للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّالِثِ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْمُشْتَرَكِ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا شَرِكَةٌ فِي مَالٍ خَلَطَاهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُسَافِرَ بِالْمَالِ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ فَإِنْ سَافَرَ بِهِ فَهَلَكَ فَإِنْ كَانَ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ لَا يَضْمَنُ اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ قَالَ الْآخَرُ مَا اشْتَرَيْت الْيَوْمَ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَك، وَقَالَ الْآخَرُ نَعَمْ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ شَرِكَةٌ فِي الشِّرَاءِ وَالشَّرِكَةُ فِي الشِّرَاءِ جَائِزَةٌ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَبِيعَ حِصَّةَ الْآخَرِ مِمَّا اشْتَرَى إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي الشِّرَاءِ لَا فِي الْبَيْعِ، وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ عَبْدًا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَشْرِكْنِي فِيهِ فَأَشْرَكَهُ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ أَشْرِكْنِي فِيهِ فَأَشْرَكَهُ فَإِنْ كَانَ الثَّانِي يَعْلَمُ بِمُشَارَكَةِ الْأَوَّلِ إيَّاهُ فَلَهُ رُبُعُ جَمِيعِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ طَلَبَ مِنْهُ الِاشْتِرَاكَ فِي نَصِيبِهِ وَنَصِيبُهُ النِّصْفُ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي لَمْ يَعْلَمْ بِمُشَارَكَةِ الْأَوَّلِ إيَّاهُ فَلَهُ نِصْفُ جَمِيعِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ طَلَبَ مِنْهُ الِاشْتِرَاكَ فِي كُلِّ الْعَبْدِ فَيَكُونُ طَالِبًا لِلنِّصْفِ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ عَبْدٌ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِثَالِثٍ أَشْرَكْتُك فِي هَذَا الْعَبْدِ وَلَمْ يُجِزْ صَاحِبُهُ صَارَ نَصِيبُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الشَّرِكَةِ بَيْعٌ بِأَنْ بَاعَ نِصْفَ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ نَفَذَ الْبَيْعُ فِي جَمِيعِ نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّ فِي الْأُولَى نَصَّا عَلَى الشَّرِكَةِ، وَلَوْ صَارَ جَمِيعُ نَصِيبِهِ لَهُ لَا تَتَحَقَّقُ الشَّرِكَةُ وَلَا كَذَلِكَ الْبَيْعُ رَجُلٌ اشْتَرَى حِنْطَةً وَطَحَنَهَا فَأَشْرَكَ فِي طَحْنِهَا رَجُلًا فَإِنْ طَحَنَهَا بِنَفْسِهِ فَعَلَى الَّذِي أَشْرَكَهُ فِيهِ نِصْفُ الثَّمَنِ لَا غَيْرُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَطْحَنَهَا فَعَلَى الَّذِي أَشْرَكَهُ نِصْفُ الثَّمَنِ وَنِصْفُ أَجْرِ الطَّحْنِ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُهُ شَرِيكًا فِيهِ بِنِصْفِ مَا قَامَ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَامَ عَلَيْهِ بِهَذَا الْقَدْرِ فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِنِصْفِهِ اهـ.

وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُشْرِكَ فِيمَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ وَإِنْ أَشْرَكَ فِيهِ اثْنَيْنِ كَانَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَإِذَا لَمْ يَعْرِفْ الدَّخِيلُ مِقْدَارَ الثَّمَنِ جَازَ وَلَهُ الْخِيَارُ، وَلَوْ قَالَ لَك شَرِكَةٌ يَا فُلَانُ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَأَبْطَلَهُ مُحَمَّدٌ قَالَ أَشْرَكْت فُلَانًا فِي نِصْفِ هَذَا الْعَبْدِ فَلَهُ الرُّبُعُ قِيَاسًا وَالنِّصْفُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ اشْتَرَيَا عَبْدًا فَأَشْرَكَا فِيهِ آخَرَ فَإِنْ أَشْرَكَاهُ عَلَى التَّعَاقُبِ فَلَهُ النِّصْفُ وَلَهُمَا النِّصْفُ وَإِنْ أَشْرَكَاهُ مَعًا فَلَهُ الثُّلُثُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْإِشْرَاكَ يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ وَإِنْ أَشْرَكَهُ أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِهِ وَنَصِيبِ صَاحِبِهِ فَإِنْ أَجَازَ صَاحِبُهُ فَلَهُ النِّصْفُ وَلِلشَّرِيكَيْنِ النِّصْفُ وَتَمَامُهُ فِي الْمُحِيطِ مِنْ بَابِ مَنْ يَشْتَرِي شَيْئًا فَيُشْرِكُ فِيهِ غَيْرَهُ

(قَوْلُهُ: وَشَرِكَةُ الْعَقْدِ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا شَارَكْتُك فِي كَذَا وَيَقْبَلَ الْآخَرُ) بَيَانٌ لِلنَّوْعِ الثَّانِي وَمَقْصُودُهُ بَيَانُ رُكْنِهَا مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ الدَّالَّيْنِ عَلَيْهَا لَا خُصُوصُ شَارَكْتُك؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ مِنْ الْعُقُودِ فَيَنْعَقِدُ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلِهَذَا لَوْ دَفَعَ أَلْفًا إلَى رَجُلٍ، وَقَالَ أَخْرِجْ مِثْلَهَا وَاشْتَرِ وَمَا كَانَ مِنْ رِبْحٍ فَهُوَ بَيْنَنَا وَقَبِلَ الْآخَرُ وَأَخَذَهَا وَفَعَلَ انْعَقَدَتْ الشَّرِكَةُ وَقَوْلُهُ فِي كَذَا أَيْ فِي شَيْءٍ؛ لِأَنَّ كَذَا كِنَايَةٌ عَنْ الشَّيْءِ، كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَذَلِكَ الشَّيْءُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا كَالْبَزِّ وَالْبَقْلِ أَوْ عَامًّا كَمَا إذَا شَارَكَهُ فِي عُمُومِ التِّجَارَاتِ وَتَخْصِيصُ الْعُمُومِ بِالْمُفَاوَضَةِ وَالْخُصُوصُ بِالْعَنَانِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْعَنَانَ قَدْ تَكُونُ عَامَّةً أَيْضًا وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ شَرِكَةُ الْعَنَانِ عَامَّةٌ بِأَنْ يَشْتَرِكَا فِي أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ كُلِّهَا وَخَاصَّةٌ وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ كَالثِّيَابِ وَالرَّقِيقِ. اهـ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ شَرَائِطِ الْمُفَاوَضَةِ أَنْ تَكُونَ عَامَّةً فِي عُمُومِ التِّجَارَاتِ إلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي

ــ

[منحة الخالق]

إذْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَالَ حَضْرَتِهِ بِلَا إذْنِهِ فَكَذَا حَالُ غَيْبَتِهِ (غن) دَارٍ بَيْنَهُمَا غَيْرُ مَقْسُومَةٍ غَابَ أَحَدُهُمَا وَسِعَ الْحَاضِرَ أَنْ يَسْكُنَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَيَسْكُنُ الدَّارَ كُلَّهَا وَكَذَا الْخَادِمُ بَيْنَهُمَا غَابَ أَحَدُهُمَا فَلِلْحَاضِرِ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ بِحِصَّتِهِ وَفِي الدَّابَّةِ لَا يَرْكَبُهَا الْحَاضِرُ لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي الرُّكُوبِ لَا السُّكْنَى وَالِاسْتِخْدَامِ فَيَتَضَرَّرُ الْغَائِبُ بِرُكُوبِهَا لَا بِهِمَا ن عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِلْحَاضِرِ أَنْ يَسْكُنَ كُلَّ الدَّارِ لَوْ خَافَ خَرَابَهَا لَوْ لَمْ يَسْكُنْهَا وَعَنْ ح - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَيْسَ لِلْحَاضِرِ فِي الْأَرْضِ أَنْ يَزْرَعَ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ وَفِي الدَّارِ لَهُ أَنْ يَسْكُنَهَا (بِرّ) أَنَّ لَهُ ذَلِكَ فِي الْوَجْهَيْنِ فَلَوْ سَكَنَ الدَّارَ أَحَدُ شَرِيكَيْهِمَا بِغَيْبَةِ الْآخَرِ لَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ.

وَلَوْ أُعِدَّتْ لِلِاسْتِغْلَالِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ فِي حَقِّ السُّكْنَى وَتَوَابِعِهِ تُجْعَلُ كَمِلْكٍ لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى الْكَمَالِ إذْ لَوْ تُجْعَلُ كَذَلِكَ يَمْتَنِعُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ دُخُولٍ وَقُعُودٍ وَوَضْعِ أَمْتِعَةٍ فَيَتَعَطَّلُ عَلَيْهِمَا مَنَافِعُ مِلْكِهِمَا وَهُوَ لَمْ يَجُزْ فَصَارَ الْحَاضِرُ سَاكِنًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَلْزَمُ الْأَجْرَ اهـ.

وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ فَلْتُحْفَظْ، وَفِي الْخَانِيَّةِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْإِقْرَارِ، ثُمَّ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا فَإِنَّ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَسْكُنَ كُلَّ الدَّارِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ أَنْ يَسْكُنَ مِنْ الدَّارِ قَدْرَ حِصَّتِهِ، وَلَوْ خَافَ أَنْ تَخْرَبَ الدَّارُ بِتَرْكِ السُّكْنَى كَانَ لَهُ أَنْ يَسْكُنَ كُلَّ الدَّارِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَأَشْرَكَ فِي طَحْنِهَا) مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ أَيْ مَطْحُونِهَا. (قَوْلُهُ: جَازَ وَلَهُ الْخِيَارُ) مُقْتَضَاهُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>