للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُطْبَخُ فَيَسِيلُ مِنْهُ الزِّئْبَقُ فَأَشْبَهَ الرَّصَاصَ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْبَاءِ بَعْدَ الْهَمْزَةِ السَّاكِنَةِ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَقِيلَ هُوَ حَيَوَانٌ؛ لِأَنَّهُ ذُو حِسٍّ يَتَحَرَّكُ بِالْإِرَادَةِ؛ وَلِهَذَا يُقْتَلُ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُ بِالْيَاءِ وَقَدْ تُهْمَزُ، وَمِنْهُمْ حِينَئِذٍ مَنْ يَكْسِرُ الْمُوَحَّدَةَ بَعْدَ الْهَمْزَةِ مِثْلَ زِيبِرِ الثَّوْبِ، وَهُوَ مَا يَعْلُو جَدِيدُهُ مِنْ الْوَبْرَةِ لِأَخْذِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ

(قَوْلُهُ: لَا رِكَازُ دَارِ حَرْبٍ) أَيْ لَا يُخَمَّسُ رِكَازٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَنِيمَةٍ لِأَخْذِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ لِانْعِدَامِ غَلَبَةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ أَطْلَقَ فِي الرِّكَازِ فَشَمِلَ الْكَنْزَ وَالْمَعْدِنَ وَالْقُدُورِيُّ وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْكَنْزِ لِيُبَيِّنَّ حُكْمَ الْمَعْدِنِ بِالْأَوْلَى لِعَدَمِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ بِخِلَافِ الْكَنْزِ فَإِنَّ شَيْخَ الْإِسْلَامِ أَوْجَبَ الْخُمُسَ فِيهِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَأَطْلَقَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَشَمِلَ مَا إذَا وَجَدَهُ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ أَوْ فِي مَمْلُوكَةٍ لَهُمْ لَكِنْ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ فَالْكُلُّ لَهُ سَوَاءٌ دَخَلَ بِأَمَانٍ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْأَمَانِ يَظْهَرُ فِي الْمَمْلُوكِ لَا فِي الْمُبَاحِ، وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِبَعْضِهِمْ فَإِنْ دَخَلَ بِأَمَانٍ رَدَّهُ إلَى صَاحِبِهَا لِحُرْمَةِ أَمْوَالِهِمْ عَلَيْهِ بِغَيْرِ الرِّضَا، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ إلَيْهِ مَلَكَهُ مِلْكًا خَبِيثًا فَسَبِيلُهُ التَّصَدُّقُ بِهِ، فَلَوْ بَاعَهُ صَحَّ لِقِيَامِ مِلْكِهِ لَكِنْ لَا يَطِيبُ لِلْمُشْتَرِي بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ يَرْتَفِعُ بِبَيْعِهِ لِامْتِنَاعِ فَسْخِهِ حِينَئِذٍ، وَإِنْ دَخَلَ بِغَيْرِ أَمَانٍ حَلَّ لَهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا دَخَلَ جَمَاعَةٌ ذَوُو مَنْعَةٍ دَارَ الْحَرْبِ وَظَفِرُوا بِشَيْءٍ مِنْ كُنُوزِهِمْ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ لِكَوْنِهِ غَنِيمَةً لِحُصُولِ الْأَخْذِ عَلَى طَرِيقِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ (قَوْلُهُ وَفَيْرُوزَجُ وَلُؤْلُؤٌ وَعَنْبَرٌ) أَيْ لَا تُخَمَّسُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ حَجَرٌ مُضِيءٌ يُوجَدُ فِي الْجِبَالِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «لَا خُمُسَ فِي الْحَجَرِ» وَنَحْوُهُ الْيَاقُوتُ وَالْجَوَاهِرُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ كُلِّ جَامِعٍ لَا يَنْطَبِعُ أَطْلَقَهُ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَخَذَهَا مِنْ مَعْدِنِهَا أَمَّا إذَا وُجِدَتْ كَنْزًا، وَهِيَ دَفِينُ الْجَاهِلِيَّةِ فَفِيهِ الْخُمُسُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْكَنْزِ إلَّا الْمَالِيَّةُ لِكَوْنِهِ غَنِيمَةً، وَأَمَّا الثَّانِي فَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ حِلْيَةٍ تُسْتَخْرَجُ مِنْ الْبَحْرِ حَتَّى الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ فِيهِ بِأَنْ كَانَتْ كَنْزًا فِي قَعْرِ الْبَحْرِ، وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجِبُ فِي جَمِيعِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَحْرِ لِأَنَّهُ مِمَّا تَحْوِيهِ يَدُ الْمُلُوكِ وَلَهُمَا أَنَّ قَعْرَ الْبَحْرِ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ قَهْرُ أَحَدٍ فَانْعَدَمَتْ الْيَدُ وَهِيَ شَرْطُ الْوُجُوبِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَنْزَ لَا تَفْصِيلَ فِيهِ بَلْ يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ كَيْفَمَا كَانَ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ أَوْ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ أَنْ كَانَ مَالًا مُتَقَوِّمًا، وَأَمَّا الْمَعْدِنُ فَثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْبَابِ وَاللُّؤْلُؤُ مَطَرُ الرَّبِيعِ يَقَعُ فِي الصَّدَفِ فَيَصِيرُ لُؤْلُؤًا وَالصَّدَفُ حَيَوَانٌ يُخْلَقُ فِيهِ اللُّؤْلُؤُ وَالْعَنْبَرُ حَشِيشٌ يَنْبُتُ فِي الْبَحْرِ أَوْ خَثَى دَابَّةٍ فِي الْبَحْرِ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ - أَعْلَمُ

(بَابُ الْعُشْرِ)

هُوَ وَاحِدُ الْأَجْزَاءِ الْعَشَرَةِ، وَالْكَلَامُ فِيهِ فِي مَوَاضِعَ فِي بَيَانِ فَرْضِيَّتِهِ وَكَيْفِيَّتِهَا وَسَبَبِهَا وَشَرَائِطِهَا وَقَدْرِ الْمَفْرُوضِ وَوَقْتِهِ وَصِفَتِهِ وَرُكْنِهِ وَشَرَائِطِهِ وَمَا يُسْقِطُهُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَثَابِتٌ بِالْكِتَابِ قَوْله تَعَالَى - {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ هُوَ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ، وَبِالسُّنَّةِ «مَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ فَفِيهِ الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِغَرْبٍ أَوْ دَالِيَةٍ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ» ، وَبِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا الْكَيْفِيَّةُ فَمَا تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي وَأَمَّا سَبَبُهَا فَالْأَرْضُ النَّامِيَةُ بِالْخَارِجِ حَقِيقَةً بِخِلَافِ الْخَرَاجِ فَإِنَّ سَبَبَهُ الْأَرْضُ النَّامِيَةُ حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا بِالتَّمْكِينِ فَلَوْ تَمَكَّنَ، وَلَمْ يَزْرَعْ وَجَبَ الْخَرَاجُ دُونَ الْعُشْرِ، وَلَوْ أَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ لَمْ يَجِبَا وَقَدَّمْنَا حُكْمَ تَعْجِيلِ الْعُشْرِ وَأَنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فِي مَسْأَلَةِ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ، وَأَمَّا شَرَائِطُهَا فَنَوْعَانِ شَرْطُ الْأَهْلِيَّةِ وَشَرْطُ الْمَحَلِّيَّةِ فَالْأَوَّلُ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا الْإِسْلَامُ، وَأَنَّهُ شَرْطُ ابْتِدَاءِ هَذَا الْحَقِّ فَلَا يُبْتَدَأُ إلَّا عَلَى مُسْلِمٍ بِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا كَوْنُهُ يَتَحَوَّلُ إلَى الْكَافِرِ فَسَيَأْتِي مُفَصَّلًا وَالثَّانِي الْعِلْمُ بِالْفَرْضِيَّةِ، وَهُوَ

ــ

[منحة الخالق]

عَلَيْهِ، وَلَا يُخَمِّسُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة

[لَا يُخَمَّسُ رِكَازٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ]

(قَوْلُهُ: مَلَكَهُ مِلْكًا خَبِيثًا) قَالَ فِي النَّهْرِ: الْمَذْكُورُ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ إنْ أَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ مَلَكَهُ مِلْكًا خَبِيثًا (قَوْلُهُ: فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَنْزَ لَا تَفْصِيلَ فِيهِ) أَيْ الْكَنْزَ غَيْرَ الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ الْبَحْرِ

[بَابُ الْعُشْرِ]

[حُكْمَ تَعْجِيلِ الْعُشْرِ]

(بَابُ الْعُشْرِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>