للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَكَرَ بَدَلَ الْإِحْرَامِ النِّيَّةَ وَهَذَا أَوْلَى لِاسْتِلْزَامِهِ النِّيَّةَ وَغَيْرَهَا.

وَوَاجِبَاتُهُ أَعْنِي الَّتِي يَلْزَمُ بِتَرْكِ وَاحِدٍ مِنْهَا دَمٌ إنْشَاءُ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَمَدُّ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ إلَى الْغُرُوبِ وَالْوُقُوفُ بِالْمُزْدَلِفَةِ فِيمَا بَيْنَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَالْحَلْقُ، أَوْ التَّقْصِيرُ وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ وَكَوْنُهُ بَعْدَ طَوَافٍ مُعْتَدٍّ بِهِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ وَبِدَايَةُ الطَّوَافِ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالتَّيَامُنُ فِيهِ وَالْمَشْيُ فِيهِ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ عُذْرٌ يَمْنَعُهُ مِنْهُ وَالطَّهَارَةُ فِيهِ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَأَقَلُّ الْأَشْوَاطِ السَّبْعَةِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ وَبِدَايَةُ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْ الصَّفَا وَالْمَشْيُ فِيهِ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ عُذْرٌ وَذَبْحُ الشَّاةِ لِلْقَارِنِ، أَوْ الْمُتَمَتِّعِ وَصَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ لِكُلِّ أُسْبُوعٍ وَطَوَافُ الصَّدْرِ وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقُ وَالذَّبْحُ يَوْمَ النَّحْرِ وَتَوْقِيتُ الْحَلْقِ بِالْمَكَانِ وَتَوْقِيتُهُ بِالزَّمَانِ وَفِعْلُ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَمَا عَدَا هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ مِمَّا سَيَأْتِي بَيَانُهُ مُفَصَّلًا سُنَنٌ وَآدَابٌ وَأَمَّا مَحْظُورَاتُهُ فَنَوْعَانِ مَا يَفْعَلُهُ فِي نَفْسِهِ وَهُوَ الْجِمَاعُ وَإِزَالَةُ الشَّعْرِ وَقَلْمُ الْأَظَافِرِ وَالتَّطَيُّبُ وَتَغْطِيَةُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَلُبْسُ الْمِخْيَطِ وَمَا يَفْعَلُهُ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ حَلْقُ رَأْسِ الْغَيْرِ وَالتَّعَرُّضُ لِلصَّيْدِ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَامِ وَأَمَّا قَطْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ فَلَا يَنْبَغِي عَدُّهُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ فَإِنَّ حُرْمَتَهُ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْحَجِّ وَلَا بِالْإِحْرَامِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ كَصَيْدِ الْحَرَمِ وَقَدْ عَدَّهُ مِنْ مَحْظُورَاتِهِ فَلَا بِدْعَ فِي أَنْ يَكُونَ حَرَامًا بِجِهَتَيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى وَلِمَنْ أَرَادَ الْحَجَّ مُهِمَّاتٌ يَنْبَغِي الِاعْتِنَاءُ بِهَا وَهِيَ الْبِدَايَةُ بِالتَّوْبَةِ بِشُرُوطِهَا مِنْ رَدِّ الْمَظَالِمِ إلَى أَهْلِهَا عِنْدَ الْإِمْكَانِ وَقَضَاءِ مَا قَصَّرَ فِي فِعْلِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَالنَّدَمُ عَلَى تَفْرِيطِهِ فِي ذَلِكَ وَالْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ وَالِاسْتِحْلَالُ مِنْ ذَوِي الْخُصُومَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَتَحْصِيلُ رِضَا مَنْ يَكْرَهُ السَّفَرَ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَفِي الْخُلَاصَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْعُيُونِ إذَا أَرَادَ الِابْنُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْحَجِّ وَأَبُوهُ كَارِهٌ لِذَلِكَ إنْ كَانَ الْأَبُ مُسْتَغْنِيًا عَنْ خِدْمَتِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا يُكْرَهُ وَكَذَا الْأُمُّ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ إذَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ الضَّعْفَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَكَذَا إنْ كَرِهَتْ خُرُوجَهُ زَوْجَتُهُ وَمَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ مُطْلَقًا وَفِي النَّوَازِلِ إنْ كَانَ الِابْنُ أَمْرَدَ صُبَيْحَ الْوَجْهِ لِلْأَبِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ الْخُرُوجِ حَتَّى يَلْتَحِيَ وَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا لَا يَخْرُجُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمْرَدَ. اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ كَالْأَبَوَيْنِ عِنْدَ فَقْدِهِمَا وَيُكْرَهُ الْخُرُوجُ لِلْغَزْوِ وَالْحَجُّ لِمَدْيُونٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يَقْضِي بِهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ الْغَرِيمُ فَإِنْ كَانَ بِالدَّيْنِ كَفِيلٌ بِإِذْنِهِ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا وَإِنْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَبِإِذْنِ الطَّالِبِ وَحْدَهُ. اهـ.

وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَجِّ الْفَرْضِ أَمَّا فِي حَجِّ النَّفْلِ فَطَاعَةُ الْوَالِدَيْنِ أَوْلَى مُطْلَقًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُلْتَقَطِ وَيُشَاوِرُ ذَا رَأْيٍ فِي سَفَرِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا فِي نَفْسِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ خَيْرٌ وَكَذَا يَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِي ذَلِكَ وَيَجْتَهِدُ فِي تَحْصِيلِ نَفَقَةٍ حَلَالٍ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ بِالنَّفَقَةِ الْحَرَامِ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مَعَ أَنَّهُ يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنْهُ مَعَهَا وَإِنْ كَانَتْ مَغْصُوبَةً وَلَا تَنَافِي بَيْنَ سُقُوطِهِ وَعَدَمِ قَبُولِهِ فَلَا يُثَابُ لِعَدَمِ الْقَبُولِ وَلَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ عِقَابَ تَارِكِ الْحَجِّ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ رَفِيقٍ صَالِحٍ يُذَكِّرُهُ إذَا نَسِيَ وَيُصَبِّرُهُ إذَا جَزِعَ وَيُعِينُهُ إذَا عَجَزَ وَكَوْنُهُ مِنْ الْأَجَانِبِ أَوْلَى مِنْ الْأَقَارِبِ عِنْدَ بَعْضِ الصَّالِحِينَ تَبَعُّدًا مِنْ سَاحَةِ الْقَطِيعَةِ وَيَرَى الْمُكَارَى مَا يَحْمِلُهُ وَلَا يَحْمِلُ أَكْثَرَ مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ وَيُقَالُ إنَّهُ الشَّافِعِيُّ وَقِيلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَقِيلَ ابْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ مُطَالَعَةً لِيَحْمِلَهَا إلَى إنْسَانٍ فَامْتَنَعَ مِنْ حَمْلِهَا بِدُونِ إذْنِ الْمُكَارِي لِكَوْنِهِ لَمْ يُشَارِطْهُ عَلَى ذَلِكَ وَرَعًا مِنْ فَاعِلِهِ وَكَذَا يُحْتَرَزُ مِنْ تَحْمِيلِهَا فَوْقَ مَا تُطِيقُ وَمِنْ تَقْلِيلِ عَلَفِهَا الْمُعْتَادِ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَلَوْ مَمْلُوكَةً لَهُ وَفِي إجَارَةِ الْخُلَاصَةِ حَمْلُ الْبَعِيرِ

ــ

[منحة الخالق]

تَرَى (قَوْلُهُ: لِاسْتِلْزَامِهِ النِّيَّةَ وَغَيْرَهَا) ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ هُوَ النِّيَّةُ وَالتَّلْبِيَةُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا أَيْ مِنْ الذِّكْرِ أَوْ تَقْلِيدِ الْبَدَنَةِ مَعَ السَّوْقِ كَمَا فِي اللُّبَابِ وَشَرْحِهِ لِلْقَارِي.

[وَاجِبَاتُ الْحَجِّ]

(قَوْلُهُ: وَالْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ) فِيهِ أَنَّ أَحَدَ هَذَيْنِ شَرْطٌ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْإِحْرَامِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ لَهُ اعْتِبَارَاتٍ فَاعْتِبَارُ شَرْطِيَّتِهِ بِصِحَّتِهِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فِي الْحَجِّ وَبَعْدَ أَكْثَرِ الطَّوَافِ فِي الْعُمْرَةِ وَاعْتِبَارُ وُجُوبِهِ كَوْنُهُ بَعْدَ الرَّمْيِ فِي الْحَجِّ وَبَعْدَ السَّعْيِ فِي الْعُمْرَةِ وَاعْتِبَارُ جَوَازِهِ كَوْنُ وَقْتِهِ طُولَ الْعُمُرِ كَمَا أَفَادَهُ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ أَقُولُ: فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ الْآتِي وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ لَيْسَ وَاجِبًا آخَرَ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ هُنَا وَالْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ، تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ مُطَالَعَةً) الَّذِي فِي النَّهْرِ بِطَاقَةً وَهِيَ الرُّقْعَةُ الصَّغِيرَةُ الْمَرْبُوطَةُ بِالثَّوْبِ الَّتِي فِيهَا رَقْمُ ثَمَنِهِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْمَكْتُوبُ (قَوْلُهُ: وَفِي إجَارَةِ الْخُلَاصَةِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ نَقَلَهُ فِيهَا عَنْ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَأَقُولُ: لَعَمْرِي هَذَا إجْحَافٌ عَلَى الْحِمَارِ وَإِنْصَافٌ فِي حَقِّ الْجَمَلِ فَتَأَمَّلْ وَذَكَرَ فِي الْجَوْهَرَةِ أَنَّ الْمَنَّ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ أُوقِيَّةً وَالْأُوقِيَّةُ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ وَهِيَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَالْمِائَتَانِ وَأَرْبَعُونَ مَنًّا هِيَ الْوَسْقُ فَيَكُونُ حِمْلُ الْجَمَلِ وَسْقًا وَهُوَ بِالْأَرْطَالِ الرَّمْلِيَّةِ تِسْعَةٌ وَسِتُّونَ رَطْلًا وَثُلُثُ رَطْلٍ وَهُوَ قِنْطَارٌ دِمَشْقِيٌّ تَقْرِيبًا عَلَى أَنَّ الرَّطْلَ الرَّمْلِيَّ تِسْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيُلَائِمُ تَفْسِيرَ الْوَسْقِ بِحِمْلِ الْبَعِيرِ مِائَتَانِ وَأَرْبَعُونَ مَنًّا وَلَا يُلَائِمُ التَّفْسِيرَ بِغَيْرِهِ تَأَمَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>