للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخِرِ بَابِ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ أَنَّهَا تَجُوزُ فِي نَوْعٍ خَاصٍّ أَيْضًا. اهـ.

وَيُنْدَبُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهَا وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ كَيْفِيَّةَ كِتَابَتِهَا فَقَالَ هَذَا مَا اشْتَرَكَ عَلَيْهِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ اشْتَرَكَا عَلَى تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، ثُمَّ يُبَيِّنُ قَدْرَ رَأْسِ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَيَقُولُ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي أَيْدِيهِمَا يَشْتَرِيَانِ وَيَبِيعَانِ جَمِيعًا وَشَتَّى وَيَعْمَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِرَأْيِهِ وَيَبِيعُ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ، وَهَذَا وَإِنْ مَلَكَهُ كُلٌّ بِمُطْلَقِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ لَا يَمْلِكُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَّا بِالتَّصْرِيحِ بِهِ فَلِلتَّحَرُّزِ عَنْهُ يَكْتُبُ هَذَا، ثُمَّ يَقُولُ فَمَا كَانَ مِنْ رِبْحٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا وَمَا كَانَ مِنْ وَضِيعَةٍ أَوْ تَبِعَةٍ فَكَذَلِكَ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرِكَةِ الْعَقْدِ أَنَّهَا مُفَاوَضَةٌ وَعَنَانٌ وَتَقَبُّلٌ وَوُجُوهٌ، وَذَكَرَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهَا سِتَّةٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا شَرِكَةٌ بِالْمَالِ وَشَرِكَةٌ بِالْأَعْمَالِ وَشَرِكَةُ الْوُجُوهِ وَكُلٌّ يَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ مُفَاوَضَةٍ وَعَنَانٍ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ لِلشَّيْخَيْنِ الطَّحَاوِيِّ وَالْكَرْخِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ؛ وَلِأَنَّ الْأَوَّلَ يُوهِمُ أَنَّ الْأَخِيرَيْنِ لَا يَكُونَانِ مُفَاوَضَةً وَلَا عَنَانًا

قَوْلُهُ (: وَهِيَ مُفَاوَضَةٌ إنْ تَضَمَّنَتْ وَكَالَةً وَكَفَالَةً وَتَسَاوَيَا مَالًا وَتَصَرُّفًا وَدَيْنًا) بَيَانٌ لِلنَّوْعِ الْأَوَّلِ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي، قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْمُفَاوَضَةُ الِاشْتِرَاكُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَالْمُسَاوَاةُ. اهـ.

وَلِذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّهَا شَرِكَةٌ عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ التِّجَارَاتِ يُفَوِّضُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمْرَ الشَّرِكَةِ إلَى صَاحِبِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ إذْ هِيَ مِنْ الْمُسَاوَاةِ قَالَ قَائِلُهُمْ

لَا يَصْلُحُ النَّاسُ فَوْضَى لَا سَرَاةَ لَهُمْ ... وَلَا سَرَاةَ إذَا جُهَّالُهُمْ سَادُوا

أَيْ مُتَسَاوِينَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْقِيقِ الْمُسَاوَاةِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً وَذَلِكَ بِالْمَالِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِيهِ وَلَا يُعْتَبَرُ التَّفَاضُلُ فِيمَا لَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ، وَكَذَا فِي التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَ أَحَدُهُمَا تَصَرُّفًا لَا يَمْلِكُهُ الْآخَرُ فَاتَ التَّسَاوِي، وَكَذَا فِي الدَّيْنِ. اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، قَوْلُهُ إذْ هِيَ مِنْ الْمُسَاوَاةِ تَسَاهُلٌ إذْ هِيَ مَادَّةٌ أُخْرَى فَكَيْفَ يَتَحَقَّقُ الِاشْتِقَاقُ، بَلْ هِيَ مِنْ التَّفْوِيضِ أَوْ مِنْ الْفَوْضِ الَّذِي مِنْهُ فَاضَ الْمَاءُ إذَا عَمَّ وَانْتَشَرَ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ مَعْنَاهَا الْمُسَاوَاةُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّنْصِيصُ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ فَإِنْ صَرَّحَا بِهَا ثَبَتَ أَحْكَامُهَا إقَامَةً لِلَّفْظِ مَقَامِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ صَارَ عَلَمًا عَلَى تَمَامِ الْمُسَاوَاةِ فِي أَمْرِ الشَّرِكَةِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَاهَا فَلَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ إتْمَامَ مَعْنَاهَا بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا وَهُمَا حُرَّانِ بَالِغَانِ مُسْلِمَانِ أَوْ ذِمِّيَّانِ شَارَكْتُك فِي جَمِيعِ مَا أَمْلِكُ مِنْ نَقْدٍ، وَقَدْرِ مَا تَمْلِكُ عَلَى وَجْهِ التَّفْوِيضِ الْعَامِّ مِنْ كُلٍّ مِنَّا لِلْآخَرِ فِي التِّجَارَاتِ وَالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ وَعَلَى أَنَّ كُلًّا ضَامِنٌ عَنْ الْآخَرِ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ أَمْرِ كُلِّ بَيْعٍ وَقَدَّمْنَا أَنَّهَا تَصِحُّ خَاصَّةً أَيْضًا لَكِنَّ قَوْلَهُ إنْ تَضَمَّنَتْ وَكَالَةً زَائِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخُصُّ الْمُفَاوَضَةَ؛ لِأَنَّ كُلَّ عَقْدِ شَرِكَةٍ يَتَضَمَّنُهَا وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِهَا وَالْمُرَادُ إنَّمَا هُوَ بَيَانُ خَصَائِصِهَا، وَلِذَا ذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّ حُكْمَهَا صَيْرُورَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ فِي التِّجَارَةِ فِي النِّصْفِ، وَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا دَنَانِيرُ وَالْآخَرِ دَرَاهِمُ أَوْ لِأَحَدِهِمَا سُودٌ وَلِلْآخَرِ بِيضٌ جَازَتْ الْمُفَاوَضَةُ إذَا اسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَّحِدَا الْجِنْسِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَرَوَى الْحَسَنُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ بَيْنَهُمَا لَا تُعْرَفُ إلَّا بِالْقِيمَةِ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ وَإِنْ تَفَاضَلَا فِي الْقِيمَةِ لَا تَجُوزُ الْمُفَاوَضَةُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

(قَوْلُهُ فَلَا تَصِحُّ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ وَبَالِغٍ) تَفْرِيعٌ عَلَى اشْتِرَاطِ الْمُسَاوَاةِ فِي التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ الْبَالِغَ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ وَالْكَفَالَةَ وَالْمَمْلُوكَ لَا يَمْلِكُ وَاحِدًا مِنْهُمَا إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى وَالصَّبِيَّ لَا يَمْلِكُ الْكَفَالَةَ وَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ إلَّا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ، أَطْلَقَ الْعَبْدَ فَشَمِلَ الْمُكَاتَبَ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهَا لَا تَصِحُّ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ وَالْمُكَاتَبَيْنِ وَالصَّبِيَّيْنِ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّيْنِ لَيْسَا أَهْلًا لِلْكَفَالَةِ، وَلَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ، وَأَمَّا الْعَبْدَانِ وَإِنْ كَانَا أَهْلًا لَهَا بِإِذْنِ الْمَوْلَى لَكِنْ يَتَفَاضَلَانِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُمَا يَتَفَاوَتَانِ فِي الْقِيمَةِ، وَقَضِيَّةُ الْمُفَاوَضَةِ صَيْرُورَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلًا بِجَمِيعِ مَا لَزِمَ صَاحِبَهُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

[شِرْكَة الْمُفَاوَضَة بَيْن وَمُسْلِمٍ وَكَافِرٍ]

(قَوْلُهُ وَمُسْلِمٍ وَكَافِرٍ) أَيْ لَا تَصِحُّ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ فِي

ــ

[منحة الخالق]

يَجُوزَ عَلَى أَنَّهُ بَيْعٌ وَيُشْكِلُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْبَيْعَ بِلَا مَعْرِفَةِ الثَّمَنِ كَيْفَ يَجُوزُ فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ

[شَرِكَة الْعَقْدِ]

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) أَقُولُ: فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مَا نَصُّهُ وَلَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ إلَّا بِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ لِيَكُونَ اللَّفْظُ دَلِيلًا عَلَى مَعْنَى الْعُمُومِ. اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>