للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالثَّلَاثِ عِنْدَهُ وَبِأَيِّ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ كَانَتْ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ لَا يَتَأَقَّتُ عِنْدَهُ بِالثَّلَاثِ فَيَجُوزُ إلَى أَرْبَعَةٍ عِنْدَهُ وَفِيهَا ثُمَّ ذَكَرَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا اشْتَرَى أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي الْحَقِيقَةِ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ أَمَانَةٌ وَالْأَوَّلُ تَجَوُّزٌ وَاسْتِعَارَةٌ اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِذَا أَقَّتَ خِيَارَ التَّعْيِينِ وَكَانَ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ حَتَّى انْبَرَمَ فِي أَحَدِهِمَا وَلَزِمَ التَّعْيِينُ أَنْ يَتَقَيَّدَ التَّعْيِينُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَحِينَئِذٍ فَإِطْلَاقُ الطَّحَاوِيِّ قَوْلَهُ: خِيَارُ الشَّرْطِ مُؤَقَّتٌ بِالثَّلَاثِ فِي قَوْلِهِ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ بِهَا عِنْدَهُمَا وَخِيَارُ الشَّرْطِ مُؤَقَّتٌ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.

وَذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ خِيَارَ الشَّرْطِ فَلَا مَعْنَى لِتَأْقِيتِ خِيَارِ التَّعْيِينِ بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ فَإِنَّ التَّأْقِيتَ فِيهِ يُفِيدُ لُزُومَ الْعَقْدِ عِنْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَفِي خِيَارِ التَّعْيِينِ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَازِمٌ فِي أَحَدِهِمَا قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ وَلَا يُمْكِنُ تَعْيِينُهُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ بِدُونِ تَعْيِينِهِ فَلَا فَائِدَةَ لِشَرْطِ ذَلِكَ وَاَلَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ التَّوْقِيتَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ. اهـ.

وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ قِسْمٌ آخَرُ وَهُوَ ارْتِفَاعُ الْعَقْدِ فِيهِمَا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ بِخِلَافِ مُضِيِّهَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ إجَازَةٌ لِيَكُونَ لِكُلِّ خِيَارٍ مَا يُنَاسِبُهُ وَأَطْلَقَ فِي مَحَلِّ الْخِيَارِ وَقَيَّدَهُ فِي الْبَدَائِعِ بِالْأَشْيَاءِ الْمُتَفَاوِتَةِ كَالْعَبِيدِ وَالثِّيَابِ فَعَلَى هَذَا لَا يَدْخُلُ خِيَارُ التَّعْيِينِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ فِيهَا وَأَمَّا مَا يُبْطِلُ هَذَا الْخِيَارُ وَهُوَ نَوْعَانِ اخْتِيَارِيٌّ وَضَرُورِيٌّ وَالِاخْتِيَارِيُّ نَوْعَانِ صَرِيحٌ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ فَالِاخْتِيَارِيُّ اخْتَرْتُ هَذَا أَوْ شِئْتُهُ أَوْ رَضِيت بِهِ أَوْ أَجَزْته وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ وَأَمَّا الِاخْتِيَارِيُّ دَلَالَةً فَهُوَ أَنْ يُوجَدَ مِنْهُ فِعْلٌ فِي أَحَدِهِمَا يَدُلُّ عَلَى تَعْيِينِ الْمِلْكِ فِيهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ وَأَمَّا الضَّرُورِيُّ فَهَلَاكُ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَتَعَيُّبُهُ وَأَمَّا إذَا تَعَيَّبَا لَمْ يَتَعَيَّنْ أَحَدُهُمَا لِلْبَيْعِ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهمَا شَاءَ بِثَمَنِهِ لَكِنْ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُمَا لِلُزُومِ الْبَيْعِ فِي أَحَدِهِمَا بِتَعَيُّبِهِمَا فِي يَدِهِ وَبَطَلَ خِيَارُ الشَّرْطِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ فِيهِ خِيَارَيْنِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَيَا عَلَى أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا لَا يَرُدُّهُ الْآخَرُ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ خِيَارُ الْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَخَصَّهُ فِي الْبِنَايَةِ بِمَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ أَمَّا قَبْلَهُ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ يَعْنِي اتِّفَاقًا، لَهُمَا أَنَّ إثْبَاتَ الْخِيَارِ لَهُمَا إثْبَاتُهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِ صَاحِبِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّهِ وَلَهُ أَنَّ الْمَبِيعَ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ غَيْرَ مَعِيبٍ بِعَيْبِ الشَّرِكَةِ فَلَوْ رَدَّهُ أَحَدُهُمَا لَرَدَّهُ مَعِيبًا بِهِ وَفِيهِ إلْزَامُ ضَرَرٍ زَائِدٍ وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ إثْبَاتِ الْخِيَارِ لَهُمَا الرِّضَا بِرَدِّ أَحَدِهِمَا لِتَصَوُّرِ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى الرَّدِّ وَقَوْلُهُ رِضَا أَحَدِهِمَا لَا يَرُدُّهُ الْآخَرُ اتِّفَاقِيٌّ إذْ لَوْ رَدَّ أَحَدُهُمَا لَا يُجِيزُهُ الْآخَرُ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا وَلَكِنْ قَوْلُهُمْ لَوْ رَدَّهُ أَحَدُهُمَا لَرَدَّهُ مَعِيبًا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَكَذَا قَوْلُهُ اشْتَرَيَا إذْ لَوْ بَاعَا لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ إجَازَةً أَوْ رَدًّا لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ رَجُلَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً عَلَى أَنَّ الْبَائِعَيْنِ بِالْخِيَارِ فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا بِالْبَيْعِ وَلَمْ يَرْضَ الْآخَرُ لَزِمَهُمَا الْبَيْعُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ.

وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْبَيْعَ لَوْ كَانَ مُتَعَدِّدًا وَالْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُجِيزَ فِي الْبَعْضِ وَيَرُدَّ فِي الْبَعْضِ وَكَذَا لَوْ كَانَ وَاحِدًا فَأَجَازَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فِي النِّصْفِ وَرَدَّهُ فِي النِّصْفِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ لَكِنْ ذَكَرُوهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.

[اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ أَوْ كَاتِبٌ فَكَانَ بِخِلَافِهِ]

(قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ أَوْ كَاتِبٌ فَكَانَ بِخِلَافِهِ أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ تَرَكَهُ) لِأَنَّ هَذَا وَصْفٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ فَيُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ بِالشَّرْطِ ثُمَّ فَوَاتُهُ يُوجِبُ التَّخْيِيرَ لِأَنَّهُ مَا رَضِيَ بِهِ دُونَهُ وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى اخْتِلَافِ النَّوْعِ لِقِلَّةِ التَّفَاوُتِ فِي الْأَغْرَاضِ وَلَا يَفْسُدُ بِعَدَمِهِ الْعَقْدُ بِمَنْزِلَةِ وَصْفُ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فِي الْحَيَوَانَاتِ فَصَارَ كَفَوَاتِ وَصْفِ السَّلَامَةِ وَإِذَا أَخَذَهُ أَخَذَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْأَوْصَافَ لَا يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ لِكَوْنِهَا تَابِعَةً فِي الْعَقْدِ عَلَى مَا عُرِفَ وَفِي الْمِعْرَاجِ قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَفِيهَا) أَيْ فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ مُؤَقَّتٌ بِالثَّلَاثِ فِي قَوْلِهِ) أَيْ قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ) خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ فَإِطْلَاقُ الطَّحَاوِيِّ قَالَ فِي النَّهْرِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ تَوْقِيتَ خِيَارِ التَّعْيِينِ لَيْسَ قَدْرًا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَلْ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ فَجَازَ أَنَّ الطَّحَاوِيَّ وَافَقَ غَيْرَ الْأَكْثَرِ عَلَى أَنَّ الشَّارِحَ قَالَ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ التَّوْقِيتَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ إلَخْ ثُمَّ قَالَ فِي النَّهْرِ وَأَبْدَى فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ لَهُ فَائِدَةً هِيَ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى التَّعْيِينِ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ قَالَ وَهَذَا هُوَ أَثَرُ تَوْقِيتِ خِيَارِ التَّعْيِينِ كَمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ خِيَارَ الشَّرْطِ مَعَهُ وَوَقَّتَ وَمَضَتْ مُدَّتُهُ بِلَا فَرْقٍ اهـ.

وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ كَمَا إذَا ذَكَرَ خِيَارَ الشَّرْطِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ تَوْقِيتِ خِيَارِ التَّعْيِينِ عِنْدَ خُلُوِّهِ مِنْ خِيَارِ الشَّرْطِ بِالثَّلَاثَةِ وَبَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>