وَلِوَرَثَةِ الْأَجْنَبِيِّ الْقِصَاصُ كَمَا كَانَ لِأَنَّ حَقَّهُمَا يَمْتَازُ عَنْ حَقِّ وَرَثَةِ الْمَوْلَى فَكَانَ لَهُمَا الْقِصَاصُ إنْ شَاءَا أَخَّرَا حَتَّى يُؤَدِّيَ الْقِيمَةَ إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى وَإِنْ شَاءَا عَجَّلَ الْقَتْلَ لِأَنَّهُمَا لَوْ أَخَّرَا إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ السِّعَايَةَ بِمَا لَا يُؤَدِّي مَخَافَةَ الْقَتْلِ فَيَبْطُلُ حَقُّهُمَا فَكَانَ لَهُمَا التَّعْجِيلُ فَإِنْ عَفَا أَحَدُ وَلِيِّ الْأَجْنَبِيِّ وَجَبَ لِلسَّاكِتِ مِنْهُمَا نِصْفُ الْقِيمَةِ أَيْضًا وَجِنَايَاتُ أُمِّ الْوَلَدِ وَإِنْ كَثُرَتْ لَا تُوجِبُ إلَّا قِيمَةً وَاحِدَةً فَصَارَتْ الْقِيمَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ وَرَثَةِ الْمَوْلَى وَوَارِثِ الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تُقْسَمُ قِيمَتُهَا بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَعِنْدَهُمَا أَرْبَاعًا لِمَا ذَكَرْنَا فَإِنْ كَانَتْ سَعَتْ فِي قِيمَتِهَا لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى ثُمَّ عَفَا أَحَدُ وَلِيِّ الْأَجْنَبِيِّ إنْ دُفِعَتْ الْقِيمَةُ إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَا سَبِيلَ لِوَارِثِ الْأَجْنَبِيِّ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَدْ أَدَّتْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَتَفْرُغُ ذِمَّتُهَا وَيَتْبَعُ وَارِثُ الْأَجْنَبِيِّ وَرَثَةَ الْمَوْلَى وَيُشَارِكُهُمْ فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُمْ أَخَذُوا قِيمَةً مُشْتَرَكَةً وَإِنْ دُفِعَتْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ عِنْدَهُمَا كَذَلِكَ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَارِثُ الْأَجْنَبِيِّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ يَرْجِعُ عَلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى وَإِنْ شَاءَ يَرْجِعُ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ لَهُمَا أَنَّهَا فَعَلَتْ عَيْنَ مَا يَفْعَلُهُ الْقَاضِي لَوْ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَيْهِ فَيَسْتَوِي فِيهِ الْقَضَاءُ وَعَدَمُهُ كَالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ لَمَّا كَانَ فَسْخًا بِقَضَاءٍ لَوْ حَصَلَ بِتَرَاضِيهِمَا يَكُونُ فَسْخًا وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مُوجَبَ الْجِنَايَةِ فِي الذِّمَّةِ فَإِذَا أَدَّتْ فَقَدْ نُقِلَتْ مِنْ الذِّمَّةِ إلَى الْعَيْنِ فَيَظْهَرُ أَثَرُ الِانْتِقَالِ فِي حَقِّ الْكُلِّ إنْ كَانَ بِقَضَاءٍ وَلَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَكَانَ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِدَفْعِهَا وَيَتْبَعُ وَرَثَةَ الْمَوْلَى وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَرْضَ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِحَقِّهِ وَهُوَ ثُلُثُ الْقِيمَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَتَرْجِعُ هِيَ عَلَى وَرَثَةِ الْمُوَلِّي هَذَا إذَا دُفِعَتْ الْقِيمَةُ إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى ثُمَّ عَفَا وَلِيُّ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ عَفَا أَحَدُ وَلِيِّ الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ دُفِعَتْ الْقِيمَةُ قَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ الدَّفْعُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ يَتَخَيَّرُ وَارِثُ الْأَجْنَبِيِّ عِنْدَهُمْ وَإِنْ كَانَ بِقَضَاءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَتَخَيَّرُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَتَخَيَّرُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ هُنَا يَتَخَيَّرُ عِنْدَ الْكُلِّ سَوَاءٌ كَانَ الدَّفْعُ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي بِدَفْعِ الْكُلِّ إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى بَعْدَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ وَثُبُوتِهِ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ إذَا قَضَى دَيْنَ أَحَدِ الْغَرِيمَيْنِ بِأَمْرِ الْقَاضِي حَيْثُ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَضَعَ مَالَ الْمَيِّتِ حَيْثُ شَاءَ أَمَّا هُنَا بِخِلَافِهِ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ قَضَاءُ الْقَاضِي هُنَا لَأَنْ لَا يَصِحَّ فِعْلُهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوْلَى قَوْلُهُ (وَلَوْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا فَهِيَ لِلثَّانِي) أَيْ فَالدَّارُ كُلُّهَا لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ نِصْفُهَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ وَنِصْفُهَا لَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ لِأَنَّ دَعْوَى مُدَّعِي النِّصْفِ مُنْصَرِفَةٌ إلَى مَا فِي يَدِهِ لِتَكُونَ يَدُهُ يَدًا مُحِقَّةً فِي حَقِّهِ لِأَنَّ حَمْلَ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصِّحَّةِ وَاجِبٌ فَمُدَّعِي النِّصْفَ لَا يَدَّعِي شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِ صَاحِبِ الْجَمِيعِ فَيُسَلَّمُ النِّصْفُ لِمُدَّعِي الْجَمِيعَ بِلَا مُنَازَعَةٍ فَبَقِيَ مَا فِي يَدِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ إذْ لَا قَضَاءَ بِدُونِ الدَّعْوَى وَاجْتَمَعَ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ فِيمَا فِي يَدِ صَاحِبِ النِّصْفِ فَتَقَدُّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَلَوْ كَانَتْ فِي يَدِ ثَلَاثَةٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمْ كُلَّهَا وَآخَرُ ثُلُثَيْهَا وَآخَرُ نِصْفَهَا وَبَرْهَنُوا فَهِيَ مَقْسُومَةٌ عِنْدَهُ بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ وَعِنْدَهُمَا بِالْعَوْلِ وَبَيَانُهُ فِي الْكَافِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]
(هُوَ إخْبَارٌ) بِحَقٍّ عَلَيْهِ مِنْ وَجْهٍ إنْشَاءٌ مَنْ وَجْهٍ فَلِلْأَوَّلِ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمَمْلُوكٍ لِلْغَيْرِ وَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إذَا
ــ
[منحة الخالق]
وَلَوْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا فَهِيَ لِلثَّانِي وَلَوْ بَرْهَنَا عَلَى نِتَاجِ دَابَّةٍ وَأَرَّخَا قُضِيَ لِمَنْ وَافَقَ سِنُّهَا تَارِيخَهُ وَإِنْ أَشْكَلَ ذَلِكَ فَلَهُمَا وَلَوْ بَرْهَنَ أَحَدُ الْخَارِجَيْنِ عَلَى الْغَصْبِ وَالْآخَرُ عَلَى الْوَدِيعَةِ اسْتَوَيَا وَالرَّاكِبُ وَاللَّابِسُ أَحَقُّ مِنْ آخِذِ اللِّجَامِ وَالْكُمِّ وَصَاحِبُ الْحِمْلِ وَالْجُذُوعِ وَالْأَنْصَالِ أَحَقُّ مِنْ الْغَيْرِ ثَوْبٌ فِي يَدِهِ وَطَرَفُهُ فِي يَدِ آخَرَ نِصْفٌ صَبِيٌّ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ أَنَا حُرٌّ فَالْقَوْلُ لَهُ وَإِنْ قَالَ أَنَا عَبْدٌ لِفُلَانٍ أَوْ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَهُوَ عَبْدٌ لِمَنْ فِي يَدِهِ عَشَرَةُ أَبْيَاتٍ مِنْ دَارٍ فِي يَدِهِ وَبَيْتٌ فِي يَدِ آخَرَ فَالسَّاحَةُ نِصْفَانِ ادَّعَى كُلٌّ أَرْضًا أَنَّهَا فِي يَدِهِ وَلَبِنُ أَحَدِهِمَا فِيهَا أَوْ بَنَى أَوْ حَفَرَ فَهِيَ فِي يَدِهِ كَمَا لَوْ بَرْهَنَ أَنَّهَا فِي يَدِهِ (بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ)
وَلَدَتْ مَبِيعَةٌ لِأَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ مُذْ بِيعَتْ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَهُوَ ابْنُهُ وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ وَيُفْسَخُ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَكَذَا إنْ مَاتَتْ الْأُمُّ بِخِلَافِ مَوْتِ الْوَلَدِ وَعِتْقُهُمَا كَمَوْتِهِمَا وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ رُدَّتْ دَعْوَةُ الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي وَمَنْ ادَّعَى نَسَبَ أَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا مِنْهُ وَإِنْ بَاعَ أَحَدَهُمَا وَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي بَطَلَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي صَبِيٌّ عِنْدَ رَجُلٍ فَقَالَ هُوَ ابْنُ فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ هُوَ ابْنِي لَمْ يَكُنْ ابْنَهُ وَإِنْ جَحَدَ أَنْ يَكُونَ ابْنَهُ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ ابْنِي وَقَالَ الْمُسْلِمُ عَبْدِي فَهُوَ حُرٌّ ابْنُ النَّصْرَانِيِّ وَإِنْ كَانَ صَبِيٌّ فِي يَدَيْ زَوْجَيْنِ فَزَعَمَ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ غَيْرِهَا وَزَعَمَتْ أَنَّهُ ابْنُهَا مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ ابْنُهُمَا وَلَدَتْ مُشْتَرَاةٌ فَاسْتُحِقَّتْ غَرِمَ الْأَبُ قِيمَةَ الْوَلَدِ وَهُوَ حُرٌّ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ لَمْ يَضْمَنْ الْأَبُ قِيمَتَهُ وَإِنْ تَرَكَ مَالًا وَإِنْ قُتِلَ الْوَلَدُ غَرِمَ الْأَبُ قِيمَتَهُ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ وَقِيمَتِهِ عَلَى بَائِعَةِ لَا بِالْعُقْرِ.
(كِتَابُ الْإِقْرَارِ) .
هُوَ إخْبَارٌ عَنْ ثُبُوتِ حَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى نَفْسِهِ إذَا أَقَرَّ حُرٌّ مُكَلَّفٌ بِحَقٍّ صَحَّ وَلَوْ مَجْهُولًا كَشَيْءٍ وَحَقٍّ يُجْبَرُ عَلَى بَيَانِهِ وَيُبَيِّنُ مَا لَهُ قِيمَةٌ وَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ إنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَكْثَرَ مِنْهُ وَفِي مَالٍ لَمْ يَصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ وَبَيَانُهُ فِي الْكَافِي) قَالَ الرَّمْلِيُّ يُنْظَرُ الْمَجْمَعِ هُنَا وَالتَّلْخِيصَ مِنْ الْبُيُوعِ مِنْ بَابِ اخْتِلَافِ الْبَيِّنَاتِ فَإِنَّ هُنَا بَيَاضًا نَحْوَ أَرْبَعَةِ أَسْطُرٍ اهـ.
قُلْت قَدْ سَقَطَ مِنْ هُنَا كَلَامٌ كَثِيرٌ لَيْسَ بِمِقْدَارِ هَذَا الْبَيَاضِ فَإِنَّ الْمُؤَلِّفَ قَدْ أَسْقُط الْكَلَامَ عَلَى تَتِمَّةِ هَذَا الْبَابِ وَأَسْقَطَ أَيْضًا الْكَلَامَ عَلَى الْبَابِ الَّذِي يَلِيه بِتَمَامِهِ وَهُوَ بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ (كِتَاب الْإِقْرَار) هُوَ إخْبَار عَنْ ثُبُوت حَقّ لِلْغَيْرِ عَلَى نَفْسه إذَا أَقَرَّ حُرّ مُكَلَّف بِحَقِّ صَحَّ وَلَوْ مَجْهُولًا كَشَيْءِ وَحَقّ وَيُجْبَر عَلَى بَيَانه وَيُبَيِّن مَاله قِيمَة وَالْقَوْل لِلْمُقِرِّ مَعَ يَمِينه إنْ ادَّعَى الْمُقِرّ لَهُ أَكْثَر مِنْهُ وَفِي مَال لَمْ يُصَدِّق فِي أَقُلْ مِنْ دِرْهَم (كِتَاب الْإِقْرَار)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute