للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكْمٌ وَالْكَثْرَةُ عِلَّةٌ لَهُ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ إذَا ثَبَتَتْ الْعِلَّةُ فِي حَقِّ مَا بَعْدَهَا فَأَمَّا فِي حَقِّ نَفْسِهَا فَلَا وَهَذَا لِأَنَّ الْعِلَّةَ مَا تَحِلُّ بِالْمَحَلِّ فَيَتَغَيَّرُ لِحُلُولِهِ الْمَحِلُّ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَفْسُ الْعِلَّةِ مَحَلًّا لِلْعِلَّةِ لِلِاسْتِحَالَةِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْحُكْمَ مَعَ الْعِلَّةِ يَقْتَرِنَانِ لِمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ وَالْكَثْرَةُ صِفَةُ هَذَا الْمَجْمُوعِ وَحُكْمُهَا سُقُوطُ التَّرْتِيبِ فَإِذَا ثَبَتَتْ صِفَةُ الْكَثْرَةِ بِوُجُودِ الْأَخِيرَةِ اسْتَنَدَتْ الصِّفَةُ إلَى أَوَّلِهَا بِحُكْمِهَا فَيَجُوزُ الْكُلُّ كَمَرَضِ الْمَوْتِ لَمَّا ثَبَتَ لَهُ هَذَا الْوَصْفُ اسْتَنَدَ إلَيْهِ بِحُكْمِهِ وَلِهَذَا لَوْ أَعَادَهَا بِلَا تَرْتِيبٍ جَازَتْ عِنْدَهُمَا أَيْضًا وَهَذَا لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْجَوَازِ قِلَّتُهَا وَقَدْ زَالَتْ فَيَزُولُ الْمَنْعُ

وَفِي الْعِنَايَةِ لَا يُقَالُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ آحَادِهَا جُزْؤُهَا مُتَقَدِّمَةٌ عَلَيْهَا فَكَيْفُ يَكُونُ مَعْلُولًا لَهَا لِأَنَّهَا جُزْؤُهَا مِنْ حَيْثُ الْوُجُودُ وَلَا كَلَامَ فِيهِ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ مِنْ حَيْثُ الْجَوَازُ وَذَلِكَ مُتَأَخِّرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا قَبْلَ الْكَثْرَةِ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَتَوَقَّفَ حُكْمٌ عَلَى أَمْرٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالُهُ كَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ إلَى الْفَقِيرِ يَتَوَقَّفُ كَوْنُهَا فَرْضًا عَلَى تَمَامِ الْحَوْلِ وَالنِّصَابُ نَامٍ فَإِنْ تَمَّ عَلَى نَمَائِهِ كَانَ فَرْضًا وَإِلَّا نَفْلٌ وَكَوْنُ الْمَغْرِبِ فِي طَرِيقِ مُزْدَلِفَةَ فَرْضًا عَلَى عَدَمِ إعَادَتِهَا قَبْلَ الْفَجْرِ فَإِنْ أَعَادَهَا كَانَتْ نَفْلًا وَالظُّهْرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى عَدَمِ شُهُودِهَا فَإِنْ شَهِدَهَا كَانَتْ نَفْلًا وَصِحَّةُ صَلَاةِ الْمَعْذُورِ إذَا انْقَطَعَ الْعُذْرُ فِيهَا عَلَى عَوْدِهِ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي فَإِنْ لَمْ يَعُدْ فَسَدَتْ وَإِلَّا صَحَّتْ وَكَوْنُ الزَّائِدِ عَلَى الْعَادَةِ حَيْضًا عَلَى عَدَمِ مُجَاوِرَةِ الْعَشَرَةِ فَإِنْ جَاوَزَتْ فَاسْتِحَاضَةٌ وَإِلَّا حَيْضٌ وَصِحَّةُ الصَّلَاةِ الَّتِي صَلَّتْهَا صَاحِبَةُ الْعَادَةِ فِيمَا إذَا انْقَطَعَ دَمُهَا دُونَ الْعَادَةِ فَاغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ فَإِنْ عَادَتْ فَفَاسِدَةٌ وَإِلَّا فَصَحِيحَةٌ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا كَالنِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ وَكَذَا فِي الْكَافِي وَالتَّبْيِينِ وَأَكْثَرِ الْكُتُبِ أَنَّ انْقِلَابَ الْكُلِّ جَائِزًا مَوْقُوفٌ عَلَى أَدَاءِ سِتِّ صَلَوَاتٍ وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ ثُمَّ الْعَصْرُ تَفْسُدُ فَسَادًا مَوْقُوفًا حَتَّى لَوْ صَلَّى سِتَّ صَلَوَاتٍ وَلَمْ يُعِدْ الظُّهْرَ انْقَلَبَ الْكُلُّ جَائِزًا وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ حَتَّى لَوْ صَلَّى خَمْسَ صَلَوَاتٍ وَخَرَجَ وَقْتُ الْخَامِسَةِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءِ الْفَائِتَةِ انْقَلَبَ الْكُلُّ جَائِزًا لِأَنَّ الْكَثْرَةَ الْمُسْقِطَةَ بِصَيْرُورَةِ الْفَوَائِتِ سِتًّا فَإِذَا صَلَّى خَمْسًا وَخَرَجَ وَقْتُ الْخَامِسَةِ صَارَتْ الصَّلَوَاتُ سِتًّا بِالْفَائِتَةِ الْمَتْرُوكَةِ أَوَّلًا وَعَلَى مَا صَوَّرَهُ يَقْتَضِي أَنْ تَصِيرَ الصَّلَوَاتِ سَبْعًا وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بَحْثًا ثُمَّ أَطْلَعَنِي اللَّهُ عَلَيْهِ بِفَضْلِهِ مَنْقُولًا فِي الْمُجْتَبَى وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ فَسَادَ الصَّلَاةِ بِتَرْكِ التَّرْتِيبِ مَوْقُوفٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنْ كَثُرَتْ وَصَارَتْ الْفَوَاسِدُ مَعَ الْفَائِتَةِ سِتًّا ظَهَرَ صِحَّتُهَا وَإِلَّا فَلَا اهـ.

وَلَقَدْ أَحْسَنَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَجَادَ هُنَا كَمَا هُوَ دَأْبُهُ فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَ الْغَرَائِبَ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ صَاحِبِ الْمَبْسُوطِ إنَّ الْوَاحِدَةَ الْمُصَحِّحَةَ لِلْخَمْسِ هِيَ

ــ

[منحة الخالق]

[صَلَّى فَرْضًا ذَاكِرًا فَائِتَةً]

(قَوْلُهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بَحْثًا) وَعِبَارَتُهُ فَإِنْ قُلْت إنَّمَا ذَكَرَ مَنْ رَأَيْت أَنَّهُ إذَا صَلَّى السَّادِسَةَ مِنْ الْمُؤَدِّيَاتِ وَهِيَ سَابِعَةُ الْمَتْرُوكَةِ صَارَتْ الْخَمْسُ صَحِيحَةً وَلَمْ يَحْكُمُوا بِالصِّحَّةِ عَلَى قَوْلِهِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ وَقْتِهَا وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَجِبُ كَوْنُ هَذَا مِنْهُمْ اتِّفَاقِيًّا لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُؤَدِّي السَّادِسَةَ فِي وَقْتِهَا لَا بَعْدَ خُرُوجِهِ فَأُقِيمَ أَدَاؤُهَا مَقَامَ دُخُولِ وَقْتِهَا لِمَا سَنَذْكُرُ. اهـ.

وَمَا سَيَذْكُرُهُ هُوَ قَوْلُهُ بَعْدَ نَحْوِ وَرَقَتَيْنِ وَلَا يَخْفَى عَلَى مُتَأَمِّلٍ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ يُوجِبُ ثُبُوتَ صِحَّةِ الْمُؤَدِّيَاتِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ وَقْتِ سَادِسَتِهَا الَّتِي هِيَ سَابِعَةُ الْمَتْرُوكَةِ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ ثَبَتَتْ حِينَئِذٍ وَهِيَ الْمُسْقِطَةُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى أَدَائِهَا كَمَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي التَّصْوِيرِ فِي سَائِرِ الْكُتُبِ اهـ.

قَالَ فِي النَّهْرِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ بِخُرُوجِ وَقْتِ خَامِسَتِهَا الَّتِي هِيَ سَادِسَةُ الْمَتْرُوكَةِ لِأَنَّ دُخُولَ وَقْتِ السَّادِسَةِ غَيْرُ شَرْطٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ فَجْرَ يَوْمٍ وَأَدَّى بَاقِيَ صَلَاتِهِ انْقَلَبَتْ صَحِيحَةً بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ (قَوْلُهُ مَنْقُولًا فِي الْمُجْتَبَى) نَقَلَهُ فِي النَّهْرِ عَنْ مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ اعْلَمْ أَنَّ الشَّرْطَ لِتَصْحِيحِ الْخَمْسِ صَيْرُورَةُ الْفَوَائِتِ سِتًّا بِخُرُوجِ وَقْتِ الْخَامِسَةِ الَّتِي هِيَ سَادِسَةُ الْفَوَائِتِ لَا أَدَاءُ السَّادِسَةِ لَا مَحَالَةَ إلَّا أَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَدَاءَ السَّادِسَةِ الَّتِي هِيَ سَابِعَةُ الْفَوَائِتِ لِتَصِيرَ الْفَوَائِتُ سِتًّا بِيَقِينٍ لَا أَنَّهُ شَرْطٌ أَلْبَتَّةَ ثُمَّ قَالَ كَانَ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ أَدَّى الْخَامِسَةَ ثُمَّ قَضَى الْمَتْرُوكَةَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا أَنْ لَا تَفْسُدَ الْمُؤَادَةُ بَلْ تَصِحُّ لِوُقُوعِهَا غَيْرَ جَائِزَةٍ وَبِهَا تَصِيرُ الْفَوَائِتُ سِتًّا وَأَجَابَ بِمَنْعِ كَوْنهَا فَائِتَةً مَا بَقِيَ الْوَقْتُ إذْ احْتِمَالُ الْأَدَاءِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ قَائِمٌ اهـ.

وَفِي إمْدَادِ الْفَتَّاحِ مَا ذُكِرَ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ إلَّا تَأْكِيدَ خُرُوجِ وَقْتِ الْخَامِسَةِ مِنْ الْمُؤَدِّيَاتِ لَا اشْتِرَاطُ أَدَاءِ السَّادِسَةِ بَلْ وَلَا دُخُولَ وَقْتِهَا لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ خُرُوجِ الْوَقْتِ دُخُولُ غَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ ثُمَّ أَطْلَعَنِي اللَّهُ بِمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ عَلَى مُوَافَقَتِهِ وَذَكَرَ عِبَارَتَهُ ثُمَّ نَقَلَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ عَنْ مَجْمَعِ الرِّوَايَاتِ والتتارخانية وَالسِّغْنَاقِيِّ وَقَاضِي خَانْ ثُمَّ قَالَ فَهَذِهِ نُصُوصٌ تُطَابِقُ بَحْثَ الْمُحَقِّقِ الْكَمَالِ بْنِ الْهُمَامِ وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ صَاحِبِ الْبَحْرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ إذْ لَيْسَ قَوْلُهُمْ خَطَأً كَمَا عَلِمْته وَكَذَا حُكْمُهُ عَلَى قَوْلِ صَاحِبِ الْمَبْسُوطِ أَنَّ الْمُصَحِّحَةَ لِلْخَمْسِ هِيَ السَّادِسَةُ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لَيْسَ كَمَا يَنْبَغِي نَعَمْ لَوْ قَالَ هِيَ مُظْهِرَةٌ فَلَمَّا كَانَتْ مُظْهِرَةً لِلصِّحَّةِ أُضِيفَتْ إلَيْهَا لَكَانَ حَسَنًا كَمَا قَدْ عَلِمْته وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>