للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ الْآجَالُ عَلَى ضَرْبَيْنِ مَعْلُومَةٍ وَمَجْهُولَةٍ وَالْمَجْهُولَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ مُتَقَارِبَةٍ وَمُتَفَاوِتَةٍ فَالْمَعْلُومَةُ السُّنُونَ وَالشُّهُورُ وَالْأَيَّامُ وَالْمَجْهُولَةُ مُتَقَارِبَةٌ كَالْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَالنَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ وَقُدُومِ الْحَاجِّ وَخُرُوجِهِمْ وَالْجِذَاذِ وَالْقِطَافِ وَصَوْمِ النَّصَارَى وَفِطْرِهِمْ وَالْمُتَفَاوِتَةُ كَهُبُوبِ الرِّيحِ وَإِلَى أَنْ تُمْطِرَ السَّمَاءُ وَإِلَى قُدُومِ فُلَانٍ وَإِلَى الْمَيْسَرَةِ فَتَأْجِيلُ الثَّمَنِ الدَّيْنِ الْمَجْهُولِ بِنَوْعَيْهِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا فَسَدَ بِالتَّأْجِيلِ، وَلَوْ مَعْلُومًا، وَإِذَا أَجَّلَ الدَّيْنَ أَجَلًا مَجْهُولًا بِجَهَالَةٍ مُتَقَارِبَةٍ، ثُمَّ أَبْطَلَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ مَحَلِّهِ وَقَبْلَ فَسْخِهِ لِلْفَسَادِ انْقَلَبَ جَائِزًا، وَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ إبْطَالِهِ تَأَكَّدَ فَسَادُهُ، وَإِنْ كَانَتْ جَهَالَتُهُ مُتَفَاوِتَةً، فَإِنْ أَبْطَلَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ التَّفَرُّقِ انْقَلَبَ جَائِزًا اهـ.

وَهُنَا مَسَائِلُ فِي الْوَاقِعَاتِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالثَّمَنِ أَحْبَبْت ذِكْرَهَا هُنَا الْأُولَى الْمَأْذُونُ لَهُ فِي الْبَيْعِ إذَا بَاعَ وَمَاتَ فَجَاءَ الْمَالِكُ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ وَارِثِ الْبَائِعِ مَا لَمْ يَثْبُتْ قَبْضُهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَّا بِرِضَا الْوَارِثِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ إذَا مَاتَ لَا يَنْتَقِلُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِالثَّمَنِ إلَى مُوَكِّلِهِ، وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ إلَى وَارِثِهِ أَوْ وَصِيِّهِ إنْ كَانَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَصَبَ الْقَاضِي عَنْهُ وَصِيًّا لِيَقْبِضَ وَكَأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ إذَا مَاتَ كَانَ قَبْضُ الثَّمَنِ إلَى وَصِيِّهِ الثَّانِيَةُ بَيَّاعٌ عِنْدَهُ بَضَائِعُ لِلنَّاسِ أَمَرُوهُ بِبَيْعِهَا فَبَاعَهَا وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ لَهُ فَأَفْلَسَ الْمُشْتَرِي كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْمَالِكِ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ. الثَّالِثَةُ بَايَعَ أَقْوَامًا، ثُمَّ مَاتَ وَعَلَيْهِمْ دُيُونٌ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ وَارِثٌ فَأَخَذَ السُّلْطَانُ دُيُونَهُ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ وَارِثٌ لَا يَبْرَأُ الْغُرَمَاءُ وَعَلَيْهِمْ الْأَدَاءُ ثَانِيًا إلَى الْوَارِثِ اهـ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ حَلَّ الدَّيْنُ يَحِلُّ بِالْكَسْرِ حُلُولًا انْتَهَى أَجَلُهُ فَهُوَ حَالٌّ وَأَجَلُ الشَّيْءِ مُدَّتُهُ وَوَقْتُهُ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ وَهُوَ مَصْدَرُ أَجِلَ الشَّيْءُ أَجَلًا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَأَجَلَ أُجُولًا مِنْ بَابِ قَعَدَ لُغَةً وَأَجَّلْته تَأْجِيلًا جَعَلْت لَهُ أَجَلًا اهـ.

فَظَاهِرُهُ لَا يُقَالُ حَلَّ إلَّا بَعْدَ تَأْجِيلٍ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ فِي الْكِتَابِ وَفِي الْقَامُوسِ حَلَّ الدَّيْنُ صَارَ حَالًّا، وَذَكَرَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ بَابِ الِاخْتِلَافَاتِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مَسْأَلَةٌ لَطِيفَةٌ.

(قَوْلُهُ وَمُطْلَقُهُ عَلَى النَّقْدِ الْغَالِبِ) أَيْ مُطْلَقُ الثَّمَنِ بِبَيَانِ قَدْرِهِ وَنَوْعِهِ دُونَ وَصْفِهِ وَالتَّقْيِيدُ بِبَلَدٍ بِأَنْ وَقَعَ الْبَيْعُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ يَنْصَرِفُ إلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ فَيَنْصَرِفُ الْمُطْلَقُ إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ إطْلَاقُ اسْمِ الدَّرَاهِمِ فِي الْعُرْفِ يَخْتَصُّ بِهَا مَعَ وُجُودِ دَرَاهِمَ غَيْرِهَا فَهُوَ تَخْصِيصُ الدَّرَاهِمِ بِالْعُرْفِ الْقَوْلِيِّ وَهُوَ مِنْ إفْرَادِ تَرْكِ الْحَقِيقَةِ بِدَلَالَةِ الْعُرْفِ، وَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِهَا فِي الْغَالِبِ كَانَ مَنْ تَرَكَهَا بِدَلَالَةِ الْعَادَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا وَاجِبٌ تَحَرِّيًا لِلْجَوَازِ وَعَدَمِ إهْدَارِ كَلَامِ الْعَاقِلِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَكِنَّهُ جَزَمَ فِي التَّحْرِيرِ بِأَنَّ الْعَادَةَ هِيَ الْعُرْفُ الْعَمَلِيُّ، وَإِنَّ مَسْأَلَةَ الدَّرَاهِمِ مِنْ الْعُرْفِ الْقَوْلِيِّ وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لَوْ بَاعَهُ إلَى أَجَلٍ مُعَيَّنٍ وَشَرَطَ أَنْ يُعْطِيَهُ الْمُشْتَرِي أَيَّ نَقْدٍ يَرُوجُ يَوْمئِذٍ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا، وَذَكَرَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْمُرَاد بِالْبَلَدِ الْبَلَدُ الَّذِي جَرَى فِيهَا الْبَيْعُ لَا بَلَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَتْ النُّقُودُ فَسَدَ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ) أَيْ فَسَدَ الْبَيْعُ لِوُجُودِ الْجَهَالَةِ الْمُفْضِيَةِ إلَى الْمُنَازَعَةِ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ بِبَيَانِ أَحَدِهِمَا فِي الْمَجْلِسِ وَرَضِيَ الْآخَرُ صَحَّ لِارْتِفَاعِ الْمُفْسِدِ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ فَصَارَ كَالْبَيَانِ الْمُقَارِنِ وَالْمُرَادُ بِالْبَيَانِ فِي كَلَامِهِ الْبَيَانُ التَّأَخُّرُ؛ لِأَنَّ الْمُقَارِنَ يَخْرُجُ عَنْ مَوْضُوعِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَهَا مُطْلَقُهُ فَافْهَمْ وَالْمُرَادُ بِاخْتِلَافِ النُّقُودِ اخْتِلَافُ مَالِيَّتِهَا مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الرَّوَاجِ كَالْبُنْدُقِيِّ وَالْقَايِتْبايِي وَالسُّلَيْمِيِّ وَالْمَغْرِبِيِّ وَالْغُورِيِّ فِي الْقَاهِرَةِ الْآنَ.

فَالْحَاصِلُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَالنَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ اشْتَرَى شَيْئًا بِثَمَنٍ إلَى النَّيْرُوزِ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَالُوا هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي بِمَا بَقِيَ إلَى النَّيْرُوزِ، فَإِنْ عَلِمَا جَازَ اهـ. وَسَيَأْتِي مَتْنًا فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ.

[مَسَائِلُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالثَّمَنِ]

(قَوْلُهُ لَا يَبْرَأُ الْغُرَمَاءُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَتَرْجِعُ الْغُرَمَاءُ عَلَى السُّلْطَانِ، فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُمْ فَقَدْ ظَلَمَ وَلَهُمْ الْمُطَالَبَةُ فِي الْآخِرَةِ. (قَوْلُهُ فَظَاهِرُهُ لَا يُقَالُ حَلَّ إلَّا بَعْدَ تَأْجِيلٍ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ فِيهِ نَظَرٌ لِلْفَرْقِ الْبَيِّنِ بَيْنَ حَلَّ الدَّيْنُ وَبَاعَهُ بِحَالٍ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْمَغْرِبِ حَلَّ الدَّيْنُ وَجَبَ وَلَزِمَ وَالدَّيْنُ الْحَالُّ خِلَافُ الْمُؤَجَّلِ. (قَوْلُهُ وَذُكِرَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ بَابِ الِاخْتِلَافِ إلَخْ) هِيَ عَلَى مَا فِي مُنْتَخَبِ الظَّهِيرِيَّةِ لِلْإِمَامِ الْعَيْنِيِّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي رَجُلَيْنِ تَبَايَعَا شَيْئًا وَاخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْته بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا إلَى عِشْرِينَ شَهْرًا عَلَى أَنْ أُؤَدِّيَ إلَيْك كُلَّ شَهْرٍ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا، وَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك بِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةِ أَشْهُرٍ عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ إلَيَّ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَيَأْخُذُ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي سِتَّةَ أَشْهُرٍ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةً وَفِي الشَّهْرِ السَّابِعِ سَبْعَةً وَنِصْفًا، ثُمَّ يَأْخُذُ بَعْدَ ذَلِكَ كُلَّ شَهْرٍ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا إلَى أَنْ يَتِمَّ لَهُ مِائَةٌ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ اهـ.

وَسَيَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ عِبَارَةَ الظَّهِيرِيَّةِ بِأَبْسَطِ مِنْ هَذَا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ فِي فَصْلِ التَّخَالُفِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ أَوْ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>