وَاحِدَةٍ وَهُوَ مُبْطِلٌ اتِّفَاقًا وَكَذَا قَوْلُهُمْ لَوْ دَهَنَ رَأْسَهُ أَوْ سَرَّحَ شَعْرَهُ سَوَاءٌ كَانَ شَعْرَ رَأْسِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لَا يَتَخَرَّجُ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ مَا يُقَامُ بِالْيَدَيْنِ لِأَنَّ دَهْنَ الرَّأْسِ وَتَسْرِيحَ الشَّعْرِ عَادَةً يَكُونُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالدَّهْنِ تَنَاوُلَهُ الْقَارُورَةَ وَصَبَّ الدُّهْنِ مِنْهَا بِيَدِهِ الْأُخْرَى وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّ فِي الْمُحِيطِ قَالَ وَلَوْ صَبَّ الدُّهْنَ عَلَى رَأْسِهِ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ لَا تَفْسُدُ وَتَعْلِيلُ الْوَلْوَالِجِيِّ بِأَنَّ تَسْرِيحَ الشَّعْرِ يُفْعَلُ بِالْيَدَيْنِ مَمْنُوعٌ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ وَلَوْ حَمَلَتْ صَبِيًّا فَأَرْضَعَتْهُ تَفْسُدُ فَهُوَ عَلَى سَائِرِ التَّفَاسِيرِ لَكِنْ مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ الْمَرْأَةُ إذَا أَرْضَعَتْ وَلَدَهَا تَفْسُدُ صَلَاتُهَا لِأَنَّهَا صَارَتْ مُرْضِعَةً فَشَمِلَ مَا إذَا حُمِلَ إلَيْهَا فَدَفَعَتْ إلَيْهِ الثَّدْيَ فَرَضَعَهَا وَأَمَّا إذَا ارْتَضَعَ مِنْ ثَدْيِهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ
فَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ إنْ مَصَّ ثَلَاثًا فَسَدَتْ وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ اللَّبَنُ فَإِنْ كَانَ مَصَّةً أَوْ مَصَّتَيْنِ فَإِنْ نَزَلَ لَبَنٌ فَسَدَتْ وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْمُنْيَةِ وَالْمُحِيطِ إنْ خَرَجَ اللَّبَنُ فَسَدَتْ وَإِلَّا فَلَا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِعَدَدٍ وَصَحَّحَهُ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ لَوْ ضَرَبَ إنْسَانًا بِيَدٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِسَوْطٍ تَفْسُدُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَالْخُلَاصَةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَالْمُنْيَةِ فَلَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا يُقَامُ بِالْيَدَيْنِ بَلْ عَلَى الصَّحِيحِ لَكِنْ فِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ ضَرَبَ دَابَّتَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ لَا تَفْسُدُ وَإِنْ ضَرَبَهَا ثَلَاثًا فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ تَفْسُدُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعِنْدِي إذَا ضَرَبَ مَرَّةً وَاحِدَةً وَسَكَنَ ثُمَّ ضَرَبَ مَرَّةً أُخْرَى وَسَكَنَ ثُمَّ ضَرَبَ مَرَّةً أُخْرَى لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَمَا قُلْنَا فِي الْمَشْيِ اهـ.
وَهَذَا يَصْلُحُ أَنْ يَتَفَرَّعَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَأَمَّا اعْتِبَارُهُمْ الْمَرَّاتِ الثَّلَاثَ فِي الْحَكِّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخُلَاصَةِ فَالظَّاهِرُ تَفْرِيعُهُ عَلَى قَوْلِ مَنْ فَسَّرَ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ بِمَا تَكَرَّرَ ثَلَاثًا وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ لَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ لَوْ قَتَلَ الْقَمْلَةَ مِرَارًا إنْ قَتَلَ قَتْلًا مُتَدَارَكًا تَفْسُدُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْقِتْلَاتِ فُرْجَةٌ لَا تَفْسُدُ فَيَصْلُحُ تَفْرِيعُهُ عَلَى الْأَقْوَالِ كُلِّهَا وَأَمَّا قَوْلُهُمْ لَوْ قَبَّلَ الْمُصَلِّي امْرَأَتَهُ بِشَهْوَةٍ أَوْ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ أَوْ مَسَّهَا بِشَهْوَةٍ فَسَدَتْ يَنْبَغِي تَفْرِيعُهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَصَحِّ وَكَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ فَسَّرَ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ بِمَا يَسْتَفْحِشُهُ الْمُصَلِّي وَأَمَّا عَلَى اعْتِبَارِ مَا يَفْعَلُ بِالْيَدَيْنِ أَوْ بِمَا تَكَرَّرَ ثَلَاثًا فَلَا وَهُوَ مِمَّا يُضْعِفُهُمَا كَمَا لَا يَخْفَى وَكَذَا لَوْ جَامَعَهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ مِنْ غَيْرِ إنْزَالٍ بِخِلَافِ النَّظَرِ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُفْسِدُ عَلَى الْمُخْتَارِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ هِيَ الْمُصَلِّيَةُ دُونَهُ فَقَبَّلَهَا فَسَدَتْ بِشَهْوَةٍ أَوْ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَلَوْ كَانَ هُوَ الْمُصَلِّي فَقَبَّلَتْهُ وَلَمْ يَشْتَهِهَا فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ فَمُشْكِلٌ إذْ لَيْسَ مِنْ الْمُصَلِّي فِعْلٌ فِي الصُّورَتَيْنِ فَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ الْفَسَادِ فِيهِمَا فَإِنْ جَعَلْنَا تَمْكِينَهُ مِنْ الْفِعْلِ بِمَنْزِلَةِ فِعْلِهِ اقْتَضَى الْفَسَادَ فِيهِمَا وَهُوَ الظَّاهِرُ عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ مَا لَوْ نَظَرَ إلَيْهِ النَّاظِرُ لَتَيَقَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ مَا اسْتَفْحَشَهُ الْمُصَلِّي لَكِنْ فِي شَرْحِ الزَّاهِدِيِّ
وَلَوْ قَبَّلَ الْمُصَلِّيَةَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهَا وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ إنْ كَانَ بِشَهْوَةٍ فَسَدَتْ اهـ.
وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ مُسَاوٍ لِتَقْبِيلِهِ وَتَقْبِيلِهَا وَفِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي الْمَشْيُ فِي الصَّلَاةِ إذَا كَانَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لَا يُفْسِدُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَلَاحِقًا وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ وَفِي الْفَضَاءِ مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الصُّفُوفِ هَذَا كُلُّهُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ يَكُونُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ) سَيَأْتِي (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالدَّهْنِ تَنَاوُلُهُ إلَخْ) وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِي التَّسْرِيحِ وَالْجَوَابُ تَعْلِيلُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ لَهُ بِقَوْلِهِ فِي التَّجْنِيسِ لِأَنَّهُ يَقُومُ بِالْيَدَيْنِ غَالِبًا (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا ارْتَضَعَ مِنْ ثَدْيِهَا) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِأَمَّا الشَّرْطِيَّةِ وَفِي بَعْضِهَا وَمَا إذَا بِدُونِ هَمْزَةٍ وَعَلَيْهَا يُتَوَجَّهُ قَوْلُ النَّهْرِ هَذَا سَهْوٌ ظَاهِرٌ وَأَنَّى يُقَالُ ارْتِضَاعُهُ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ مِنْهَا أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ اهـ وَيُؤَيِّدُ النُّسْخَةَ الْأُولَى أَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهَا وَذِكْرَ الْفَاءَ فِي جَوَابِ أَمَّا
(قَوْلُهُ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ إلَى قَوْلِهِ فَمُشْكِلٌ) قَالَ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِوَجْهِ الْفَرْقِ وَفِي النَّهْرِ وَعَلَى مَا فِي الْخُلَاصَةِ قَدْ فَرَّقَ بِأَنَّ الشَّهْوَةَ لَمَّا كَانَتْ فِي النِّسَاءِ أَغْلَبَ كَانَ تَقْبِيلُهُ مُسْتَلْزِمًا لِاشْتِهَائِهَا عَادَةً بِخِلَافِ تَقْبِيلِهَا اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيَّ بِزِيَادَةٍ وَعِبَارَتُهُ وَفَتَحَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ وَهُوَ أَنَّ الشَّهْوَةَ غَالِبَةٌ عَلَى النِّسَاءِ فَهِيَ فِي حُكْمِ الْمَوْجُودَةِ مِنْهَا وَلِهَذَا حَرُمَ نَظَرُ الرَّجُلِ إلَيْهَا عِنْدَ غَلَبَةِ ظَنِّهِ بِالشَّهْوَةِ أَوْ الشَّكِّ قَالُوا لِتَحَقُّقِ الشَّهْوَةِ مِنْهَا حُكْمًا وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ كَانَ كَثِيرَ عَمَلٍ لِوُقُوعِهِ بَيْنَ مُتَفَاعِلَيْنِ وَإِذَا قَبَّلَتْهُ وَلَمْ يَشْتَهِ لَمْ يُوجَدْ مِنْ جَانِبِهِ أَصْلًا وَيُوَشِّحُ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ اعْتِبَارِ نُزُولِ اللَّبَنِ كَثِيرَ عَمَلٍ اهـ.
لَكِنْ ذَكَرَ الْبَاقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى مَا لَا يُحْتَاجُ مَعَهُ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ حَيْثُ قَالَ أَقُولُ: عِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي الصَّلَاةِ فَجَامَعَهَا زَوْجُهَا تَفْسُدُ صَلَاتُهَا وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ مَنِيٌّ وَكَذَا لَوْ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ أَوْ مَسَّهَا لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْجِمَاعِ أَمَّا لَوْ قَبَّلَتْ الْمَرْأَةُ الْمُصَلِّيَ وَلَمْ يَشْتَهِهَا لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ هَذِهِ عِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ فَالْعَجَبُ مِنْ هَذَا الْعَلَّامَةُ الْإِمَامُ ابْنُ الْهُمَامِ كَيْفَ غَفَلَ عَنْ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْمَقَامِ اهـ.
قُلْت وَبِهَذَا التَّعْلِيلِ عَلَّلَ فِي التَّجْنِيسِ (قَوْلُهُ وَفِي الْفَضَاءِ مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الصُّفُوفِ) أَقُولُ: قَالَ فِي التَّجْنِيسِ رَجُلٌ صَلَّى فِي الصَّحْرَاءِ فَتَأَخَّرَ عَنْ مَوْضِعِ قِيَامِهِ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَيُعْتَبَرُ مِقْدَارُ سُجُودِهِ مِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ كَمَا فِي وَجْهِ الْقِبْلَةِ سَوَاءٌ فَمَا لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ هَذَا الْمَوْضِعِ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ الْمَسْجِدِ فَلَا تَفْسُدْ