للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَامٌّ فِي كُلِّ عِبَادَةٍ أَيْضًا

وَأَمَّا الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ فَلَيْسَا مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ حَتَّى يَجِبُ الْعُشْرُ فِي أَرْضِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْمُؤْنَةِ؛ وَلِهَذَا جَازَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَهُ جَبْرًا، وَيَسْقُطُ عَنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ إلَّا أَنَّهُ لَا ثَوَابَ لَهُ إلَّا إذَا أَدَّى اخْتِيَارًا؛ وَلِذَا لَوْ مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ الْعُشْرُ وَالطَّعَامُ قَائِمٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ وَكَذَا مِلْكُ الْأَرْضِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِلْوُجُوبِ لِوُجُوبِهِ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ وَيَجِبُ فِي أَرْضِ الْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَالْمُسْتَعِيرِ وَيَسْقُطُ عَنْ الْمُؤَجِّرِ بِهَلَاكِهِ قَبْلَ الْحَصَادِ لَا بَعْدَهُ، وَفِي الْمُزَارَعَةِ عَلَى قَوْلِهِمَا فَالْعُشْرُ عَلَيْهِمَا بِالْحِصَّةِ، وَعَلَى قَوْلِهِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ لَكِنْ يَجِبُ فِي حِصَّتِهِ فِي عَيْنِهِ، وَفِي حِصَّةِ الْمُزَارِعِ يَكُونُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، وَفِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ عَلَى الْغَاصِبِ إنْ لَمْ تُنْقِصْهَا الزِّرَاعَةُ، وَإِنْ نَقَصَتْهَا فَعَلَى رَبِّ الْأَرْضِ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا فِي الْخَارِجِ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ خَرَاجِيَّةً فَخَرَاجُهَا عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا بِالْإِجْمَاعِ إلَّا فِي الْغَصْبِ إذَا لَمْ تُنْقِصْهَا الزِّرَاعَةُ فَخَرَاجُهَا عَلَى الْغَاصِبِ وَإِنْ نَقَصَتْهَا فَعَلَى رَبِّ الْأَرْضِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ الْخَرَاجَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى الْغَاصِبِ إذَا كَانَ جَاحِدًا وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمَالِكِ وَزَرَعَهَا الْغَاصِبُ أَمَّا إذَا كَانَ مُقِرًّا، أَوْ لِلْمَالِكِ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ، وَلَمْ تُنْقِصْهَا الزِّرَاعَةُ فَالْخَرَاجُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ اهـ.

وَأَمَّا شَرَائِطُ الْمَحَلِّيَّةِ فَأَنْ تَكُونَ عُشْرِيَّةً فَلَا عُشْرَ فِي الْخَارِجِ مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْعُشْرِيَّةُ وَوُجُودِ الْخَارِجِ، وَأَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ مِنْهَا مِمَّا يُقْصَدُ بِزِرَاعَتِهِ نَمَاءُ الْأَرْضِ فَلَا عُشْرَ فِي الْحَطَبِ وَنَحْوِهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ قَدْرِهِ وَأَمَّا وَقْتُهُ فَوَقْتُ خُرُوجِ الزَّرْعِ وَظُهُورِ الثَّمَرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقْتُ الْإِدْرَاكِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عِنْدَ التَّنْقِيَةِ وَالْجُذَاذِ وَأَمَّا رُكْنُهُ فَالتَّمْلِيكُ كَالزَّكَاةِ وَشَرَائِطُ الْأَدَاءِ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الزَّكَاةِ وَأَمَّا مَا يُسْقِطُهُ فَهَلَاكُ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ، وَبِهَلَاكِ الْبَعْضِ يَسْقُطُ بِقَدْرِهِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ غَيْرُ الْمَالِكِ أَخَذَ الضَّمَانَ مِنْهُ وَأَدَّى عُشْرَهُ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ الْمَالِكُ ضَمِنَ عُشْرَهُ وَصَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، وَمِنْهَا الرِّدَّةُ، وَمِنْهَا مَوْتُ الْمَالِكِ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ إذَا كَانَ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ مُخْتَصَرًا (قَوْلُهُ: يَجِبُ فِي عَسَلِ أَرْضِ الْعُشْرِ وَمُسْقَى سَمَاءٍ وَسَيْحٍ بِلَا شَرْطِ نِصَابٍ وَبَقَاءٍ إلَّا الْحَطَبَ وَالْقَصَبَ وَالْحَشِيشَ) أَيْ يَجِبُ الْعُشْرُ فِيمَا ذُكِرَ أَمَّا فِي الْعَسَلِ فَلِلْحَدِيثِ «فِي الْعَسَلِ الْعُشْرُ» وَلِأَنَّ النَّحْلَ يَتَنَاوَلُ مِنْ الْأَنْوَارِ وَالثِّمَارِ، وَفِيهِمَا الْعُشْرُ فَكَذَا فِيمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُمَا بِخِلَافِ دُودِ الْقَزِّ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْأَوْرَاقَ، وَلَا عُشْرَ فِيهَا أَطْلَقَهُ فَتَنَاوَلَ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ وَقَدَّرَ أَبُو يُوسُفَ نِصَابَهُ بِخَمْسَةِ أَوْسُقٍ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ بِخَمْسَةِ أَفْرَاقٍ كُلُّ فَرْقٍ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ رِطْلًا قُيِّدَ بِأَرْضِ الْعُشْرِ؛ لِأَنَّ الْعَسَلَ إذَا كَانَ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِمَا ذُكِرَ أَنَّ وُجُوبَ الْعُشْرِ فِيهِ لِكَوْنِهِ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَرِ، وَلَا شَيْءَ فِي ثِمَارِ أَرْضِ الْخَرَاجِ لِامْتِنَاعِ وُجُوبِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ

وَفِي الْمِعْرَاجِ: وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ لَا شَيْءَ فِيهِ أَيْ فِي الْعَسَلِ وَلَكِنَّ الْخَرَاجَ يَجِبُ بِاعْتِبَارِ التَّمَكُّنِ مِنْ الِاسْتِنْزَالِ اهـ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ يَمْلِكُ الْعَسَلَ الَّذِي فِي أَرْضِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَّخِذْهَا لِذَلِكَ حَتَّى لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِمَّنْ أَخَذَهُ مِنْ أَرْضِهِ بِخِلَافِ الطَّيْرِ إذَا فَرَّخَ فِي أَرْضِ رَجُلٍ فَجَاءَ رَجُلٌ وَأَخَذَهُ فَهُوَ لِلْآخِذِ لِأَنَّ الطَّيْرَ لَا يُفْرِخُ فِي مَوْضِعٍ لِيُتْرَكَ فِيهِ بَلْ لِيَطِيرَ فَلَمْ يَصِرْ صَاحِبُ الْأَرْضِ مُحَرَّرًا لِلْفَرْخِ بِمِلْكِهِ اهـ.

وَلَوْ وُجِدَ الْعَسَلُ فِي الْمَفَازَةِ أَوْ الْجَبَلِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ فَعِنْدَهُمَا يَجِبُ الْعُشْرُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا شَيْءَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَتْ بِمَمْلُوكَةٍ وَلَهُمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ مِلْكِهَا النَّمَاءُ وَقَدْ حَصَلَ وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَا يُوجَدُ فِي الْجِبَالِ مِنْ الثِّمَارِ وَالْجَوْزِ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِأَرْضِ الْعُشْرِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلِهِمَا الْعُشْرُ عَلَيْهِمَا بِالْحِصَّةِ إلَخْ) كَذَا أَطْلَقَهُ فِي الْمِعْرَاجِ وَالسِّرَاجِ وَالْمُجْتَبَى، وَفِي الْفَتْحِ: لَوْ زَارَعَ بِالْعُشْرِيَّةِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الْعُشْرُ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ، وَعِنْدَهُمَا يَكُونُ فِي الزَّرْعِ كَالْإِجَارَةِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ فَهُوَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ فِي قَوْلِهِمْ اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَالْحَشِيشَ) أَقُولُ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْعُشْرِ فِي الْقَلْيِ، وَهُوَ شَيْءٌ يُتَّخَذُ مِنْ حَرِيقِ الْحِمَّصِ، وَهُوَ مِنْ الْحَشِيشِ وَالظَّلَمَةُ يَأْخُذُونَهُ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ: أَطْلَقَهُ فَتَنَاوَلَ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ) فَيَكُونُ قَوْلُهُ بِلَا شَرْطِ نِصَابٍ تَصْرِيحًا بِمَا عُلِمَ، وَفَائِدَتُهُ التَّنْصِيصُ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَسَلَ إذَا كَانَ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: أَقُولُ: يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِخَرَاجِ الْمُقَاطَعَةِ فَلَوْ وُجِدَ فِي أَرْضِ خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ فَفِيهِ مِثْلُ مَا فِي الثَّمَرِ الْمَوْجُودِ فِيهَا وَقَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ فِي ثِمَارِ أَرْضِ الْخَرَاجِ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَا وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ أَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُوَظَّفِ اهـ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ نَفْيُ وُجُوبِ الْعُشْرِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ فَلَا يُنَافِي وُجُوبَ الْقَسْمِ إذَا كَانَتْ أَرْضُهُ خَرَاجِيَّةً خَرَاجُهَا مُقَاسَمَةٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ التَّقْيِيدَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْجِبَالَ وَالْمَفَازَةَ لَيْسَتْ بِعُشْرِيَّةٍ مَعَ أَنَّ الْعُشْرَ وَاجِبٌ فِي الْخَارِجِ مِنْهَا، وَقَدْ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>