للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوَاهُ لَوْ ادَّعَى عَلَى أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ فَجَحَدَ فَاسْتُحْلِفَ فَأَرَادَ الْمُدَّعِي اسْتِخْلَافَ الْآخَرِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْتَخْلِفُهُ عَلَى عَمَلِهِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى عَلَى أَحَدِهِمَا دَعْوَى عَلَيْهِمَا، وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِمَا شَيْئًا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْبَتَّةَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُسْتَحْلَفُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَأَيُّهُمَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ يَمْضِي الْأَمْرُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ إقْرَارَ أَحَدِهِمَا كَإِقْرَارِهِمَا، وَلَوْ ادَّعَى عَلَى أَحَدِهِمَا وَهُوَ غَائِبٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ الْحَاضِرَ عَلَى عَمَلِهِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ غَيْرِهِ فَإِنْ حَلَفَ، ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ أَلْبَتَّةَ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحْلِفُهُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ جِرَاحَةً خَطَأً لَهَا أَرْشٌ وَاسْتَحْلَفَهُ أَلْبَتَّةَ فَحَلَفَ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَسْتَحْلِفَ شَرِيكَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْمَهْرُ وَالْخُلْعُ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ غَيْرُ دَاخِلَةٍ تَحْتَ الشَّرِكَةِ فَلَا يَكُونُ فِعْلُ أَحَدِهِمَا كَفِعْلِهِمَا اهـ.

وَشَمِلَ قَوْلُهُ بِتِجَارَةٍ مَهْرَ الْمُشْتَرَاةِ الْمَوْطُوءَةِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ، قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَإِذَا وَطِئَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَاةَ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ بِالْعُقْرِ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَالْمَهْرِ فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْعُقْرَ هَا هُنَا وَجَبَ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ. اهـ.

وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ وَكُلُّ شَيْءٍ ثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا بِتِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا فَلِلْآخَرِ قَبْضُهُ وَالْمُطَالَبَةُ بِهِ لَكَانَ أَفْوَدَ لِمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فَإِنْ بَاعَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَوْ أَدَانَ رَجُلًا أَوْ كَفَلَ لَهُ رَجُلٌ بِدَيْنٍ أَوْ غَصَبَ مَالًا فَلِشَرِيكِهِ الْآخَرِ أَنْ يُطَالِبَ وَكُلُّ شَيْءٍ هُوَ لِأَحَدِهِمَا خَاصَّةً إذَا بَاعَهُ لَمْ يَكُنْ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُطَالَبَ بِالثَّمَنِ وَلَا لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَ الشَّرِيكَ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ.

(قَوْلُهُ: وَبَطَلَتْ إنْ وُهِبَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ وَرِثَ مَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ) أَيْ الْمُفَاوَضَةُ لِفَوَاتِ الْمُسَاوَاةِ فِيمَا يَصْلُحُ رَأْسَ الْمَالِ إذْ هِيَ شَرْطٌ فِيهِ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً، وَهَذَا لِأَنَّ الْآخَرَ لَا يُشَارِكُهُ فِيمَا أَصَابَهُ لِانْعِدَامِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ إلَّا أَنَّهَا تَنْقَلِبُ عَنَانًا لِلْإِمْكَانِ فَإِنَّ الْمُسَاوَاةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهَا وَلِدَوَامِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ لَازِمٍ وَسَيَأْتِي أَنَّ مَا تَصِحُّ فِيهِ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ وَالْفُلُوسُ النَّافِقَةُ وَأَرَادَ بِالْهِبَةِ الْهِبَةَ مَعَ الْقَبْضِ وَالصَّدَقَةُ كَالْهِبَةِ، وَكَذَا الْوَصِيَّةُ، وَكَذَا لَوْ زَادَتْ قِيمَةُ دَرَاهِمِ أَحَدِهِمَا الْبِيضِ عَلَى دَرَاهِمِ الْآخَرِ السُّودِ أَوْ دَنَانِيرِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ قَيَّدَ بِالزِّيَادَةِ فِي الْقَدْرِ احْتِرَازًا عَنْ الزِّيَادَةِ فِي الْقِيمَةِ فَإِنَّهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فَإِنْ حَصَلَ الْفَضْلُ قَبْلَ الشِّرَاءِ بِالْمَالَيْنِ فَسَدَتْ وَإِنْ حَصَلَ الْفَضْلُ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِالْمَالَيْنِ وَبَعْدَ التَّسْلِيمِ إلَى الْبَائِعِ لَا تَفْسُدُ الْمُفَاوَضَةُ وَإِنْ حَصَلَ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِالْمَالَيْنِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْبَائِعِ لَا تَفْسُدُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ حَصَلَ الشِّرَاءُ بِأَحَدِ الْمَالَيْنِ، ثُمَّ فَضَلَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ فَإِنْ فَضَلَ الْمَالُ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الشِّرَاءُ لَا تَفْسُدُ الْمُفَاوَضَةُ، وَإِنْ فَضَلَ الْمَالُ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ بِهِ الشِّرَاءُ فَسَدَتْ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْقَدْرِ إنَّمَا هُوَ فَضْلُ أَحَدِهِمَا صَاحِبُهُ فِيمَا يَصْلُحُ رَأْسَ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ فَإِنَّ الْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرِكَةِ وَلِأَحَدِهِمَا زِيَادَةُ دَرَاهِمَ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهَا حَصَلَتْ فِي مَالِ الْغَيْرِ لَا فِي مَالِ أَحَدِهِمَا فَلَمْ يَفُتْ التَّسَاوِي فِي مَالِهِمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ

[شَرِكَة الْمُفَاوَضَة بِمِلْكِ الْعَرْضِ]

قَوْلُهُ (: لَا الْعَرْضِ) أَيْ لَا تَبْطُلُ بِمِلْكِ الْعَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ فَلَا تُشْتَرَطُ الْمُسَاوَاةُ فِيهِ، وَلَوْ قَالَ لَا مَا لَا تَصِحُّ فِيهِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ الْعَقَارُ وَالدُّيُونُ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِهِمَا إلَّا إذَا قَبَضَ الدُّيُونَ

[شَرِكَة مُفَاوَضَةٌ وَعَنَانٌ بِغَيْرِ النَّقْدَيْنِ وَالتِّبْرِ وَالْفُلُوسِ]

(قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ مُفَاوَضَةٌ وَعَنَانٌ بِغَيْرِ النَّقْدَيْنِ وَالتِّبْرِ وَالْفُلُوسِ) وَقَالَ مَالِكٌ تَجُوزُ بِالْعُرُوضِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ أَيْضًا إذَا كَانَ الْجِنْسُ وَاحِدًا؛ لِأَنَّهَا عُقِدَتْ عَلَى رَأْسِ مَالٍ مَعْلُومٍ فَأَشْبَهَ النُّقُودَ بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ يَأْبَاهَا لِمَا فِيهَا مِنْ رِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنْ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَوْرِدِ الشَّرْعِ وَلَنَا أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأْسَ مَالِهِ وَتَفَاضَلَ الثَّمَنَانِ فَمَا يَسْتَحِقُّهُ أَحَدُهُمَا مِنْ الزِّيَادَةِ فِي مَالِ صَاحِبِهِ رِبْحُ مَا لَمْ يَمْلِكْ وَمَا لَمْ يَضْمَنْ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ مَا يَشْتَرِيهِ فِي ذِمَّتِهِ إذْ هِيَ لَا تَتَعَيَّنُ فَكَانَ رِبْحَ مَا ضَمِنَ؛ وَلِأَنَّ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: يَسْتَحْلِفُ كُلَّ وَاحِدٍ أَلْبَتَّةَ) أَيْ الْيَمِينُ أَلْبَتَّةَ فَأَلْبَتَّةَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ الْمَحْذُوفِ قِيَامَ الصِّفَةِ مَقَامَ الْمَوْصُوفِ قَالَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>