للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الرَّوْثِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الدَّلْكِ عِنْدَهُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمُوجِبَ لِلْعَمَلِ النَّصُّ لَا الْخِلَافُ وَالْبَلْوَى فِي النِّعَالِ، وَقَدْ ظَهَرَ أَثَرُهَا حَتَّى طَهُرَتْ بِالدَّلْكِ فَإِثْبَاتُ أَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى ذَلِكَ يَكُونُ بِغَيْرِ مُوجِبٍ وَمَا قِيلَ إنَّ الْبَلْوَى لَا تُعْتَبَرُ فِي مَوْضِعِ النَّصِّ عِنْدَهُ كَبَوْلِ الْإِنْسَانِ فَمَمْنُوعٌ بَلْ تُعْتَبَرُ إذَا تَحَقَّقَتْ بِالنَّصِّ النَّافِي لِلْحَرَجِ وَهُوَ لَيْسَ مُعَارَضَةً لِلنَّصِّ بِالرَّأْيِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالشَّعِيرُ الَّذِي يُوجَدُ فِي بَعْرِ الْإِبِلِ وَالشَّاةِ يُغْسَلُ وَيُؤْكَلُ بِخِلَافِ مَا يُوجَدُ فِي خِثْيِ الْبَقَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا صَلَابَةَ فِيهِ، خُبْزٌ وُجِدَ فِي خِلَالِهِ خُرْءُ الْفَأْرَةِ، فَإِنْ كَانَ صُلْبًا يُرْمَى الْخُرْءُ وَيُؤْكَلُ الْخُبْزُ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ، ثُمَّ قَالَ خُرْءُ الْفَأْرَةِ إذَا وَقَعَ فِي إنَاءِ الدُّهْنِ أَوْ الْمَاءِ لَا يُفْسِدُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ فِي الْحِنْطَةِ. اهـ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُفْسِدُهُ وَفِيهَا أَيْضًا الْبَعْرُ إذَا وَقَعَ فِي الْمِحْلَبِ عِنْدَ الْحَلْبِ فَرُمِيَ قَبْلَ التَّفَتُّتِ لَا يَتَنَجَّسُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَشَى فِي الطِّينِ أَوْ أَصَابَهُ لَا يَجِبُ فِي الْحُكْمِ غَسْلُهُ وَلَوْ صَلَّى بِهِ جَازَ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَثَرُ النَّجَاسَةِ وَالِاحْتِيَاطُ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ وَجْهُ دِينِهِ وَمَفَاتِيحُ رِزْقِهِ وَأَوَّلُ مَا يُسْأَلُ فِي الْمَوْقِفِ وَأَوَّلُ مَنْزِلَةِ الْآخِرَةِ لَا غَايَةَ لَهُ وَلِهَذَا قُلْنَا حَمْلُ الْمُصَلَّى أَيْ السَّجَّادَةِ أَوْلَى مِنْ تَرْكِهِ فِي زَمَانِنَا، دَخَلَ مَرْبِطًا وَأَصَابَ رِجْلَهُ الْأَرْوَاثُ جَازَتْ الصَّلَاةُ مَعَهُ مَا لَمْ يَفْحُشْ. اهـ.

وَهُوَ تَرْجِيحٌ لِقَوْلِهِمَا فِي الْأَرْوَاثِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَقَدْ نَقَلُوا فِي كُتُبِ الْفَتَاوَى وَالشُّرُوحِ فُرُوعًا وَنَصُّوا عَلَى النَّجَاسَةِ وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِالتَّغْلِيظِ وَالتَّخْفِيفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مُغَلَّظَةٌ وَأَنَّهَا الْمُرَادَةُ عِنْدَ إطْلَاقِهِمْ وَدَخَلَ فِيهَا بَعْضُ الطَّاهِرَاتِ تَبَعًا فِي الذَّكَرِ فَمِنْهَا الْأَسْآرُ النَّجِسَةُ وَمِنْهَا مَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ جِلْدُ الْحَيَّةِ نَجَسٌ، وَإِنْ كَانَتْ مَذْبُوحَةً؛ لِأَنَّ جِلْدَهَا لَا يَحْتَمِلُ الدِّبَاغَةَ بِخِلَافِ قَمِيصِهَا فَإِنَّهُ طَاهِرٌ وَالدُّودَةُ السَّاقِطَةُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ نَجِسَةٌ بِخِلَافِ السَّاقِطَةِ مِنْ اللَّحْمِ فَإِنَّهَا طَاهِرَةٌ الْحِمَارُ إذَا شَرِبَ مِنْ الْعَصِيرِ لَا يَجُوزُ شُرْبُهُ، الرِّيحُ إذَا مَرَّتْ بِالْعَذِرَاتِ وَأَصَابَتْ الثَّوْبَ الْمَبْلُولَ يَتَنَجَّسُ إنْ وُجِدَتْ رَائِحَةُ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَمَا يُصِيبُ الثَّوْبَ مِنْ بُخَارَاتِ النَّجَاسَاتِ قِيلَ يَتَنَجَّسُ الثَّوْبُ بِهَا وَقِيلَ لَا يَتَنَجَّسُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَوْ أَصَابَ الثَّوْبَ مَا سَالَ مِنْ الْكَنِيفِ فَالْأَحَبُّ أَنْ يَغْسِلَهُ وَلَا يَجِبُ مَا لَمْ يَكُنْ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ نَجَسٌ.

جِلْدَةُ آدَمِيٍّ إذَا وَقَعَتْ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ تُفْسِدُهُ إذَا كَانَتْ قَدْرَ الظُّفْرِ وَالظُّفْرُ لَوْ وَقَعَ بِنَفْسِهِ لَا يُفْسِدُهُ، الْكَافِرُ الْمَيِّتُ نَجَسٌ قَبْلَ الْغُسْلِ وَبَعْدَهُ وَكَذَلِكَ الْمَيِّتُ وَعَظْمُ الْآدَمِيِّ نَجَسٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ طَاهِرٌ وَالْأُذُنُ الْمَقْطُوعَةُ وَالسِّنُّ الْمَقْلُوعَةُ طَاهِرَتَانِ فِي حَقِّ صَاحِبِهِمَا، وَإِنْ كَانَتَا أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَسْنَانِ السَّاقِطَةِ إنَّهَا نَجِسَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَفِي قِيَاسِ قَوْلِهِ الْأُذُنُ نَجَسٌ وَبِهِ نَأْخُذُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي صَلَاةِ الْأَثَرِ سِنٌّ وَقَعَتْ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ يَفْسُدُ وَإِذَا طُحِنَتْ وَفِي الْحِنْطَةِ لَا تُؤْكَلُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنَّ سِنَّهُ طَاهِرٌ فِي حَقِّهِ حَتَّى إذَا أَثْبَتَهَا جَازَتْ الصَّلَاةُ، وَإِنْ أَثْبَتَ سِنَّ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ وَقَالَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْنِي وَسِنُّ الْكَلْبِ وَالثَّعْلَبِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ صُلْبًا إلَخْ) قَالَ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ زَادَ فِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ وَإِنْ كَانَ مُتَفَتِّتًا مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ يُؤْكَلُ أَيْضًا اهـ.

[جِلْدَةُ آدَمِيٍّ إذَا وَقَعَتْ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ]

(قَوْلُهُ: جِلْدُهُ الْآدَمِيِّ إذَا وَقَعَتْ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ وَإِنْ كَانَ دُونَهُ لَا يُفْسِدُهُ صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَعْيَانِ الْمَشَايِخِ وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ كَثِيرًا أَفْسَدَهُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَا يُفْسِدُهُ وَأَفَادَ أَنَّ الْكَثِيرَ مَا كَانَ مِقْدَارَ الظُّفُرِ وَأَنَّ الْقَلِيلَ مَا دُونَهُ، ثُمَّ فِي مُحِيطِ الشَّيْخِ رَضِيِّ الدِّينِ تَعْلِيلًا لِفَسَادِ الْمَاءِ بِالْكَثِيرِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ لَحْمِ الْآدَمِيِّ، وَقَدْ بَانَ مِنْ الْحَيِّ فَيَكُونُ نَجَسًا إلَّا أَنَّ فِي الْقَلِيلِ تَعَذَّرَ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَلَمْ يُفْسِدْ الْمَاءَ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ وَفِيهِ قَبْلَ هَذَا قَالَ مُحَمَّدٌ عَصَبُ الْمَيْتَةِ وَجِلْدُهَا إذَا يَبِسَ فَوَقَعَ فِي الْمَاءِ لَا يُفْسِدُهُ؛ لِأَنَّ بِالْيُبْسِ زَالَتْ عَنْهُ الرُّطُوبَةُ النَّجِسَةُ. اهـ.

وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْمُلْتَقَطِ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ إلَى أَحَدٍ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي تَقْيِيدُ جِلْدِ الْآدَمِيِّ الْكَثِيرِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِكَوْنِهِ رَطْبًا، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ فَسَادَ الْمَاءِ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهِ قَلِيلًا. اهـ.

مِنْ كَلَامِ ابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ (قَوْلُهُ: وَسِنُّ الْكَلْبِ وَالثَّعْلَبِ طَاهِرَةٌ) قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ تَأَمَّلْهُ مَعَ قَوْلِهِمْ مَا أُبِينَ مِنْ الْحَيِّ وَلَوْ سِنًّا فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ نَجَاسَةُ سِنِّ الْكَلْبِ وَالثَّعْلَبِ هَذَا وَفِي الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهِ وَنَجَاسَةِ سِنِّ الْآدَمِيِّ بُعْدٌ وَأَقُولُ: فِي نَجَاسَةِ السِّنِّ إشْكَالٌ هُوَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ عَظْمًا أَوْ عَصَبًا وَكِلَاهُمَا طَاهِرٌ، أَمَّا الْعَظْمُ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا، وَأَمَّا الْعَصَبُ فَعَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَحَكَى فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ عَدَمَ الْخِلَافِ فِيهِ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَتَّحِدَا حُكْمًا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. اهـ.

أَقُولُ: إشْكَالُهُ غَيْرُ وَارِدٍ وَمَا بَحَثَهُ بِقَوْلِهِ وَاَلَّذِي إلَخْ مُوَافِقٌ لِلْمَنْقُولِ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ، وَأَمَّا الْآدَمِيُّ، فَإِنْ كَانَ سِنَّ نَفْسِهِ تَجُوزُ الصَّلَاةُ مَعَهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ

وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَجُوزُ إذَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ، وَإِنْ كَانَ سِنَّ غَيْرِهِ وَزَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَا تَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ لَكِنْ هَذَا كُلُّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ السِّنِّ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ طَرَفُ عَصَبٍ وَفِي نَجَاسَةِ الْعَصَبِ رِوَايَتَانِ قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ قَالَ فِيهَا وَعَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لَا خِلَافَ فِي السِّنِّ بَيْنَ عُلَمَائِنَا أَنَّهُ طَاهِرٌ وَالْخِلَافُ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي جَاءَتْ أَنَّ عَظْمَ الْأَسْنَانِ نَجَسٌ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْكَافِي. اهـ.

فَقَطْ انْدَفَعَ الْإِشْكَالُ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>