للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ مَا لَمْ يَعْجِزْ، وَلَمْ يُوَجَّهْ فَإِذَا عَجَزَ تَوَحَّدَ خِطَابُ الْجَزَاءِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْأَخْذَ لَيْسَ سَبَبًا لِلضَّمَانِ بَلْ الْقَتْلُ بِالنَّصِّ فَالتَّفْكِيرُ قَبْلَهُ وَاقِعٌ قَبْلَ السَّبَبِ فَلَا يَقَعُ إلَّا نَفْلًا فَإِذَا مَاتَتْ بَعْدَ أَدَاءِ هَذَا الْجَزَاءِ لَزِمَ الْجَزَاءُ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ تَعَلَّقَ خِطَابُ الْجَزَاءِ هَذَا الَّذِي أَدِينُ اللَّهَ بِهِ، وَأَقُولُ: يُكْرَهُ اصْطِيَادُهَا إذَا أَدَّى الْجَزَاءَ بَعْدَ الْهَرَبِ ثُمَّ ظَفِرَ بِهَا بِشُبْهَةِ كَوْنِ دَوَامِ الْعَجْزِ شَرْطَ إجْزَاءِ الْكَفَّارَةِ إلَّا إذَا اصْطَادَهَا لِيَرُدَّهَا إلَى الْحَرَمِ. اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخْرِجُ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا فَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا فَلَا شَكَّ أَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ قَدْ وُجِدَ، وَهُوَ التَّعَرُّضُ لِلصَّيْدِ فَإِنَّ الْآيَةَ، وَإِنْ أَفَادَتْ حُرْمَةَ الْقَتْلِ أَفَادَتْ السُّنَّةُ حُرْمَةَ التَّعَرُّضِ قَتْلًا أَوْ غَيْرَهُ وَلِهَذَا وَجَبَ الضَّمَانُ بِالدَّلَالَةِ، وَلَيْسَتْ قَتْلًا، وَقَدْ صَرَّحُوا كَمَا قَدَّمْنَاهُ بِأَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا جَرَحَ صَيْدًا فَكَفَّرَ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ أَدَّى بَعْدَ السَّبَبِ، وَلَيْسَ قَتْلًا، وَإِنْ كَانَ الْمُخْرِجُ حَلَالًا فَالنَّصُّ الْحَدِيثِيُّ أَفَادَ حُرْمَةَ التَّنْفِيرِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ بِقَوْلِهِ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَمْ يَخُصَّ الْقَتْلَ وَالْمُرَادُ مِنْ التَّنْفِيرِ التَّعَرُّضُ لَهُ فَإِنَّهُ حَرَامٌ كَالْقَتْلِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِالدَّلَالَةِ شَيْءٌ فَإِذَا أَخْرَجَهَا فَقَدْ اتَّصَلَ فِعْلُهُ بِهَا فَوُجِدَ سَبَبُ الضَّمَانِ فَجَازَ التَّكْفِيرُ فَإِذَا أَدَّى الْجَزَاءَ مَلَكَهَا مِلْكًا خَبِيثًا وَلِهَذَا قَالُوا يُكْرَهُ أَكْلُهَا، وَهِيَ عِنْدَ إطْلَاقِهِمْ مُنْصَرِفَةٌ إلَى الْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِيَّةِ فَدَلَّ أَنَّهُ يَجِبُ رَدُّهَا إلَى الْحَرَمِ بَعْدَ أَدَاءِ الْجَزَاءِ، وَلَوْ كَانَ الْقَتْلُ عَيْنًا سَبَبًا لِلْجَزَاءِ لَمْ يَجِبْ الْجَزَاءُ بِإِخْرَاجِهَا، وَعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى رَدِّهَا إلَى الْحَرَمِ بِهَرَبِهَا فَالظَّاهِرُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَئِمَّتُنَا.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِحُكْمِ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ إلَى الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ كَالسَّمْنِ وَالشَّعْرِ.

فَإِنْ أَخْرَجَ حَلَالٌ ظَبْيَةَ الْحَرَمِ فَازْدَادَتْ قِيمَتُهَا مِنْ بَدَنٍ أَوْ شَعْرٍ ثُمَّ مَاتَتْ فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ جَزَاءَهَا قَبْلَ مَوْتِهَا فَالزِّيَادَةُ مَضْمُونَةٌ، وَإِنْ أَدَّى جَزَاءَهَا قَبْلَ مَوْتِهَا فَهِيَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ؛ لِأَنَّهُ انْعَدَمَ أَثَرُ الْفِعْلِ بِالتَّكْفِيرِ حَتَّى لَوْ أَنْشَأَ الْفِعْلَ فِيهَا لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ الْحَرَمِ فَبَاعَهَا أَوْ ذَبَحَهَا أَوْ أَكَلَهَا جَازَ الْبَيْعُ وَالْأَكْلُ وَيُكْرَهُ، وَحُكْمُ الزِّيَادَةِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَبَعْدَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَهُوَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ يُفِيدُ أَنَّ الْإِخْرَاجَ مِنْ الْحَرَمِ لَمَّا كَانَ سَبَبًا لِلضَّمَانِ كَانَ سَبَبًا لِلْمِلْكِ، وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّ الْجَزَاءَ، وَالظَّبْيَةُ الْأُنْثَى مِنْ الظِّبَاءِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.

(بَابُ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ)

وَصَلَهُ بِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ أَيْضًا لَكِنَّ مَا سَبَقَ جِنَايَةٌ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَهَذَا قَبْلَهُ وَالْمِيقَاتُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ بِخِلَافِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالزَّمَانِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ بِدَلِيلِ الْمُجَاوَزَةِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُجَاوَزَةُ آخِرِ الْمَوَاقِيتِ إلَّا مُحْرِمًا فَإِذَا جَاوَزَهُ بِلَا إحْرَامٍ لَزِمَهُ دَمٌ، وَأَحَدُ النُّسُكَيْنِ إمَّا حَجٌّ أَوْ عُمْرَةٌ؛ لِأَنَّ مُجَاوَزَةَ الْمِيقَاتِ بِنِيَّةِ دُخُولِ الْحَرَمِ بِمَنْزِلَةِ إيجَابِ الْإِحْرَامِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُحْرِمَ لَزِمَهُ إمَّا حَجٌّ أَوْ عُمْرَةٌ فَكَذَلِكَ إذَا وَجَبَ بِالْفِعْلِ كَمَا إذَا افْتَتَحَ صَلَاةَ التَّطَوُّعِ ثُمَّ أَفْسَدَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَكْعَتَيْنِ كَمَا لَوْ أَوْجَبَهَا بِالْقَوْلِ (قَوْلُهُ: مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ ثُمَّ عَادَ مُحْرِمًا مُلَبِّيًا أَوْ جَاوَزَ ثُمَّ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَفْسَدَ، وَقَضَى بَطَلَ الدَّمُ) أَيْ مَنْ جَاوَزَ آخِرَ الْمَوَاقِيتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَلَبَّى فِيهِ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ الَّذِي لَزِمَهُ بِالْمُجَاوَزَةِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَدَارَكَ مَا فَاتَهُ أَطْلَقَ الْإِحْرَامَ فَشَمِلَ إحْرَامَ الْحَجِّ فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلًا، وَإِحْرَامَ الْعُمْرَةِ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَوْ عَادَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ ثُمَّ أَحْرَمَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الدَّمُ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَنْشَأَ التَّلْبِيَةَ الْوَاجِبَةَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ، وَلِهَذَا كَانَ السُّقُوطُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ مُلَبِّيًا فِي الْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَادَ مُحْرِمًا، وَلَمْ يُلَبِّ فِي الْمِيقَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ الدَّمُ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَدَارِكًا لِمَا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ الْحَرَمِ فَبَاعَهَا أَوْ ذَبَحَهَا إلَخْ) تَقَدَّمَ عَنْ النَّهْرِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ تَأَمَّلْ.

[بَابُ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ]

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ) قَالَ: فِي النَّهْرِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ لَزِمَهُ دَمٌ إلَّا أَنَّهُ اكْتَفَى بِمَا فُهِمَ اقْتِضَاءً مِنْ قَوْلِهِ بَطَلَ الدَّمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>