اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي إلَى آخِرِهِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَعْمَلُ شَاهِدٌ وَقَاضٍ وَرَاوٍ بِالْخَطِّ إنْ لَمْ يَتَذَكَّرُوا) أَيْ لَا يَحِلُّ لِلشَّاهِدِ إذَا رَأَى خَطَّهُ أَنْ يَشْهَدَ حَتَّى يَتَذَكَّرَ وَكَذَا الْقَاضِي إذَا وَجَدَ فِي دِيوَانِهِ مَكْتُوبًا شَهَادَةَ شُهُودٍ وَلَا يَتَذَكَّرُ وَلَا لِلرَّاوِي أَنْ يَرْوِيَ اعْتِمَادًا عَلَى مَا فِي كِتَابِهِ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَحَذَفَ مَفْعُولَ يَتَذَكَّرُوا لِإِرَادَةِ التَّعْمِيمُ فَلَا بُدَّ عِنْدَهُ لِلشَّاهِدِ مِنْ تَذَكُّرِ الْحَادِثَةِ وَالتَّارِيخِ وَالْمَالِ مَبْلَغِهِ وَصِفَتِهِ حَتَّى إذَا لَمْ يَتَذَكَّرْ شَيْئًا مِنْهُ وَتَيَقَّنَ أَنَّهُ خَطُّهُ وَخَاتَمُهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْهَدَ وَإِنْ شَهِدَ فَهُوَ شَاهِدُ زُورٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا يَكْفِي تَذَكُّرُ مَجْلِسِ الشَّهَادَةِ وَفِي الْمُلْتَقَطِ وَعَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَكَانَ الشَّهَادَةِ وَوَقْتَهَا اهـ.
وَجَوَّزَ مُحَمَّدٌ لِلْكُلِّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الْكِتَابِ إذَا تَيَقَّنَ أَنَّهُ خَطُّهُ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ تَوْسِعَةً لِلْأَمْرِ عَلَى النَّاسِ وَجَوَّزَهُ أَبُو يُوسُفَ لِلرَّاوِي وَالْقَاضِي دُونَ الشَّاهِدِ وَفِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ ضَيَّقَ فِي الْكُلِّ حَتَّى قَلَّتْ رِوَايَتُهُ الْإِخْبَارَ مَعَ كَثْرَةِ سَمَاعِهِ فَإِنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ رَجُلٍ غَيْرَ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ الْحِفْظَ مِنْ وَقْتِ السَّمَاعِ إلَى وَقْتِ الرِّوَايَةِ اهـ.
وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْقَاضِي إذَا وَجَدَ قَضَاءَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَعْمَلُ بِمَا يَجِدُهُ فِي دِيوَانِ قَاضٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَ مَخْتُومًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ وَهَكَذَا فِي الْأَجْنَاسِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بِأَنَّهُ يُفْتَى بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ وَفِي الْمُبْتَغَى بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ مَنْ وَجَدَ خَطَّهُ وَعَرَفَهُ وَنَسِيَ الشَّهَادَةَ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ إذَا كَانَ فِي حَوْزِهِ وَبِهِ نَأْخُذُ. اهـ.
وَعَزَاهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ إلَى النَّوَازِلِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَلَا يَعْمَلُ إلَى أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِي نُسْخَةٍ وَقَرَأَهَا لِأَجْلِ الضَّبْطِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى خَطِّهِ وَقَدْ عَقَدَ فِي السِّرَاجِيَّةِ لَهَا بَابًا فَقَالَ بَابُ الشَّهَادَةِ مِنْ النُّسْخَةِ إلَى آخِرِ مَا فِيهَا وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الِاخْتِلَافِ السَّابِقِ مَسَائِلُ حَاصِلُهَا أَيَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى غَيْرِ الْحِفْظِ مِنْ إخْبَارِ مُخْبِرٍ بِقَضَاءٍ أَوْ شَهَادَةٍ أَوْ رِوَايَةٍ أَمْ لَا الْأَوْلَى لَوْ نَسِيَ الْقَاضِي قَضَاءَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ سِجِلٌّ فَشَهِدَا عِنْدَهُ أَنَّهُ قَضَى بِكَذَا الثَّانِيَةُ أَخْبَرَهُ قَوْمٌ يَثِقُ بِهِمْ أَنَّهُ كَانَ شَاهِدًا الثَّالِثَةُ سَمِعَ حَدِيثًا مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ نَسِيَ رَاوِيَ الْأَصْلِ فَسَمِعَهُ مِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا اعْتَمَدَ عَلَى خَطِّهِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ وَشَهِدَ وَقُلْنَا بِقَبُولِهِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَهُ هَلْ يَشْهَدُ عَنْ عِلْمٍ أَمْ عَنْ الْخَطِّ إنْ قَالَ عَنْ عِلْمٍ قَبِلَهُ وَإِنْ قَالَ عَنْ الْخَطِّ لَا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْمِعْرَاجِ وَعَلَى الِاخْتِلَافِ لَوْ سَمِعَ مِنْ غَيْرِهِ حَدِيثًا ثُمَّ نَسِيَ الْأَصْلُ الرِّوَايَةَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لَا يَعْمَلُ بِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَعْمَلُ بِهِ وَعَلَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ الَّتِي اخْتَلَفَ فِيهَا أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِي الرِّوَايَةِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَهِيَ ثَلَاثٌ سَمِعَهَا مُحَمَّدٌ مِنْ أَبِي يُوسُفَ ثُمَّ نَسِيَ أَبُو يُوسُفَ الرِّوَايَةَ فَكَانَ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ لَا يَدَعُ الرِّوَايَةَ اهـ.
وَهِيَ سِتٌّ لَا ثَلَاثٌ كَمَا نَقَلْنَاهَا مُبَيَّنَةً فِي شَرْحِنَا عَلَى الْمَنَارِ وَتَعَقَّبَهُمْ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ هُنَا وَفِي كِتَابِ الصَّلَاةِ بِأَنَّ الْحِكَايَةَ الَّتِي جَرَتْ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ تُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ تَكْذِيبِ الْأَصْلِ الْفَرْعَ وَلَا خِلَافَ عِنْدَهُمْ فِي بُطْلَانِ الرِّوَايَةِ لَا أَنَّهُ مِنْ بَابِ النِّسْيَانِ فَاعْتِمَادُ الْمَشَايِخِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ مُشْكِلٌ
(قَوْلُهُ وَلَا يَشْهَدُ بِمَا لَمْ يُعَايِنْهُ إلَّا فِي النَّسَبِ وَالْمَوْتِ وَالنِّكَاحِ وَالدُّخُولِ وَوِلَايَةِ الْقَاضِي وَأَصْلِ الْوَقْفِ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهَا إذَا أَخْبَرَهُ بِهَا مَنْ يَثِقُ بِهِ) اسْتِحْسَانًا دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَتَعْطِيلِ الْأَحْكَامِ إذْ لَا يَحْضُرُهَا إلَّا الْخَوَاصُّ وَالْمُرَادُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِشَيْءٍ لَمْ يَقْطَعْ بِهِ مِنْ جِهَةِ الْمُعَايَنَةِ بِالْعَيْنِ أَوْ السَّمَاعِ إلَّا فِي كَذَا أَمَّا النَّسَبُ فَمِنْ نَسَبْتُهُ إلَى أَبِيهِ نَسَبًا مِنْ بَابِ طَلَبَ عَزَوْته إلَيْهِ وَانْتَسَبَ إلَيْهِ اعْتَزَى ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ النَّسَبُ وَهُوَ الْمَصْدَرُ فِي مُطْلَقِ الْوَصْلَةِ بِالْقَرَابَةِ فَيُقَالُ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ أَيْ قَرَابَةٌ وَسَوَاءٌ جَازَ بَيْنَهُمَا التَّنَاكُحُ أَمْ لَا وَجَمْعُهُ أَنْسَابٌ وَتَمَامُهُ فِي الْمِصْبَاحِ، وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ هُنَا فَأَفَادَ أَنَّهُ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ بِالتَّسَامُعِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الدَّعْوَى الْعَاشِرِ فِي النَّسَبِ وَفِي دَعْوَى الْعُمُومَةِ لَا بُدَّ أَنْ يُفَسِّرَ أَنَّهُ عَمُّهُ لِأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ أَوْ لَهُمَا وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ هُوَ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ عَلَى أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ لِأَبَوَيْهِ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ لَهُ وَارِثًا غَيْرُهُ يَحْكُمُ لَهُ بِالْمَالِ وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْأَسْمَاءِ فِي الْأَقْضِيَةِ
ــ
[منحة الخالق]
[لَا يَعْمَلُ شَاهِدٌ وَقَاضٍ وَرَاوٍ بِالْخَطِّ إنْ لَمْ يَتَذَكَّرُوا]
(قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْأَسْمَاءِ فِي الْأَقْضِيَةِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي آخِرِ الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي دَعْوَى الْحُكْمِ بِلَا تَسْمِيَةِ الْقَاضِي بَعْدَ كَلَامٍ قَدَّمَهُ قَالَ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي دَعْوَى الْفِعْلِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى الْفِعْلِ هَلْ تُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ الْفَاعِلِ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَأَدِلَّةُ الْكُتُبِ فِيهَا مُتَعَارِضَةٌ ثُمَّ ذَكَرَ مَسَائِلَ وَقَالَ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَسْمِيَةَ الْفَاعِلِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ فَتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى