إذَا لَمْ يَسْتَدْبِرْ الْقِبْلَةَ وَأَمَّا إذَا اسْتَدْبَرَهَا فَسَدَتْ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ الْمُخْتَارُ فِي الْمَشْيِ أَنَّهُ إذَا أَكْثَرَ أَفْسَدَهَا وَأَمَّا قَوْلُهُمْ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لَوْ أَخَذَ حَجَرًا فَرَمَى بِهِ تَفْسُدُ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ حَجَرٌ فَرَمَى لَا تَفْسُدُ وَقَدْ أَسَاءَ فَظَاهِرُهُ التَّفْرِيعُ عَلَى الصَّحِيحِ لَا عَلَى تَفْسِيرِهِ بِمَا يُقَامُ بِالْيَدَيْنِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا لَوْ كَتَبَ قَدْرَ ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ تَفْسُدُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَا فَالظَّاهِرُ تَفْرِيعُهُ عَلَى أَنَّ الْكَثِيرَ مَا يَسْتَكْثِرُهُ الْمُبْتَلَى بِهِ أَوْ أَنَّهُ مَا تَكَرَّرَ ثَلَاثًا مُتَوَالِيَاتٍ وَأَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَسَادَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كِتَابَةِ ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ بَلْ يَحْصُلُ الْفَسَادُ بِكِتَابَةِ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ مُسْتَبِينَةٍ عَلَى الْأَرْضِ وَنَحْوِهَا وَقَدْ يَشْهَدُ بِذَلِكَ إطْلَاقُ مَا فِي الْمُحِيطِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ كَتَبَ فِي صَلَاتِهِ عَلَى شَيْءٍ فَسَدَتْ وَإِنْ كَتَبَ عَلَى شَيْءٍ لَا يُرَى لَا تَفْسُدُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى كِتَابَةً وَأَمَّا قَوْلُهُمْ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ لَوْ حَرَّكَ رِجْلًا لَا عَلَى الدَّوَامِ لَا تَفْسُدُ وَإِنْ حَرَّكَ رِجْلَيْهِ تَفْسُدُ فَمُشْكِلٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ تَحْرِيكَ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا حَتَّى يَلْحَقَ بِهِمَا تَحْرِيكُ الرِّجْلَيْنِ
وَالْأَوْجَهُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّهُ إنْ حَرَّكَ رِجْلَيْهِ قَلِيلًا لَا تَفْسُدُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَسَدَتْ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا وَلَعَلَّهُ مُفَوَّضٌ إلَى مَا يَعُدُّهُ الْعُرْفُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ إذَا تَخَمَّرَتْ الْمَرْأَةُ فَسَدَتْ صَلَاتُهَا وَلَوْ أَغْلَقَ الْبَابَ لَا تَفْسُدُ وَإِنْ فَتَحَ الْبَابَ الْمُغْلَقَ تَفْسُدُ وَإِنْ نَزَعَ الْقَمِيصَ لَا تَفْسُدُ وَلَوْ لَبِسَ تَفْسُدُ وَلَوْ شَدَّ السَّرَاوِيلَ تَفْسُدُ وَلَوْ فَتَحَ لَا تَفْسُدُ وَمَنْ أَخَذَ عَنَانَ دَابَّتِهِ أَوْ مَقُودَهَا وَهُوَ نَجِسٌ إنْ كَانَ مَوْضِعُ قَبْضِهِ نَجِسًا لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَ النَّجِسُ مَوْضِعًا آخَرَ جَازَ وَإِنْ كَانَ يَتَحَرَّكُ بِتَحَرُّكِهِ هُوَ الْمُخْتَارُ وَإِنْ جَذَبَتْهُ الدَّابَّةُ حَتَّى أَزَالَتْهُ عَنْ مَوْضِعِ سُجُودِهِ تَفْسُدُ وَلَوْ آذَاهُ حَرُّ الشَّمْسِ فَتَحَوَّلَ إلَى الظِّلِّ خُطْوَةً أَوْ خُطْوَتَيْنِ لَا تَفْسُدُ وَقِيلَ فِي الثَّلَاثِ كَذَلِكَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَلَوْ رَفَعَ رَجَلٌ الْمُصَلِّي عَنْ مَكَانِهِ ثُمَّ وَضَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحَوِّلَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ لَا تَفْسُدُ وَلَوْ وَضَعَهُ عَلَى الدَّابَّةِ تَفْسُدُ وَلَوْ زَرَّ قَمِيصًا أَوْ قَبَاءً فَسَدَتْ لَا إنْ حَلَّهُ وَإِنْ أَلْجَمَ دَابَّةً فَسَدَتْ لَا إنْ خَلَعَهُ وَلَوْ لَبِسَ خُفَّيْهِ فَسَدَتْ لَا إنْ تَنَعَّلَ أَوْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ كَمَا لَوْ تَقَلَّدَ سَيْفًا أَوْ نَزَعَهُ أَوْ وَوَضَعَ الْفَتِيلَةَ فِي مِسْرَجَةٍ أَوْ تَرَوَّحَ بِمِرْوَحَةٍ أَوْ بِكُمِّهِ أَوْ سَوَّى مِنْ عِمَامَتِهِ كَوْرًا أَوْ كَوْرَيْنِ أَوْ لَبِسَ قَلَنْسُوَةً أَوْ بَيْضَةً
وَالْحَاصِلُ أَنَّ فُرُوعَهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ اخْتَلَفَتْ وَلَمْ تَتَفَرَّعْ كُلُّهَا عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ بَلْ بَعْضُهَا عَلَى قَوْلٍ وَبَعْضُهَا عَلَى غَيْرِهِ كَمَا يَظْهَرُ لِلْمُتَأَمِّلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَكْثَرَهَا تَفْرِيعَاتُ الْمَشَايِخِ لَمْ تَكُنْ مَنْقُولَةً عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَلِهَذَا جُعِلَ الِاخْتِلَافُ فِي حَدِّ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ فِي التَّجْنِيسِ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ الْمَشَايِخِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ الْأَقْوَالِ أَرْبَعَةً وَذَكَرُوا قَوْلًا خَامِسًا وَهُوَ أَنَّ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ مَا يَكُونُ مَقْصُودًا لِلْفَاعِلِ بِأَنْ أَفْرَدَ لَهُ مَجْلِسًا عَلَى حِدَةٍ وَلَقَدْ صَدَقَ مَنْ قَالَ كَثْرَةُ الْمَقَالَاتِ تُؤْذِنُ بِكَثْرَةِ الْجَهَالَاتِ وَلَقَدْ صَدَقَ صَاحِبُ الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ حَيْثُ قَالَ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ إنَّ كُلَّ مَا لَمْ يُرْوَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ قَوْلٌ بَقِيَ كَذَلِكَ مُضْطَرِبًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا حُكِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ كَانَ يَضْطَرِبُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ وَكَانَ يَقُولُ كُلُّ مَسْأَلَةٍ لَيْسَ لِشَيْخِنَا فِيهَا قَوْلٌ فَنَحْنُ فِيهَا هَكَذَا اهـ.
وَإِلَى هُنَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُفْسِدَ لِلصَّلَاةِ كَلَامُ النَّاسِ مُطْلَقًا وَالْعَمَلُ الْكَثِيرُ وَمِنْ الْمُفْسِدِ الْمَوْتُ وَالِارْتِدَادُ بِالْقَلْبِ وَالْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ وَكُلُّ حَدَثٍ عَمْدٍ وَمَا أَوْجَبَ الْغُسْلَ كَالِاحْتِلَامِ وَالْحَيْضِ
ــ
[منحة الخالق]
صَلَاتُهُ وَلَوْ خَطَّ حَوْلَهُ خَطًّا وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْخَطِّ لَكِنْ تَأَخَّرَ عَمَّا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَوْضِعِ فَسَدَتْ لِأَنَّ الْخَطَّ لَيْسَ بِشَيْءٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ أَغْلَقَ الْبَابَ لَا تَفْسُدُ إلَخْ) قَالَ فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ لَوْ فَتَحَ بَابًا أَوْ أَغْلَقَهُ فَدَفَعَهُ بِيَدِهِ مِنْ غَيْرِ مُعَالَجَةٍ بِمِفْتَاحِ غَلَقٍ أَوْ قُفْلٍ كُرِهَ ذَلِكَ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ عَمَلٌ قَلِيلٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا أَغْلَقَ تَفْسُدُ تَأْوِيلُهُ إذَا كَانَ فِيهِ يَحْتَاجُ إلَى مُعَالَجَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ وَمَنْ أَخَذَ عَنَانَ دَابَّتِهِ إلَخْ) لَا دَخْلَ لِهَذَا الْفَرْعِ هُنَا
(قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فُرُوعَهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ اخْتَلَفَتْ إلَخْ) أَقُولُ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَمَّا رَأَى مَشَايِخُ الْمَذْهَبِ الْفُرُوعَ الْمَذْكُورَةَ فَكُلٌّ مِنْهُمْ عَرَّفَ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ بِتَعْرِيفٍ يَنْطَبِقُ عَلَى مَا رَآهُ مِنْ الْفُرُوعِ وَبِضَمِّ التَّعَارِيفِ إلَى بَعْضِهَا تَنْتَظِمُ الْفُرُوعُ جَمِيعًا بِأَنْ يُقَالَ الْعَمَلُ الْكَثِيرُ هُوَ مَا لَا يَشُكُّ النَّاظِرُ إلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ مَا كَانَ بِحَرَكَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ أَوْ مَا كَانَ يُعْمَلُ بِالْيَدَيْنِ أَوْ مَا يَسْتَكْثِرُهُ الْمُبْتَلَى بِهِ أَوْ مَا يَكُونُ مَقْصُودًا لِلْفَاعِلِ بِأَنْ أَفْرَدَ لَهُ مَجْلِسًا عَلَى حِدَةٍ لَكِنْ يُمْكِنُ إدْخَالُ سَائِرِ الْفُرُوعِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَالِاسْتِغْنَاءُ بِهِمَا عَنْ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ فَتَأَمَّلْ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّوْفِيقِ فَإِنَّ فِيهِ إحْسَانَ الظَّنِّ بِمَشَايِخِ الْمَذْهَبِ فَإِنَّ هَذِهِ الْفُرُوعَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كُلُّهَا مَنْقُولَةً عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لَكِنْ الْمَشَايِخُ خَرَّجُوا بَعْضَهَا عَلَى الْمَنْقُولِ لَا بِمُجَرَّدِ الرَّأْيِ وَمَا كَانَ مُخَرَّجًا عَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ أَهْلِ التَّخْرِيجِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْمَذْهَبِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِفِكْرِي الْقَاصِرِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ ثُمَّ رَأَيْت الْعَلَّامَةَ الشَّيْخَ إبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيَّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُنْيَةِ ذَكَرَ مَا ذَكَرْتُهُ حَيْثُ قَالَ وَأَكْثَرُ الْفُرُوعِ أَوْ جَمِيعُهَا مُخَرَّجٌ عَلَى أَحَدِ الطَّرِيقَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ
وَالظَّاهِرُ أَنَّ ثَانِيَهُمَا لَيْسَ خَارِجًا عَنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّ مَا يُقَامُ بِالْيَدَيْنِ عَادَةً يَغْلِبُ ظَنُّ النَّاظِرِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ وَكَذَا قَوْلُ مَنْ اعْتَبَرَ التَّكْرَارَ إلَى ثَلَاثٍ مُتَوَالِيَةٍ فَإِنَّ التَّكْرَارَ يُغَلِّبُ الظَّنُّ بِذَلِكَ فَلِذَا اخْتَارَهُ جُمْهُورُ الْمَشَايِخِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَذَكَرُوا قَوْلًا خَامِسًا وَهُوَ إلَخْ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute