْ كَذَا وَأَمَرْتُك بِكَذَا. اهـ.

أَقُولُ: الْمَنْقُولُ هُنَا عَنْ الْفَوَائِدِ أَنَّ الْأَمْرَ إرْسَالٌ لَا تَوْكِيلٌ تَأَمَّلْ لَكِنْ سَيَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْوَكَالَةِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ تَوْكِيلٌ إذَا دَلَّ عَلَى إنَابَةِ الْمَأْمُورِ مَنَابَ الْآمِرِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ فَلَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَلَوْ لَمْ يَرَهُ) الَّذِي فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ لَمْ بِدُونِ وَاوٍ.

[عَقْدُ الْأَعْمَى أَيْ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَسَائِرُ عُقُودِهِ]

(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ ذَبْحُهُ) جَعَلَهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ مِمَّا لَمْ يَرَ حُكْمَهُ وَتَأْلِيفُهَا مُتَأَخِّرٌ عَنْ هَذَا الشَّرْحِ وَزَادَ فِي الْأَشْبَاهِ عَلَى مَا لَمْ يَرَهُ حَضَانَتَهُ ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ ذَبْحُهُ وَأَمَّا حَضَانَتُهُ فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>