للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُبُوتِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ عَلَى قَوْلِهِ لَزِمَ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ قَبُولِهَا وَعَلَى هَذَا يَبْطُلُ الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ وَجْهَيْ الِاسْتِحْسَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ اهـ.

أَقُولُ: إنَّ هَذَا مِنْ الْعَجَبِ الْعُجَابِ مِنْ هَذَا الْمُحَقَّقِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ كَوْنِهِمَا مُدَّعِيَيْنِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الثُّبُوتِ إذْ يَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي كُلِّ دَعْوَى بِأَنْ يُقَالَ صِحَّةُ كَوْنِهِ مُدَّعِيًا مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى ثُبُوتِ قَوْلِهِ وَثُبُوتُ قَوْلِهِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى تَقَدُّمِ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ وَإِنَّمَا صِحَّةُ الدَّعْوَى مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى كَوْنِ الْمُدَّعَى مَعْلُومًا مَعَ بَقِيَّةِ الشَّرَائِطِ فَإِذَا كَانَ الْمَوْلَى حَيًّا لَمْ يَدَّعِ كُلٌّ مِنْهُمَا عِتْقَ نَفْسِهِ لِجَهَالَةِ الْمُعْتِقِ فَلَمْ تُسْمَعْ الشَّهَادَةُ لِعَدَمِ تَقَدُّمِ الدَّعْوَى، وَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى شَاعَ الْعِتْقُ فَجَازَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ نِصْفَهُ حُرٌّ فَإِذَا ادَّعَى ذَلِكَ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَقُبِلَ بُرْهَانُهُ فَقَدْ ظَهَرَ صِحَّةُ الْوَجْهِ الثَّانِي وَبُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ بُطْلَانَهُ وَلِهَذَا صَحَّحَ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي وَارْتَضَاهُ الشَّارِحُونَ وَاَللَّهُ هُوَ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ، وَشَمِلَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا كَانَ الْعَبْدَانِ يَدَّعِيَانِ الْعِتْقَ أَوْ أَحَدُهُمَا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ حَرَّرَ أَمَةً بِعَيْنِهَا وَسَمَّاهَا فَنَسِيَا اسْمَهَا لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَشْهَدَا بِمَا تَحَمَّلَاهُ وَهُوَ عِتْقُ مَعْلُومَةٍ، بَلْ مَجْهُولَةٌ، وَكَذَا الشَّهَادَةُ عَلَى طَلَاقِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ وَسَمَّاهَا فَنَسِيَاهَا، وَعِنْدَ زُفَرَ تُقْبَلُ وَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُمَا كَقَوْلِ زُفَرَ فِي هَذَا؛ لِأَنَّهَا كَشَهَادَتِهِمَا عَلَى عِتْقِ إحْدَى أَمَتَيْهِ وَطَلَاقِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَالِمًا وَلَهُ عَبْدٌ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ اسْمُهُ سَالِمٌ وَالْمَوْلَى يَجْحَدُ لَمْ يَعْتِقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الدَّعْوَى لِقَبُولِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ وَلَا يَتَحَقَّقُ هُنَا مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَيِّنٍ مِنْهُمَا فَصَارَتْ كَمَسْأَلَةِ الْكِتَابِ الْخِلَافِيَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ وَاحِدٌ اسْمُهُ سَالِمٌ وَشَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَالِمًا وَلَا يَعْرِفُونَهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَعَيِّنًا لَمَّا أَوْجَبَهُ وَكَوْنُ الشُّهُودِ لَا يَعْرِفُونَ عَيْنَ الْمُسَمَّى لَا يَمْنَعُ قَبُولَ شَهَادَتِهِمْ كَمَا أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالْعِتْقِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ الْعَبْدَ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدُوا بِبَيْعِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَذَكَرَ فُرُوعًا أُخْرَى هُنَا تُنَاسِبُ الشَّهَادَاتِ أَخَّرْنَا ذِكْرَهَا إلَيْهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِعْتَاقِ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَحْتَمِلُ الْجَهَلَةَ أَصْلًا وَالْعِتْقُ يَحْتَمِلُ ضَرْبًا مِنْهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ إحْدَى الْعَبْدَيْنِ وَيَجُوزُ عِتْقُ أَحَدِهِمَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ)

هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْأَوْلَى بَابُ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ أَنْ يُجْعَلَ الْعِتْقُ جَزَاءً عَلَى الْحَلِفِ بِأَنْ يُعَلِّقَ الْعِتْقَ بِشَيْءٍ وَهُوَ شُرُوعٌ فِي بَيَانِ التَّعْلِيقِ بَعْدَمَا ذَكَرَ مَسَائِلَ التَّنْجِيزِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ مَسْأَلَةَ التَّعْلِيقِ بِالْوِلَادَةِ فِي بَابِ عِتْقِ الْبَعْضِ لِبَيَانِ أَنَّهُ يَعْتِقُ مِنْهُ الْبَعْضُ عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ، وَالْحَلِفُ بِفَتْحِ الْحَاءِ مَعَ سُكُونِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ حَلَفَ بِاَللَّهِ يَحْلِفُ حَلْفًا وَحَلِفًا الْقَسَمُ وَبِكَسْرِ الْحَاءِ مَعَ سُكُونِ اللَّامِ الْعَهْدُ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي يَوْمَئِذٍ حُرٌّ عَتَقَ مَا يَمْلِكُهُ بَعْدَهُ بِهِ) أَيْ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ بِالدُّخُولِ؛ لِأَنَّ التَّنْوِينَ فِي يَوْمِئِذٍ عِوَضٌ عَنْ الْجُمْلَةِ الْمُضَافِ إلَيْهَا لَفْظُ إذْ تَقْدِيرُهُ إذْ دَخَلْت وَلَفْظُ يَوْمٍ ظَرْفٌ لِلْمَمْلُوكِ فَكَانَ التَّقْدِيرُ كُلُّ مَنْ يَكُونُ فِي مِلْكِي وَقْتَ الدُّخُولِ حُرٌّ، وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ إضَافَةُ عِتْقِ الْمَمْلُوكِ يَوْمَ الدُّخُولِ إلَى يَوْمِ الدُّخُولِ وَالْمَمْلُوكُ لَا يَكُونُ إلَّا بِمِلْكٍ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ إنْ مَلَكْت مَمْلُوكًا وَقْتَ الدُّخُولِ فَهُوَ حُرٌّ وَهُوَ يَصْدُقُ بِمِلْكٍ قَبْلَ الدُّخُولِ يُقَارِنُ بَقَاءَهُ الدُّخُولُ فَكَأَنَّهُ إضَافَةُ الْعِتْقِ إلَى الْمِلْكِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الدُّخُولِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِعَبْدِ غَيْرِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَعَبْدِي

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: إذْ يَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي كُلِّ دَعْوَى إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ لُزُومُ مِثْلِهِ فِي كُلِّ دَعْوَى مَمْنُوعٌ إذْ الْكَلَامُ فِي ثُبُوتِ صِحَّةِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَهُوَ كَوْنُ الْمُدَّعِي خَصْمًا مَعْلُومًا كَمَا اعْتَرَفَ بِهِ وَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَا وُجُودَ لِهَذَا الْمَعْنَى فِي كُلِّ دَعْوَى نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا نُسَلِّمُ تَوَقُّفَ الشُّيُوعِ عَلَى ثُبُوتِ قَوْلِهِ أَحَدُهُمَا بَلْ عَلَى صُدُورِهِ مِنْهُ فَإِذَا ادَّعَيَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَقَدْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهُ عَتَقَ نِصْفُهُ فَإِذَا بَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ بُرْهَانِهِ اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ.

[بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ]

<<  <  ج: ص:  >  >>