كَيْفَ ذَلِكَ؟ الْجَوَابُ: هَذِهِ امْرَأَةٌ تَزَوَّجُهَا ابْنُ عَمٍّ فَوَلَدَتْ لَهُ ابْنَةً، ثُمَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ وَصَارَ لِابْنَتِهَا مِنْ مِيرَاثِهَا النِّصْفُ وَالنِّصْفُ الْبَاقِي لِزَوْجِهَا وَهُوَ ابْنُ عَمِّهَا.
مَسْأَلَةٌ.
وَلَوْ سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ وَجَدَّتِهَا أُمِّ الْأُمِّ وَوَرِثَا مَالًا بِالسَّوِيَّةِ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا رَجُلٌ زَوَّجَ بِنْتَ أُخْتِهِ لِابْنِ ابْنِهِ فَوَلَدَتْ لَهُمَا بِنْتًا مَاتَ الزَّوْجُ، ثُمَّ مَاتَ الْجَدُّ وَتَرَكَ بِنْتَ ابْنِ ابْنِهِ وَأُخْتَهُ وَهِيَ جَدَّتُهَا أُمُّ أُمِّهِ فَصَارَ لِابْنَةِ ابْنِ ابْنِهِ النِّصْفُ وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا تَوَارُثَ بَيْنَ الْغَرْقَى وَالْحَرْقَى إلَّا إذَا عُلِمَ تَرْتِيبُ الْمَوْتِ) أَيْ إذَا مَاتَ جَمَاعَةٌ فِي الْغَرَقِ أَوْ الْحَرْقِ وَلَا يُدْرَى أَيُّهُمْ مَاتَ أَوَّلًا جُعِلُوا كَأَنَّهُمْ مَاتُوا جَمِيعًا فَيَكُونُ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِوَرَثَتِهِ وَلَا يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إلَّا إذَا عُرِفَ تَرْتِيبُ مَوْتِهِمْ فَيَرِثُ الْمُتَأَخِّرُ مِنْ الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَزَيْدٍ وَأَحَدُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ يُبْنَى عَلَى الْيَقِينِ بِسَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَشَرْطُهُ وَهُوَ حَيَاةُ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرَّثِ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ فَلَا يَرِثُ بِالشَّكِّ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا مَاتُوا بِهَدْمِ الْجِدَارِ عَلَيْهِمْ أَوْ فِي الْمَعْرَكَةِ وَلَا يُدْرَى أَيُّهُمْ مَاتَ أَوَّلًا. وَفِي الْأَصْلِ أَخَوَانِ غَرِقَا وَخَلَّفَ أَحَدُهُمَا بِنْتًا وَعِشْرِينَ دِينَارًا مَثَلًا وَخَلَّفَ الْآخَرُ بِنْتًا وَعَشْرَةَ دَنَانِيرَ فَعَلَى قَوْلِ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ وَعَامَّةِ الْفُقَهَاءِ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ مِنْ الْمَالِ وَالنِّصْفُ الْبَاقِي لِابْنِ الْعَمِّ، وَمَا تَرَكَهُ الْآخَرُ لِابْنِهِ أَخَوَانِ مُعْتَقَانِ غَرِقَا وَخَلَّفَ أَحَدُهُمَا ابْنًا وَبِنْتًا وَخَلَّفَ الْآخَرُ بِنْتَ ابْنٍ وَمَوْلَى فَاَلَّذِي خَلَّفَ ابْنَةَ ابْنٍ مَالُهُ عَلَى قَوْلِ الْعَامَّةِ بَيْنَ ابْنَةِ ابْنِهِ وَبَيْنَ ابْنِ أَخِيهِ الَّذِي غَرِقَ مَعَهُ نِصْفَانِ النِّصْفُ لِابْنَةِ الِابْنِ وَالنِّصْفُ لِابْنِ الْأَخِ وَحْدَهُ.
امْرَأَةٌ وَابْنُهَا غَرِقَا وَخَلَّفَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجًا هُوَ أَبُ الِابْنِ وَخَلَّفَ الِابْنُ أَبَاهُ وَابْنًا فَعَلَى قَوْلِ الْعَامَّةِ مَالُ الْمَرْأَةِ يُقْسَمُ بَيْنَ زَوْجِهَا وَبَيْنَ ابْنِ ابْنِهَا وَلِلزَّوْجِ الرُّبُعُ وَالْبَاقِي لِابْنِ الِابْنِ وَمَالُ الِابْنِ يُقْسَمُ بَيْنَ ابْنِهِ وَبَيْنَ الْأَبِ لِلْأَبِ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ يَخْرُجُ جِنْسُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ.
[مِيرَاث ذَوِي الْأَرْحَام]
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَذُو رَحِمٍ) وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَذُو فَرْضٍ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ (وَهُوَ قَرِيبٌ لَيْسَ بِذِي سَهْمٍ وَلَا عَصَبَةٍ) أَيْ ذُو الرَّحِمِ وَهُوَ قَرِيبٌ لَيْسَ بِوَارِثٍ بِفَرْضٍ وَلَا بِعَصَبَةٍ وَهَذَا عَلَى اصْطِلَاحِ أَهْلِ هَذَا الْعِلْمِ وَفِي الْحَقِيقَةِ الْوَارِثُ لَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَا رَحِمٍ وَتَحْتَهُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ قَرِيبٌ وَهُوَ ذُو سَهْمٍ وَقَرِيبٌ هُوَ عَصَبَةٌ وَقَرِيبٌ لَيْسَ بِذِي سَهْمٍ وَلَا عَصَبَةٍ فَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَبَقِيَ فِي الثَّالِثِ فَنَقُولُ عِنْدَنَا هُمْ يَرِثُونَ عِنْدَ عَدَمِ النَّوْعَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - غَيْرَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَإِنَّهُ قَالَ لَا مِيرَاثَ لِذَوِي الْأَرْحَامِ بَلْ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَبِهِ أَخَذَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ جَاءَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ هَلَكَ وَتَرَكَ عَمَّتَهُ وَخَالَتَهُ فَسَأَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: لَا شَيْءَ لَهُمَا وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ لَا أَرَى يَنْزِلُ عَلَيَّ شَيْءٌ لَا شَيْءَ لَهُمَا، وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ لَا أَجِدُ لَهُمَا شَيْئًا» وَإِذَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ بِالرَّأْيِ؛ لِأَنَّ الْمَقَادِيرَ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهَا بِالرَّأْيِ، وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخَى بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِذَلِكَ حَتَّى نَزَلَتْ {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: ٧٥] فَتَوَارَثُوا بِذَلِكَ» وَعَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ مَعْدِي عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ، وَأَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَعْقِلُ عَنْهُ وَأَرِثُهُ، وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ يَعْقِلُ عَنْهُ وَيَرِثُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا «وَحِينَ مَاتَ ثَابِتُ بْنُ الدَّحْدَاحِ وَكَانَ غَرِيبًا لَا يُعْرَفُ مَنْ أَيْنَ هُوَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو لُبَابَةَ بْنُ الْمُنْذِرِ ابْنُ أُخْتِهِ فَأَعْطَاهُ مِيرَاثَهُ» .
وَعَنْ أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ أَنَّ رَجُلًا رَمَى رَجُلًا بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ إلَّا خَالًا فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَةَ إلَى عُمَرَ فَكَتَبَ عُمَرُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «اللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِث لَهُ» وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ هَذَا آثَارٌ مُتَّصِلَةٌ قَدْ تَوَارَثَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى هَذَا كَانَتْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - حَتَّى رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي عَمٍّ لِأُمٍّ وَخَالَةٍ أَعْطَى الْعَمَّ الثُّلُثَيْنِ وَالْخَالَةَ الثُّلُثَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُمَا أَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا شَيْءَ لَهُمَا» أَرَادَ بِهِ الْفَرْضَ أَيْ لَا فَرْضَ لَهُمَا مُقَدَّرٌ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ فَإِنْ قِيلَ: لَا حُجَّةَ لَكُمْ فِي الْآيَةِ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ بِرَدِّ التَّوَارُثِ بِالْإِخَاءِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا الْعَصَبَةَ وَأَصْحَابَ السِّهَامِ وَلَيْسَ فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا غَيْرُهُمْ قُلْنَا الْعِبْرَةُ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ وَهِيَ عَامَّةٌ فَيُعْمَلُ بِعُمُومِهَا عَلَى أَنَّ كَثِيرًا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute