للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّادِسَةُ قَبْلَ قَضَاءِ الْمَتْرُوكَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْمُصَحِّحَ لِلْخَمْسِ خُرُوجُ وَقْتِ الْخَامِسَةِ كَمَا عَلِمْت وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ التَّوَقُّفَ فَشَمِلَ مَا إذَا ظَنَّ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ وَتَعْلِيلُهُمْ أَيْضًا يُرْشِدُ إلَيْهِ فَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُحِيطِ مِنْ أَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عِنْدَهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ مَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ وَفَسَادَ صَلَاتِهِ بِدُونِهِ أَمَّا إذَا عَلِمَ فَعَلَيْهِ إعَادَةُ الْكُلِّ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْعَبْدَ مُكَلَّفٌ بِمَا عِنْدَهُ ضَعِيفٌ وَعَلَّلَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ يَقْطَعُ بِإِطْلَاقِ الْجَوَابِ ظَنَّ عَدَمَ الْوُجُوبِ أَوَّلًا وَقُيِّدَ بِفَسَادِ الْفَرِيضَةِ لِأَنَّهُ لَا يُبْطِلُ أَصْلَ الصَّلَاةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُبْطِلُ لِأَنَّ التَّحْرِيمَةَ عُقِدَتْ لِلْفَرْضِ فَإِذَا بَطَلَتْ الْفَرْضِيَّةُ بَطَلَتْ التَّحْرِيمَةُ أَصْلًا وَلَهُمَا أَنَّهَا عُقِدَتْ لِأَصْلِ الصَّلَاةِ بِوَصْفِ الْفَرِيضَةِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ ضَرُورَةِ بُطْلَانِ الْوَصْفِ بُطْلَانُ الْأَصْلِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ

وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ فِي انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ بِالْقَهْقَهَةِ كَذَا فِي الْغَايَةِ وَأَطْلَقَ فِي التَّذَكُّرِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْعِلْمِ لِمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ رَجُلٌ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ ثُمَّ شَكَّ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ أَنَّهُ صَلَّاهَا أَمْ لَا فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْفَجْرَ يُصَلِّي الْفَجْرَ ثُمَّ يُعِيدُ الظُّهْرَ لِأَنَّهُ لَمَّا تَحَقَّقَ ظَنَّهُ صَارَ كَأَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ مُتَيَقِّنٌ كَالْمُسَافِرِ إذَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ رَأَى فِي صَلَاتِهِ سَرَابًا فَمَضَى عَلَى صَلَاتِهِ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ أَنَّهُ كَانَ مَاءً يَتَوَضَّأُ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ كَذَا هَاهُنَا اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ لَمْ يُصَلِّ الْفَجْرَ وَصَلَّى بَعْدَهَا أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ مِنْ يَوْمٍ شَهْرًا قِيلَ لَا تُجْزِئُهُ الصَّلَوَاتُ الْأَرْبَعَةُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَتُجْزِئُهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ عَنْهُ لِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ وَلَا تُجْزِئُهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لِكَثْرَةِ التَّرْتِيبِ وَهَكَذَا يَجْرِي فَمِنْ كُلِّ عَشْرَةِ صَلَوَاتٍ سِتَّةُ صَلَوَاتٍ فَاسِدَةٌ وَأَرْبَعَةٌ مِنْهَا جَائِزَةٌ وَكَذَا لَوْ صَلَّى الْفَجْرَ شَهْرًا وَلَمْ يُصَلِّ سَائِرَ الصَّلَوَاتِ يُجْزِئُهُ خَمْسُ عَشْرَةَ صَلَاةٍ مِنْ الْفَجْرِ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهَا وَقِيلَ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ الصَّلَوَاتُ الْأَرْبَعَةُ فِي كُلِّ يَوْمٍ إلَّا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَيُجْزِئُهُ كُلُّ الْفَجْرِ إلَّا الْفَجْرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لِأَنَّهُ صَلَّى الْفَجْرَ الثَّانِيَ وَعَلَيْهِ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ فَلَمْ يَجُزْهُ لِقِلَّةِ الْفَوَائِتِ وَبَعْدَ ذَلِكَ كَثُرَتْ الْفَوَائِتُ فَسَقَطَ التَّرْتِيبُ وَالتَّرْتِيبُ مَتَى سَقَطَ لَا يَعُودُ اهـ.

وَاقْتَصَرَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فِي التَّجْنِيسِ وَقَالَ أَنَّهُ يُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ لَا يَعْتَبِرُ الْفَوَائِتَ الْقَدِيمَةَ فِي إسْقَاطِ التَّرْتِيبِ وَقَدْ أَجَابَ الْإِمَامُ حُسَامُ الدِّينِ فِي نَظِيرِهِ فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَهُ بِخِلَافِ هَذَا. اهـ.

فَالْمُفْتَى بِهِ هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي كَمَا لَا يَخْفَى وَقَوْلُهُ وَلَوْ وِتْرًا بَيَانٌ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ عِنْدَهُ الْوِتْرَ فَرْضٌ عَمَلِيٌّ فَوَجَبَ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَقْتِيَّةِ حَتَّى لَوْ صَلَّى الْفَجْرَ ذَاكِرًا لِلْوِتْرِ فَسَدَ فَجْرُهُ عِنْدَهُ مَوْقُوفًا كَمَا تَقَدَّمَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَفْسُدُ لِأَنَّ الْوِتْرَ سُنَّةٌ وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ حَتَّى لَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً فِي تَطَوُّعِهِ لَمْ يَفْسُدْ لِأَنَّهُ عُرِفَ وَاجِبًا فِي الْفَرْضِ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ يُضْرَبُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّيَهَا وَلَا يُقْتَلُ وَإِذَا جَحَدَ وَاسْتَخَفَّ وُجُوبَهَا يُقْتَلُ وَفِي الْكَافِي وَمَنْ قَضَى الْفَوَائِتَ يَنْوِي أَوَّلَ ظُهْرٍ لِلَّهِ عَلَيْهِ أَوْ آخِرَ ظُهْرٍ لِلَّهِ عَلَيْهِ احْتِيَاطًا وَلَوْ لَمْ يَقُلْ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَقَالَ نَوَيْت الظُّهْرَ الْفَائِتَةَ جَازَ فِي الْخُلَاصَةِ غُلَامٌ احْتَلَمَ بَعْدَمَا صَلَّى الْعِشَاءَ وَلَمْ يَسْتَيْقِظْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْعِشَاءِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَ الْعِشَاءِ وَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَبْلَ الطُّلُوعِ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْعِشَاءِ بِالْإِجْمَاعِ وَهِيَ وَاقِعَةُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ سَأَلْتهَا أَبَا حَنِيفَةَ فَأَجَابَهُ بِمَا ذَكَرْنَا فَأَعَادَ الْعِشَاءَ إذَا فَاتَتْ صَلَاةٌ عَنْ وَقْتِهَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَهَا فِي بَيْتِهِ وَلَا يَقْضِيَهَا فِي الْمَسْجِدِ إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ صَلَوَاتٌ فَائِتَةٌ وَأَوْصَى بِأَنْ يُعْطَى كَفَّارَةُ صَلَاتِهِ يُعْطَى

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَتَعْلِيلُهُمْ أَيْضًا يُرْشِدُ إلَيْهِ) أَيْ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُرْشِدُ إلَى أَنَّ فَسَادَ هَذَا الْفَرْضِ مَوْقُوفٌ عَلَى قَضَاءِ الْفَائِتَةِ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ الْفَوَائِتُ كَثِيرَةً وَأَنَّهُ لَا تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ إذَا صَارَتْ كَثِيرَةً عَلَى مَا إذَا كَانَ ظَانًّا عَدَمَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ وَعَلَّلَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ) أَيْ عَلَّلَ الضَّعْفَ لَكِنْ فِي الْفَتْحِ لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ بَلْ يُفْهَمُ مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ وَلَا يَخْفَى عَلَى مُتَأَمِّلٍ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ يُوجِبُ أَنَّهُ لَا تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ ظَانًّا عَدَمَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ عِنْدَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا ظَنَّهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمُحِيطِ عَنْ مَشَايِخِهِمْ فَإِنَّ التَّعْلِيلَ يَقْطَعُ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا تُجْزِئُهُ الصَّلَوَاتُ الْأَرْبَعَةُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا مَبْنِيَّانِ عَلَى قَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ مِنْ أَنَّ الْفَسَادَ مُحْتَمٍ لَا يَزُولُ بِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ (قَوْلُهُ إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ فَوَائِتُ إلَخْ) قَالَ الْعَارِفُ فِي شَرْحِهِ عَلَى هَدِيَّةِ ابْنِ الْعَامِدِ وَرَأَيْت بِخَطِّ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعْزِيًّا إلَى أَحْكَامِ الْجَنَائِزِ مَا صُورَتُهُ ثُمَّ طَرِيقُ إسْقَاطِ الصَّلَاةِ الَّذِي يَفْعَلُهُ الْأَئِمَّةُ فِي زَمَانِنَا هُوَ أَنَّ السَّنَةَ إمَّا شَمْسِيَّةٌ وَإِمَّا قَمَرِيَّةٌ فَالسَّنَةُ الشَّمْسِيَّةُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ فِي بَابِ الْعِنِّينِ مُدَّةُ وُصُولِ الشَّمْسِ إلَى الْقِبْلَةِ الَّتِي فَارَقَتْهَا فِي ذَلِكَ الْبُرُوجُ وَذَلِكَ فِي ثَلَثِمِائَةٍ وَخَمْسٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا وَرُبْعِ يَوْمٍ وَالسَّنَةُ الْقَمَرِيَّةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا قَمَرِيًّا وَمُدَّتُهَا ثَلَثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَثُلُثُ يَوْمٍ وَثُلُثُ عُشْرِ يَوْمٍ فَبَقِيَ أَنْ تُحْسَبَ فِدْيَةُ الصَّلَاةِ بِالسَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ رُبْعِ الْيَوْمِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>