للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى فَسَادِ الصَّلَاةِ فِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ مُطْلَقًا اهـ.

أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْعَمْدَ وَالنِّسْيَانَ لِأَنَّ حَالَةَ الصَّلَاةِ مُذَكِّرَةً فَلَا يُعْفَى النِّسْيَانُ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مُذَكِّرَ فِيهِ وَشَمِلَ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ وَلِهَذَا فَسَّرَهُ فِي الْحَاوِي بِقَدْرِ مَا يَصِلُ إلَى الْحَلْقِ وَقَيَّدَهُ الشَّارِحُ بِمَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَمَا لَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ اهـ.

وَهُوَ مَمْنُوعٌ كُلِّيًّا فَإِنَّهُ لَوْ ابْتَلَعَ شَيْئًا بَيْنَ أَسْنَانِهِ وَكَانَ قَدْرَ الْحِمَّصَةِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَفِي الصَّوْمِ يَفْسُدُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْوَلْوَالِجِيُّ وَصَاحِبُ الْمُحِيطِ بِأَنَّ فَسَادَ الصَّلَاةِ مُعَلَّقٌ بِعَمَلٍ كَثِيرٍ وَلَمْ يُوجَدْ بِخِلَافِ فَسَادِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ مُعَلَّقٌ بِوُصُولِ الْمُغَذِّي إلَى جَوْفِهِ لَكِنْ فِي الْبَدَائِعِ وَالْخُلَاصَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ فَسَادِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فِي قَدْرِ الْحِمَّصَةِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ ابْتَلَعَ دَمًا خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِلْءَ الْفَمِ اهـ.

وَقَالُوا فِي بَابِ الصَّوْمِ لَوْ خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ دَمٌ وَدَخَلَ حَلْقَهُ وَهُوَ صَائِمٌ إنْ كَانَ الْغَلَبَةُ لِلدَّمِ أَوْ كَانَا سَوَاءً فَطَّرَهُ لِأَنَّ لَهُ حُكْمَ الْخَارِجِ وَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلْبُزَاقِ لَا يَضُرُّهُ كَمَا فِي الْوُضُوءِ فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَاءَ أَقَلَّ مِنْ مِلْءِ الْفَمِ فَعَادَ إلَى جَوْفِهِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ إمْسَاكَهُ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَإِنْ أَعَادَهُ إلَى جَوْفِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَمُجَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى قِيَاسِ الصَّوْمِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا تَفْسُدُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَفْسُدُ وَإِنْ تَقَيَّأَ فِي صَلَاتِهِ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِلْءِ الْفَمِ لَا تَفْسُدُ وَإِنْ كَانَ مِلْءَ الْفَمِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ مَضَغَ الْعِلْكَ كَثِيرًا فَسَدَتْ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي فَمِهِ إهْلِيلَجَةٌ فَلَاكَهَا فَإِنْ دَخَلَ فِي حَلْقِهِ مِنْهَا شَيْءٌ يَسِيرٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلُوكَهَا لَا تَفْسُدُ وَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ فَسَدَتْ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ أَكَلَ شَيْئًا مِنْ الْحَلَاوَةِ وَابْتَلَعَ عَيْنَهَا فَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فَوَجَدَ حَلَاوَتَهَا فِي فِيهِ وَابْتَلَعَهَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَلَوْ دَخَلَ الْفَانِيدُ أَوْ السُّكَّرُ فِي فِيهِ وَلَمْ يَمْضُغْهُ لَكِنْ يُصَلِّي وَالْحَلَاوَةُ تَصِلُ إلَى جَوْفِهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ اهـ. وَأَشَارَ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ إلَى أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ كَثِيرٍ فَهُوَ مُفْسِدٌ

وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْكَثِيرَ مُفْسِدٌ وَالْقَلِيلَ لَا لِإِمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْ الْكَثِيرِ دُونَ الْقَلِيلِ فَإِنَّ فِي الْحَيِّ حَرَكَاتٌ مِنْ الطَّبْعِ وَلَيْسَتْ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَوْ اُعْتُبِرَ الْعَمَلُ مُفْسِدًا مُطْلَقًا لَزِمَ الْحَرَجُ فِي إقَامَةِ صِحَّتِهَا وَهُوَ مَدْفُوعٌ بِالنَّصِّ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَا يُعَيِّنُ الْكَثْرَةَ وَالْقِلَّةَ عَلَى أَقْوَالٍ أَحَدِهَا مَا اخْتَارَهُ الْعَامَّةُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ لَا يَشُكُّ النَّاظِرُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ كَثِيرٌ وَكُلَّ عَمَلٍ يَشْتَبِهُ عَلَى النَّاظِرِ أَنَّ عَامِلَهُ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ قَلِيلٌ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَهَذَا أَصَحُّ وَتَابَعَهُ الشَّارِحُ والْوَلْوَالِجِيُّ وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ إنَّهُ الْأَحْسَنُ وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ إنَّهُ الصَّوَابُ وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالنَّاظِرِ مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِشُرُوعِ الْمُصَلِّي فِي الصَّلَاةِ فَحِينَئِذٍ إذَا رَآهُ عَلَى هَذَا الْعَمَلِ وَتَيَقَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ عَمَلٌ كَثِيرٌ وَإِنْ شَكَّ فَهُوَ قَلِيلٌ ثَانِيهَا إنَّ مَا يُقَامُ بِالْيَدَيْنِ عَادَةً كَثِيرٌ وَإِنْ فَعَلَهُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ كَالتَّعَمُّمِ وَلُبْسِ الْقَمِيصِ وَشَدِّ السَّرَاوِيلِ وَالرَّمْيِ عَنْ الْقَوْسِ وَمَا يُقَامُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ قَلِيلٌ وَلَوْ فَعَلَهُ بِالْيَدَيْنِ كَنَزْعِ الْقَمِيصِ وَحَلِّ السَّرَاوِيلِ وَلُبْسِ الْقَلَنْسُوَةِ وَنَزْعِهَا وَنَزْعُ اللِّجَامِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَلَمْ يُقَيِّدْ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ مَا يُقَامُ بِالْيَدَيْنِ بِالْعُرْفِ

وَقَيَّدَ فِي الْخَانِيَّةِ مَا يُقَامُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ بِمَا إذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ وَالْمُرَادُ بِالتَّكَرُّرِ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ حَكَّ ثَلَاثًا فِي رُكْنٍ وَاحِدٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ هَذَا إذَا رَفَعَ يَدَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَمَّا إذَا لَمْ يَرْفَعْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَلَا تَفْسُدُ لِأَنَّهُ حَكٌّ وَاحِدٌ اهـ.

وَهُوَ تَقْيِيدٌ غَرِيبٌ وَتَفْصِيلٌ عَجِيبٌ يَنْبَغِي حِفْظُهُ لَكِنْ فِي الظَّهِيرِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ لَوْ حَكَّ مَوْضِعًا مِنْ جَسَدِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِدَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ اهـ.

وَلَمْ أَرَ مَنْ صَحَّحَ الْقَوْلَ الثَّانِي فِي تَحْدِيدِ الْعَمَلِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّهُ لَوْ مَضَغَ الْعِلْكَ فِي صَلَاتِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ كَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ لِأَنَّ النَّاظِرَ إلَيْهِ مِنْ بَعِيدٍ لَا يَشُكُّ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ فِيهِ اسْتِعْمَالُ الْيَدِ رَأْسًا فَضْلًا عَنْ اسْتِعْمَالِ الْيَدَيْنِ وَكَذَا الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ يَعْمَلُ بِيَدٍ

ــ

[منحة الخالق]

[الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِي الصَّلَاةِ]

(قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْبَدَائِعِ وَالْخُلَاصَةِ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مُفِيدٌ لِدَفْعِ الْمَنْعِ (قَوْلُهُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ ابْتَلَعَ دَمًا خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ) ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ هُنَا وَالتَّفْصِيلُ فِيمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْغَالِبِ وَالْمَغْلُوبِ لَكِنْ إذَا كَانَ غَالِبًا يَكُونُ مِنْ مَسَائِلِ سَبْقِ الْحَدَثِ وَهُوَ لَا يُنَافِي عَدَمَ الْفَسَادِ (قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَحَّحَ الْقَوْلَ الثَّانِيَ) قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ بَعْدَ ذِكْرِ الدُّرَرِ هَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ جَازِمًا بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْعَتَّابِيُّ وَفِي عُمْدَةَ الْمُفْتِي ثُمَّ قَالَ بَلْ ظَاهِرُ مَا فِي الْحَاوِي آخِرًا التَّفْرِيعُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ لَا يَخْفَى أَنَّ قَيْدَ الْحَيْثِيَّةِ مُرَاعًى فَمَعْنَى مَا يَعْمَلُ بِالْيَدَيْنِ كَثِيرٌ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَعْمَلُ بِهِمَا اهـ.

لَكِنْ عَلَى هَذَا يَبْقَى مَضْغُ الْعِلْكِ غَيْرُ مَعْلُومِ الْحُكْمِ وَلَا مَانِعَ مِنْ اعْتِبَارِ شَيْءٍ آخَرَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَدْخُلُهُ (قَوْلُهُ لَوْ مَضَغَ الْعِلْكَ فِي صَلَاتِهِ فَسَدَتْ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ الْمَضْغُ كَثِيرًا كَمَا فِي التَّجْنِيسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>