بَيْتُ التَّغَوُّطِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ بِثَوْبٍ غَيْرِ ثَوْبِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ إنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَيَجْتَهِدُ فِي حِفْظِ ثَوْبِهِ عَنْ إصَابَةِ النَّجَاسَةِ وَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَيَدْخُلُ مَسْتُورَ الرَّأْسِ وَيَقُولُ عِنْدَ دُخُولِهِ بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ وَأَعُوذُ بِك مِنْ الرِّجْسِ الْخَبِيثِ الْمُخْبَثِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَالْخُبْثُ بِسُكُونِ الْبَاءِ بِمَعْنَى الشَّرِّ وَبِضَمِّهَا جَمْعُ الْخَبِيثِ وَهُوَ الذَّكَرُ مِنْ الشَّيْطَانِ وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ الْخَبِيثَةِ وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الشَّيَاطِينِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ وَمَعَهُ خَاتَمٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَيَبْدَأُ بِرِجْلِهِ الْيُسْرَى وَيَقْعُدُ وَلَا يَكْشِفُ عَوْرَتَهُ وَهُوَ قَائِمٌ وَيُوَسِّعُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَيَمِيلُ عَلَى الْيُسْرَى وَلَا يَتَكَلَّمُ عَنْ الْخَلَاءِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ وَالْمَقْتُ هُوَ الْبُغْضُ وَلَا يَذْكُرُ اللَّهَ وَلَا يَحْمَدُ إذَا عَطَسَ وَلَا يُشَمِّتُ عَاطِسًا وَلَا يَرُدُّ السَّلَامَ وَلَا يُجِيبُ الْمُؤَذِّنَ وَلَا يَنْظُرُ لِعَوْرَتِهِ إلَّا لِحَاجَةٍ وَلَا يَنْظُرُ إلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهُ وَلَا يَبْزُقُ وَلَا يَمْخُطُ وَلَا يَتَنَحْنَحُ وَلَا يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ وَلَا يَعْبَثُ بِبَدَنِهِ وَلَا يَرْفَعُ بَصَرَهُ إلَى السَّمَاءِ وَلَا يُطِيلُ الْقُعُودَ عَلَى الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ؛ لِأَنَّهُ يُورِثُ الْبَاسُورَ أَوْ وَجَعَ الْكَبِدِ كَمَا رُوِيَ عَنْ لُقْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَإِذَا فَرَغَ قَامَ وَيَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي أَيْ بِإِبْقَاءِ شَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ خَرَجَ كُلُّهُ هَلَكَ وَيُكْرَهُ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ فِي الْمَاءِ وَلَوْ كَانَ جَارِيًا وَيُكْرَهُ عَلَى طَرَفِ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ حَوْضٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ تَحْتَ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ أَوْ فِي زَرْعٍ أَوْ فِي ظِلٍّ يُنْتَفَعُ بِالْجُلُوسِ فِيهِ وَيُكْرَهُ بِجَنْبِ الْمَسَاجِدِ وَمُصَلَّى الْعِيدِ وَفِي الْمَقَابِرِ وَبَيْنَ الدَّوَابِّ وَفِي طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ وَمُسْتَقْبِلُ الْقَلْبَةِ وَمُسْتَدْبَرُهَا وَلَوْ فِي الْبُنْيَانِ، فَإِنْ جَلَسَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ نَاسِيًا، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ إنْ أَمْكَنَهُ الِانْحِرَافَ انْحَرَفَ وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ وَكَذَا يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُمْسِكَ وَلَدَهَا لِلْبَوْلِ وَالْغَائِطِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الِاسْتِقْبَالِ لِلتَّطَهُّرِ فَاخْتَارَ التُّمُرْتَاشِيُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَكَذَا يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لِأَنَّهُمَا مِنْ آيَاتِ اللَّهِ الْبَاهِرَةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقْعُدَ فِي أَسْفَلِ الْأَرْضِ وَيَبُولَ فِي أَعْلَاهَا وَأَنْ يَبُولَ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ وَأَنْ يَبُولَ فِي حُجْرٌ فَأْرَةٍ أَوْ حَيَّةٍ أَوْ نَمْلَةٍ أَوْ ثَقْبٍ وَيُكْرَهُ أَنْ يَبُولَ قَائِمًا أَوْ مُضْطَجِعًا أَوْ مُتَجَرِّدًا عَنْ ثَوْبِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ فَلَا بَأْسَ؛ «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَالَ قَائِمًا لِوَجَعٍ فِي صُلْبِهِ» وَيُكْرَهُ أَنْ يَبُولَ فِي مَوْضِعٍ وَيَتَوَضَّأَ أَوْ يَغْتَسِلَ فِيهِ لِلنَّهْيِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
(كِتَابُ الصَّلَاةِ) هِيَ لُغَةً الدُّعَاءُ وَشَرْعًا الْأَفْعَالُ الْمَخْصُوصَةُ مِنْ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَفِيهَا زِيَادَةٌ مَعَ بَقَاءِ مَعْنَى اللُّغَةِ فَيَكُونُ تَغْيِيرًا لَا نَقْلًا فِيهِ نَظَرٌ إذْ الدُّعَاءُ لَيْسَ مِنْ حَقِيقَتِهَا شَرْعًا وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْقِرَاءَةُ فَبَعِيدٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مَنْقُولَةٌ كَمَا فِي الْغَايَةِ لَا لِمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ وُجُودِهَا بِدُونِ الدُّعَاءِ فِي الْأُمِّيِّ بَلْ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَسَيَأْتِي بَيَانُ أَرْكَانِهَا وَشَرَائِطُهَا وَوَاجِبَاتُهَا وَحُكْمُهَا سُقُوطُ الْوَاجِبِ عَنْ ذِمَّتِهِ بِالْأَدَاءِ فِي الدُّنْيَا وَنَيْلُ الثَّوَابِ الْمَوْعُودِ فِي الْآخِرَةِ إنْ كَانَ وَاجِبًا وَإِلَّا فَالثَّانِي وَسَبَبُهَا أَوْقَاتُهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَعِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ هِيَ عَلَامَاتٌ وَلَيْسَتْ بِأَسْبَابٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْمُفْضِي إلَى
ــ
[منحة الخالق]
[آدَاب دُخُولَ الْخَلَاءِ]
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَإِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ وَلَهُ مَمَرٌّ طَوِيلٌ يُقَدِّمُ الْيَسَارَ عِنْدَ أَوَّلِ دُخُولٍ لِلْمَرِّ، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى فِي الْجُلُوسِ عَلَى مَحَلِّ قَضَاءِ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ أَجْزَاءُ الْمُسْتَقْذَرِ فَلَا يُطْلَبُ تَقْدِيمُ خُصُوصِ الْيَسَارِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا وَفِي مَسْجِدَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ مُتَنَافَذَيْنِ يُقَدِّمُ الْيُمْنَى عِنْدَ دُخُولِ أَوَّلَهُمَا لَا يُرَاعِي شَيْئًا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى فِي الدُّخُولِ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ، كَذَا رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ وَالشَّيْخِ ابْنِ قَاسِمٍ عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ الشَّافِعِيِّ وَلَا شَيْءَ عِنْدَنَا يُنَابَذُهُ.
[كِتَابُ الصَّلَاةِ]
[حُكْمُ الصَّلَاة]
(كِتَابُ الصَّلَاةِ) (قَوْلُهُ: هِيَ لُغَةً الدُّعَاءُ) هَذَا مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ تَبَعًا لِأَبِي عَلِيٍّ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ جِنِّيٍّ إنَّ حَقِيقَةَ صَلَّى حَرَّكَ الصَّلَوَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَقِيلَ لِلدَّاعِي مُصَلِّيًا تَشْبِيهًا فِي تَخَشُّعِهِ بِالرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ. اهـ.
وَالصَّلَوَانِ بِالسُّكُونِ الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ فِي أَعَالِي الْفَخْذَيْنِ اللَّذَانِ عَلَيْهِمَا الْأَلْيَتَانِ وَادَّعَى أَبُو حَيَّانَ أَنَّهُمَا عِرْقَانِ
وَحَاصِلُهُ أَنَّ صَلَّى حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ فِي تَحَرُّكِ الصَّلَوَيْنِ مَجَازٌ لُغَوِيٌّ فِي الْأَرْكَانِ الْمَخْصُوصَةِ اسْتِعَارَةٌ يَعْنِي تَصْرِيحِيَّةٌ فِي الرُّتْبَةِ الثَّانِيَةِ فِي الدُّعَاءِ تُسَبِّبُهَا لِلدَّاعِي بِالرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ.
(قَوْلُهُ: فَيَكُونُ تَغْيِيرًا لَا نَقْلًا) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ فِي النَّقْلِ لَمْ يَبْقَ الْمَعْنَى الَّذِي وَضَعَهُ الْوَاضِعُ مَرْعِيًا وَفِي التَّغْيِيرِ يَكُونُ بَاقِيًا لَكِنَّهُ زِيدَ عَلَيْهِ شَيْءٌ آخَرُ وَفِي النَّهْيِ اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى مَعَانٍ شَرْعِيَّةٍ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ أَهِيَ مَنْقُولَةٌ عَنْ مَعَانِيهَا اللُّغَوِيَّةِ إلَى حَقَائِقَ شَرْعِيَّةٍ أَمْ مُغَيَّرَةٌ قِيلَ بِالْأَوَّلِ قَالَ فِي الْغَايَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِوُجُودِهَا بِدُونِهِ فِي الْأُمِّيِّ وَقِيلَ بِالثَّانِي وَأَنَّهُ إنَّمَا زِيدَ عَلَى الدُّعَاءِ بَاقِي الْأَرْكَانِ الْمَخْصُوصَةِ وَأَطْلَقَ الْجُزْءَ عَلَى الْكُلِّ.
(قَوْلُهُ: بَلْ لِمَا ذَكَرْنَاهُ) أَيْ مِنْ أَنَّ الدُّعَاءَ لَيْسَ مِنْ حَقِيقَتِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ خِلَافُ الْقِرَاءَةِ وَمَنَعَهُ فِي النَّهْرِ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ سَنَدًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute