للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا اشْتَرَى قَبْلَ هَذِهِ فَهَذِهِ مُثْبِتَةٌ لِلْخِيَارِ لَهُ لَا أَنَّهَا مُسْقِطَةٌ وَيَمْتَدُّ إلَى أَنْ يُوجَدَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فِي الصَّحِيحِ وَعِبَارَةُ الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ بِمَنْزِلَةِ النَّظَرِ مِنْ الْبَصِيرِ وَقَوْلُهُ بِحَبَسَ الْمَبِيعِ مَعْنَاهُ إنْ كَانَ مِمَّا يُجَسُّ وَشَمِّهِ إنْ كَانَ مِمَّا يُشَمُّ كَالْمِسْكِ وَالذَّوْقُ فِيمَا يُذَاقُ بِاللِّسَانِ وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى عَقَارًا فَرُؤْيَتُهُ بِوَصْفِهِ لَهُ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى هُوَ أَنْ يُوقَفَ فِي مَكَان لَوْ كَانَ بَصِيرًا لَرَآهُ ثُمَّ يَذْكُرُ صِفَتَهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ إيقَافَهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْوَصْفِ وَسُقُوطِ الْخِيَارِ بِهِ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْوَصْفِ لِأَنَّهُ أُقِيمَ مَقَامَ الرُّؤْيَةِ فِي السَّلَمِ وَمِمَّنْ أَنْكَرَهُ الْكَرْخِيُّ وَقَالَ وُقُوفُهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ فِي أَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِذَلِكَ عِلْمًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

وَظَاهِرُ مَا فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْوَصْفَ إنَّمَا يَكْتَفِي بِهِ فِي الْعَقَارِ وَأَنَّ غَيْرَهُ لَا يُوصَفُ لَهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ اعْتِبَارُ الْوَصْفِ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ أَيْضًا وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا شَرْطَ مَعَ الْوَصْفِ فِي الْعَقَارِ وَقَالَ مَشَايِخُ بَلْخٍ يَمَسُّ الْحِيطَانَ وَالْأَشْجَارَ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّ الْجَسَّ فِيمَا عَدَا مَا يُشَمُّ وَيُذَاقُ وَالْعَقَارَ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الثَّمَرَ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْجَارِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْوَصْفُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ جَسُّهُ وَلَا بُدَّ فِي الْوَصْفِ لِلْأَعْمَى مِنْ كَوْنِ الْمَوْصُوفِ عَلَى مَا وُصِفَ لَهُ لِيَكُونَ فِي حَقِّهِ بِمَنْزِلَةِ الرُّؤْيَةِ فِي حَقِّ الْبَصِيرِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ أَنَّ الْخِيَارَ ثَابِتٌ لِلْأَعْمَى لِجَهْلِهِ بِصِفَاتِ الْمَبِيعِ فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ سَقَطَ خِيَارُهُ وَلِذَا قَالَ فِي الْكَامِلِ عَنْ مُحَمَّدٍ يُعْتَبَرُ اللَّمْسُ فِي الثِّيَابِ وَالْحِنْطَةِ وَحُكِيَ أَنَّ أَعْمَى اشْتَرَى أَرْضًا فَقَالَ قُودُونِي إلَيْهَا فَقَادُوهُ فَجَعَلَ يَمَسُّ الْأَرْضَ حَتَّى انْتَهَى إلَى مَوْضِعٍ مِنْهَا فَقَالَ أَوَ مَوْضِعُ كُدْسٍ هَذَا قَالُوا لَا فَقَالَ هَذِهِ الْأَرْضُ لَا تَصْلُحُ لِأَنَّهَا لَا تَكْسُو نَفْسَهَا فَكَيْفَ تَكْسُونِي وَكَانَ كَمَا قَالَ فَإِذَا كَانَ هَذَا الْأَعْمَى بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَرَضِيَ بِهَا بَعْدَمَا مَسَّهَا سَقَطَ خِيَارُهُ اهـ.

وَقَالَ الْحَسَنُ يُوَكِّلُ الْأَعْمَى وَكِيلًا بِقَبْضِهِ وَهُوَ يَرَاهُ يَسْقُطُ خِيَارُهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَهَذَا أَشْبَهُ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ جَعَلَ رُؤْيَةَ الْوَكِيلِ رُؤْيَةَ الْمُوَكِّلِ وَلَوْ وُصِفَ لِلْأَعْمَى ثُمَّ أَبْصَرَ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ سَقَطَ فَلَا يَعُودُ إلَّا بِسَبَبٍ جَدِيدٍ وَلَوْ اشْتَرَى الْبَصِيرُ ثُمَّ عَمِيَ انْتَقَلَ الْخِيَارُ إلَى الْوَصْفِ وَفِي الْمِصْبَاحِ جَسَّهُ بِيَدِهِ جَسًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ وَاجْتَسَّهُ لِيَتَعَرَّفَهُ اهـ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْجَسَّ يُكْتَفَى بِهِ فِي الرَّقِيقِ وَالثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ وَشَاةِ الْقُنْيَةِ وَكُلِّ شَيْءٍ يُمْكِنُ جَسُّهُ وَفِي الْأَصْلِ وَجَسُّ الْأَعْمَى فِي الْمَتَاعِ وَالْمَنْقُولَاتِ مِثْلُ نَظَرِ الْبَصِيرِ لِأَنَّ التَّقْلِيبَ وَالْجَسَّ مِمَّا يُعَرِّفُ بَعْضَ أَوْصَافِ الْمَبِيعِ مِنْ اللِّينِ وَالْخُشُونَةِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَرِّفُ الْجَمِيعَ فَيُقَامُ مَقَامَ النَّظَرِ حَالَةَ الْعَجْزِ كَمَا تُقَامُ الْإِشَارَةُ مِنْ الْأَخْرَسِ مَقَامَ النُّطْقِ لِلْعَجْزِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهَلْ يَجُسُّ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَرَاهُ الْبَصِيرُ فَيَجُسُّ مِنْ الرَّقِيقِ وَجْهَهُ وَمِنْ الْحَيَوَانِ الْوَجْهَ وَالْكَفَلَ حَتَّى لَوْ مَسَّ غَيْرَهُمَا لَا يَكْتَفِي بِهِ لَمْ أَرَهُ وَالظَّاهِرُ اشْتِرَاطُهُ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ رَأَى أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ فَاشْتَرَاهُمَا ثُمَّ رَأَى الْآخَرَ فَلَهُ رَدُّهُمَا) لِأَنَّ رُؤْيَةَ أَحَدِهِمَا لَا تَكُونُ رُؤْيَةَ الْآخَرِ لِلتَّفَاوُتِ فِي الثِّيَابِ فَبَقِيَ الْخِيَارُ فِيمَا لَمْ يَرَهُ ثُمَّ لَا يَرُدُّهُ وَحْدَهُ كَيْ لَا يَكُونَ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ قَبْلَ

ــ

[منحة الخالق]

أَمْكَنَ حِفْظُهُ الْمَحْضُونَ كَانَ أَهْلًا وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى هُوَ أَنْ يُوقَفَ) أَيْ الْوَصْفُ الْمُعْتَبَرُ هُوَ كَذَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَاَلَّذِي فِي الْفَتْحِ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَهَلْ يَجُسُّ الْمَوْضِعَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: الْمَنْقُولُ فِي السِّرَاجِ مَا لَفْظُهُ وَإِنْ كَانَ ثَوْبًا فَلَا بُدَّ مِنْ صِفَةِ طُولِهِ وَعَرْضِهِ وَدِقَّتِهِ مَعَ الْجَسِّ وَفِي الْحِنْطَةِ لَا بُدَّ مِنْ اللَّمْسِ وَالصِّفَةِ وَفِي الِادِّهَانِ لَا بُدَّ مِنْ الشَّمِّ وَفِي الْعَقَارِ لَا بُدَّ مِنْ وَصْفِهِ قَالَ وَكَذَا الدَّابَّةُ وَالْعَبْدُ وَالْأَشْجَارُ وَجَمِيعُ مَا يُعْرَفُ بِالْجَسِّ وَالذَّوْقِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي الثَّمَرِ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ تُعْتَبَرُ الصِّفَةُ وَبِهَذَا بَطَلَ قَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَجُسَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُكْتَفَى بِرُؤْيَةِ الْبَصِيرِ لَهُ إلَخْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يُكْتَفَى فِي نَحْوِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ بِالْوَصْفِ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ الْجَسِّ اهـ.

قُلْتُ: هَذَا ظَاهِرٌ عَلَى مَا نَقَلَهُ عَنْ السِّرَاجِ أَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَصَرِيحِ كَلَامِ الْأَصْلِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْجَسِّ فَلِاشْتِرَاطِهِ مَعْنًى ظَاهِرٌ كَمَا لَا يَخْفَى وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا فِي السِّرَاجِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي نَحْوِ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ مِنْ الْوَصْفِ وَالثَّانِي مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْجَسِّ وَكَلَامُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَالْإِيرَادُ سَاقِطٌ فَتَدَبَّرْ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا قُلْنَا مِنْ الْقَوْلَيْنِ مَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ قَوْلِهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ اعْتِبَارُ الْوَصْفِ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ أَيْضًا وَمَا عَنْ أَئِمَّةِ بَلْخٍ مِنْ أَنَّهُ يَمَسُّ الْحِيطَانَ وَالْأَشْجَارَ وَمَا عَنْ مُحَمَّدٍ مِنْ اعْتِبَارِهِ أَيْضًا فِي الثِّيَابِ وَالْحِنْطَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ السِّرَاجِ لَا بُدَّ مِنْ الْوَصْفِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يُدْرِكْ بِالْجَسِّ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ بَعْدَمَا ذَكَرَ الرِّوَايَاتِ الَّتِي قَدَّمَهَا الْمُؤَلِّفُ قَالَ وَفِي الْجُمْلَةِ مَا يَقِفُ بِهِ عَلَى صِفَةِ الْمَبِيعِ فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ فَحِينَئِذٍ لَا تَخْتَلِفُ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ فِي الْمَعْنَى لِأَنَّ الْخِيَارَ ثَابِتٌ لِلْأَعْمَى لِجَهْلِهِ بِصِفَاتِ الْمَبِيعِ فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ بِأَيِّ وَجْهٍ زَالَ يَسْقُطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>