للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلِ الْكِتَابِ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَيَدْخُلُ أَيْضًا فِي كَفِّ الثَّوْبِ تَشْمِيرُ كُمَّيْهِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَمُنْيَةِ الْمُصَلِّي قَيَّدَ الْكَرَاهَةَ بِأَنْ يَكُونَ رَافِعًا كُمَّيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إذَا كَانَ يَرْفَعهُمَا إلَى مَا دُونَهُمَا وَالظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ لِصِدْقِ كَفِّ الثَّوْبِ عَلَى الْكُلِّ وَذَكَرَ فِي الْمُجْتَبَى فِي كَرَاهَةِ تَشْمِيرِ الْكُمَّيْنِ قَوْلَيْنِ وَذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّ الْقَوْلَ بِإِمْسَاكِ الْكُمَّيْنِ أَحْوَطُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَفِي مَذْهَبِ مَالِكٍ تَفْصِيلٌ قَدْ كُنْت رَأَيْته لِأَئِمَّتِنَا فِي بَعْضِ الْفَتَاوَى وَلَمْ يَحْضُرْنِي تَعْيِينُهَا الْآنَ وَهُوَ أَنَّهُ يُكْرَهُ إنْ كَانَ لِلصَّلَاةِ لَا إذَا كَانَ لِأَجْلِ شُغْلٍ ثُمَّ حَضَرَتْهُ الصَّلَاةُ فَصَلَّى وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ، وَمِنْ كَفِّ الثَّوْبِ رَفْعُهُ كَيْ لَا يَتَتَرَّبَ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَقِيلَ لَا بَأْسَ بِصَوْنِهِ عَنْ التُّرَابِ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى

(قَوْلُهُ وَسَدْلُهُ) لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْهُ كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ يُقَالُ سَدَلَ الثَّوْبَ سَدْلًا مِنْ بَابِ طَلَبَ إذَا أَرْسَلَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضُمَّ جَانِبَهُ وَقِيلَ هُوَ أَنْ يُلْقِيَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَيُرْخِيَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ وَأَسْدَلَ خَطَأٌ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّ الْكَرْخِيَّ فَسَّرَهُ بِأَنْ يَجْعَلَ ثَوْبَهُ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ عَلَى كَتِفَيْهِ وَيُرْسِلَ أَطْرَافَهُ مِنْ جَوَانِبِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَرَاوِيلُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُكْرَهُ السَّدْلُ عَلَى الْقَمِيصِ وَعَلَى الْإِزَارِ وَقَالَ لِأَنَّهُ صَنِيعُ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنْ كَانَ السَّدْلُ بِدُونِ السَّرَاوِيلِ فَكَرَاهَتُهُ لِاحْتِمَالِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَإِنْ كَانَ مَعَ الْإِزَارِ فَكَرَاهَتُهُ لِأَجْلِ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ لِلْخُيَلَاءِ أَوْ لِغَيْرِهِ لِلنَّهْيِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ السَّدْلَ يَصْدُقُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمِنْدِيلُ مُرْسَلًا مِنْ كَتِفَيْهِ كَمَا يَعْتَادُهُ كَثِيرٌ فَيَنْبَغِي لِمَنْ عَلَى عُنُقِهِ مِنْدِيلٌ أَنْ يَضَعَهُ عِنْدَ الصَّلَاةِ وَيَصْدُقُ أَيْضًا عَلَى لُبْسِ الْقَبَاءِ مِنْ غَيْرِ إدْخَالِ الْيَدَيْنِ فِي كُمَّيْهِ وَقَدْ صَرَّحَ بِالْكَرَاهَةِ فِيهِ اهـ.

وَكَذَا صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ بِإِدْخَالِ الْقَبَاءِ الْمَذْكُورِ فِي السَّدْلِ وَعَزَاهُ إلَى مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْخُلَاصَةِ لَكِنْ الَّذِي فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى الْمُصَلِّي إذَا كَانَ لَابِسًا شَقَّةً أَوْ فَرْجِيَّةً وَلَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي الْكَرَاهَةِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ اهـ.

وَظَاهِرُ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ الشَّدَّ الَّذِي يُعْتَادُ وَضْعُهُ عَلَى الْكَتِفَيْنِ إذَا أَرْسَلَ طَرَفًا عَلَى صَدْرِهِ وَطَرَفًا عَلَى ظَهْرِهِ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْكَرَاهَةِ فَإِنَّهُ عَيْنُ الْوَضْعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ مَحْفُوظًا مِنْ الْوُقُوعِ أَوْ لَا فَعَلَى هَذَا يُكْرَهُ فِي الطَّيْلَسَانِ الَّذِي يُجْعَلُ عَلَى الرَّأْسِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ

وَصَرَّحَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ بِأَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ السَّدْلِ عِنْدَ عَدَمِ الْعُذْرِ وَأَمَّا عِنْدَ الْعُذْرِ فَلَا كَرَاهَةَ وَأَنَّهُ إنْ كَانَ لِلتَّكْبِيرِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي كَرَاهَةِ السَّدْلِ خَارِجَ الصَّلَاةِ كَمَا فِي الدِّرَايَةِ وَصَحَّحَ فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ الْكَرَاهِيَةِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَمِنْ الْمَكْرُوهِ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا كَانَ لِأَحَدِكُمْ ثَوْبَانِ فَلْيُصَلِّ فِيهِمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا ثَوْبٌ فَلْيَتَّزِرْ بِهِ وَلَا يَشْتَمِلْ اشْتِمَالَ الْيَهُودِ» اهـ.

وَاشْتِمَالُ الْيَهُودِ هُوَ الصَّمَّاءُ وَهُوَ إدَارَةُ الثَّوْبِ عَلَى الْجَسَدِ مِنْ غَيْرِ إخْرَاجِ الْيَدِ سُمِّيَ بِهَا لِعَدَمِ مَنْفَذٍ يُخْرِجُ يَدَهُ مِنْهَا كَالصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ وَفَسَّرَهَا فِي الْمُحِيطِ بِأَنْ يَجْمَعَ طَرَفَيْ ثَوْبِهِ وَيُخْرِجَهُمَا تَحْتَ إحْدَى يَدَيْهِ عَلَى أَحَدِ كَتِفَيْهِ اهـ.

وَقَيَّدَهُ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ سَرَاوِيلُ وَإِنَّمَا كُرِهَ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ انْكِشَافُ الْعَوْرَةِ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَصَّلَ بَيْنَ الِاضْطِبَاعِ وَلُبْسَةِ الصَّمَّاءِ فَقَالَ إنَّمَا تُكْرَهُ الصَّمَّاءُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إزَارٌ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ إزَارٌ فَهُوَ اضْطِبَاعٌ لِأَنَّهُ يُدْخِلُ طَرَفَيْ ثَوْبِهِ تَحْتَ إحْدَى ضَبْعَيْهِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ لُبْسُ أَهْلِ الْكِبْرِ اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ جَمِيعَ بَدَنِهِ وَيَؤُمَّ كَذَلِكَ

ــ

[منحة الخالق]

[افْتِرَاشُ ذِرَاعَيْهِ فِي الصَّلَاةِ]

(قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ) فِيهِ نَظَرٌ إنْ يَكُنْ سَنَدُهُ مَا ذَكَرَهُ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ لِأَنَّ الْكَمَالَ وَإِنْ أَطْلَقَ هُنَا قَدْ قَيَّدَ كَلَامَهُ فِيمَا بَعْدُ عِنْدَ اسْتِطْرَادِ فُرُوعٍ ذَكَرَهَا فَقَالَ وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ أَيْضًا مَعَ تَشْمِيرِ الْكُمِّ عَنْ السَّاعِدِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخُلَاصَةِ وَالْمُنْيَةِ كَذَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَفِي مَذْهَبِ مَالِكٍ تَفْصِيلٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ الْمَذْكُورُ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَوْ شَمَّرَ كُمَّيْهِ لِعَمَلٍ كَانَ يَعْمَلُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ اخْتَلَفُوا فِي الْكَرَاهَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْكَرَاهَةِ فِيمَا لَوْ شَمَّرَ لَهَا اهـ.

وَعِبَارَةُ الْقُنْيَةِ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ صَلَّى وَقَدْ شَمَّرَ كُمَّيْهِ لِعَمَلٍ كَانَ يَعْمَلُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ هَيْئَتُهُ ذَلِكَ وَفِيهَا أَيْضًا عَنْ نَجْمِ الْأَئِمَّةِ وَكَانَ يُرْسِلُ كُمَّيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَيَقُولُ لِأَنَّ فِي إمْسَاكِهِمَا كَفُّ الثَّوْبِ وَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ ثُمَّ رَمَزَ إلَى مَجْدِ الْأَئِمَّةِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُمْسِكُونَ ذَلِكَ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ الْأَحْوَطُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَاخْتَارَ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا ذَكَرَهُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي (قَوْلُهُ وَصَحَّحَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَيْ تَحْرِيمًا وَإِلَّا فَمُقْتَضَى مَا مَرَّ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَنْزِيهًا. اهـ.

وَمَا مَرَّ هُوَ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ صَنِيعُ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ تَخْصِيصَ أَهْلِ الْكِتَابِ بِفِعْلِهِ مُعْتَبَرٌ فِيهِ كَوْنُهُ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَظْهَرُ التَّشَبُّهُ وَكَرَاهَتُهُ خَارِجَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>